مقربون من المصري «بغدودة»: مرَّ بظروف نفسية سيئة قبل بطولة تونس

قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن وجهته النهائية غير مؤكدة

بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)
بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)
TT
20

مقربون من المصري «بغدودة»: مرَّ بظروف نفسية سيئة قبل بطولة تونس

بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)
بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)

بينما لا يزال الرأي العام المصري منشغلاً بواقعة هروب لاعب منتخب مصر للمصارعة الرومانية، أحمد فؤاد بغدودة، بعد مشاركته في بطولة أفريقيا للمصارعة، التي أقيمت في تونس من 15 إلى 21 مايو (أيار) الحالي، عقب تحقيقه الميدالية الفضية، وما أشيع عن توجهه لفرنسا؛ قال مقربون من اللاعب لـ«الشرق الأوسط» إن وجهته النهائية غير مؤكدة، وإنه مرَّ بظروف نفسية ومادية صعبة قبل البطولة.

وبينما سلطت قضية اللاعب بغدودة الضوء إعلامياً على لعبة المصارعة الرومانية، «التي كان يتجاهلها الإعلام ويتجاهل أبطالها بشكل لافت»، بحسب محمد أبو العلا، مدرب مصارعة رومانية، وبطل مصر السابق في اللعبة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «بغدودة مرَّ بظروف نفسية سيئة خلال الآونة الأخيرة، حيث كان يخطط للعب باسم مصر في البطولات الدولية الكبيرة ومن بينها أولمبياد باريس عام 2024، في وزن 60 كيلوغراماً، وكان عليه في البداية ربح المنافسة مع اللاعب هيثم فهمي، ضمن اختبارات الاتحاد المصري للمصارعة على هذا الوزن، لكنه خسر، ثم انتقل بغدودة إلى وزن آخر وهو 63 كيلوغراماً، وكان متوقعاً فوزه بالميدالية الذهبية في بطولة تونس الأخيرة، لكنه خسر في النهائي وفاز بالفضية، مما قد يمنعه من المشاركة في أولمبياد باريس، في ظل وجود منافسة داخلية قوية في مصر على هذا الوزن والأوزان الأخرى».

وأضاف أن مصر تتمتع بوجود قاعدة كبيرة ومميزة في لعبة المصارعة رغم الدعم المادي المنخفض بها، مقارنة بدول أخرى، مشيراً إلى أن مبلغ 3 آلاف جنيه ضئيل جداً ولا يكفي لنوعية الطعام أو الفيتناميات التي يحتاجها اللاعب في مشواره، أو المدربين الذين يعد وجودهم ضرورياً للحفاظ على الوزن واللياقة من خلال إعداد برنامج تغذية دقيق للفوز بميدالية.

ويرجح مدرب المصارعة أن يكون البعد المادي هو أهم أسباب مغادرة اللاعب مصر، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر، ورغم أنه وجهته النهائية غير معلومة فإنه يتوقع وجوده في فرنسا، لوجود اللاعب المصري السابق الذي يلعب باسم فرنسا حالياً، إبراهيم الونش، الذي خضع لعملية رباط صليبي في مصر واجه على إثرها صعوبات معيشية وصحية بالغة قبل سفره إلى فرنسا عقب المشاركة ببطولة العالم في بولندا تحت 23 عاماً، في عام 2017، والتألق بها واللعب باسمها في بطولات سابقة، ويجري تأهيله للعب في أولمبياد باريس العام المقبل باسم فرنسا.

فيما يحكي أحمد الدميري، طبيب صيدلي ينتمي لمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، مسقط رأس اللاعب بغدودة وأسرته، لـ«الشرق الأوسط»، أنه عن طريق المصادفة التقى بوالد بغدودة، الذي يعمل سائق مركبة «توك توك»، حيث استوقفه لتوصيله، وخلال ذلك فتح السائق معه حديثاً ودياً عن نجله لاعب المصارعة، وأنه لا يستطيع دعمه مادياً بسبب ظروفه الاقتصادية، وأن نجله معه تأشيرة شنجن مدتها ٦ أشهر، وينوي التوجه من تونس لفرنسا، بعد المشاركة في بطولة أفريقيا، وذلك يعود «لأن نجله لا يجد اهتماماً به أو رعاية بموهبته»، بحسب ما قاله الصيدلي على لسان والد اللاعب.

ويضيف الدميري: «حدث هذا اللقاء بالمصادفة قبل واقعة الهروب بأسبوع، ولم أكن أتوقع أن يكون اللاعب (ترند) بعد ذلك»، مضيفاً أنه يتمنى عودة اللاعب لوطنه.

ويناقض حديث الدميري ما ذكره والد اللاعب لوسائل إعلام مصرية، حيث قال إنه لم يكن على علم بنية سفر نجله إلى فرنسا، ولا يعلم عن ابنه شيئاً لانقطاع التواصل بينهما، وأن نجله ليس له أقارب هناك، وناشده العودة بعد توجيهات الرئيس السيسي بدعم اللاعب.

وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع أحد أعضاء أسرة اللاعب إلا أنها لم يتسنَ لها ذلك، لا سيما مع الإغلاق المستمر لهاتف والد اللاعب.

ووفق إسلام الكحلاوي، أحد الأصدقاء المقربين لبغدودة، فإن اللاعب «كان يمر بحالة نفسية سيئة»، مضيفاً في تصريحات صحافية «إلتقيته قبل السفر إلى تونس بيوم واحد، وكان عصبياً جداً، ويمر بأزمة نفسية من دون الكشف عن أي أسباب»، مشيراً إلى أن «هذه كانت المرة الأولى التي كان يتحدث فيها اللاعب بهذا الشكل»، ولفت إلى أن بغدودة «كان يتطلع للفوز بميدالية ذهبية باسم مصر، إذ كان دائم التركيز في التدريبات، لكن الظروف المادية الصعبة تؤثر بلا شك على أي لاعب لأنه يحتاج إلى شراء فيتامينات وطعام صحي غني بالبروتينات والمعادن»، على حد تعبيره .

بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)
بغدودة (صفحة بطولة أفريقيا للمصارعة على «فيسبوك»)

من ناحية أخرى، وفي تفاعل حكومي جديد بشأن الواقعة، بعد أن وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي «الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب في مصر» بتوجيه الدعوة للاعب «بغدودة»، لتلقي منحة للتدريب والتأهيل مع رعاية تامة له كموهبة رياضية مصرية واعدة؛ قرر وزير الشباب والرياضة المصري، إحالة اتحاد المصارعة إلى النيابة العامة بشأن مسؤولية الاتحاد والظروف التي أدت إلى هروب اللاعب بهذا الشكل، مؤكداً تشكيل لجنة وزارية لبحث أزمة هروب اللاعب.

وأوضح صبحي أن هذه الظاهرة كانت موجودة بنسب أكبر سابقاً، ولكنها قلَّت كثيراً، وفق منهج مدروس وتوعية تامة للاعبين مع توفير عقود رعاية الأبطال.

ووجَّه وزير الرياضة الشكر للرئيس السيسي لدعمه ومساندة كل الرياضيين المصريين، ودعمه الدائم للرياضة المصرية وتحفيز الأبطال الدائم.

ووجَّه المدرب محمد أبو العلا دعوة للمسؤولين ورجال الأعمال المصريين لتأمين مستقبل اللاعبين لضمان عملهم بشكل لائق: «لا يصح أن يقود بطل عالم مركبة (توك توك) أو سيارة بعد اعتزاله المصارعة كما يحدث راهناً». لافتاً إلى أن أغلبية اللاعبين المصريين يعتزلون بعد تجاوزهم سن الثلاثين عاماً، عكس ما يحدث في الدول الغربية واللاتينية التي يكمل فيها بعض لاعبي المصارعة اللعب دولياً ومحلياً حتى سن الأربعين عاماً.



أبواب جدة التاريخية... ذاكرة مدينة توثقها عدسة

باب بيت باعشن في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت باعشن في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)
TT
20

أبواب جدة التاريخية... ذاكرة مدينة توثقها عدسة

باب بيت باعشن في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت باعشن في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)

بعد رحلة بصرية امتدت على مدى 10 أعوام في أزقة جدة التاريخية، عاد المصور السعودي عمر النهدي إلى عدسته الأولى، العدسة التي ترى الجمال في كل ما هو عابر، وصادق، ومنسي. مشروعه الجديد «شواهد صامتة» ليس مجرد مجموعة صور، بل وثيقة بصرية تنبض بالفن والحنين، ومشروع يحتفظ بهوية مدينة تتنفس التاريخ.

النهدي المعتمد من «فوجي فيلم» - اليابان، ورئيس نادي جدة الفوتوغرافي، لم يلتقط صور أبواب فقط. بل التقط أرواح الأحياء الأربعة التي تشكل نسيج جدة التاريخي. في هذا المشروع الطموح، وثّق بعدسته 60 باباً فريداً، كل واحد منها له حكاية، وكل إطار التقطه كان قصيدة بصرية تسردها تفاصيل الخشب، واللون، والمسامير الصامتة.

باب بيت البترجي في حارة الشام (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت البترجي في حارة الشام (إنستغرام عمر النهدي)

أبواب... لا تُطرق بل تُقرأ

وخلال جولته التي امتدت لسنوات، تنقّل عمر بين حارات المدينة القديمة: حارة الشام، حارة اليمن، حارة المظلوم، حارة البحر. كل حي له باب، وكل باب له روح. في حارة الشام كانت الأبواب فخمة، شاهقة، مقسّمة إلى جزأين: باب صغير للمرور اليومي، وآخر ضخم يفتح في المناسبات. الزخارف المعقدة على خشب الساج والجوز تكشف عن حيّ كان يعج بالتجار وأصحاب الشأن.

باب بيت نصيف في حارة اليمن (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت نصيف في حارة اليمن (إنستغرام عمر النهدي)

أما حارة اليمن، فالأبواب فيها بسيطة، وأقصر، وأكثر تواضعاً، تعكس بساطة الحياة اليومية وروح الجوار. الزخارف محدودة، لكنها دافئة، صادقة.

وفي حارة المظلوم وحارة البحر، تنوّعت الأبواب بحسب قربها من الأسواق والميناء، حيث امتزجت ثقافات عدة، تجلّى ذلك في التصميم والزخارف، وحتى في استخدام الألوان.

باب بيت وقف الشافعي في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت وقف الشافعي في حارة المظلوم (إنستغرام عمر النهدي)

«الأبواب ليست مجرد مداخل»، يقول عمر النهدي: «إنها شواهد على هوية سكانها، وعلى أصولهم المختلفة، وطبقاتهم الاجتماعية وأذواقهم». وعبر عدسته، لم يكن يوثق خشباً وزخارف، بل كان يحفظ ذاكرة مدينة كاملة.

معظم الأبواب صُنعت من خشب الساج أو الجوز، وهي أخشاب مستوردة عبر ميناء جدة، اختيرت لقوتها ومقاومتها للرطوبة. طُليت غالباً بالأزرق، الأخضر، والبني. هذه الألوان لم تكن تُختار عشوائياً، بل تعكس الذوق الشخصي والمواد المتاحة آنذاك.

باب بيت جوخدار في حارة اليمن (إنستغرام عمر النهدي)
باب بيت جوخدار في حارة اليمن (إنستغرام عمر النهدي)

بعض هذه الأبواب لم يعد موجوداً اليوم. فقد اندثرت مع الزمن لكن عمر أعاد لها الحياة، وجعلها تنطق من جديد. يقول: «كنت أعود للباب نفسه أكثر من مرة، وكل مرة أكتشف فيه شيئاً جديداً. باب تغير لونه مع الزمن، نقش اختفى، أو حتى أثر يد على المقبض».

ومع كل صورة، كان يوثق لحظة، وحالة شعورية، وقطعة من ذاكرة المدينة. هذا التوثيق لم يكن مجرد مشروع فني، بل رسالة إلى الأجيال المقبلة: أن الجمال يكمن في التفاصيل، وأن التراث لا يُحفظ فقط في الكتب، بل أيضاً في الصور التي تنبض بالحياة.

باب مبنى البلدية (إنستغرام عمر النهدي)
باب مبنى البلدية (إنستغرام عمر النهدي)

فصل جديد بعد العدسة

اليوم، وبعد أن أنهى مشروع «شواهد صامتة»، يعود النهدي إلى عدسته الأولى. عدسة ترى الجمال في الضوء العابر، اللحظة الصادقة، تفاصيل الحياة البسيطة.

وقال النهدي: «أبدأ فصلاً جديداً لا يرتبط بمكان، بل بحس فني وصدق بصري»، وأضاف: «لحظات مقبلة سأشاركها معكم كما أراها، وكما أشعر بها»، وما بين باب وباب، وبين لقطة وأخرى، يثبت عمر أن التصوير ليس توثيقاً فقط، بل حُبٌ نقي ينبض بالفن.