رحيل محمد جمال صاحب «آه يا أم حمادة» وأجمل ثنائي مع الفنانة طروب

ابن طرابلس الفيحاء وعاشق محمد فوزي

محمد جمال في شبابه (فيسبوك)
محمد جمال في شبابه (فيسبوك)
TT

رحيل محمد جمال صاحب «آه يا أم حمادة» وأجمل ثنائي مع الفنانة طروب

محمد جمال في شبابه (فيسبوك)
محمد جمال في شبابه (فيسبوك)

شكّل الفنان محمد جمال ظاهرة فنية بين السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، فحصد شهرة واسعة وسباقة؛ فقد اختار هوية فنية يومها لا تشبه غيرها، وكان رمزاً من رموز الفن الجميل الذي حفر في ذاكرة اللبنانيين.

ومساء 25 الحالي أعلنت صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» رحيله عن عمر يناهز الـ89 عاماً. وصادف هذا التاريخ أنه تلا يوم عيد ميلاده في 24 مايو (أيار).

وشهد وضع محمد جمال الصحي تدهوراً ملحوظاً في الأيام الأخيرة، حيث يعيش بولاية كاليفورنيا. وكان قد هاجر إلى أميركا في بداية الثمانينات هرباً من الأوضاع اللبنانية غير المستقرة.

وعرف محمد جمال واسمه الحقيقي جمال الدين محمد تفاحة بأغانٍ كثيرة بينها «بدي شوفك كل يوم» و«سيارتو أكبر» و«مزيكا» و«علاوي»... وغيرها. ولاقت واحدة من أغانيه هي «آه يا أم حمادة» شهرة واسعة. واختارتها جماعة من اللبنانيين لتردادها في مظاهرة قاموا بها ضد رئيس الوزراء اللبناني الراحل آنذاك صائب سلام. فاستوحوا منها عبارة «وصائب عم يتدلل وزادا بدلالو زادا».

ولد محمد جمال في 24 مايو من عام 1934 في طرابلس الفيحاء. فكان يقف على مسارحها في عمر صغير، ويقول معاصروه إنه كان يغني في قهوة التل العليا، وفي أول إطلالة له في تلك الآونة غنى «سلوا قلبي» للراحلة أم كلثوم.

كان يعترف علناً بأنه لا يحب صوت فريد الأطرش إلا في أغنيات ثلاث وبينها «الربيع» و«لحن الخلود»، فيما تأثر إلى حد كبير بفن الراحل محمد فوزي، فكان مثاله الأعلى في الغناء. تعلم عزف العود على يدي والده محمد تفاحة. وبدأ نشاطه الفني في الإذاعة اللبنانية عام 1954 ثم سافر إلى القاهرة عام 1956 وشارك في فيلم «الأرملة الطروب». وشارك في فيلم «هاء 3» عام 1961 إلى جانب رشدي أباظة وتوفيق الدقن وماهر العطار.

جاهر محمد جمال في أكثر من إطلالة إعلامية بأنه ينتمي إلى عائلة فقيرة تتألف من 9 أولاد. وبعد أن مني والده بخسارات كبيرة في تجارة السيارات، افتتح محلاً صغيراً لبيع الآلات الموسيقية وإعطاء دروس في العزف على العود.

ولأن الفن كان ممنوعاً في تلك الفترة وهو ابن عائلة محافظة جداً اضطر أن يغير اسمه، فاستأذن والده بحمل اسمه محمد ليصبح معروفاً فنياً بمحمد جمال. وله تعليق في هذا الموضوع إذ قال: «كانوا يريدونني أن أحمل اسم جمال محمد، ولكنني وجدته قريباً إلى أسماء النساء أكثر. وكانت في تلك الفترة قد اشتهرت الفنانة سعاد محمد، ولذلك اخترت محمد جمال كاسم فني لي».

ارتبط اسم محمد جمال بالفنانة طروب، حيث شكلا ثنائياً فنياً لم يتكرر بعدهما، وقد قررا الانفصال والطلاق بعد زواجهما بنحو 5 سنوات. واشتهرا معاً بأغنية «قول كمان» في أوائل الستينات، وبقيت راسخة في أذهان محبيه من كافة البلدان العربية.

وكانا قد تعرفا إلى بعضهما في حفل للراحل وديع الصافي في بيروت عام 1957. وتشاركا في الغناء بالمصرية واللبنانية، وكان حضور هذا الثنائي دائماً في حفلات أضواء المدينة في مصر. وكانا قد أقاما في القاهرة بين عامي 1959 و 1964.

منذ عام 1992 ابتعد محمد جمال عن الغناء تماماً، وما عاد يمارس مهنته هذه بتاتاً. وهذا الأمر تسبب في ضعف أوتاره الصوتية بحيث ما عاد قادراً على الغناء، فابتعاده عن التمرينات الصوتية أثر على أدائه مباشرة.

عندما سأله الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان في مقابلة أجراها معه في برنامجه «مايسترو» عن وصيته أجابه: «لا وصية محددة عندي، وعندما يوافيني الأجل أتمنى أن أُدفن حيث أكون موجوداً. فلا يهمني أن أدفن في لبنان أو أميركا؛ لأن الأول وطني الأم وأميركا بلدي الثاني. فليس التراب والأرض هما اللذين يحددان الوطن بل الناس الذين يحيطون بك».



«مجمع الملك سلمان العالمي» يحتفي باليوم العالمي للغة العربية

مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
TT

«مجمع الملك سلمان العالمي» يحتفي باليوم العالمي للغة العربية

مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)
مجمع الملك سلمان العالمي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية (واس)

نظّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الأربعاء، بالتعاون مع منظمة «التعاون الإسلامي» للعام الرابع على التوالي، احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية، برعاية الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، رئيس مجلس أمناء المجمع، بحضور نخبة من ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الثقافية والعلمية، وجمع من الشخصيات المعنية باللغة العربية في العالم الإسلامي، وذلك في المقر الرئيسي للمنظمة بمحافظة جدة.

وأكّد الأمين العام للمجمع الدكتور عبد الله بن صالح الوشمي، أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في منظمة «التعاون الإسلامي» يجسّد التكامل بين المؤسسات الثقافية والمنظمات الأممية في دعم اللغة العربية، وتمكينها في السياقات الدولية متعددة الثقافات واللغات، مثمناً ما تحظى به برامج المجمع من دعم من وزير الثقافة، مبيناً أن المجمع يعمل على ترسيخ حضور العربية في المنظمات الدولية؛ بإطلاق مشروعات علمية وسياسات لغوية ومبادرات نوعية تُبرز مكانتها بين لغات العالم، وقدرتها على التفاعل والتأثير، على نحو يتماشى مع مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية.

الأمين العام للمجمع الدكتور عبد الله بن صالح الوشمي (واس)

ويتضمن البرنامج جلستين علميتين رئيستين؛ الجلسة الأولى بعنوان «حالة تعليم اللغة العربية في الدول الإسلامية»، لاستعراض منهجية المشروع الدولي الذي نفّذه المجمع عن واقع تعليم اللغة العربية ونتائجه في الدول غير العربية - خصوصاً الإسلامية منها - والتحديات والفرص المرتبطة بتطوير برامج تعليم اللغة العربية لغة ثانية، والجلسة الثانية بعنوان «حضور اللغة العربية في الدول الإسلامية»، تناولت واقع العربية في بعض الدول الإسلامية، مستعرضةً تجارب 6 دولٍ؛ هي: ليبيا، والسودان، وغامبيا، وبنغلاديش، والسنغال، والكويت، بمشاركة خبراء وممثلين من المؤسسات التعليمية في تلك الدول.

وتهدف الجلستان إلى تسليط الضوء على التحديات والفرص في تعليم العربية، واستعراض السياسات والمبادرات الداعمة لتطوير مناهجها وبرامجها التعليمية.

ويصاحب الفعالية معرض يُظهر تنوع المشروعات والمبادرات التي ينفّذها المجمع في خدمة اللغة العربية عالميّاً، ويستعرض إصدارات المجمع ومنتجاته الرقمية والمعرفية.

ويأتي هذا الاحتفال امتداداً لرسالة المجمع في تمكين اللغة العربية عالميّاً، وتعزيز حضورها في المحافل العالمية والمنظمات الثقافية الكبرى، وتجسيداً للشراكة مع المنظمات العربية والإسلامية في دعمها؛ بوصفها عنصراً من عناصر الهُوية الثقافية للعالم الإسلامي، وجسراً للتواصل والتفاهم الحضاري، وتأكيداً لدور السعودية الريادي في خدمة العربية ونشرها لغةً للثقافة والمعرفة.


السعودية تطلق منصة عالمية للخط العربي من المدينة المنورة

وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
TT

السعودية تطلق منصة عالمية للخط العربي من المدينة المنورة

وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)
وسيلة تواصل عالمية تتجاوز الحدود الثقافية وتجسّد حضور الخط العربي في مجالات التراث والفنون والعمارة والتصميم (الثقافة السعودية)

شرع «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي» في منطقة المدينة المنورة (غرب السعودية) أبوابه لكل المهتمين بالخط العربي من جميع أنحاء العالم بما يعزز من حضور هذا الفن العريق الذي يمثل إرثاً حضارياً حياً يجمع الأصالة والإبداع، عبر 5 محاور يندرج تحتها عددٌ من البرامج النوعية.

يمثل المركز منصة عالمية لدعم الخط العربي وفنونه المتعددة، بوصفه وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون والعمارة والتصميم، مع تعزيز مكانة السعودية وتأثيرها في حفظه وتطويره، إلى جانب احتضان المواهب وتنمية المعارف في مجالات الخط العربي.

وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، حضر الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس هيئة تطوير المنطقة، الاثنين، حفل افتتاح المركز، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة.

الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة يرافقه الأمير بدر بن عبد الله وزير الثقافة خلال جولة على مرافق المركز العالمي للخط العربي في أثناء حفل افتتاحه (الثقافة السعودية)

واطلع أمير المدينة المنورة خلال جولة على مرافق المركز وما يضمه من معارض فنية واستمع إلى شرح عن المحتوى الثقافي وما حققه المركز بمسماه السابق «دار القلم» من جوائز ومنجزات ثقافية، كما شاهد عدداً من المقتنيات والأعمال الفنية التي تعكس قيمة الخط العربي ومكانته الثقافية والحضارية.

وقال وزير الثقافة السعودي في كلمة له خلال الحفل: «من أرض النور والعلوم، نسعد بتدشين مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، الذي يؤسس منصة عالمية للخط العربي بوصفه قيمة ثقافية عريقة، في ظل ما يحظى به القطاع الثقافي من دعم كريم وغير محدود من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء».

وأكد أن «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي يوجّه رسالةً إلى العالم أجمع عن حجم هذا الإرث العظيم والمكانة الرفيعة للخط العربي، ويؤكد الاهتمام الذي تُوليه قيادتُنا لثقافتنا وهويتنا».

وزير الثقافة السعودي خلال إلقاء كلمته (الثقافة السعودية)

وأشار إلى أن «المركز يُجسّد رؤيةً واضحة للارتقاء بالخط العربي بصفته وسيلةَ تواصل عالمية وراسخة في التراث العربي والفنون والعمارة والتصميم، ويعزز مكانة المملكة ودورها التاريخي في صونه وتطويره، كما يُعدّ منصة للإبداع والابتكار والتواصل الحضاري.

كما يشكّل المركز، منصةً لتطوير المواهب وصقل مهارات الخطاطين والاستثمار في المبدعين، إلى جانب تعزيز الهوية الثقافية للمملكة وترسيخ حضورها الدولي، مستهدفاً مختلف الفئات، ومنهم الخطاطون والمواهب الناشئة والفنانون التشكيليون والباحثون في الفنون الإسلامية والمؤسسات التعليمية والثقافية، إضافةً إلى الجمهور المحلي والعالمي من محبي الفنون والتراث، بما يسهم في توسيع دائرة التأثير وزيادة الوعي الثقافي وإبراز جماليات الخط العربي».

المركز يجسّد دوره كمنصةً عالمية لحفظ الخط العربي وتطويره (الثقافة السعودية)

وترتكز استراتيجية المركز على 5 محاور رئيسة، تشمل: المعرفة والتطوير، وتنمية المهارات، والمشاركة المجتمعية، والأعمال والفرص، والابتكار، ويندرج تحتها عددٌ من البرامج النوعية، من أبرزها: وحدة البحث والأرشفة، وبرنامج تعلم الخط العربي، ومنح الدراسات والأبحاث، ومتحف الخط العربي الدائم، والمعارض المتنقلة، والجمعية الدولية للخط العربي، وحاضنة الأعمال المرتبطة بالخط العربي.

ويعمل المركز على تنفيذ حزمةٍ من البرامج النوعية، تشمل: برنامج الإقامة الفنية، وتنظيم الورش التخصصية، وتطوير المناهج والمعايير المرتبطة بالخط العربي، إلى جانب مبادرات تعليمية وتدريبية دولية تسهم في حفظ التراث الثقافي، وتعزّز الحضور العالمي لهذا الفن العريق، الذي يمثّل إرثاً حضارياً حياً يجمع الأصالة والإبداع.

جانب من الأعمال الفنية التي تبرز جماليات الخط العربي وتنوّع مدارسه (الثقافة السعودية)

يأتي تدشين المركز تأكيداً للعناية التي توليها المملكة للثقافة والفنون، وانطلاقاً من المكانة التاريخية للمدينة المنورة بوصفها مهداً للخط العربي، وذاكرةً حضارية ارتبطت بكتابة المصحف الشريف وتدوين العلوم الإسلامية، وامتداداً لدورها التاريخي ممثلاً في «دار القلم»، بما يرسّخ حضور المدينة منصةً عالميةً للخط العربي، ويجسّد اتساق هذه المبادرات مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».


عودة «أنا وغيفارا»... الثورة والإنسانية على خشبة «جورج الخامس»

«أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)
«أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)
TT

عودة «أنا وغيفارا»... الثورة والإنسانية على خشبة «جورج الخامس»

«أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)
«أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)

بعد مرور 20 عاماً على عرضها الأول، يعود الأخوان فريد وماهر صبّاغ إلى الخشبة بمسرحية «أنا وغيفارا» في صياغة جديدة. وقد افتُتح عرضها على «مسرح جورج الخامس - أدونيس»، ويشارك في بطولتها «الأخوان صبّاغ» إلى جانب نادين الراسي، وكارين رميا، وأنطوانيت عقيقي، وريمون صليبا، وجوزيف أصاف، ورفيق فخري، وألان العيلي.

«أنا وغيفارا» تُقدَّم بأسلوب إخراجي ممتع (الشرق الأوسط)

يتناول العمل الثورة التي قادها كل من فيدل كاسترو وتشي غيفارا لتحرير كوبا، ومن خلالها تحوَّل الرجلان إلى رمزَين عالميين ثوريين.

يطغى المشهد العسكري على مجريات المسرحية منذ اللحظة الأولى، سواء أكان من خلال مشاهد الثوار أم الجيش الكوبي. غير أن حدّة هذه الأجواء يخففها الحضور الذكي للأغنيات والموسيقى؛ إذ أحسن «الأخوان صبّاغ» توظيف هذين العنصرين بدقة. فاختصرت الأغنيات حوارات كاملة بين الشخصيات، وعبّرت بالتالي عن مشاعر الفرح والحزن، وعن إرادة الشعب وأهداف الثورة، وصولاً إلى مواقف مفصلية تستدعي الشجاعة والإقدام.

وبين النغمات الشرقية والغربية، قدّم «الأخوان صبّاغ» خلطة موسيقية جميلة وممتعة، طافت بالجمهور في رحلة ببلاد الأرز والفلكلور اللبناني الأصيل، وصولاً إلى الكاريبي وعبق الثورة الكوبية. وقد تفاعل الحضور بشكل لافت مع عدد من الأغنيات، لا سيما تلك التي أدّت فيها كارين رميا أغنية «تشي غيفارا» الشهيرة، وبرع فريد صبّاغ مع مجموعة الكورال في أداء «نشيد الثورة».

تجلّت مهارة الأخوين صبّاغ الإخراجية طيلة العرض، الذي استغرق نحو ساعتين، إذ جاء المشهد البصري جذاباً ومدروساً، وواكبه أسلوب سمعي غني بالمؤثرات الصوتية أضفى عليه زخماً مكثفاً. كما أجادا تقديم شخصيات العمل، مانحين كلاً منها المساحة الكافية لتترك بصمتها ضمن أداء احترافي.

نادين الراسي تلعب أكثر من شخصية في المسرحية (الشرق الأوسط)

من ناحية ثانية، تطلّ الممثلة نادين الراسي في المسرحية لتلعب أكثر من شخصية. وتحت اسم «إيفا»، وهي شخصية خيالية بخلاف عدد من الشخصيات المستندة إلى الواقع، تعود الراسي إلى خشبة المسرح بعد غياب.

وقد توجّهت جميع الأنظار إلى نادين الراسي، لا سيما مع تراجع إطلالاتها الدرامية في الفترة الأخيرة. ومن خلال الشخصيات التي تقدّمها في «أنا وغيفارا»، تنقّلت بين أدوار متناقضة، جمعت بين الخير والشر... فهي «إيفا» التي ترمز إلى القوى الكبرى وآليات تدخّلها في مصائر بلدان متعددة، كما تؤدي شخصية «تانيا» الثائرة؛ حبيبة غيفارا. ولم يتوانَ «الأخوان صبّاغ» عن منحها مساحة لأداء روحاني، أقامت عبرها جسراً رمزياً للتواصل بين السماء والأرض.

الثنائي أنطوانيت عقيقي وريمون صليبا في مشهد من المسرحية (الشرق الأوسط)

أما الثنائي أنطوانيت عقيقي وريمون صليبا، فقد استحضرا الكوميديا الخفيفة إلى العمل، وهما يستندان إلى خبرتهما الطويلة في هذا المجال، فنجحا في رسم الضحكات على وجوه الحضور بخفّة وطرافة، وشكّلا معاً «استراحة المحارب» التي يحتاجها المتفرّج وسط زحمة العسكر وضغوطات الثورة.

وعلى الرغم من حدّة الأحداث التي تتألّف منها قصة العمل، فإن «الأخوان صبّاغ» اختارا الابتعاد كلياً عن مشاهد العنف. فحتى في المعارك الدائرة بين رجال الثورة وجيش الدولة الكوبية، وكذلك في مشهد القبض على تشي غيفارا، غُيّب أي أثر للعنف الجسدي، فسار المخرج بين السطور بدقّة، تاركاً لخيال المشاهد مهمّة الاستنتاج واستخلاص العِبر.

نجح «الأخوان صبّاغ» في مقاربة سيرتَي رجلَي الثورة؛ كاسترو وغيفارا، بعيداً عن أي انحياز سياسي، وقدّماهما في إطار إنساني عزّز قيم السماحة والغفران. كما شكّل العمل رهاناً واضحاً على استمرارية المسرح الغنائي الغائب بشكل ملحوظ عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة، فأعادا حبك القصة بروح عصرية، مستخدمَين أدوات وعناصر فنية افتقدها الجمهور اللبناني طويلاً على الخشبة.