السعودية تجدّد عهود تطوير المسجد الحرام بـ«الرواق السعودي»

ملوك البلاد تناوبوا في إطلاق مشاريع وصلت بالطاقة الاستيعابية إلى 3 ملايين مصلّ

رسم توضيحي لـ«الرواق السعودي» نشرته «رئاسة شؤون الحرمين الشريفين»
رسم توضيحي لـ«الرواق السعودي» نشرته «رئاسة شؤون الحرمين الشريفين»
TT

السعودية تجدّد عهود تطوير المسجد الحرام بـ«الرواق السعودي»

رسم توضيحي لـ«الرواق السعودي» نشرته «رئاسة شؤون الحرمين الشريفين»
رسم توضيحي لـ«الرواق السعودي» نشرته «رئاسة شؤون الحرمين الشريفين»

أشار صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأحد، بإطلاق تسمية «الرواق السعودي» على مبنى مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام، إلى اهتمام عالي المستوى بما هو أكثر من مجرد العمل على توسعة الحرم المكي، بل والذهاب لحد تكريس نماذج العمارة الإسلامية، ورفع جودة التجربة البصرية والروحانية للطائفين والمصلين والزائرين إلى «أطهر بقاع الأرض»، في امتداد لعقود من الرعاية الملكية السعودية بهذا المسجد على صعيد تطويره وتوسعته وإعادة تهيئته بشكل دوري لاستقبال ضيوف الرحمن منذ عهد الملك المؤسس مروراً بكل ملوك البلاد على التوالي.

مكانة الرواق في العمارة الإسلامية

وفقاً لأكثر التسميات فإن «الرواق» هو المساحة المغطاة أو الممر الممتد بسقف مرتفع عن العادة، ويستخدم للإقامة والمرور والوصل بين مختلف أقسام المبنى وللتجول وعرض الأعمال على جانبيه، وفي العمارة الإسلامية يعتبر الرواق المساحة، أو الممر الواقع بين عمودين، كما في عدد من المساجد الكبرى حول العالم، وتحتوي هذه المساحة على عقود عمودية أو موازية لجدار القبلة، التي تحتوي على صفوف من الأعمدة، وقد تكون هذه العقود متقاطعة، أي تتجه بشكل موازٍ وعمودي باتجاه القبلة.

نقلة تاريخية

ولا يعتبر «الرواق السعودي» بحد ذاته تطوراً مستحدثاً في تاريخ العناية الملكية السعودية بالمسجد الحرام، حيث أمر بإنشائه المؤسس الملك عبد العزيز وبدأ العمل فيه خلال عهد الملك سعود عام 1955، إلا أن موافقة الملك سلمان على إطلاق تسميته على مبنى مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام، تشكّل نقلة في تاريخ الرواق، نظير تصاميمه المعمارية الفريدة، وإحاطته بـ«الرواق العباسي» ليكون مكمّلاً له، مع تميّزه بمساحة أوسع لم يشهدها المسجد الحرام عبر التاريخ، حيث يتكون من 4 أدوار وهي الدور الأرضي، والدور الأول و الدور الثاني «الميزانين»، والسطح لتصبح الطاقة الاستيعابية للرواق السعودي 287.000 مصلٍ، و107.000 طائف في الساعة بالرواق وصحن المطاف، وهي أرقام تطويرية عما كانت عليه الطاقة الاستيعابية للرواقين العباسي والسعودي في مراحل سابقة.

مميزات خاصة

ومن شأن مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام «الرواق السعودي» أن يوفر مساحات أوسع للطائفين والمصلين، وفق معايير هندسية عالية الجودة والدقة، كما يمتاز بتوافر جميع الخدمات التقنية والخدمية وأنظمة الصوت والإنارة، التي تسهم في تهيئة البيئة الإيمانية الخاشعة لضيوف الرحمن، طبقاً لما نقلته «واس» عن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبد الرحمن السديس.

ومن وجهة نظر متخصّصة، يصف أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبد العزيز لدراسات تاريخ مكة في جامعة أم القرى، عبد الله الشريف، الرواق السعودي بأنه «مثّل العمارة السعودية التي بدأت باهتمام المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي كان قد بدأ باهتمامه بالمسجد الحرام والمسعى وطورهما وحسّنهما إلا أنه اعتزم لما رأى من أعداد الحجاج الكبيرة الوافدة إلى السعودية أن يبني رواقاً سعودياً يحيط بالرواق العباسي ليكون قادراً على استيعاب الأعداد الكبيرة الوافدة إلى المسجد الحرام».

توسعات متتالية

واستجابةً للحاجة إلى استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج بشكل سنوي، شهد «الرواق السعودي» توسعات متتالية بعد الملك سعود في عهود الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبد الله، والملك سلمان، وقد حظى تطوير «الرواق السعودي» في عهد الملك فهد بتوسعة ضخمة، بعدما أمر بإضافة جديدة للرواق من الجهة الغربية، بينما وجّه الملك عبد الله بإضافة أخرى من الجهة الشمالية، اكتمل إنشاؤها في عهد الملك سلمان، وقد ساهمت في اتساع مساحة المسجد الحرام إلى مليون متر مربع بطاقة استيعابية بلغت نحو 3 ملايين مصلٍ.

وتضمّنت الإضافة بناء عدد كبير من الأعمدة، وبناء باب جديد يحمل اسم الملك عبد الله، ومقارنة المساحة الحالية للمسجد الحرام، وهي مليون متر مربع، بالمساحة التي كان عليها قبل توسعات العهد السعودي، وهي 12 ألف متر مربع، مما يظهر حجم الطفرة الهائلة التي شهدها المسجد الحرام في العهد السعودي.

رسم توضيحي لحجم التوسعة الثالثة للمسجد الحرام (رئاسة شؤون الحرمين الشريفين)

5 مشاريع رئيسية

ودشّن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خمسة مشاريع رئيسية ضمن المشروع الشامل للتوسعة السعودية الثالثة، وهي مشروع مبنى التوسعة الرئيسي، ومشروع الساحات، ومشروع أنفاق المشاة، ومشروع محطة الخدمات المركزية للمسجد الحرام، ومشروع الطريق الدائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام.

تُعد التوسعة التي أّعلنت في عهد الملك عبد الله، وبدأت في عهد الملك سلمان، هي الأكبر في تاريخ المسجد الحرام وفقاً لإحصاءات، ووصلت بها الطاقة الاستيعابية إلى 3 ملايين مصلٍّ بحسب الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث اشتملت على إضافة 4 منارات جديدة؛ منها اثنتان على باب الملك عبد الله، وواحدة على الزاوية الشمالية الشرقية، والأخيرة على الزاوية الشمالية الغربية، ليصبح مجموع منارات الحرم 13 منارة.

وتتكون التوسعة من مبنى رئيسي بستة طوابق، مجهّز بالسلالم الكهربائية والمصاعد، و188 باباً، مع خدمات شاملة من دورات مياه ومواضئ، وتشمل المسعى، وصحن المطاف، والساحات الخارجية الواسعة، وجسوراً، ومجمعاً للخدمات المركزية، وأنفاقاً للخدمات، وأنفاقاً للمشاة.

من جانبها، ركّزت رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جانب المسجد الحرام وخدمة الحجاج والمعتمرين على مستهدف استقبال ما يربو على 30 مليون معتمر سنويّاً بحلول عام 2030.

معرض فنّي يستعرض عمارة المسجد الحرام

وعلى الصعيد ذاته، يكشف المعرض المصاحب لإطلاق «الرواق السعودي»، الذي أقامته وكالة المعارض والمتاحف بالمسجد الحرام للتعريف بمراحل عمارة وتشييد المسجد الحرام، عن تاريخ تطوّر منظومة الأعمال التطويرية للحرمين الشريفين.

المعرض المصاحب لإطلاق «الرواق السعودي» كشف عن تاريخ مصوّر لعقود من أعمال التطوير التي حظي بها المسجد الحرام (واس)

وأوضح وكيل الرئيس العام لشؤون المعارض والمتاحف المهندس ماهر الزهراني أن هذا المعرض «يستعرض جهود السعودية في المشاريع التطويرية بالحرمين الشريفين، والخدمات الجليلة التي تبذلها قيادة البلاد في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما»، منوّهاً في الوقت ذاته بدعم الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المتواصل واهتمامه المستمر في تطوير منظومة الأعمال، وتقديم أرقى الخدمات لقاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفق تطلعات القيادة الرشيدة - حفظها الله -، ومواكبة لـ«رؤية السعودية 2030».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.