ابتكر باحثون من جامعة «دونغهوا» الصينية، أليافاً دقيقة جديدة تعتمد على «الهيدروجيل»، باستخدام عملية مستوحاة من كيفية قيام العناكب بتدوير شبكاتها. والألياف المنتجة التي أُعلن عنها في العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن»، هي ألياف متينة وقابلة للإصلاح ذاتياً ومقاومة للتشقق. وفي السنوات الأخيرة، ابتكر علماء هندسة المواد، مواد جديدة بمجموعة متنوعة من الخصائص المفيدة التي يُمكن أن تعزز أداء التقنيات والأجهزة المختلفة، ويشمل ذلك الألياف التي أساسها الهيدروجيل والجلود الاصطناعية، والتي يمكن أن تساعد في صنع روبوتات تؤدي مهام بشرية، وأطراف صناعية، وحتى ملابس ذكية مريحة أو أجهزة يمكن ارتداؤها، ويعد ابتكار باحثي جامعة «دونغهوا»، هو الأحدث في هذا المجال.
وقال شينغتونغ صن، الباحث الرئيسي في الدراسة، في تقرير نشره (الجمعة) موقع (تيك إكسبلور)، «لقد لاحظنا أنه على الرغم من تصنيع الكثير من ألياف هيدروجيل الاصطناعية لتقليد الوظائف الأساسية للألياف البيولوجية مثل الحرير والعضلات والألياف العصبية؛ إلا أن معظمها يتمتع بمقاومة ضعيفة جداً للضرر، مما يحد بشكل كبير من متانتها، ويمكن حل هذه المشكلة من خلال تعلم بنية (حرير العنكبوت)».
وتغزل العناكب شبكات حرير قوية جداً من معجون مائي، وهو محلول بلوري سائل يمكن لجزيئات البروتين أن تتحرك فيه بحرية مع الاحتفاظ بدرجة معينة من النظام، وتتبع الشبكات التي ينشئونها بنية هرمية متناهية الصغر ذات خصائص ميكانيكية مفيدة.
ويوضح صن أنه باستخدام المركب الأيوني من البولي إلكتروليت المرطب موجب الشحنة وحمض البولي ميثاكريليك (PMAA) تمكن الباحثون من «إنتاج ألياف هيدروجيل مقاومة للتلف بشكل يحاكي بنية حرير العنكبوت من أجل تحسين الأداء الميكانيكي». وفي التقييمات الأولية، أظهرت الألياف الدقيقة التي أنشأها الباحثون خصائص واعدة للغاية، فعلى سبيل المثال، وجد الباحثون أنها تتمتع بقدرة عالية على مقاومة التشقق، فضلاً عن الحساسية العالية للرطوبة التي سمحت لها بالتقلص، والاحتفاظ بأشكال معينة، و«الإصلاح الذاتي» بسرعة عند تلفها.
ويقول صن «يُمكن أن يلهم العمل الأخير الذي قمنا به الباحثين قريباً لانتاج مواد ليفية أخرى عالية الأداء تعتمد على الهياكل المحصورة بالنانو وعمليات الغزل المماثلة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن قريباً تطبيق ألياف الهيدروجيل الدقيقة المستوحاة من حرير العنكبوت وتقييمها في ظروف العالم الحقيقي، على سبيل المثال كألياف محركة للأطراف الصناعية أو الأجهزة القابلة للارتداء».
من جانبه، يُعدّ خالد أبو العز، أستاذ هندسة المواد في كلية الهندسة جامعة المنيا «صعيد مصر»، هذا الابتكار، «إضافة مهمة إلى قائمة المواد المستوحاة من الطبيعة». وقال أبو العز لـ«الشرق الأوسط»: «كثير من المواد التي نستخدمها حالياً، هي في حقيقتها فكرة من الطبيعة مثل (لاصق الفيلكو) الشهير، المستمد من بذور الأرقطيون، التي تتمتع بشعيرات قوية دقيقة للغاية لها نهايات تشبه الخطاف، كما أن كثيراً من المواد الكهرو ضغطية التي تستجيب للإجهاد الميكانيكي بتوليد مجال كهربائي والعكس، توجد في بعض المواد الطبيعية والكائنات الحية مثل قشور بعض الأسماك، وتُوظّف هذه الخاصية في بعض الأجهزة، مثل شاشات اللمس».