منشآت حجرية تعود للألف التاسع قبل الميلاد في شمال السعودية

أكثر من 6000 منها استُخدمت مصائد للحيوانات البرية

تمكن الباحثون من رصد واكتشاف أكثر من 6000 منشأة استُخدمت مصائد للحيوانات البرية (واس)
تمكن الباحثون من رصد واكتشاف أكثر من 6000 منشأة استُخدمت مصائد للحيوانات البرية (واس)
TT

منشآت حجرية تعود للألف التاسع قبل الميلاد في شمال السعودية

تمكن الباحثون من رصد واكتشاف أكثر من 6000 منشأة استُخدمت مصائد للحيوانات البرية (واس)
تمكن الباحثون من رصد واكتشاف أكثر من 6000 منشأة استُخدمت مصائد للحيوانات البرية (واس)

أسفر مسح أثري لفريق علمي دولي في السعودية عن اكتشاف جديد لمنشآت حجرية تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، في منطقة الجوف شمال السعودية، التي لم تكشف الجهود العلمية والبحثية عن كل ما تدّخره أرضها من لُقى وآثار تنتمي إلى حقب زمنية قديمة، في حين تواصل هيئة التراث في المملكة جهودها لاكتشاف المزيد من آثار وبقايا الإنسان القديم في الجزيرة العربية، التي كانت وطن حضارات وملتقى ثقافات وجسراً واصلاً بين أطراف الأرض.

مسح أثري يكتشف منشآت حجرية تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد (واس)

وعثر فريقٌ من علماء الآثار السعوديين والدوليين على إحدى أقدم المنشآت الحجرية التي شيّدها الإنسان في جبل الظلّيات بمنطقة الجوف السعودية، يعود تاريخها إلى الفترة ما بين 8000 و9000 عام قبل الوقت الحاضر، وذلك ضمن نتائج مشروعات المسح الأثري التي أجْرتها هيئة التراث مؤخراً بالتعاون مع المراكز العلمية الدولية.

وفي ورقة علمية نشرتها مجلة «بلوس ون» عن المنشآت الحجرية التي تُمثّل مصائد من الحجر، ومباني ضخمة الحجم تُستخدم مصائد للحيوانات أرّخت لفترة ما قبل التاريخ، وتعكس قدرة الإنسان قديماً على التكيّف مع طبيعة المكان، وسلوكه الذكي في التعامل مع الظروف الطبيعية التي يواجهها، وذلك بنقل مساحة كبيرة إلى سطح صغير ثنائي الأبعاد.

وتساعد المزيد من الاكتشافات الميدانية للمصائد الحجرية الصحراوية وأنماط بنائها، حيث تنتشر في مجموعات تمتد لعشرات الكيلومترات من شمال المدينة المنورة وصولاً إلى منطقة حائل وسط السعودية، وجنوباً حتى منطقة مكة المكرمة، في بناء تصوّر دقيق بشأن أنماط بناء المصائد الحجرية ووظائفها.

منطقة الجوف معين لا ينضب من التاريخ (واس)

«الجوف» معين لا ينضب

وقال الدكتور سليمان الذييب، أستاذ الكتابات العربية القديمة، إن منطقة الجوف السعودية معين لا ينضب من التاريخ، تزخر آثارها العريقة بتعدد النقوش وتنوع مواقعها، وتدهش كل من يقف عليها؛ لفهم كيف كان يعيش إنسانها ويتكيف، مؤكداً أن اكتشاف المنشآت الحجرية التي تعود إلى الألف التاسع قبل الميلاد يضاف إلى مكتشفات مذهلة في الجوف، من أبرزها ثاني أقدم موقع في قارة آسيا، وهي آثار الشويخطية التي تضم 16 مستوطنة يصل عمرها إلى مليون وثلاثمائة ألف سنة قبل الميلاد، بالإضافة إلى أقدم رسوم ثلاثية الأبعاد معروفة حتى اليوم.

وأشار الدكتور الذييب إلى أن الإعلان عن هذا الكشف الجديد، يحسب للعاملين فيها من الآثاريين الذين يصلون النهار بالليل؛ بحثاً عن آثار قديمة وتاريخية تعكس عراقة هذه البلاد، داعياً إلى ضرورة إطلاق مشروع وطني علمي متكامل عن تاريخ منطقة الجوف وآثارها، يتبنى نشر نقوشها العربية القديمة والإسلامية وتوثيقها، وإلقاء الضوء على مواقعها العائدة إلى العصور الحجرية، والتاريخية والإسلامية، وأن يكون ذلك في طرح نوعي ومبتكر يعطي هذه المكتشفات والمكتسبات حقها، مع تصوير أفلام بتقنية عالية لمواقع هذه المدينة ومجتمعها الذي ترك بصمة لافتة في الجدار الحضاري.

كانت المنشآت الحجرية في منطقة الجوف سراً غامضاً (واس)

‏ 6000 منشأة حجرية مكتشفة

وتعود قصة البدء في اكتشاف المصائد الحجرية الصحراوية والتحقق من وظيفتها، إلى السنوات القليلة الماضية، بعد أن كانت سراً غامضاً منذ ملاحظتها للمرة الأولى عبر الطائرات في عشرينات القرن الماضي، وحسب الورقة العلمية التي نشرتها مجلة «بلوس ون» شوهدت هذه المصائد الحجرية لأول مرة، واعتبرت مجرد مبانٍ أثرية متطورة تتكون من جدران، ومُذيَّلات يصل طولها إلى أكثر من 5 كيلومترات تتلاقى في منطقة كبيرة وتتّصل بها غرف ذات حجم أصغر، خصوصاً في الأركان والزوايا الخارجية.

لكن، وخلال السنوات القليلة الماضية، تفحّص باحثون سعوديون وعالميون من حقيقة تلك المنشآت الحجرية، وتمكنوا من رصد واكتشاف أكثر من 6000 منشأة حتى الآن، أُثبتت وظيفتها واستخداماتها كمصائد للحيوانات البرية.

ونشر باحثون من المركز الوطني للبحث العلمي وباحثون من معاهد مختلفة لوحتَين مرسومتَين، تُمثّلان مخططات مُصغّرة لمصائد حجرية في السعودية والمناطق المجاورة لها، وقد عُثر في جبل الظلّيات في منطقة الجوف على زوجَين من المصائد الحجرية الصحراوية تتباعد عن بعضها بمسافة 3.50 كم، كما اكتُشفت في هذه المنطقة لوحة مُصغّرة لمصيدة حجرية صحراوية مرسومةٍ على حجر يبلغ طوله 382 سنتيمتراً، وعرضه 235 سنتيمتراً، ويعود تاريخها إلى نحو 8000 عام قبل الوقت الحالي، وقد عُثر سابقاً على منشآت مُصغّرةٍ أخرى لهذه المباني الضخمة، لكنها لم تكن بالدقة الكبيرة نفسها التي نُفّذت بها منشآت الظلّيات.


مقالات ذات صلة

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية» بندر الخريف (واس)

السعودية… حوكمة عمليات الشراء الحكومية ورفع كفاءة أداء المحتوى المحلي

ركزت السعودية على تحفيز الفئات المستهدفة في تبني المحتوى المحلي وإعطائه الأولوية، إلى جانب تحسين حوكمة عمليات الشراء الحكومية، ورفع كفاءة الأداء في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى المكعب ضمن وجهة المربع الجديد (الشرق الأوسط)

رئيس «المربع الجديد»: توظيف مبادئ الاقتصاد الدائري في تطوير الداون تاون

أكد الرئيس التنفيذي لشركة «المربع الجديد»، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، مايكل دايك، على التزام الوجهة بتوظيف مبادئ الاقتصاد الدائري.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد جناح "بلت الصناعية" في أحد المعارض بالسعودية (موقع الشركة الإكتروني)

شركة تابعة لـ«لدن للاستثمار» السعودية توقع عقداً بـ171 مليون دولار لتنفيذ مشروع «ذا بوينت»

وقعت شركة «بلت الصناعية»، التابعة لـ«لدن للاستثمار» السعودية، عقداً بقيمة 645.66 مليون ريال (171.8 مليون دولار)، لتنفيذ أعمال مشروع «ذا بوينت» بمدينة أبها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحمد الخطيب وزير السياحة ورئيس المجلس التنفيذي للسياحة بالأمم المتحدة (الشرق الأوسط)

مع ختام رئاستها المجلس التنفيذي... السعودية تدعو لدعم السياحة العالمية

من المتوقع أن ترتفع مساهمة السياحة مدعومة بزيادة الربط الجوي والطلب في مرحلة ما بعد جائحة «كورونا»، وتوسع القاعدة السياحية للطبقة المتوسطة في الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (قرطاجنة)
سفر وسياحة التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية».

غازي الحارثي (الرياض)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.