علاج بيطري يقضي على عدوى الديدان الطفيلية البشرية

أظهر فاعلية تفوق الخيارات الحالية

الديدان الطفيلية تصيب 1.5 مليار شخص سنوياً (ISTOCK)
الديدان الطفيلية تصيب 1.5 مليار شخص سنوياً (ISTOCK)
TT

علاج بيطري يقضي على عدوى الديدان الطفيلية البشرية

الديدان الطفيلية تصيب 1.5 مليار شخص سنوياً (ISTOCK)
الديدان الطفيلية تصيب 1.5 مليار شخص سنوياً (ISTOCK)

كشفت دراسة للمعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة أن دواء «إيموديبسايد»، وهو عقار بيطري يستخدم لمكافحة الديدان بالكلاب والقطط، يمكن أن يكون خياراً جيداً للبشر لعلاج الديدان الطفيلية المنقولة بالتربة.

وتحدث عدوى الديدان الطفيلية المنقولة بالتربة بسبب أنواع مختلفة من الديدان، بما في ذلك الديدان السوطية والخطافية والمستديرة. ولعلاجها توصي منظمة الصحة العالمية بدواءي «ألبيندازول» و«ميبيندازول». ومع ذلك، فإنه في حالة الدودة السوطية «تريكو كفالس تريكيورس»، يمكن لجرعة واحدة فقط من هذه الأدوية علاج 17 في المائة فقط من المصابين، لكن مع تزايد مقاومة الأدوية هناك حاجة ماسة إلى علاجات بديلة جديدة.

وخلال الدراسة، المنشورة الخميس في دورية «نيو إنغلاند جورنال أوف ميدسين»، اختبر الباحثون من المعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة دواء «إيموديبسايد» البيطري لأول مرة في البشر المصابين بالديدان الطفيلية المنقولة بالتربة، فأظهر معدلات شفاء عالية لجميع الديدان الطفيلية الثلاثة المنقولة بالتربة.

وكانت أقل جرعة تم اختبارها من عقار «إيموديبسايد»، وهي «5 ملغ» كافية لعلاج 83 في المائة من المصابين بالديدان السوطية، وساعد زيادة الجرعة إلى «15 ملغ» على علاج كامل لجميع الأشخاص، بالإضافة إلى ذلك، لوحظت فاعلية عالية ضد الديدان الأسطوانية والديدان الخطافية.

ويقول إيمانويل مريمي، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الرسمي للمعهد السويسري للصحة الاستوائية والعامة، بالتزامن مع نشر الدراسة: «يمتلك العقار (إيموديبسايد) أيضاً خصائص مهمة أخرى، فهو جيد التحمل، بما يعني أنه لا يحتاج تجهيزات خاصة في تخزينه، وكانت معظم الآثار الجانبية في التجربة خفيفة للغاية».

وسبقت هذه التجارب السريرية تجارب معملية شجعت على اتخاذ قرار الانتقال لهذه المرحلة من التجارب. تقول جينيفر كايزر، الباحثة المشاركة بالدراسة: «بناء على النتائج الواعدة في المختبر، رأينا إمكانية علاج المرضى المصابين بالديدان الطفيلية المنقولة بالتربة، والنتائج الأخيرة للتجارب السريرية هي أخبار مهمة وجيدة في مجال أمراض المناطق المدارية المهملة».

ويقول محمد بهي الدين، الأستاذ بكلية الصيدلة جامعة أسيوط (جنوب مصر)، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يتم تطوير أي طارد جديد للديدان في العقود الماضية، لذلك تعد هذه النتيجة التي توصل لها البحث السويسري مهمة في السيطرة والقضاء على داء الديدان الطفيلية المنقولة بالتربة.

ووفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، يصاب أكثر من 1.5 مليار شخص بديدان معوية مرة واحدة على الأقل تنتقل عن طريق التربة، ويعيش معظم السكان المصابين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ويمكن أن يعاني الأشخاص المصابون من أعراض مثل آلام المعدة والإسهال وفقر الدم، بينما يمكن أن تؤدي العدوى الشديدة إلى سوء التغذية وضعف النمو البدني. وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تسبب انسداداً في الأمعاء قد يتطلب جراحة.

ويوضح بهي الدين أن إعادة استخدام الأدوية هي استراتيجية أصبحت سائدة لاكتشاف وتطوير الأدوية المضادة للديدان، وتأتي معظم الأدوية المعاد استخدامها من الطب البيطري، وذلك لوجود نحو 300 مرض مشترك بين الإنسان والحيوان.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».