ريما خشيش تتذكر جلستها الغنائية مع عبد الوهاب

المطربة اللبنانية: أرمي نفسي في تجارب جديدة ولا أخلع روح التراث

المطربة اللبنانية ريما خشيش وعازف الكلارينيت الهولندي مارتن أورنشتاين خلال حفلهما في بيروت (الشرق الأوسط)
المطربة اللبنانية ريما خشيش وعازف الكلارينيت الهولندي مارتن أورنشتاين خلال حفلهما في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

ريما خشيش تتذكر جلستها الغنائية مع عبد الوهاب

المطربة اللبنانية ريما خشيش وعازف الكلارينيت الهولندي مارتن أورنشتاين خلال حفلهما في بيروت (الشرق الأوسط)
المطربة اللبنانية ريما خشيش وعازف الكلارينيت الهولندي مارتن أورنشتاين خلال حفلهما في بيروت (الشرق الأوسط)

بين ابنة الـ9 أعوام التي وقفت تنشد الموشحات في «فرقة بيروت للتراث» بقيادة المايسترو سليم سحاب، والمطربة الناضجة التي جمعت حولها البيروتيين منذ أسبوعين في مسرح «مونو»، أربعة عقودٍ فتحت خلالها ريما خشيش نوافذ صوتها لتجارب موسيقية جريئة.

كحارسةٍ للتراث الموسيقي الشرقيّ، تنهمك الفنانة اللبنانية بتحضير ألبومٍ من هنا، وترتيب حفل من هناك، وهي تجد ما بينهما وقتاً للتدريس في الجامعة الأميركية في بيروت. يقلقها جيلٌ يكاد لا يعرف مَن هي أسمهان، ويصمت عندما يُسأل «من غنّى (إنت عمري)؟». هي التي ما زالت تحلم بتلك الجلسة التي جمعتها بالموسيقار محمد عبد الوهاب يوم كانت مراهقة، تحاول أن تحمي ذكرياتها الثمينة من تحوّلات الزمن.

كلارينيت وطرب

أولى دقائق حفلها البيروتي الأخير والذي جمعها في ديو استثنائي مع عازف الكلارينيت الهولندي مارتن أورنشتاين، انقضت ثقيلةً على خشيش. تقرّ في حديث مع «الشرق الأوسط» بأنّ برودة الجمهور أربكتها وأخافتها، موضحةً «في البداية كان الحضور مستغرِباً ما يسمع، لكن سرعان ما اندمجوا وتفاعلوا. أتفهّم أنهم ربما يحتاجون إلى وقت لاستيعاب الصوت والتوزيع، لا سيّما أنهما غير تقليديين».

الحفل البيروتي الأخير كان ديو استثنائياً بين صوت خشيش والكلارينيت (الشرق الأوسط)

 

ليس مألوفاً أن تترافق أغنيات مثل «بحبه مهما أشوف منه» و«ضحك اللوز» وموشّح «سلّ فينا» مع آلة غربية معقّدة مثل الكلارينيت. لكن للحفلات الحميمة المتخففة من زحمة الآلات والجوقات، سحرَها الخاص بالنسبة إلى خشيش المتآلفة مع «عُري الصوت». تقول «لا مشكلة لديّ في أن أغني منفردة أو برفقة آلة واحدة. يحتاج الأمر إلى تحضير مكثّف، وهو على قدر بساطته فإنه يبقى معقّداً؛ إذ ليس سهلاً على مغنٍ وعازفٍ واحد أن يملآ حفلة بمفردهما».

موشحات بالهولندي

من دون أن تكسر القالب الشرقي الذي انسكب فيه صوتها منذ البدايات، يمتدّ مشروع ريما خشيش الفني جسراً بين شرق وغرب. وكما تبنّت موسيقى الجاز في ألبوم «وشوشني» عام 2016، وجدت نفسها بعد 3 أعوام تمزج في ألبوم «يا ليت» الموشّحَ العربي مع موسيقى «الباروك» (baroque) الأوروبية العائدة إلى القرن السابع عشر. تعلّق على اختباراتها الموسيقية غير التقليدية قائلةً «رميت نفسي عمداً في تجارب مختلفة؛ حتى أتطوّر وأتحدى نفسي وأخرج من منطقة الأمان. لكني لم أخلع عني يوماً روح الطرب الشرقي. ما زلت أغني موسيقى عربية كلاسيكية حتى وإن كانت الآلات والتوزيع غربيَين».

خشيش التي لا تحب صورة المغنية النجمة، تعلّمت كيف تتخفف من «الأنا» لتتساوى مع كل عازف من الفرقة الهولندية المرافقة. تقول إنها وجدت فيهم عائلتها، هم الذين طوّعوا موشّحات سيّد درويش وأغانيه لتتناسب ولكنتهم، فأطلقوا «الآهات» و«الليالي» و«الأمان» وغنّوا جملاً كاملة بالعربية خلال إحدى حفلاتها.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

عطر عبد الوهاب

في كل ألبوم وحفلة، تستعيد ريما خشيش إرث كبار الطرب. تغنّي فيروز، وسيّد درويش، وصباح، وأم كلثوم، وعبد الوهاب وأسمهان وغيرهم. تنحني لِما صنع كلٌ منهم، لكن وحده «موسيقار الأجيال» يحفر عميقاً في قلبها والذاكرة. كيف لا وهي التقته عندما كانت في الـ17 من عمرها، قبل وفاته بعام واحد.

تخبر بصوتٍ تسكنه الابتسامات كيف التقته في منزله في مصر، وكانت برفقة والدها عازف القانون كامل خشيش والمايسترو سليم سحاب. «لم أكن حينها في ذروة عشقي لعبد الوهاب، ولم يكن يشكّل بالنسبة لي ما يشكّل حالياً»، تقول. ثم تستطرد مع شيء من الندم «لم أقدّر اللحظة التي كنتُ فيها. ولو بقيت في مصر لفترة أطول ولم أعُد إلى لبنان من أجل المدرسة، لربّما تكررت اللقاءات».

لا تنسى خشيش أي تفصيل من ذاك اللقاء - الحلم مع عبد الوهاب. تقول إنها لولا تلك الصورة التي التُقطت لهما معاً، لَما صدّقت أنه حصل فعلاً. «غنيت له (كتير يا قلبي الذل عليك) كاملةً فقال لي إن صوتي مثل وجهي، مألوف ويدخل القلب». لفتته عِرَبها السريعة وتَحكُّمها بالطبقات. وعندما علم بأن أول ما غنّت في كورال الأطفال كان موشّح «ملا الكاسات»، ردّ «بدايتك زيّ بدايتي»... فهو كذلك غنّى هذا الموشّح في سنّ الـ15. هنا تعلّق خشيش ضاحكةً «بس أكيد نهايتي مش زيّ نهايته».

ريما خشيش تتوسط الموسيقار محمد عبد الوهاب والمايسترو سليم سحاب (أرشيف الفنانة)

 

قبل أن ينتهي اللقاء، رافق عبد الوهاب خشيش غناءً وهي تؤدّي آخر أعماله «من غير ليه». أما عندما حانت لحظة الوداع، وبما أن خشيش كانت مدركة لوسواس الموسيقار المتعلق بالنظافة، فهي ألقت عليه السلام من مسافة بعيدة. شجّعها مرافقوها على الاقتراب منه وتقبيله، فردّ هو «سيبوها، هي مش عايزة»، فما كان منها إلا أن أجابت «عايزة ونص» ثم قبّلته.

كما لو أن السنوات الثلاثين لم تمضِ على خشيش التي ما زالت مسحورة حتى اللحظة. «بعد أن خرجنا، ظلّ عطره عالقاً على يدي. بقيت أشمّها ورفضت غسلها في ذلك اليوم».

إرث المؤسِسين

من بين الفنانين المؤسِسين الذين تابعوا مسيرة خشيش، المؤلف والمطرب اللبناني زكي ناصيف. تتذكّره حاضراً في حفلات «فرقة بيروت للتراث» يستمع إليها تغنّي طفلةً ثم مراهقة. ولاحقاً كان كلما التقاها في المعهد العالي للموسيقى، يدندن لها «يا ريم وادي ثقيف» لنجاح سلام.

تستلهم ريما خشيش من إبداع القدماء لتمضي قُدماً في مشروعها التراثيّ العصري. تكتشف في هويتها الموسيقية تفصيلاً جديداً كل يوم، كما حصل مؤخراً في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدّة، حيث كرّمت بصوتها أصواتاً نسائية أثرت السينما والموسيقى المصرية، مثل صباح، وشادية، وسعاد حسني، وليلى مراد وهدى سلطان. تقول إن هذا الحفل جعلها تكتشف أمراً لم تكن تعرفه عن نفسها «أستمتع بغناء الأعمال السريعة والمرِحة مثل (يا واد يا تقيل) و(خلّي بالك من زوزو)».



زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
TT

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)

حقق زوجان محظوظان بشكل استثنائي فوزاً غير مسبوق بجائزة مليون جنيه إسترليني في اليانصيب في بريطانيا - للمرة الثانية.

وفاز ريتشارد ديفيز، 49 عاماً، وفاي ستيفنسون-ديفيز، 43 عاماً، بالجائزة الكبرى المكونة من سبعة أرقام في لعبة «يورومليونز مليونير ميكر» في يونيو (حزيران) 2018. وها هما الآن يكرران الإنجاز بمطابقة خمسة أرقام رئيسية والرقم الإضافي في سحب اليانصيب الذي أُجري في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) - وهي فرصة ضئيلة للغاية، وفقاً للخبراء.

وقالت فاي، من وسط ويلز: «كنا نعلم أن احتمالية تكرار هذا الفوز ضئيلة للغاية، لكننا دليل على أن الإيمان يجعل أي شيء ممكناً».

وأوضح ريتشارد، لم يكن فوزهم الثاني مجرد اختيار الأرقام الصحيحة. وقال: «لقد تحقق لنا ذلك من خلال سلسلة من أربع سحوبات متتالية لليانصيب»، وفق ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقال: «عندما تُطابق رقمين في سحب اليانصيب، تربح تلقائياً جائزة «لاكي ديب» للعبة التالية، وهذا ما حدث لنا.

طابقنا رقمين وفزنا بجائزة «لاكي ديب» مجانية من سحب سابق، مما أهّلنا للسحب التالي، وهكذا دواليك، حتى السحب الفائز في 26 نوفمبر».

ووفقاً لخبراء شركة «ألوين»، المشغلة لليانصيب الوطني، فإن احتمالات فوز ريتشارد وفاي بجائزة «يورومليونز مليونير ميكر» ثم خمسة أرقام والكرة الإضافية في اللوتو تتجاوز 24 تريليون إلى واحد.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تُغيّر هذه الجائزة الأخيرة من توجه الزوجين نحو خدمة المجتمع. إذ يستخدم ريتشارد، مصفف الشعر السابق، مهاراته في مأوى للمشردين في كارديف، وهو مشروع تلقى تمويلاً حيوياً من اليانصيب الوطني، كما يُساعد أصدقاءه بالعمل سائق توصيل.

وتعمل الممرضة السابقة فاي طاهيةً متطوعةً في مطبخ سيجين هيدين المجتمعي في كارمارثين، كما تقدم خدمات الاستشارة النفسية لمنظمات محلية مثل جمعية بريكون آند ديستريكت مايند الخيرية. وقالت فاي، التي ستعمل حتى في يوم عيد الميلاد: «في المرة الأولى التي فزنا فيها، قدمنا ​​سيارات كهدايا، وتبرعنا بحافلة صغيرة لفريق الرجبي المحلي، وبذلنا قصارى جهدنا لمساعدة الأصدقاء والعائلة». وأضافت: «كان الأمر جديداً تماماً، وكان من الرائع أن نتمكن من إحداث فرق». وأردفت: «هذه المرة، من يدري؟ سنأخذ وقتنا ونستمتع باللحظة».

وفي حديثه على إذاعة «بي بي سي»، قال ريتشارد: «إن إعلان فوزنا هذه المرة لم يكن قراراً سهلاً». وقال: «منذ الفوز الأول، شاركنا في العديد من الفعاليات المتعلقة باليانصيب والجمعيات الخيرية». وأضاف: «هناك الكثير من الخير في العالم، بينما تسود الأخبار الكئيبة والمحبطة هذه الأيام. إنها حقاً جرعة من البهجة».

وقال آندي كارتر، كبير مستشاري الفائزين في شركة ألوين: «ما زلت أتذكر اليوم الذي التقيت فيه بريتشارد وفاي لأول مرة، ومن دواعي سروري أن أكون معهما وهما يحتفلان بفوزهما الثاني بجائزة مليون جنيه إسترليني». وأضاف: «لقد لمستُ الأثر الإيجابي للفوز الأول، وأعلم أن هذا الفوز الثاني سيكون له نفس القدر من الأهمية».


خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
TT

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

في مسيرة بعض الممثلين، تأتي الأدوار المهمّة في وقت متأخر، وهو ما حصل مع الممثلة السعودية خيرية نظمي، بطلة فيلم «هجرة»، التي تحدَّثت بشفافية لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين»، مُعبّرةً عن سعادتها الغامرة بهذه التجربة التي نقلتها إلى منطقة مختلفة، بوصفها ثمرة رحلة طويلة من التراكم الفنّي والتجربة الإنسانية.

بطولة «هجرة» جاءت في مرحلة شعرت فيها خيرية بأنّ علاقتها بالتمثيل أصبحت أوضح وأكثر هدوءاً. وتتحدَّث عن هذه التجربة بثقة، مؤكدةً أن مرحلة ما بعد الخمسين حوَّلت العمر من مجرّد رقم إلى رصيد من المشاعر والمواقف والقدرة على قراءة الشخصيات بعمق، ممّا غيّر زاوية نظرها للأمور، وجعل اختياراتها أكثر وعياً ومسؤولية.

وللمرة الأولى، سارت خيرية نظمي على السجادة الحمراء في مهرجانات عالمية بصفتها نجمة سينمائية عبر بطولتها فيلم المخرجة شهد أمين «هجرة»، الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية، وهناك حصد جائزة «نيتباك» لأفضل فيلم آسيوي، ثم واصل حضوره في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بجدة، ليفوز بجائزتين هما «جائزة اليسر من لجنة التحكيم» وجائزة «فيلم العلا لأفضل فيلم سعودي».

خيرية، التي التقتها «الشرق الأوسط» في «البحر الأحمر»، تُشير إلى أن الفرق بين الأدوار الرئيسية وتحمُّل بطولة كاملة يكمُن في الإيقاع اليومي للتصوير، وفي الالتزام الجسدي والنفسي المستمرّ، قائلةً: «التصوير في (هجرة) امتد ساعات يومياً، وعلى مدى شهرين ونصف الشهر تقريباً، وهو ما تطلَّب جهداً مضاعفاً، وانغماساً كاملاً في الشخصية». هذا التعب، كما تصفه، أثمر لاحقاً مع خروج الفيلم إلى الجمهور، وظهور ردود الفعل في العروض الأولى، والإشادات التي ركّزت على الأداء والنظرة والتعبير الصامت.

خيرية نظمي على السجادة الحمراء (مهرجان البحر الأحمر)

سنوات من الكوميديا

قبل «هجرة»، رسَّخت خيرية حضورها في الأعمال الكوميدية، وتتوقَّف عند هذه المرحلة بكونها مدرسة أساسية في مسيرتها، تعلَّمت خلالها الإيقاع، والتوقيت، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة. وتستذكر تجربتها في مسلسل «سكة سفر» من خلال شخصية «بركة»، التي تقول إنها كانت قريبة من روحها، وتفاعلت معها بعفوية عالية. تبتسم وهي تتحدَّث عن «بركة»، مضيفةً: «هذه الشخصية خرجت مني بشكل تلقائي»، موضحةً أنها تعاملت مع النص بطاقة مفتوحة، وسمحت للارتجال بقيادة كثير من اللحظات. هذا التفاعل العفوي، كما ترى، وصل إلى الجمهور السعودي والعربي، وصنع حالة قبول واسعة، وأكد قدرتها على حمل الدور الكوميدي وصناعة شخصية تعيش خارج إطار الحلقة.

وتشير إلى أنّ «سكة سفر» شكّل إحدى أبرز تجاربها، ضمن مسار متنوّع سبقها، مؤكدةً أنّ انغماسها في الكوميديا أثبت نجاحه، وساعدها على بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، وهي مرحلة منحتها ثقة إضافية، ووسَّعت أدواتها، إذ ترى أنّ الكوميديا فنّ يحتاج إلى حسّ داخلي عالٍ وصدق في الأداء.

خيرية نظمي وحفيدتها في الفيلم لمار فادن في مشهد من «هجرة» (الشرق الأوسط)

«هجرة»... اختبار العمق

في تلك المرحلة، كانت خيرية تتطلَّع إلى تنويع أدوارها، وتؤمن بأن التنقّل بين الأنواع يكشف عن جوانب مختلفة من الموهبة، ويمنح الممثل فرصة أوسع للتجريب. هذا التطلُّع قادها إلى أدوار تحمل ثقلاً مختلفاً، وتضعها أمام تحدّيات جديدة، خصوصاً في الدراما، وهو ما وجدته في فيلم «هجرة»، إذ انتقلت إلى منطقة أكثر كثافة، ودور يعتمد على الحضور الداخلي أكثر من الحوار المباشر.

في «هجرة»، قدَّمت شخصية «ستي»، الجدّة التي تعتزم الذهاب إلى الحج برفقة اثنتين من حفيداتها، وفي أثناء الرحلة تضيع إحداهن، فتتحمّل مسؤولية البحث عنها. وهي شخصية مركّبة، حازمة في ظاهرها، قوية في مواقفها، وتحمل في داخلها ضعفاً إنسانياً واضحاً. وتصف خيرية هذا التركيب بأنه «تحدٍّ حقيقي، لأنّ التوازن بين الصلابة والانكسار يحتاج إلى وعي نفسي دقيق، وقدرة على الإمساك بالتفاصيل الصغيرة».

وتضيف: «كثير من المَشاهد اعتمد على النظرة أكثر من الكلمة، وعلى الصمت أكثر من الحوار»، مؤكدةً أنّ ذلك جاء نتيجة مباشرة للتدريب والتحضير المُسبَق. وتولي خيرية أهمية كبيرة لمرحلة التحضير، مشيرةً إلى أنّ وجود المُخرجة شهد أمين، وحرصها على بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج، صنعا فارقاً واضحاً في الفيلم الذي اختارته المملكة لتمثيلها في سباق «الأوسكار» لعام 2026.

ترى خيرية أنّ فيلم «هجرة» يشكّل مرحلة تحوّل في مسيرتها الفنّية (مهرجان البحر الأحمر)

رَمش العين... التحدّي الأكبر

تتوقف خيرية عند تفصيل صغير، وتبتسم وهي ترويه، موضحةً أنّ المخرجة طلبت منها تخفيف الرَّمش، لأن الكاميرا الكبيرة تلتقط كل حركة. في البداية، شعرت بالغرابة، ثم عادت إلى البيت وهي تفكر في وجهها، وفي عادات ملامحها، وفي تفاصيل تؤدّيها تلقائياً. وتضحك وهي تقول إنّ عضلات وجهها اعتادت الابتسامة حتى في لحظات السكون، كأنّ الوجه تعلَّم هذا التعبير مع الزمن.

وتؤكد أن شخصية «ستي» احتاجت إلى وجه جامد، ونظرة ثابتة، وحضور صامت يخلو من أي ليونة. التحكُّم في رمشة العين، كما تقول، تحوّل إلى تمرين يومي ومحاولة واعية للسيطرة على فعل طبيعي، مضيفةً: «هذه التجربة جعلتني أدرك أنّ التحكُّم في النظرة يكشف عن جوهر الممثل أكثر من التحكُّم في الكلام أو الحركة، لأنّ العين تفضح الإحساس قبل أن يُقال».

تحدَّثت خيرية نظمي عن أصعب اللحظات التي واجهتها خلال التصوير (إنستغرام)

طبقات الحزن والفرح

عند الحديث عن التوحُّد مع الشخصية، تتحدَّث خيرية عن علاقتها بالألم الشخصي، وتقول: «كلّ إنسان يحمل في داخله تجارب موجعة». وتستدعي هذه التجارب خلال الأداء، بما يمنح المشهد صدقاً داخلياً ويجعل التعبير أقرب إلى الواقع. كما توضح أنّ هذا الإحساس رافقها بعد انتهاء التصوير، مع استمرار جولات الفيلم في المهرجانات، وردود الفعل التي تلقتها من الجمهور.

وعن المرحلة المقبلة، تتحدَّث بنبرة هادئة وحاسمة، مؤكدةً أنّ خياراتها تتّجه نحو أدوار تحمل عمقاً حقيقياً، وتمنحها فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أدائها، قائلة: «كلّما كان الدور أقوى، ازدادت حماستي له، لأني أرى في التحدّي جوهر التجربة الفنية».

وتتوقّف عند تقييمات المخرجين والمنتجين، التي تعدّها مرآة مهمّة لتطورها، مشيرةً إلى أنّ أحدهم قال لها إنّ من أبرز نقاط قوتها قدرتها على خلق طبقات متعدّدة من الحزن والفرح، بما يمنح المخرج مرونة كبيرة في بناء المشهد، سواء احتاج إلى إحساس هادئ، أو دمعة واحدة، أو انفعال كامل.

وفي ختام حديثها، تعود خيرية إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات، وترى أنّ هذا الشعور انعكس على أدائها، ومنحها حضوراً أكثر هدوءاً وثباتاً أمام الكاميرا. هذا السلام، في رأيها، يرتبط بمرحلة نضج إنساني يصل إليها الإنسان بعد رحلة طويلة من التجربة، وفي هذه المرحلة يصبح التعبير أكثر صدقاً، ويصبح الصمت أبلغ، وتصل الأدوار في توقيتها الصحيح.


مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
TT

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

وأطلقت الشركة المملوكة للملياردير الأميركي جيف بيزوس، صاروخها «نيو شيبرد» في مهمة جديدة شبه مدارية في تمام الساعة 8,15 صباحاً (14,15 بتوقيت غرينتش) من قاعدتها في تكساس.

بنتهاوس تتحدث إلى هانز كونيغسمان المدير التنفيذي المتقاعد من شركة «سبيس إكس» الذي ساعد في تنظيم رحلتها ورعايتها (ا.ب)

واجتازت ميشيلا بنتهاوس، مهندسة الطيران والفضاء والميكاترونيكس في وكالة الفضاء الأوروبية، مع خمسة سياح فضائيين آخرين خط كارمان الذي يشكل الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء في الرحلة التي استغرقت نحو 10 دقائق.

المهندسة الألمانية ميشيلا بنتهاوس داخل نموذج أولي لكبسولة فضائية يوم الاثنين 15 ديسمبر (ا.ب)

وتستخدم ميشيلا بنتهاوس الكرسي المتحرك نتيجة تعرضها لإصابة في النخاع الشوكي إثر حادث دراجة هوائية جبلية.

وقالت في مقطع فيديو نشرته شركة «بلو أوريجين»: «بعد الحادث الذي تعرضت له، أدركت بحق كم أن عالمنا لا يزال مغلقاً أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة».

وأضافت: «إذا أردنا أن نكون مجتمعاً شاملاً، علينا أن نكون شاملين في كل جانب، وليس فقط في الجوانب التي نرغب أن نكون فيها كذلك».

وأقلع الصاروخ الذي يعمل بشكل آلي بالكامل نحو الفضاء، ثم انفصلت عنه الكبسولة التي تحمل السياح الفضائيين قبل أن تهبط برفق في صحراء تكساس.

وهذه هي الرحلة المأهولة الـ16 لشركة «بلو أوريجين» التي تقدم منذ سنوات برنامج رحلات سياحية فضائية بواسطة صاروخها «نيو شيبرد»، دون الاعلان عن كلفتها.

وبعث رئيس وكالة «ناسا» الجديد، جاريد ايزاكمان، بتهنئة إلى ميشيلا في منشور على منصة إكس، قائلاً: رلقد ألهمت الملايين للنظر إلى السماء وتخيل ما هو ممكن».

وسافر عشرات الأشخاص إلى الفضاء مع «بلو أوريجين»، بمن فيهم المغنية كايتي بيري، والممثل ويليام شاتنر الذي جسد شخصية الكابتن كيرك في مسلسل «ستار تريك».

ميشيلا بنتهاوس بعد هبوط كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» (ا.ب)

وتسعى شركات الفضاء الخاصة التي تقدم رحلات فضائية إلى الترويج لخدماتها عبر الشخصيات المشهورة والبارزة، من أجل الحفاظ على تفوقها مع احتدام المنافسة.

وتقدم «فيرجن غالاكتيك» تجربة طيران فضائي مماثلة.

ولدى «بلو أوريجين» أيضاً طموحات لمنافسة شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك في سوق الرحلات الفضائية المدارية.

وهذا العام نجحت شركة بيزوس في تنفيذ رحلتين مداريتين بدون طاقم باستخدام صاروخها الضخم نيو غلين الأكثر تطوراً من «نيو شيبرد».