«الحرفوش» يسرد رحلة عادل إمام من «الجمالية» إلى «قمة الكوميديا»

كتاب جديد عنه يتزامن وعيد ميلاده الـ83

لقطة من فيلم «الإرهاب والكباب»
لقطة من فيلم «الإرهاب والكباب»
TT

«الحرفوش» يسرد رحلة عادل إمام من «الجمالية» إلى «قمة الكوميديا»

لقطة من فيلم «الإرهاب والكباب»
لقطة من فيلم «الإرهاب والكباب»

يحل عيد ميلاد الفنان المصري عادل إمام الـ83 في 17 مايو (أيار) الحالي، وتزامناً مع المناسبة صدر أخيراً في القاهرة كتاب بعنوان «الحرفوش... أيام عادل إمام» للكاتب أيمن الحكيم، يسرد رحلة الزعيم من حي الجمالية في القاهرة إلى «قمة الكوميديا».

لا يقدم الكتاب سيرة ذاتية لعادل إمام، فهو لم يرحب في أي وقت بكتابة سيرته الذاتية، معتبراً ذلك بمثابة «مباراة اعتزال للفنان»؛ بل يقدم سيرة روائية من خلال حوارات عديدة أجراها معه مؤلفه على مدى سنوات، وكان قد أصدر كتاباً عن الزعيم في عام 2006 بعنوان «ضحكة مصر».

وسبق للكاتب الصحافي مصطفى أمين أن قال عن الزعيم: «أشعر أمام عادل إمام بأن الضحك بخير». ووصفه الفنان عبد الحليم حافظ بأنه «أجمل اختراع للقضاء على الحزن»، فيما يصف عادل إمام نفسه، وفق ما جاء في الكتاب، بأنه «واحد من حرافيش الأرض الطيبة، يحمل جينات أهلها وطباعهم بكل ما يميزهم من طيبة وشقاوة وشقاء، وقدرة (فذة) على مواجهة قسوة الحياة وظلمها».

علاقته بوالده

يقول الزعيم، حسب الأوراق الرسمية، «إنني أحمل اسم عادل إمام محمد بخاريني، ولدت لأسرة ريفية بسيطة في قرية شها بالقرب من المنصورة (دلتا مصر)، وكان جدي يمتلك أشهر محل بقالة في القرية، وكان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة عجيبة على إطلاق النكات، كما كان والدي يتمتع بطريقة خاصة في السخرية يجعلك (تفطس على روحك من الضحك) من دون أن يفقد جديته وهيبته، والواضح أن خفة الدم ورثها عن جدي، ويبدو أنها هبة إلهية في جينات أسرتي عابرة للأجيال. لكن والدي كان طموحه أكبر من القرية، فجاء إلى القاهرة ليحط رحاله بشقة متواضعة بحي الجمالية في القاهرة، وكانت أمي رحمها الله سيدة ريفية بسيطة لا تقرأ ولا تكتب لكنها تتمتع بذكاء فطري نادر، وكان الأمان الوحيد لها أن تنجب أولاداً، وكنت أولهم».

يستعيد إمام سنوات طفولته الشقية وصداماته مع والده، قائلاً: «الحقيقة أن علاقتي بوالدي كانت شديدة التعقيد بين تمردي التام وانضباطه الشديد، وهو صراع حاول أبي أن يحسمه بطريقته الخاصة في التربية التي يمكن أن نسميها (الحب بالضرب)، فهو بعقلية رجل البوليس لا يعرف سوى الضبط والربط، وبعقلية الفلاح الأصيل لا يعرف سوى التدين والتعليم سبيلين لصناعة المواطن الصالح الذي هو أنا».

كانت لحظة اكتشاف موهبة الزعيم من اللحظات الفاصلة في حياته مثلما يقول: «كنت أتكلم مع زميل في الفصل فوجدته يضحك بلا سبب، وتكرر هذا الموقف كثيراً، وحسبته نوعاً من السخرية، فقال لي (أصل شكلك بيضحكني)، فبدأت أستوعب بالتدريج أنني قادر على إضحاك الآخرين بلا عناء، ورحت أتفنن في ابتكار مواقف وحركات ضاحكة تسببت ذات مرة في (رفد أي «فصل») الفصل الدراسي كله، وفي علقة وراء علقة من أبي».

من هو «زكي جمعة»؟

لم يكن زكي جمعة شخصية وهمية ولا مجرد «إيفيه» أطلقه عادل إمام في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، بل كان شخصاً حقيقياً أراد أن يرد له الجميل فذكر اسمه مع عدد من قادة التنوير أمثال علي مبارك وقاسم أمين. كان زكي جمعة، رئيس فريق التمثيل في كلية الزراعة التي التحق بها عادل، وقد ظل ممتناً له لأنه دفعه لتذوق الموسيقى الكلاسيكية، وأعاد له ثقته باللغة العربية، كما دله على كتب إعداد الممثل ليدرك أن التمثيل علم له قواعد وأصول.

وحسب الكتاب: «في الجامعة التقى عادل زميله صلاح السعدني، وانضما معاً لفرقة مسرح التلفزيون، ومن ثَمّ جاءت فرصته الأهم بالمصادفة حين كان ينتظر صديقاً له أمام مسرح (الهوسابير) ليتلقى من مديرة المسرح عرضاً بالعمل في مسرحية (أنا وهو وهي)، ويكون هذا العمل بداية انطلاقته ممثلاً، وتتردد جملته (بلد بتاعة شهادات) على لسان الجمهور». وعن المسرحية قال عادل: «منحتني هذه التجربة ما هو أهم وأغلى من الشهرة، فقد كان من حسن حظي أنني عملت مع الأستاذ فؤاد المهندس، وتعلمت منه أصول المسرح، وكانت المسرحية حدثاً فارقاً في حياتي، ويكفي أنها كانت سبباً في اعتراف أبي بي ممثلاً». كما كانت المسرحية سبباً في لقائه الأول بسيدة الغناء العربي أم كلثوم خلال سفر فريق المسرحية لعرضها في الكويت. وعن ذلك ذكر عادل: «لم أصدق نفسي أنني في حضرة أم كلثوم، ولم أستوعب أنها تعرفني، وراحت تسألني بلطف، وبهرتني بذكائها الفطري ولباقتها وثقافتها وقوة شخصيتها».

ومع المخرج فطين عبد الوهاب، انطلق الزعيم سينمائياً مع تحويل مسرحية «أنا وهو وهي» إلى فيلم من إخراجه. وقال فطين لعادل بعد أول مشهد: «ستكون حاجة جميلة قوي في السينما» ليصبح قاسماً مشتركاً بالتمثيل في كل أفلامه الأخيرة.

يسرد الكتاب حكايات عديدة عن دخول الزعيم مجال التصوف الديني مع خاله، وصدامه مع المخرج يوسف شاهين، ومسرحية «مدرسة المشاغبين»، وقصة حبه وزواجه، ولقائه والكاتب الراحل وحيد حامد، واتجاهه للأفلام السياسية، وحريق شقته الذي قضى على كل شيء فيها خلال فترة التسعينات من القرن الماضي.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.