لورا خباز: لا يتطوّر الممثل دون النزول إلى الأرض

تُخبر «الشرق الأوسط» عن احتضانها الفني وذنب الأم

3- الأمومة جعلت لورا خباز تشعر بحاجة إلى العطاء الفني (الشرق الأوسط)
3- الأمومة جعلت لورا خباز تشعر بحاجة إلى العطاء الفني (الشرق الأوسط)
TT

لورا خباز: لا يتطوّر الممثل دون النزول إلى الأرض

3- الأمومة جعلت لورا خباز تشعر بحاجة إلى العطاء الفني (الشرق الأوسط)
3- الأمومة جعلت لورا خباز تشعر بحاجة إلى العطاء الفني (الشرق الأوسط)

تزامُن «الكوفيد» مع الحمل والولادة، أبعد الممثلة اللبنانية لورا خباز عن الضوء. المسرح، ملعبها منذ سنّ السابعة عشرة، أسدل الستائر؛ وارتبكت آنذاك كاميرات مصوّري الدراما بين الاندفاع والانكفاء. كانت طفلتها الأولى قد بلغت 20 يوماً، حين رنّ هاتفها ومعه عرض التمثيل بفيلم «كذبة كبيرة» (كتابة فؤاد يمّين وإخراج نديم مهنا)؛ الذي صوّرته قبل عامين تقريباً. لفرط الشوق، تُصارح «الشرق الأوسط»: «رغبتُ في الموافقة على الدور حتى قبل قراءته. شغف العودة ألحّ، ثم قرأتُ فلم يتضارب الشعور مع متعة السطور».

يقترب موعد العرض في الصالات اللبنانية، والابنة اليوم تشارف على إطفاء الشمعتين. يمرّ الوقت مكرّساً عند لورا خباز قناعة ثابتة: «التقدّم لا يعني المشاهدة والمتابعة فحسب. هو اختبار الأرض والتجربة الملموسة. من بُعد، لا نبلغ التطوّر، وإن قرأنا وشاهدنا. الواقع هو نبع الخبرات».

يخطر سؤال حين يكون الحوار مع الشقيقة الأصغر لجورج خباز، الكاتب والممثل والمؤلف الموسيقي والملحن والمخرج: هذا الجناح الذي يحتويكِ، هل يمتصّ منكِ بعض الحضور؟ هل سجّلتِ سراً أي «امتعاض» حيال «التحاق» اسم لورا باسم جورج؟ ردُّها على العكس تماماً: «بل إنني محظوظة كون أخي واسع الخبرة الفنية. الفنان يتوق إلى مَن يتبنّاه، أكان منتجاً أم مخرجاً. جورج، (All in one). الظلم الوحيد المحتَمل، هو أن أُقارن به. أنا موهوبة، لكنني لستُ عبقرية. العباقرة لا يولدون كل يوم».

وهو كتب لها الشخصية الافتراضية في «براندو الشرق» (شاهد)، لتشكّل ضميره الحيّ. صارحته بالتردّد حيال أداء دور شقيقته الواعظة، فدعاها إلى إكمال القراءة. تُخبر: «أردتُ تحضيرها بما يحول دون اكتشاف أنها ضمير لا وجود له في الواقع. نصحني المخرج أمين درة وجورج بأن أحضّرها وفق رؤيتهما. البعض فوجئ حين أدرك أنّ الأخت أوهامٌ وسرابٌ. والبعض لمح الغرابة في علاقتهما، فشعر بأنّ شيئاً يُخبّأ. في النهاية، تقدّمت بعمق».

بالنسبة إليها، تتلاشى الفوارق بين الكوميديا والدراما: «ذلك لأننا نقدّم كوميديا الموقف، ولا نتعمّد تكوّراً في الوجوه مثلاً لاستنهاض الضحكات. الموقف يُضحك أو يُبكي. الشرط الوحيد، الإقناع بالصدق. إن صدّق الجمهور أداء الممثل، سيتفاعل وفق الموقف من خلال الشخصية».

يحتاج الأمر إلى مسافة لإدراك النضج والشعور بوهجه. فالمرء قد يُخطئ التقدير وهو في داخل الأشياء. لولا عزلة «الكوفيد» لما دخلت لورا خباز في مراجعة فنية: «كان لدي الوقت للنظر إلى الوراء والقول (أوف شو قطع علينا بالمسرح والتلفزيون!). هنا فقط، لمحتُ مسار التطوّر. الإنسان في حالة نضج مستمر. شعوري بأنني أقطع شوطاً لا يعني بلوغي نهاية الطريق».

يبدو ممتعاً الاستفسار عن سلوك الأخ المُوجِّه وأسلوبه في النصح، فتردّ على سؤال عن المداراة من جورج حيالها، أو هل ثمة معاملة خاصة جراء الأخوّة ورابط الدم؟ بالقول: «صنع خبرتي الفنية بمعاملتي إسوة بأي موهبة أخرى. لا يجرح لكنه صارم. يطارد التفاصيل ويتوقع من الجميع التحلّي بسرعة بديهة. أمتصُّ ملاحظاته، لكنني لا أجيد تنفيذها بالسرعة القصوى طوال الوقت. العمل معه يُرخي إحساساً بالضغط، لكنه يبرمج العقل على أن يكون حاضراً متى استُدعي».

منه، ربما، يلفحها عدم رضا دائم تجاه الأدوار. ومثله، ربما، تشعر بأنّ الجيد يمكن أن يصبح أفضل، والأفضل قابل لأن يبلغ مزيداً من الإبداع. المُحرّك هي نظرة الفنان إلى التطوّر والصقل. فإن أحسّ بشبع، انطفأ.

تُسقط الأمومة على فنها، فتفيض حاجة إلى العطاء. تتحدث عن ذنب ينهش الأمهات كلما ابتعدن عن عطايا الخالق: «إن خرجتُ لاحتساء فنجان قهوة أو أمضيتُ أمسية مع الأصدقاء، يملؤني الذنب. المفارقة أنني لا أشعر به وإن مكثتُ لساعات في موقع التصوير. على المسرح أو أمام الكاميرا، فقط، أتحرر من ذنبي تجاه ابتعادي عن ابنتي. ذات يوم، أمضيتُ ساعات مطوّلة في العمل، وفاتني الاتصال بأمي للاطمئنان على الصغيرة. لوهلة، شعرتُ بالسعادة، إذ كنتُ كلّي مأخوذة بالفن».

تشاء التحوّل إلى مثال للمرأة العاملة في عينَي الابنة بالمستقبل: «إن عملتُ واجتهدتُ، ستنشأ على صورة الأم الطَموحة، وقد أشكّل لها عِبرة. أريد من خلال بنائي ذاتي، التمهيد لبنائها ذاتها. أحببتُ عملي أكثر من أجلها».

«إن عملتُ واجتهدتُ، ستنشأ (ابنتي) على صورة الأم الطَموحة، أريد من خلال بنائي ذاتي، التمهيد لبنائها ذاتها. أحببتُ عملي أكثر من أجلها».

لورا خباز


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».