نورمان فوستر لا يزال ينظر إلى الأعلى

معرض عن أعماله في مركز «بومبيدو» بباريس

المهندس المعماري نورمان فوستر (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)
المهندس المعماري نورمان فوستر (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)
TT

نورمان فوستر لا يزال ينظر إلى الأعلى

المهندس المعماري نورمان فوستر (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)
المهندس المعماري نورمان فوستر (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)

استقل السلالم المتحركة إلى قمة «بومبيدو سنتر» في باريس وستصل إلى أكبر قاعة عرض متحفي، قاعة 1. وهي مساحة استضافت إبداعات فنانين من العيار الثقيل مثل بابلو بيكاسو، وهنري ماتيس، وسلفادور دالي. الآن، وللمرة الأولى، تعرض «القاعة 1» أعمال المهندس المعماري نورمان فوستر.

وحسب أمين المعرض فردريك ميغايرو، فقد اتصل المتحف بفوستر (87 عاماً) في عام 2018 لعرض أعماله في معرض بالطابق الأرضي الذي غالباً ما يُستخدم لعرض أعمال الهندسة المعمارية، لكن لأن فوستر أراد عرض أعمال تفوق قدرة استيعاب المكان، فقد عرض عليه المتحف مساحة تعادل ثلاثة أضعاف المكان المخصص. وللمساعدة في تغطية الكلفة الإضافية، حصل فوستر على رعاية من الشركات التي صمَّم مبانيها في السابق.

نورمان فوستر في مركز بومبيدو بباريس الذي يكرمه بمعرض استعادي كبير يلقي نظرة على بعض أعظم مبانيه ونحو رؤيته للمستقبل (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)

كمهندس معماري، سخّر فوستر التكنولوجيا لإنشاء مبانٍ حديثة تهدف إلى مراعاة السلامة البيئية. فقد أعاد اختراع هياكل مثل الأبراج المكتبية والمطارات عن طريق تحريك العناصر الميكانيكية الضخمة بعيداً عن الطريق –إلى الجانبين وتحت الأرض- للسماح بدخول الضوء.

تشمل المعالم البارزة «جسر ميلاو» المرتفع في جنوب فرنسا، وساحة المتحف البريطاني الكبرى ذات الأسقف الزجاجية، والمقر الدائري لشركة «أبل» في حي «كبرتينو» بكاليفورنيا، ومبنى «الرايخستاغ» في برلين، وهي قبة زجاجية مذهلة تم تركيبها فوق صرح ضخم قديم. في عام افتتاحه، 1999، حصل فوستر على «جائزة بريتزكر في المعمار»، وأصبح عضواً في مجلس اللوردات، مجلس الشيوخ في البرلمان البريطاني.

تحدث فوستر مؤخراً في مقابلة عبر الفيديو من مركز «بومبيدو سنتر» حيث يقوم بعرض برنامجه، (افتُتح المعرض يوم الأربعاء ويستمر حتى 7 أغسطس - آب).

تم تنقيح المحادثة واختصارها.

س: كيف تشعر وأنت تسترجع الماضي في بومبيدو سنتر؟

ج: بالتأكيد تشعر بحنين إلى الماضي لأنه في ليلة الافتتاح الرسمي، عام 1970، كنت أقف خارج مركز بومبيدو عندما افتتح الرئيس الفرنسي المبنى.

هناك بومبيدو واحد فقط. إن إزالة الحدود الفاصلة بين فنون التصميم والعمارة والرسم والنحت لهو من صميم الرسالة الثقافية لهذا المبنى، ناهيك بأنه مجاني ومفتوح للجميع.

س: قيل عنك قولك إن الهندسة المعمارية غالباً ما يجري التعامل معها بوصفها فناً جميلاً لكنها مغلفة برداء غير مناسب، ذلك رغم أنها في الواقع تتضمن تخصصات منها العلوم والرياضيات والهندسة. هل هناك ما يمنع المزج بين الجمال والوظيفة في الهندسة المعمارية؟

ج: لا، لا ينبغي أن يكون هناك ما يمنع ذلك. فغايتي كمهندس معماري مادية وروحية، ولا يمكنني الفصل بينهما. الغاية الأولى هي إبعاد المطر، والمحافظة على جفافك عندما يسقط المطر، والمحافظة على انتعاشك عندما يكون الطقس جافاً، أي البحث عن راحتك المادية. الغاية الثانية هي راحتك الروحية: أن يكون المبنى منحدراً بحيث تستطيع الرؤية بالسماح للشمس بالدخول وببعض الضوء لخلق الظل لتشعر بعدها بالمفاجأة عند الدخول إلى الساحة. إن لم يفعل المهندس المعماري ذلك، فلن يقوم بواجبه كمعماري. فالهندسة المعمارية تدور حول الروح، والروح تدور حول المادة.

نورمان فوستر في المعرض المقام عن أعماله بمركز بومبيدو بباريس (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)

س: تقول في النصوص المدونة على جدار المعرض إن المجتمع الذي تخدمه وسائل النقل العام بشكل جيد يمكن أن يكون نموذجاً للاستدامة. كيف يمكن لناطحات السحاب الحضرية أن تمثل المستقبل في عصر تغيير المناخ الذي يسببه الإنسان؟

ج: أعتقد أنها أكثر أهمية من أي وقت مضى. انظر إلى الطاقة التي تستخدمها المدن المزدحمة والتي تعج بوسائل المواصلات العامة وقارنها بالمدن الفسيحة ذات وسائل المواصلات الطويلة. فمدينة بها ناطحات سحاب مثل مانهاتن لهي مدينة مستدامة للغاية من ناحية استهلاك الطاقة. ففيها يعيش الناس بالقرب من مكان عملهم، ولا يعتمدون فيها على السيارة، وضواحيها ليست بعيدة. فالمدن ذات المباني متوسطة الارتفاع مثل لندن أو باريس أكثر استدامة من لوس أنجليس أو هيوستن الممتدة والمعتمدة على السيارات.

س: تستهلك المباني 40 في المائة من الطاقة في العالم. ألا تعني هذه البصمة الكربونية أن مهنتك عُرضة للتقادم؟

ج: انظر إلى مجتمعات مثل مجتمعاتنا التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة. إحصائياً، نحن نعيش لفترة أطول، ووفيات الرضع أقل، ومتوسط العمر المتوقع أكبر، وننعم بحرية شخصية أكبر. ورغم كل الاستثناءات، لدينا نسبة عنف أقل، وحروب أقل. ارتفاع استهلاك الطاقة أمر جيد بالنسبة لك، وللمجتمع، وللبحوث الطبية.

لقد بات الوضع الآن يحتّم علينا توليد طاقة نظيفة، وتعد الطاقة النووية المصدر الأنظف للطاقة، بفارق ضخم عن بقية المصادر، ولا يوجد سبب يمنعنا، باستخدام هذه الطاقة النظيفة، من تحويل مياه البحر إلى وقود للطائرات وإزالة الكربون من المحيط في نفس الوقت، فهذا هو مستقبلنا.

س: نشطاء المناخ سيختلفون معك بشدة.

ج: صحيح، ولكن يجب على المرء أن يفصل بين الحقائق والشعور الهستيري والعاطفة.

نورمان فوستر: تاريخ العمارة هو عبارة عن تاريخ من التجديد (إليوت فيردير - نيويورك تايمز)

س: عادةً ما تقول إننا بحاجة إلى تجنب استخدام وسائل النقل التي تضر بالمناخ، إذن لماذا تنخرط بشكل كبير في بناء المطارات؟

ج: نحن جميعاً نشعر بالأسف لانبعاثات الكربون الناتجة عن السفر الجوي، وكذلك نأسف للكمية الهائلة من انبعاثات الكربون التي تنبعث في كل مرة نأكل فيها شطيرة هامبرغر، وذلك بشكل يجعل السفر الجوي يبدو، بالمقارنة، غير ذي أهمية تقريباً.

بالطبع، السفر الجوي يؤدي لتوليد الكربون، ولكن ماذا عن البنية التحتية اللازمة للنقل؟ فالمطارات يرتبط بعضها مع بعض بالسيارات وأنظمة المترو والسكك الحديدية، والعالم كله يتحرك، ولن نستطيع التوقف عن التحرك بين عشية وضحاها، فهو عالم متصل بعضه ببعض، ولا يتعلق الأمر بنقل الأشخاص فحسب، ولكنه يتعلق أيضاً بنقل البضائع والاستجابة لحالات الطوارئ العالمية وتقديم المساعدة.

وفي حال كان بإمكاننا أن نجعل هذه البنية التحتية أكثر استدامة، من خلال استهلاك طاقة أقل وإعادة تدوير المزيد من المواد، حينها ستقع علينا كمهندسين معماريين مسؤولية القيام بذلك، فلا يمكننا أن نصبح نعامات تدفن رؤوسها في الرمال.

س: ألا تخشى المستقبل؟

ج: لا، أنا أشعر بالخوف من أي شيء قد يهدد عائلتي، أو نفسي، أو المجتمع من حولي، فهناك دائماً بعبع في الأفق، وفي أي وقت من الأوقات، قد يتعرض الأفراد والأسر والمجتمعات للتهديد من جيرانهم، أو بسبب الطقس أو الجفاف، ويبدو أننا نحب أن نعتقد أن هذه الأشياء جديدة علينا، وصحيح أن تغير المناخ يبدو أمراً جديداً فعلاً، ولكنه يعد أقل أهمية في حال كانت لدينا جائحة، أو في حال اصطدم نيزك فجأة بالكرة الأرضية.

س: المهندسة زها حديد كانت أول امرأة تفوز بجائزة «بريتزكر» في عام 2004، ومنذ ذلك الحين، تم تكريم عدد قليل من النساء بنفس الطريقة، فهل لا تزال الهندسة المعمارية مهنة يسيطر عليها الذكور؟

ج: لقد ذهبت ابنتي إلى جامعة «هارفارد» بالولايات المتحدة لدراسة تاريخ الفن ثم قامت بتحويل أوراقها إلى كلية الهندسة المعمارية في السنة الأولى، وهي تعمل الآن لدى مهندس معماري في لندن وستذهب إلى جامعة «ييل» الأميركية لدراسة الهندسة المعمارية، فالمرأة باتت تهيمن أكثر فأكثر على كليات الهندسة المعمارية، وهو أمر رائع، فهذه المهنة تمر بمرحلة انتقالية الآن، وبعض هذه التغييرات كان قد طال انتظاره، فأنا بالفعل أرى نوع التحيز الذي تتحدث عنه، وأشعر بالأسف تجاهه.

س: أي المباني الخاصة بك تعتقد أن الناس سينظرون إليها بعد 50 عاماً ويعدونها مهمة؟

ج: المباني التي أعتقد أنها ستعيش كثيراً هي تلك المباني التي أصبحت رموزاً للديمقراطية ولأسلوب الحياة وللأمم، وأتمنى أن يستمر مبنى الرايخستاغ (مقر البرلمان السابق في الرايخ الألماني في برلين) في تجسيد هذه الفضائل معمارياً، فهو علامة مهمة على الطاقة النظيفة، وانعدام الكربون، وانتقال برلين من دورها في زمن الحرب إلى دورها في زمن السلم، فالأمر يتعلق كثيراً بالقيم على المستوى المعماري.

س: لقد صرَّح زميلك رينزو بيانو ذات مرة قائلاً: «المباني تبقى إلى الأبد، مثل الغابات والأنهار»، فهل توافق على ذلك؟

ج: المباني تستمر ما دامت مفيدة، ولكن تاريخ العمارة، مثل المدن، هو عبارة عن تاريخ من التجديد، فالمدن هي أعظم اختراع موجود لدينا، فهي عبارة عن تكتلات من المباني الفردية، وتحدد الطريقة التي تربطهم معاً جودة حياتنا أكثر من أي مبنى فردي، وكنت أود لو أن المباني تدوم إلى الأبد، ولكن من الناحية الواقعية، فإن الشيء الثابت الوحيد هو التغيير.

* خدمة «نيويورك تايمز»

حقائق

جائزة

حصل نورمان فوستر على جائزة «بريتزكر» في المعمار عام 1999

«غايتي كمهندس معماري مادية وروحية ولا يمكنني الفصل بينهما»

نورمان فوستر


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».