أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

السمك المقلي والبطاطس طبق لا بد منه في لندن

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟
TT

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

أين تأكل ألذ «فيش آند تشيبس»؟

في زحمة المطابخ العالمية التي تغزو شوارع لندن، يظلّ المطبخ الإنجليزي ثابتاً على مائدته التقليدية، متكئاً على أطباق متوارثة تحمل نكهة الماضي وهُوية المكان. وبين تلك الأطباق، تتربّع وجبة «فيش آند تشيبس» على العرش، بوصفها رمزاً شعبياً عابراً للطبقات الاجتماعية والأجيال.

«فيش آند تشيبس» ليست مجرد وجبة سريعة مكوّنة من سمك القد (cod) أو (haddock)، المقلي بقشرة ذهبية خفيفة ويُقدَّم مع بطاطس مقلية سميكة وخلّ وصلصة التارتار، (وأحياناً البازلاء المهروسة)، بل هي قصة وطن نسجتها الثورة الصناعية، ورافقتها الحروب، واحتضنتها المقاهي وأكشاك الشوارع، حتى أصبحت علامة ثقافية في الوعي البريطاني. ورغم ما يقال عن بساطة مكوّناتها، فإنها تختزن في طياتها تاريخاً طويلاً من التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية، وتعكس فلسفة البريطانيين في الطعام: البساطة، والشعور بالشبع.

فما الذي يجعل طبقاً بهذا القدر من التواضع يحظى بكل هذا الحب والرمزية؟ وكيف بقي محافظاً على مكانته في وجه موجات الحداثة والتنوع العالمي؟ لنكتشف أسرار المطبخ الإنجليزي من نافذة طبق «فيش آند تشيبس».

جذور هذه الأكلة تاريخية وعميقة، وأصلها يعود إلى القرن التاسع عشر، ظهرت في إنجلترا خلال الثورة الصناعية، عندما بدأت طبقة العمال في المدن الكبرى مثل لندن تبحث عن وجبات مشبعة ورخيصة.

كما أنها جاءت نتيجة دمج ثقافي، فالسمك المقلي جاء من اليهود السفارديم في لندن في القرن السابع عشر، بينما البطاطس المقلية جاءت من بلجيكا وفرنسا، وتم دمج الاثنين لاحقاً لتشكيل الطبق المعروف اليوم.

كانت تُباع في أكشاك رخيصة، وتُعد أول «أكل سريع» في بريطانيا. فهي سهلة الأكل وتقدَّم في المطاعم الشعبية والراقية أيضاً، حيث يتفنن الطهاة هذه الأيام في شكلها ومذاقها والصلصات التي تقدَّم معها، وتعد أيضاً من الأطباق الشهيرة التي يتناولها رواد الشواطئ وتباع بمحاذاة في أماكن مثل برايتون وغيرها من الوجهات الساحلية.

شهرتها عبر التاريخ سببها أنها كانت من بين الوجبات القليلة غير المقيدة بالحصص التموينية في الحربين الأولى والثانية. وعدَّتها الحكومة البريطانية طعاماً مهماً للمحافظة على الروح المعنوية.

«فيش آند تشيبس» هي رمز ثقافي بريطاني يتمتع بشهرة عالمية واسعة تماماً مثل شهر الشاي الإنجليزي وطقوسه.

عندما يأتي السياح إلى لندن تكون قائمة أهم المطاعم التي تقدِّم هذا الطبق أولية لهم. إليكم أهم العناوين:

المطاعم التقليدية

- ذا فرايرز ديلايت The Fryer's Delight (Bloomsbury)

مفتوح منذ 1958، يعمل فيه إيطاليان ويستخدم دهن البقر التقليديّ.

- ذا غولدن هيند The Golden Hind (Marylebone)

تأسَّس منذ أكثر من مائة عام، ويتميز بطبق السمك المقرمش ببهار خفيف.

- سيشيل أوف ليسون غروف Seashell of Lisson Grove

مطعم عريق منذ بعد الحرب، يتميز بمكونات عالية الجودة، وهو في قائمة الأفضل دائماً.

- بوبيز فيش آند تشيبس في سوهو وسوق سبيتالفيلدز وكامدن ونوتينغ هيل

نال جائزة «Best independent fish and chips»، وتستخدم فيه نوعية فاخرة من السمك الطازج.

- فيش لاونج Fish Lounge في بريكستون

مطعم أنيق، حصل على لقب «أفضل فيش آند تشيبس بوسط لندن»، والسمك يُقدّم بأنواع متعددة.

- بروكليز روك Brockley’s Rock

حائز جائزة Good Food Award، يديره قبرصيون يونانيّون.

- ميكيز تشيبي في ستو نيونتون Micky’s Chippy (Stoke Newington)

مفتوح منذ 25 عاماً، يقدم جودة ثابتة وسعراً ممتازاً (أقل من 10 جنيهات إسترلينية).

- ذا مايفير تشيبي The Mayfair Chippy في منطقة مايفير

يُعدّ من أبرز وأشهر خيارات سمك وشرائح البطاطس المقليّة في لندن، ويُحبّه الزوار العرب لعدة أسباب مميزة منها أنه يقع في قلب مايفير الراقية، بالقرب من مناطق التسوّق ومحطة Bond Street، مما يجعله وجهة أولى للزوار العرب الباحثين عن تجربة فاخرة وسط المدينة.

كما يحرص على تقديم سمك طازج ومستورد من مراكب صيد بريطانيا، مع بطاطس ممتازة وصلصات محضّرة داخلياً (التارتار، والكاري، وغيرها).

ميزة المطعم أنه يقدِّم هذا الطبق بطريقة نباتية وخالية من الغلوتين، مما يجذب العرب الذين يتبنون حميات مختلفة.

رغم الأسعار المرتفعة نسبياً (طبق «مايفير كلاسيك» بنحو 23 - 25 جنيهاً إسترلينياً)، فإن الخدمة الأنيقة والديكور الجميل يوفّران إحساساً بالفخامة، وتجد فيه طاولات في الخارج. هذا المطعم حائز تصنيف «روزيت» من دليل «ميشلان»، بالإضافة إلى جوائز أخرى. تجدر الإشارة إلى أن الحجز ضروري، ومن الممكن أيضاً الانتظار في الطابور للحصول على طاولة من دون حجز في حال كانت متوفرة.


مقالات ذات صلة

«طاولة عمّيق» جلسة في حضن البقاع بنكهة الأكلات التراثية

مذاقات المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)

«طاولة عمّيق» جلسة في حضن البقاع بنكهة الأكلات التراثية

«هنا عمّيق أطفئ جهازك الخلوي واستمتع بالطبيعة». هكذا يستقبلك أهل بلدة عمّيق في البقاع الغربي. فهم يناشدونك الانفصال التام عن عالم المدينة.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طبق مصمم عن طريق الذكاء الاصطناعي (نيويورك تايمز)

«تشات جي بي تي»: أداة العام الجديدة الرائجة بين الطهاة

على مدار أربعة أشهر في عام 2026، سيقدم مطعم Next في شيكاغو قائمة طعام من تسعة أطباق، يبتكر كل طبق منها طاهٍ مختلف. من بين هؤلاء الطهاة، امرأة تبلغ من العمر 33…

بيت ويلز (نيويورك)
مذاقات فرع «لا بيتيت ميزون» في دبي (الشرق الأوسط)

عنوان محبي الطعام الفرنسي والمتوسطي

أعلن «لا بيتيت ميزون»، المطعم الشهير عالمياً بتقديم المأكولات الفرنسية المتوسطية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات الشيف المصري عصام راشد (الشرق الأوسط)

هل تؤثّر طريقة التقطيع على مذاق الطعام؟

لا تتوقف أهمية طرق التقطيع بالسكين عند رفع مستوى الجاذبية البصرية للأطباق، إنما تتجاوز ذلك لتشمل تحقيق تغير جذري في مذاق الطعام، وملمسه، ونكهته.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات "أتموسفير" من العناوين الجميلة لتاول الشاي بعد الظهر (الشرق الاوسط)

أين تتناول شاي بعد الظهر في دبي؟

تُعد تجربة «شاي بعد الظهر» واحدة من الطقوس الراقية التي تعكس الذوق الرفيع والأناقة في الضيافة، وقد وجدت هذه العادة الإنجليزية التقليدية طريقها إلى دبي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

«طاولة عمّيق» جلسة في حضن البقاع بنكهة الأكلات التراثية

المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)
المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)
TT

«طاولة عمّيق» جلسة في حضن البقاع بنكهة الأكلات التراثية

المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)
المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)

«هنا عمّيق أطفئ جهازك الخلوي واستمتع بالطبيعة». هكذا يستقبلك أهل بلدة عمّيق في البقاع الغربي. فهم يناشدونك الانفصال التام عن عالم المدينة. وبعد أن تجتاز الطرقات التي تؤدي إليها، وهي تستغرق نحو 65 دقيقة من العاصمة بيروت، لا بدّ أن تدرك مفعول النصيحة. فطبيعتها الخلّابة تؤلّف سجادات خضراء مطرّزة بسهول ومحميات ساحرة تحضّك على ترك كل شيء للاستمتاع بمناظرها الرائعة. وفي هذه البقعة الجميلة من لبنان يقع مطعم «طاولة عمّيق». وهو بمثابة قصة نجاح للتنمية البيئية والمحلية، بدأتها محمية أرز الشوف منذ نحو 6 سنوات. المبنى الأخضر الأول في لبنان تم إنشاؤه من خلال مشروع إقليمي بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية، بالتعاون مع مصلحة آل سكاف، والجمعية الملكية لحماية الطبيعة الأردنية. «طاولة عميق» يقدم الأكل التقليدي من صنع أيادي أمهاتنا في المنطقة بإدارة محترفة من سوق الطيب. ويسوّق للمنتجات المحلية. ويقدم معلومات عن حماية الطبيعة في مستنقع عميق ومحمية أرز الشوف.

مأكولات لبنانية منزلية الصنع (الشرق الاوسط)

جلسة في حضن الطبيعة

ما أن تصل «طاولة عمّيق» حتى تشعر بأنك على موعد مع جلسة لا تشبه غيرها.

فهنا لا أصوات صاخبة، ولا ضجيج سيارات. تطالعك مساحة خضراء شاسعة على مدّ عينك والنظر، فتختار ما يناسبك منها للاستقرار على واحدة من طاولات المطعم، أو تنتقي جلسة طبيعة بامتياز على سجادة العشب الأخضر. وهي مفروشة بالحصر والمقاعد الخشبية.

بإمكانك اصطحاب أطفالك والحيوانات الأليفة. فالطبيعة في «طاولة عمّيق» تفتح أبوابها للجميع. وقد خصّصت مساحة للألعاب والتسلية، بحيث يستطيع الأولاد ممارسة لعبة الكرة الطائرة وغيرها من الهوايات كالرسم والتلوين، فيستغنون عن الألعاب الإلكترونية والـ«آي باد» والخلوي، ويستعيضون عنها بمراقبة طيور الأوز والأغنام التي تسرح على مساحة قريبة من المطعم، فيستمتعون بمراقبتها من بعيد، أو التقاط صور فوتوغرافية معها. ويأتي الهواء العليل المشبّع بالأكسيجين ليرطّب الجلسة بنسمات ناعمة. فيقضي جميع أفراد العائلة لحظات جميلة في حضن طبيعة جميلة.

في المطعم: الأمهات بانتظاركقبل أن تلج أرض المطبخ تستقبلك عند مدخله إحدى المشرفات على تنظيم الجلسات، وتشير إليك بأنواع الجلسات المتاحة لك بين المطعم والطبيعة. ومن ثم تشرح لك عن أصناف الطعام الموجودة في «بوفيه» غني، وبينها أكلات ريفية وحلويات قروية.

أما المشروبات فتتألف من العصائر وتغيب عنها تلك الغازية. وذلك انطلاقاً من مبدأ عدم تناول مكونات اصطناعية. فكل ما تتناوله في «طاولة عميّق» هو مؤلّف من مكونات طبيعية فقط.

وعندما ترغب في إلقاء نظرة على الأطباق الموجودة تتوجه إلى المطبخ. هناك يصطف عدد من النسوة ربات المنازل، ويتوزعن حول الأطباق الساخنة والباردة، ويشرحن لك عن أسمائها ومكوناتها، فتبدأ رحلتك منذ هذه اللحظة مع نكهات طعام من الريف اللبناني العريق.

مطبخ مطعم عميق (الشرق الاوسط)

«حراق أصبعو» بدل «البرغر»

عند مدخل المطعم تتسلل إلى أنفك رائحة المناقيش المخبوزة على الصاج. مناقيش بالزعتر والجبن والكشك، وأخرى مدهونة بمكوّن الشوكولاتة الموقعة بأنامل سيدات يعملن في مطبخ «طاولة عمّيق». وفي الانتقال إلى لائحة الطعام، تجتمع فيها الأكلات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالريف اللبناني. فهنا لا أطباق سريعة تصادفها كالبرغر و«البيتزا». كل ما عليك القيام به هو انتقاء الأكلات التي تحنّ إليها من مطبخ جدتك. وكما الملوخية والمغربية والشاورما واللسانات المتبلة، كذلك تجد «حرّاق أصبعو» وسلطات الفتوش والتبولة والمتبل باذنجان والفريكة.

وفي جناح آخر تقدّم أصناف اللحوم المشوية «باربكيو» من لحوم وخضار. وفي قسم الحلويات تجد الفواكه الموسمية. وكذلك حلويات منوعة كالكنافة بالجبن والمفروكة والنمورة والكعك بالحليب. وفي ركن آخر يطالعك قسم خاص بالمثلجات المصنوعة من مكونات طبيعية كالحامض والتوت.

للذكرى: منتجات لبنانية تحملها معك

بعد أن تمضي يوماً كاملاً في أجواء مطعم «طاولة عمّيق» لا بد أن تحمل ذكرى منه. ويخصص لهذه الغاية قسم يتضمن الصابون البلدي والمونة اللبنانية. فدبس الرمان والمربيات والزيوت الطبيعية والطحينة وغيرها تؤلف محتواه، وتمتد لتشمل قوارير ماء الزهر وماء الورد ودبس الخروب والحصرم. وبذلك تختم جلسة من العمر في بلدة تمثّل نموذجاً حياً من لبنان الأخضر.