الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن ميزان المطبخ هو الشغف

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».


مقالات ذات صلة

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)
TT

«قصر الطواجن»... أكلات العالم على مائدته المصرية

المطعم المصري (قصر الطواجن)
المطعم المصري (قصر الطواجن)

هل تناولت من قبل طاجناً من «النجراسكو» و«اللازانيا»، أو أقدمت على تجربة «الدجاج الهندي المخلي»، أو حتى «طاجن لحم النعام بالحمام»، يمكنك تذوق ذلك وأكثر، عبر مجموعة من الوصفات التي تخللتها لمسات مصرية على أكلات غربية.

في منطقة حيوية صاخبة في مدينة «6 أكتوبر» المصرية (غرب القاهرة الكبرى) يحتل مطعم «قصر الطواجن» المتخصص بشكل أساسي في تقديم طبق «الطاجن» مساحة كبيرة، وساحة أمامية لافتة، يزينها منطقة للأطفال، بينما تتميز قاعاته الداخلية بفخامة تليق بمفهوم «القصور» المرتبط باسمه.

لا شك أن التدقيق في اختيار اسم المطعم يلعب دوراً في شهرته، إلا أنه تبقى دوماً التجربة خير دليل، بحسب تعبير أحمد مختار، مدير المطعم.

ريش بورق العنب (صفحة المطعم على فيسبوك)

ألوان مختلفة من الطواجن يقدمها المطعم، فإذا لم تكن راغباً في صنف بعينه، فحتماً سيثير «المنيو» حيرتك، وإذا كنت من عشاق الطواجن بشكل عام، فعليك أن تختار ما بين طاجن «البط البلدي» بخلطة «قصر الطواجن» أو «الكوارع» أو «ريش البتلو بورق العنب»، أو «ريش الضاني»، أو «الأرز المعمر بالقشطة واللحم»، أو «طاجن لحم النعام بالحمام»، وهناك أيضاً طاجن «بصلية» و«الفريك بالحمام»، و«لسان العصفور باللحم» و«رول الضاني».

وإذا كنت من محبي الطعام الكلاسيكي، فينتظرك هناك طاجن «بهاريز زمان»، المكون من 5 مكونات بعضها عتيق في المطبخ المصري، ومنها الكوارع، النخاع، قلوب البتلو، والكلاوي، ولا مانع أن تجرب طواجن ذات أسماء من ابتكار المطعم مثل «طاجن السعادة» المكون من المخاصي والحلويات واللحم، أو طاجن «فولتارين» الذي يداوي أي ضغوط نفسية، وفق مدير المطعم.

وأحياناً يسألك طاقم الضيافة هل تريد أن تجرب أكلات عالمية في طواجن مصرية، لتزداد حيرتك أمام طاجن «الدجاج الهندي المخلي» أو«المكسيكي الحار»، أو «إسباجيتي بلونيز»، أو «النجراسكو واللازانيا»، أما في حالة إصرارك على اختيار طبق من مصر، فتتصدر الأطباق الشعبية «منيو» الطواجن، فلا يفوتك مذاق طاجن «العكاوي» بالبصل والثوم والزنجبيل والكمون والفلفل الحلو والكركم.

«ليس غريباً أن يكون في القاهرة مطعم متخصص في الطواجن»، يقول مدير المطعم لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لقد تميزت مِصر بأنواع كثيرة من الطواجن الحادقة واللذيذة والشهية، ما بين الخضراوات واللحوم والأرز والطيور والمحاشي، واختصت أيضاً بعدة طواجن من الحلويات».

وأوضح: «وتتميز الطواجن على الطريقة المصرية بطرق ومكونات ووصفات كثيرة، وجميعها مميزة وشهية ويحبها المصريون والأجانب؛ لأنها تعتمد طريقة طهي اللحم ببطء على نار خفيفة غالباً لعدة ساعات، كما يساعد الشكل المخروطي للوعاء على «حبس» النكهة كاملة بالداخل؛ فتكون مركزة وغنية، كما يعمل الطاجن على تنعيم اللحوم والخضراوات المطبوخة».

وأضاف: «طاجن الملوخية بالطشة، البامية باللحم الضأن، التورلي باللحم، الكوسا المغموسة في الصلصلة الحمراء والبصل، هي بعض من طواجن الخضراوات التي يقدمها المطعم أيضاً لرواده، (تشتهر بها مصر كذلك)، ولذلك نحرص على تقديمها في المطعم، من خلال هذه الطريقة تظل الخضراوات محتفظة بقيمتها الغذائية، وتكتسب مذاقاً شهياً ولذيذاً وخفيفاً يحرض الجميع على التهامها، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفضلون تناول الخضراوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعام يظل محتفظاً بسخونته لوقت طويل».

يبتكر الشيفات في المطعم في تقديم طواجن بلمسات عصرية: «نحرص على التجديد لتجربة طعام مبتكرة، إن امتزاج الأصالة بالحداثة أمر رائع في عالم الطهي؛ إذا أردت أن تخوض هذه التجربة فأنصحك أن تطلب طاجن الحمام المحشي باللحم، الذي تعلوه جبن الموتزريلا، أو الرقاق بطبقات القشطة، وغير ذلك».

أما «الطاسات» والصواني فهي طرق جديدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية؛ فهي تسمح لرواد المطعم بإحضار الأسرة أو عمل ولائم وتقديم أنواع أنيقة ومختلفة من الطعام للمدعوين، بسعر أقل، وفي الوقت نفسه تسمح بالاستمتاع برفاهية المذاق على حد قول مختار.

لا تضم قائمة الطعام الطواجن وحدها؛ إنما هي تمثل الأطباق التي فيها توليفة من النكهات التي تحتفي بثراء التقاليد الطهوية الشرقية، فبجانب الطواجن، يقدم المطعم لرواده قائمة طويلة من المشويات، وأنواعاً مختلفة من الحساء والأرز، والمحاشي والسلطات، إلى جانب أكلات محلية من محافظات مصرية مثل البط الدمياطي والحواوشي والسجق الإسكندراني.

يعد المطعم أن المحافظة على التراث الطهوي المصري من ضمن أهدافه، يقول مختار: «نحافظ على أصالة المطبخ المصري من خلال الحصول على أطيب المكونات، وأفضل خامات الأواني الفخارية الآمنة من الناحية الصحية؛ مما يضمن أن تكون كل وجبة بمثابة مغامرة تذوق طعام مفيد وخالٍ من أي أضرار محتملة».

دوماً ترتفع تجربة تناول الطعام الخاصة بنا إلى مستوى أعلى من المتعة والرقي، حين يكون العاملون في المطعم على دراية جيدة وواعية بفن الضيافة، وهذا ما يتحقق في «قصر الطواجن»؛ فهم يبدون بصفتهم جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي الغني في مصر؛ عبر ابتسامتهم الدائمة، ومهارتهم، وسرعة تلبية احتياجات الزبائن.