الشيف حسين حديد لـ«الشرق الأوسط»: «منطقتنا بحاجة إلى التطور في عالم الغذاء»

يقول إن مطبخ اليوم يبحث عن اختصار الوقت

الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)
الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)
TT

الشيف حسين حديد لـ«الشرق الأوسط»: «منطقتنا بحاجة إلى التطور في عالم الغذاء»

الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)
الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)

منذ صغره أدرك الشيف حسين حديد أنه يهوى الطعام، كان يرافق جدَّته إلى بعلبك، وكانت رئيسة مهرجاناتها في تلك الفترة. غالباً ما كان يُمضي أيام الصيف بمنزل العائلة في بلدة صوفر، هناك كان محاطاً بضيوف جدّته من فنانين أجانب، يتجمّعون حول موائد الطعام التي يُشرف عليها أهم الطباخين، كان يحشر نفسه بينهم ويراقب أداءهم، ويقول: «كنت أقف عند زاوية (سيخ الشاورما) المشوية، أشتَمّ رائحتها بسعادة وأنا أتفرّج عليهم وأتذوّق أطباقهم».

الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)

عمل لفترة قصيرة مع والده في عالم الأعمال والاقتصاد، أما دخوله مجال الطبخ فبدأه مع ابن عم له في لندن، «لقد طلب مني مساعدته في محل يبيع فيه المأكولات اللبنانية السريعة». هناك تذكّر كلام جدَّته وتشجيعها له كي يدخل عالم فنون الطهي، وانطلق في رحلته منتقلاً إلى أميركا ليعمل مع أحد أقاربه هناك، كان يريد المزيد، ولذلك تركه ليحُطّ في نيويورك، ومن أهم محطاته بعدها عمله في مطعم إيطالي يرتاده المشاهير، أمثال مادونا وبافاروتي.

وبعد دراسات عليا، وتجارب متراكمة أمضاها هنا وهناك، قرّر العودة إلى لبنان، وافتتح مطبخه الخاص المرتكز على أسلوبه، وعلى أطباق من توقيعه.

في مطعم «بليلة» في سويسرا يقدّم الأطباق اللبنانية (الشيف حديد - «إنستغرام»)

ذاع صيت الشيف حديد عالمياً، وحصد جوائز عدة، وراحت أهم الفنادق ترسل في طلبه كي يضع لها لائحة الطعام الخاصة بها.

واليوم وفي مطعم «بليلة» في سويسرا، يفتخر بتقديمه أشهى المأكولات اللبنانية، ودائماً على طريقته.

يُبدي رأيه بمطبخ اليوم، وعنده ملاحظات تجاهه، ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى وقت طويل للتطور في عالم الغذاء والمطبخ، فالفكرة التي تولد في أميركا اليوم يلزمنا نحو 15 عاماً كي تصل عندنا... لا أعرف الأسباب الحقيقية لذلك، ولكن علينا أن نكون سريعين أكثر من ناحية التنفيذ».

بالنسبة للجيل الجديد فهو ينصحه بالاجتهاد، وعدم الاعتماد على من سبقوه، «نحن بوصفنا جيلاً سابقاً أعتقد أننا قمنا بواجباتنا، واليوم جاء دور الشباب كي يُبرِزوا مواهبهم وديناميكيتهم في العمل».

الشيف حديد في مطبخه يحضّر أطباقه اللذيذة (الشيف حديد - «إنستغرام»)

وعن جديد عالم الطعام اليوم يتوقف عند الـ«ستريت فود» (طعام الشارع)، «يبحث الناس اليوم عن الأكلات اللذيذة والسريعة والمنخفضة السعر في آنٍ، وهذا الأمر يسري في لبنان، لا سيما بعد الأزمة الاقتصادية التي ألمّت به، لذلك علينا أن نركّز على هذا النوع من الطعام، وكذلك على إدخال مكونات محلية تزيده تألقاً، فالطعام الشعبي يتصدّر المشهد الغذائي اليوم، بينما المصنوع بفن مُفرط (Raffine) يقتصر تناوله على شريحة معينة من الناس».

ويؤكد الشيف حديد في سياق حديثه أن العنصر الرئيسي والأهم في عالم الطبخ يختصر بكلمة واحدة «الفكرة»، ويوضح: «التجديد يرتكز على الفكرة والطريقة في التنفيذ، ليس من الضروري أن نستعمل مكونات مرتفعة الثمن كي ننجح، ما يجب البحث عنه هو اختصار الوقت».

يُعدّد أكلات مشهورة في لبنان من التي تصلح لتكون «ستريت فود»: «من خلال تجربتي الطويلة صرت أدرك تماماً أي أطعمة تجذب الناس، وأشهرها الشاورما والبرغر، وكذلك المشاوي التركية، لقد حملها معه اللبناني من رحلاته المتكررة إلى إسطنبول، أتعامل اليوم مع إحدى شركات الأطعمة التي طلبت مني تحضير لائحة طعام شرق أوسطية من النوع الآسيوي، لم أفهم طبيعة هذا الطلب، ولكنني أدركت أنها تبحث عن المختلف، المؤسسات باتت لا تعرف اليوم ماذا تختار كي تروّج لأعمالها، ولكن الأهم هو الحفاظ على الهوية كي لا يضيع الناس».

أكثر ما يحبه في مهنته، كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، هو الإبداع: «أبحث عن التفنّن في الأطعمة والنكهات، وكذلك في شكل الطبق ومكوناته، أجد أنه من الضروري أن يفتح شهية متلقّيه، فلا يتوانى عن لفظ كلمة (واو) عند رؤيته الطبق، وفي المقابل علينا ألّا ننسى أهمية جودة الطعام ولذة تناوله».

أطباق الشيف حديد مزيج من الفن والجودة (الشيف حديد - «إنستغرام»)

عندما يتطلّع إلى الساحة التي تضجّ بمواهب شابّة يلاحظ افتقادها للانضباط (Discipline): «نفتقده بشكل كبير في منطقتنا، ولا يُعِيرونه أهمية كبيرة، فيُطلَب من مبتدئ مثلاً أن يقطّع البندورة بحجم معين، ولكنه لا يتقيد بالأمر، وهذا خطأ، فعندما بدأت مهنتي استهلّيتها بتقشير البطاطس والجزر والخيار، وتعلّمت يوماً بعد يوم كيف أقطّعها بشكل متوازٍ، وهذا نوع من الانضباط نكتسبه بالخبرة».

ويتابع: «لا شك بأني شغوف بمهنتي، وأحب الطبخ، ولكننا أحياناً نمر بظروف قاسية وصعبة كي نصل إلى أهدافنا، فعالم الطبخ يتطلّب الدقة، وهي من العناصر التي تغيب عنا اليوم، وبرأيي فإن القاعدة الذهبية للنجاح بصفتي طاهياً تتألف من الانضباط والتنظيم، عندها بإمكان صاحبها أن يُحلّق في سماء هذه المهنة على المستوى المطلوب».

يَعدّ الشيف حديد المطبخ اللبناني الـ«محبوب» عالمياً: «أتعامل حالياً مع شركاء سويسريين في مطعم في جنيف، أطلقت عليه اسم (بليلة)، يتوافد عليه الزبائن من كل حدب وصوب، السويسريون أنفسهم يستغربون هذا النجاح الذي يحقّقه، فالمطبخ الشرق أوسطي مطلوب بكثرة، وهو يضم بلاد الشام كسوريا وفلسطين، إضافة إلى لبنان، كل ما أقدّمه فيه لبناني كطبق الـ(صيادية) مع الأرز البني، لماذا اخترت هذا اللون؟ لأنه علينا التحديث بين وقت وآخر كي نُحرز المختلف».

لا يصفّق لنفسه الشيف حديد عندما يُنجز مهمة أو مشروعاً ما، ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «لا أهنئ نفسي على نجاح، ولكن عندما يدخل الزبون مكاناً أعمل به وهو يرسم ابتسامة عريضة على ثغره أعُدّ الأمر مكافأة لي».


مقالات ذات صلة

وصفات « تيك توك» و«إنستغرام» تنافس كتب وبرامج الطهي

مذاقات وصفات لذيذة تنشر بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي (الشرق الأوسط)

وصفات « تيك توك» و«إنستغرام» تنافس كتب وبرامج الطهي

إذا أردت أن تتقني صنع «طاجن بامية باللحم»، فسوف تخبرك مُدونة «مطبخ ريتا» بأسرار طهيه على أصوله، وإذا رغبتِ في إعداد طبق أرز بجواره، فيمكن اختيار «أرز مبهّر

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات منظر رائع لغروب الشمس من شرفة «ييفو» ميكونوس (الشرق الأوسط)

«ييفو» مطعم يعتمد على مبدأ «من المزرعة إلى الطاولة»

ميكونوس جزيرة يونانية حفرت لنفسها مكاناً على خريطة السياحة من خلال الطعام والمطابخ المتوفرة فيها. فهي تضم المطاعم العالمية التي تجدها في عواصم، مثل لندن وباريس.

جوسلين إيليا (ميكونوس)
مذاقات يتم تسوية الدجاج بتتبيلة برتغالية على حطب أشجار البرتقال في نيكوس (الشرق الأوسط)

«نيكوس» نكهة الدجاج البرتغالي في مصر

حين بدأ رجل الأعمال المصري أحمد توفيق التخطيط لإطلاق سلسلة مطاعم تحمل مفهوماً مختلفاً بالنسبة للمصريين رأى في المطبخ البرتغالي التقليدي الخيار المثالي

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات «آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي
TT

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها، والأمر لا يقتصر على العاصمة لندن، إنما يمتد إلى أبعد منها ليطول القرى والمناطق البعيدة.

التنقل في البلاد ليس صعباً، ومن الممكن الوصول إلى أي مكان بوسائل نقل عديدة، على رأسها القطار، تليه السيارة وحتى الطائرة والهليكوبتر.

زيارتنا اليوم تختلف بعض الشيء عن الزيارات المعتادة؛ لأنها تجمع بين التنقل بطريقة راقية والأكل في مطعم يقدم ألذ الأطباق، ومكان يبيع الأثاث الفاخر في منطقة تعدّ من أجمل وأرقى المناطق الواقعة في وسط جنوب غربي إنجلترا، وتعرف باسم «ذا كوتسوولدز» التي تضم أجمل 13 قرية في البلاد، وتعرف بجمال طبيعتها وبيوتها.

مشوارنا بدأ من لندن، واخترنا شركة «ويلي» التي تقدم خدمة سائق خاص من الدرجة الأولى من خلال تطبيقها، وتوجهنا إلى عنوان جديد في «آينهو بارك» Aynhoe Park في قرية بانبيري في الـ«كوتسوولدز» أو The Cotwolds، بعد نحو الساعة ونصف الساعة من الزمن، وعبر طرقات جميلة ومناظر طبيعية خلابة، وصلنا إلى «آر إتش» RH العلامة التجارية الأميركية الشهيرة المختصة بالأثاث المنزلي الفاخر التي افتتحت مشروعها الأول في إنجلترا، ليمزج الأكل وتصميم الديكور وشراء الأثاث معاً.

أنصح بزيارة هذا المكان الجميل في يوم غير ممطر؛ لأنه من الضروري التنزه والمشي حول المنزل الأثري الضخم الذي يحوي هذا المشروع المميز.

يقدم هذا البيت ثلاثة خيارات لتناول الطعام، (أورانجيري - Orangery)، و(لوجيا - Loggia)، والحديقة الشتوية (كونسيرفتري - Conservatory)، وصالون الشاي (Tea Salon) وركن العصائر (Juicery).

ألذ ما يمكن تذوقه في «آر إتش» البيتزا بالكمأة، تتناولها في جلسة خارجية تطل على الأراضي الشاسعة الخضراء الخاصة بالمنزل، وفي مطعم (أورانجيري - Orangery)، حالفنا الحظ في اليوم الذي زرناه فيه لتذوق الأطباق على قائمة الطعام الجديدة التي أطلقت في يوليو (تموز)، والتي تمثل إعادة التصور الأهم والأكثر شمولية لقائمة الطعام الخاصة بالعلامة التجارية منذ أكثر من عقد، بما في ذلك أطباق مميزة جديدة مثل البرانزينو المشوي بالكامل (سمك السي باس)، وسلطة الخضار المشوية والروبيان، وأفضل شطيرة للدجاج المقلي.

الجلسة في هذا المطعم جميلة جداً؛ لأنه يتميز بأسقف عالية ونوافذ كبيرة تطل على الأراضي الخاصة بالمشروع، إنارة جميلة تتدلى من السقف، ونوعية الزبائن تختلف، فترى البعض يأكل ويتصفح الكاتالوغات الخاصة بالأثاث (لأنهم جاءوا بهدف تصميم ديكور منازلهم وشراء الأثاث)، والبعض الآخر مثلنا جاء بهدف التمتع بالمناظر الجميلة وتذوق الأكل اللذيذ، والتنقل في ثنايا هذا البيت الذي يشبه القصور ويعرض قطع الأثاث الجميلة، فتشعر وكأنك في غرف وأجنحة فندقية (ولكن للأسف لا يمكن النزول فيها).

فخلال تنقلك من طابق إلى آخر، ومن غرفة إلى أخرى، ترى في بعض الأركان مصممي ديكور يعرضون على العملاء أفكارهم ويساعدونهم على تحقيق ملاذهم في بيوتهم.

«آر إتش» تحت قيادة الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة غاري فريدمان، تحظى بتقدير كبير في أميركا وكندا، وتشتهر بإحياء المباني التاريخية من خلال صالات العرض الغامرة. بعد أن نالت إعجاب المشاهير مثل غوينيث بالترو، وإيلين دي جينيريس، وكيندال جينر، شرعت RH مؤخراً في توسعها العالمي بافتتاح صالات عرض في المملكة المتحدة في هذا العقار الذي تبلغ مساحته 173 فداناً، وفي ألمانيا، وبلجيكا، ومدريد.

هذا العقار التاريخي الرائع، الذي صممه المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان، كان في السابق مسكناً خاصاً، ولكنه الآن مفتوح للجمهور لأول مرة.

ويضم البيت أيضاً مكتبة كبيرة متخصصة بكتب العمارة والتصميم، تُحيي تراث السير جون سوان من خلال مجموعة مختارة من الكتب القديمة والمعاصرة والنادرة التي لم تعد تُطبع.

أفضل طريقة للوصول إلى «آر إتش» هي عن طريق السيارة، وإذا كنت تبحث عن شركة معتمدة ومضمونة، فيمكنك الاستعانة بتطبيق «ويلي» الذي يقدم خدمة (سائق خاص ليوم كامل)، فعلى سبيل المثال، عندما تحتاج إلى الذهاب إلى الريف، وبحاجة للاحتفاظ ببعض الأشياء مثل الأمتعة في السيارة، فهذه الخدمة ستكون مناسبة؛ لأن السائق سينتظرك إلى أن تنتهي من زيارتك إلى أي مكان.

وتقدم الشركة برنامج عضوية لعملائها المخلصين من دون أي تكاليف إضافية. يمكن الحصول على العضوية عن طريق تحقيق شروط التأهل.

العضوية تقتصر على من قاموا بأكثر من 15 رحلة خلال الأشهر الستة الماضية، أو تمت دعوتهم من قبل عضو آخر. يشار الى أن خدمة «ويلي» متوفرة في باريس ودبي.