دانا الحلاني لـ«الشرق الأوسط»: «لمّة العائلة الحلانية ألهمتني لأصبح شيفاً»

عبَرت إلى الفن من نافذة المطبخ

أحلامها كثيرة وبينها تأليف كتاب طبخ تتوجّه فيه لأبناء جيلها (الشرق الأوسط)
أحلامها كثيرة وبينها تأليف كتاب طبخ تتوجّه فيه لأبناء جيلها (الشرق الأوسط)
TT

دانا الحلاني لـ«الشرق الأوسط»: «لمّة العائلة الحلانية ألهمتني لأصبح شيفاً»

أحلامها كثيرة وبينها تأليف كتاب طبخ تتوجّه فيه لأبناء جيلها (الشرق الأوسط)
أحلامها كثيرة وبينها تأليف كتاب طبخ تتوجّه فيه لأبناء جيلها (الشرق الأوسط)

هي الوحيدة بين أفراد عائلتها التي لم تدخل مجال الغناء. دانا ابنة الفنان عاصي الحلاني، عكس شقيقيها الوليد وماريتا، دخلت الفن من باب آخر، واختارت المطبخ ليشكّل نافذتها المفتوحة على ثقافات مختلفة. تقول إن لمّة العائلة الحلانية، واجتماعها حول مائدة واحدة بشكل مستمر، ألهماها، فتحوّلت من دراسة التسويق إلى التخصّص في عالم الطهي. تدير دانا اليوم، مطبخها الخاص «ستارت أب»، الذي يستقبل أشخاصاً قلّة، لكنه يتسلّم مهام التحضير لمناسبات عامة وخاصة، فيزيّن موائد البيوت والحفلات بأطباق من توقيعها.

وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلت في بداية المشوار، وبانتظاري الكثير من الخبرة، أحب هذه المهنة وأعتبرها جزءاً من شخصيتي. لثقافة الطعام وقعها على الناس. هي فن من نوع آخر، نستمتع بتناول الطعام ونعتبره واحداً من ملذات الحياة».

لم يعترض أهل دانا على قرار دخولها عالم الطهي من بابه العريض، «كانوا متفهمين جداً. والدي عاصي الحلاني أُعجب بالفكرة، ووالدتي كوليت شجّعَتني كثيراً. ترجمتُ حبي لهذا العمل من خلال دراسة جامعية تابعتها في باريس».

تقول إنها بدأت من الصفر في عالم الطبخ (الشرق الأوسط)

أما قصتها مع الطبخ فبدأت منذ الجائحة؛ وجدَت نفسها وحيدة في بيتها الباريسي، وكان الطبخ يسلّيها، «يومها علِقتُ في فرنسا بسبب إقفال المطارات. قررتُ أن أمضي وقتي في المطبخ. في السابق كنت أقوم بهذه الهواية في منزلنا في لبنان، وعائلتي أُعجبت بالأطباق التي أصنعها، وكانت تردِّد على مسمعي بأنها رائعة، وفي باريس صرت أدعو أصدقائي لتناول الطعام، وعبر الموقع الإلكتروني لمعهد (كوردون بلو) للطبخ، نصحوني بدراسة علم الطبخ. وكي أدخل هذه الجامعة الشهيرة كان عليّ التزود بتجارب على الأرض أولاً».

تقول دانا إن أحلامها كثيرة، وهي تجيد تحضير الحلويات كما الأطباق العربية والأجنبية، «من أحلامي تأليف كتاب طبخ يشبه جيلي من الشباب، فأزوّدهم بوصفات طعام سريعة وصحية».

الشيف دانا الحلاني موهبة جديدة تدخل عالم الطبخ العالمي (الشرق الأوسط)

التقت بطباخين عالميين ولبنانيين كُثر. وتقول: «من بين هؤلاء الشيف آلان الجعم، ويعدُّ من الطباخين اللبنانيين القليلين الذي حازوا على نجمة ميشلان، اتصلت به من دون سابق معرفة، وطلبت منه إمكانية مساعدته في المطبخ، وبالفعل بعد مرور وقت قصير اتصل بي وبدأ مشواري معه».

تقول إنها تأثرت كثيراً بقصة الشيف آلان، «لقد تعب كثيراً، واجتهد وحده للوصول إلى ما هو عليه اليوم، وأطباقه يمزجها بشغفه للمهنة، وجرعات حب كبيرة».

تروي دانا عن مشوارها في عالم الطبخ الذي بدأته كغيرها ممن يدخل هذا المجال: «علينا أن نبدأ من أرض المطبخ، ننظّف ونفرم البصل والبقدونس، نعتني بأدواتنا ونتنبّه لنظافتها شخصياً. كنت أقوم بتنظيف جدران المطبخ الذي أعمل فيه، وكذلك فرن الغاز الذي أطهو عليه، ويُمنع علينا إكمال دراستنا في حال تلكّأنا في مهماتنا هذه».

تحضّر أطباقاً عربية وأجنبية (الشرق الأوسط)

تصف المطبخ اللبناني بالغني وصاحب نكهات واسعة: «أحب الحفاظ على علاقة وطيدة معه، فهو يمثّل جذوري التي أفتخر بها».

تجيد دانا صنع أطباقٍ لبنانية، تماماً كغيرها، تطهو المغربية والصيادية والكبة بالصينية والـ«بابا غنوج» و«البليلة حمص» وغيرها، وكذلك «كيش لورين» و«بوف بورغينيون» و«بوليه أو سيترون» و«رتاتوي» من أطباق غربية.

بدأت هوايتها مع الطبخ أثناء الجائحة (الشرق الأوسط)

أوقات الطهو تعني لها التحليق في عالم آخر. «في بداياتي كانت ساعات الطبخ بمثابة جلسات يوغا بالنسبة لي، أغنّي خلالها وأعيش حالة تأمل جميلة، فلا أشعر بمرور الوقت، وعندما تحوّلت المهمة إلى مسؤولية تغيّر الوضع، صار همّي الأول والأخير التركيز بشكل كبير على ما أقوم به، فأن تُرضي الضيف أو الزبون هو هاجس كل شيف، وأحرص عند استقبال أصدقاء أجانب على تحضير المازات اللبنانية لهم».

تعتبِر أن بلاد الشرق تتميز بأسلوب تناول طعام لا يشبه الغرب، «هناك كل منهم يتناول ما في طبقه لوحده، بينما نحن الشرقيون نتشارك بالطعام، فتحضر أجواء مفعمة بالفرح على المائدة، هذه المشاركة تكسر روتين يوم بأكمله، وتغيّب العلاقات الباردة بين المتحلقين حول سفرة الطعام».

أحلامها كثيرة وبينها تأليف كتاب طبخ تتوجّه فيه لأبناء جيلها (الشرق الأوسط)

تعمل دانا على مفاجأة نفسها باستمرار، من خلال قيامها بمشاريع أو أعمال لم تكن تتوقعها، «قبل سنوات قليلة من اليوم لم أكن أتصور نفسي أقف بالمطبخ وأحضّر الطعام، أجهل ما ينتظرني بعدُ من مفاجآت، ولكني جاهزة لكل جديد يمكنه أن يُضفي التطور على مشواري، أتابع أخبار الطبخ والطباخين، وأشاهد وأبحث عبر فيديوهات وتسجيلات، وأبني الحجر فوق الآخر لمهنة أنوي التعمق بها».


مقالات ذات صلة

المطبخ المغربي... يتوج بلقب أفضل مطبخ في العالم

مذاقات طواجن مغربية في سوق (أدوبي ستوك)

المطبخ المغربي... يتوج بلقب أفضل مطبخ في العالم

فاز المطبخ المغربي على المطبخ المكسيكي في نهائي مسابقة للطبخ، بعد جمع ما يقارب 2.5 مليون صوت طوال المنافسة.

كوثر وكيل (لندن)
مذاقات أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)

«Badguèr» يُرفق الأطباق بأنشطة ثقافية تُحيي التقاليد

تُكثِر المهندسة المعمارية، أربي منكاساريان، سرد حكايات الماضي لسبب قد لا يفهمه مَن يظنّ أنه يقصد مطعمها «Badguèr» في منطقة برج حمّود.

فاطمة عبد الله (بيروت )
مذاقات تجربة المطبخين المصري والسوري كانت نموذجاً للاندماج وليس لطمس الهوية (أدوبي ستوك)

كيف غيَّر الوجود السوري المطبخ المصري وامتزج معه؟

إذا تمكنت من مقامة رائحة الشاورما المنبعثة من عمود ضخم تكسوه طبقة مقرمِشة من لحم ذي اللون الذهبي المتدرّج، فإنك حتماً ستقع أسيراً لحلو ألسنتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات وصفة على طريقة شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

وصفات «سموذي» لمقاومة حرارة الصيف

كيف تصنع لنفسك كوباً من عصير «السموذي» يقيك حرارة الصيف ويمنحك قدراً من الانتعاش ويقوي مناعتك؟

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)

الشيف إيزو آني يفتح مطعمه «ميزون آني» في لندن ويدلل الذواقة

لا شيء يضاهي المطعم الفرنسي على غرار ما يعرف بالـBrasserie أو الـBistro، لأن هذا النوع من المطاعم يمزج ما بين الكلاسيكية والحداثة الفرنسيتين، يقدم الفطور…

جوسلين إيليا (لندن)

الشيف إيزو آني يفتح مطعمه «ميزون آني» في لندن ويدلل الذواقة

من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)
من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)
TT

الشيف إيزو آني يفتح مطعمه «ميزون آني» في لندن ويدلل الذواقة

من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)
من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)

لا شيء يضاهي المطعم الفرنسي على غرار ما يعرف بالـBrasserie أو الـBistro، لأن هذا النوع من المطاعم يمزج ما بين الكلاسيكية والحداثة الفرنسيتين، يقدم الفطور والغداء والعشاء وحركته دائمة.

ديكور بسيط وأنيق (الشرق الأوسط)

في فرنسا من البديهي أن تجد مثل هذه المطاعم ولكن في عواصم أوروبية أخرى قد تكون قليلة وخجولة بعض الشيء، غير أن الشيف إيزو آني غيَّر نمط خريطة المطاعم في لندن ليفتتح عنواناً يصرخ باللغة الفرنسية Je suis la أو «ها أنا هنا» وأنا أضيف بعد زيارتي لـLa Maison Ani: «أنا هنا لأبقى». وسأقول لكم لماذا.

الروبيان من الصلصة الحمراء (الشرق الأوسط)

يقع المطعم داخل فندق جميرا كارلتون تاور في منطقة نايتسبردج بوسط لندن، ويتمتع بديكور بسيط وأنيق بنفس الوقت، أرضية من الخشب، جلسات مريحة، كراسي من الخشب وأسقف عالية تتدلى منها ثريات بيضاء اللون، المطبخ مفتوح وتعبق منها رائحة الخبز الطازج، واستعمال واضح للون النحاسي الذي يعبق بالنمط الفرنسي الكلاسيكي، أما لائحة الطعام فهي سخية، وغنية، ومتنوعة، بدايتها لائحة تضم أطباقاً لا تحصى ولا تعد من السلطات ونهايتها تنتهي بالسكر والحلويات وألذ ما يمكن أن تجده في المطبخ الفرنسي.

منذ افتتاح المطعم في الخامس والعشرين من مايو (أيار) الماضي، وترى الذواقة يتهافتون إليه لأنه فريد من حيث تنوع أطباقه المتوسطية، وأكثر ما أحببته فيه هو هذا التنوع وتوفر ما يراقص كل ذائقة.

من الأطباق التي تقدم فترة الفطور (الشرق الأوسط)

النباتيون سيجدون ضالتهم الغذائية في الكم الهائل من السلطات اللذيذة أو «اللذيذة جداً»، إذا صح التعبير، خاصة أنني من محبي السلطات الغنية، والبعيدة عن تلك الغير المشهية التي ترتكز على الخس والطماطم التي تشعرك وكأنك تتبع حمية غذائية مملة وقاسية. من ألذ السلطات المتوفرة إلى جانب جبن البوراتا، وسلطة السطلعون، وسلطة العدس، وسلطة القرنبيط النيء.

حلويات فرنسية تحضر يومياً في المطعم (الشرق الأوسط)

أما الأطباق الرئيسة فهي تتنوع ما بين الأسماك واللحوم، ولا بد من تذوق الروبيان مع الصلصة الحمراء والكركند، والبرغر بلحم واغو وبخبز البريوش الطري، تذوب قطع اللحم فيه في الفم، بالإضافة إلى أطباق عديدة أخرى تم اختيارها بعناية من مطبخ المتوسط لتكون مزيجاً فرنسياً إيطاليا مثل الباستا والبيتزا.

شوكولاته ذائبة على الطريقة الفرنسية (الشرق الأوسط)

أما بالنسبة للحلوى فطبق الكريم بروليه هو الأشهر في المطعم ومذاقه لذيذ جداً ويصنع على الطريقة الفرنسية البحتة.

وبما أن العالم يمر بأزمة مالية واقتصادية فلا بد من ذكر الأسعار، فمن الممكن القول إن «لا ميزون آني» يخاطب جميع الميزانيات، فتبدأ الأسعار من 9 جنيهات إسترلينية للفطور وتنتهي إلى 29 جنيهاً، أما بالنسبة للأطباق الأولية فهي تبدأ من 12 جنيهاً وتصل إلى 35 جنيهاً لسلطة السلطعون الأغلى على اللائحة الأولية.

سمك «سي باس» مشوي (الشرق الأوسط)

الشيف إيزو آني له باع طويل في عالم الطعام والمطاعم، ويقف وراء نجاح مطعم غايا في دبي ولندن، كما أن لا ميزون آني في لندن هو الفرع الثاني للمطعم بعد دبي.

من السلطات الكثيرة على لائحة الطعام (الشرق الأوسط)

فرع لندن جميل ويضم جلسة خارجية.

ديكور جميل وبسيط (الشرق الأوسط)

ويقول الشيف إيزو عن مشروعه الجديد: «عندما افتتحت مطعم (لا ميزون آني) كان هدفي تكريم الناس الذين ألهموني في مسيرتي المهنية لاستقبال الضيوف والأصدقاء والعائلة لخلق ذكريات جديدة».