«فوري» مطعم لندني يحاكي نمط الـ«تافيرنا» في اليونان

تحول بعد عام من افتتاحه مقصد الذواقة في «هولاند بارك»

ديكور مريح جدا (الشرق الاوسط)
ديكور مريح جدا (الشرق الاوسط)
TT

«فوري» مطعم لندني يحاكي نمط الـ«تافيرنا» في اليونان

ديكور مريح جدا (الشرق الاوسط)
ديكور مريح جدا (الشرق الاوسط)

تشهد المطاعم اليونانية المنتشرة في لندن إقبالاً شديداً من البريطانيين والمقيمين في العاصمة، وتتفاوت المستويات ما بين الغالي والمقبول من حيث التكلفة، إلا أن الجودة ترتبط في تلك المطاعم بالأسعار المرتفعة، مما يجعل الأكل اليوناني في لندن مصنفاً من بين المطابخ الغالية نوعاً ما.

جبن الفيتا مع اللبن وفيتا مع الفلفل الحار (الشرق الاوسط)

وقد يكون مطعم «فوري» Vori الواقع في منطقة «هولاند بارك» الراقية والقريبة من وسط لندن، الذي احتفل للتو بعيده الأول فريداً من نوعه، لأنه استطاع أن يضع نفسه على خريطة الطعام اليوناني الجيد ولكن بأسعار مقبولة جداً، بالمقارنة مع جودة المكونات ونوعية الأطباق التقليدية التي يقدمها، ليصبح مقصداً لسكان المنطقة المحليين الذين يواظبون على زيارته وتناول الطعام فيه بحسب المواسم.

غرفة طعام خاصة (الشرق الاوسط)

ديكور المطعم على شكل الـ«تافيرنا» اليونانية التقليدية التي تجدها في أنحاء اليونان كافة، التصميمات بسيطة جداً، طاولات مصنوعة من الحديد، ولكنها تبدو وكأنها حجر رمادي اللون يتناغم مع الكراسي الخشبية باللون البني، والأزرق الذي يزين المكان ويذكرك بزرقة البحر وينقلك إلى أجواء المتوسط.

المازة اليونانية ويدخل فيها جبن الفيتا بأكثر من طبق (الشرق الاوسط)

غالبية زبائن المطعم من المقيمين في المنطقة المحيطة به، وجوه مألوفة لدى المدير والنادل، وهذا ما يعطيك الشعور بأنك في مطعم تديره ويعمل فيه أفراد عائلة واحدة، كما أن الخدمة جيدة، والجو العام مريح لأنه بسيط وغير متكلف.

السلطة اليونانية التقليدية (الشرق الاوسط)

نأتي إلى الأطباق التي يقدمها «فوري»، فهي تأتي تباعاً لأنها مصممة ليتشاركها الذواقة على طريقة «المازة»، فالوصفات تقليدية مع إضافة لمسة عصرية إليها، كإضافة الفلفل الحر الأحمر إلى جبن الفيتا الذي يؤتى به من اليونان، ويقدم هذا الطبق مع الخبز المخبوز في فرن المطعم ومذاقه رائع جداً.

قطع من السمك النيئة على خبز طازج (الشرق الاوسط)

وتتميز الأطباق الأخرى كونها تطهى على الفحم مثل اللحوم والأسماك، ومن بين الأطباق التي تحمل توقيع المطعم Spalobrizola وهو عبارة عن قطع لحم «ريب آي» مشوية على الطريقة اليونانية، ومن الأطباق الموسمية اللذيذة التي تعتمد على المكونات المحلية: Kouneli وKatsikaki من دون أن ننسى الأخطبوط المشوي والسلطة اليونانية مع الفيتا على الأصلية، وإذا كنت من محبي المقالي فلا بد من تذوق طبق اسمه طويل جداً Kolokithokeftedes ويمكن اختصاره بطبق قوامه الكوسا المقلية التي تقدم مع اللبن اليوناني أو الزبادي المخلوط بجبن الفيتا.

من العناوين الجميلة في منطقة هولاند بارك بلندن (الشرق الاوسط)

ويقدم فوري البقلاوة على الطريقة اليونانية وما يميزها عن تلك التي نعرفها في منطقة الشرق الأوسط أنها محشوة بالجوز وتقدم (وبحسب الرغبة) مع الآيس كريم أو البوظة.

ديكور بسيط يذكرنا بالـ"تافيرنا" في اليونان (الشرق الاوسط)

اللافت أيضاً في «فوري» أنه يقدم الفطور اليوناني المعروف بجبن «ماستيلو» المقلي والغارق في العسل والمنكه بالزعتر، إضافة إلى البيض المقلي مع خبز الـ«ساور دو» والطماطم وجبن «غرافييرا». يشار إلى أن المطعم يقدم وجبة الفطور بين يومي الأحد والثلاثاء من كل أسبوع.

سلطة الخرشوف وكفتة على الطريقة اليونانية (الشرق الاوسط)

وبما أننا تناولنا موضوع التكلفة، فمن الممكن أن نصنف «فوري» من بين المطاعم الجيدة وبأسعار مقبولة، فقد تبلغ تكلفة العشاء نحو 30 جنيهاً إسترلينياً (نحو 45 دولاراً أميركياً) للشخص الواحد، ويشار أيضاً إلى أن الأطباق ليست صغيرة جداً وتكفي لثلاثة أشخاص، لأن فكرتها ترتكز على المشاركة مما يجعل التكلفة أقل.


مقالات ذات صلة

«زوما» يحتفل بعيده الثاني والعشرين ويدشن فرعه الجديد جنوب فرنسا

مذاقات جلسة جميلة على المتوسط في «زوما» بمدينة كان (الشرق الأوسط)

«زوما» يحتفل بعيده الثاني والعشرين ويدشن فرعه الجديد جنوب فرنسا

فتح مطعم «زوما» فرعه الأول في لندن عام 2002 على يد مؤسسه الشيف الألماني رينر بيكر مع شريكه رجل الأعمال أرجون وايني.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)

«Badguèr» يُرفق الأطباق بأنشطة ثقافية تُحيي التقاليد

تُكثِر المهندسة المعمارية، أربي منكاساريان، سرد حكايات الماضي لسبب قد لا يفهمه مَن يظنّ أنه يقصد مطعمها «Badguèr» في منطقة برج حمّود.

فاطمة عبد الله (بيروت )
مذاقات مساحة تتيح الخصوصية وتَرْك الأثر (صور فرنسيس محاسب)

«السعادة الصغيرة»... مطعم لبناني من طاولة واحدة

وجد الأستاذ الجامعي فرنسيس محاسب أنّ منزله مهيّأ للتحوُّل إلى مطعم من طاولة واحدة. حجمه يتّسع، ومطبخه مجهَّز.

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات الطبخ يعزّز الروابط (فيسبوك الجمعية)

جمعية لندنية تُبلسم بالطبخ غربة المهاجرين

يتولّى كل فريق، يضمّ اثنين من المشاركين، طهو أحد الأطباق الـ6 الموجودة في قائمة اليوم، بمساعدة ناجي وسانوبار، المدربَيْن عضوِي الجمعية اللذين يقدّمان النصائح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)

كيف تدمج العسل مع طعامك المفضل؟

عندما يتطرق الحديث إلى استخدام عسل النحل في الطهي، فمن المرجح أن التفكير يتجه إلى أطباق الحلو، ولكن على غير المعتاد أصبح العسل أحد مكونات الوصفات المالحة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

جمعية لندنية تُبلسم بالطبخ غربة المهاجرين

الطبخ يعزّز الروابط (فيسبوك الجمعية)
الطبخ يعزّز الروابط (فيسبوك الجمعية)
TT

جمعية لندنية تُبلسم بالطبخ غربة المهاجرين

الطبخ يعزّز الروابط (فيسبوك الجمعية)
الطبخ يعزّز الروابط (فيسبوك الجمعية)

تضمّ مؤسّسة «مايغرتفول» الخيرية في لندن لاجئين ومهاجرين يقدّمون دروساً في الطبخ لعامة الناس، مما يتيح لكثر التعرّف إلى ثقافات الدول الوافدين منها. ومن بين هؤلاء اللاجئة السورية في بريطانيا فاتن التي ينكبّ تلامذتها في مطبخ الجمعية اللندنية على إعداد الوصفات العائلية، مثل التبولة، وشاورما الدجاج، و«شيخ المحشي» (الباذنجان المحشوّ باللحم المفروم).

تضمّ مؤسّسة «مايغرتفول» الخيرية في لندن لاجئين ومهاجرين (فيسبوك الجمعية)

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، يتولّى كل فريق يضمّ اثنين من المشاركين طهو أحد الأطباق الـ6 الموجودة في قائمة اليوم، بمساعدة ناجي وسانوبار، المدربَيْن عضوي الجمعية اللذين يقدّمان النصائح وأحياناً يساعدان في الطبخ.

وفي مناخ قرقعة الطناجر والسكاكين وأدوات المطبخ، وطقطقة الخضراوات في الزيت المغليّ، وعلى أنغام موسيقى شرقية في الخلفية، ينكبّ هؤلاء الشباب اللندنيون لـ3 ساعات على إعداد الأطباق، وفي نهاية الحصة التدريبية، يتشارك الجميع ثمرة عملهم.

يقول ناجي: «عندما يطبخ الأشخاص معاً ويتشاركون الطعام، ينشأ رابط بينهم، ويتعلّم المرء من الأشخاص الذين يأكل معهم، عن ثقافتهم وحياتهم».

الطبخ وسيلة ابتكار (فيسبوك الجمعية)

غادر هذا الفنان، الذي طلب عدم ذكر اسم شهرته، بلده أفغانستان عام 2021 عندما استعادت حركة «طالبان» السُّلطة. وبعدما أمضى 9 أشهر على الطرقات، مروراً بإيران وتركيا واليونان وفرنسا، نام خلالها تحت الجسور أو في محطات القطارات، وصل إلى بريطانيا في يونيو (حزيران) 2022. وأودِع بداية مأوى للمهاجرين في جنوب لندن، حيث لم يستطع العمل ولا الدراسة، ولم يكن مرتاحاً لتقاسم السكن مع غرباء.

يروي أنه كان «شديد الاكتئاب في الأشهر الأولى»: «كنت أمكث في غرفتي كثيراً». لكنّ كل شيء تغيّر عندما انضمّ إلى «مايغرتفول».

أدرك أنه موهوب في الطبخ منذ المراهقة، عندما كان أصدقاؤه يدعونه إلى إعداد الوجبات لهم. لكنّه اليوم بات يتمتع بتدريب «مثل المحترفين» وفّرته له الجمعية.

ومنذ أن حصل على صفة اللاجئ في سبتمبر (أيلول) 2023، بات في إمكانه العمل وكسب الدخل من خلال إعطاء دروس تنظّمها «مايغرتفول» وتوفير خدمات إعداد الوجبات للمآدب والحفلات.

ويمثّل الطبخ أيضاً بالنسبة إليه وسيلة للتعبير عن قدرته الفنية على الابتكار، إذ يرى أنّ «الطعام يجب ألا يكون لذيذ المذاق فحسب، بل ينبغي كذلك أن يبدو جميل الشكل».

أما سانوبار مجيدوفا، فانتقلت من أوزبكستان إلى بريطانيا لتتيح لأطفالها تعليماً ذا جودة أفضل من ذلك المتاح لهم في بلدها الواقع في آسيا الوسطى. وبعد عام على وصولها، اضطرّت إلى التزام منزلها بفعل إجراءات الحجر خلال الجائحة.

تروي أنها لم تكن تجيد اللغة الإنجليزية، وأنها بقيت في المنزل مع أطفالها الـ4، «وكانت مرحلة صعبة».

وسعياً إلى إسعاد أطفالها، كانت تبحث عن وصفات جديدة على الإنترنت كل يوم. وبعدما سمعت عن «مايغرتفول» من أحد الأصدقاء، أدركت أنها تستطيع تحويل شغفها إلى مهنة.

وأكثر ما تهواه إعطاء دروس لتعليم كيفية صنع طبق «بلوف»، النسخة الأوزبكية من بيلاف الأرز.

الطبخ يتيح التعرّف إلى ثقافات الدول (فيسبوك الجمعية)

بدورها، تشرح مؤسِّسة «مايغرتفول» جيس تومسون أنّ الجمعية «تضمّ أعضاء من 38 جنسية، وهذا يعني كثيراً من أنواع المطبخ المختلفة والمثيرة». وتركّز في عملها على ضحايا الهجرة القسرية من بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية.

وتلاحظ تومسون أنهم «يجدون أنفسهم معزولين اجتماعياً عند وصولهم» إلى بريطانيا. وتوضح أن «مايغرتفول» توفّر لهم «ملجأ ومجتمعاً، يمكنهم من خلالهما تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم لأنهم يرون أنّ لديهم ما يسهمون به» حيث هم.

ويجد كثر منهم عملاً في المطاعم أو يؤسّسون مشاريعهم الخاصة في مجال إعداد الطعام للمناسبات، بعد عملهم في مطابخ الجمعية التي تأمل أيضاً في تغيير العقليات تجاه الهجرة.

تختم جيس تومسون: «عندما نلتقيهم ونقضي معهم هذا الوقت ونشاركهم الطعام، فإننا ننظر إليهم بوصفهم بشراً لا خطراً».