كيف تدمج العسل مع طعامك المفضل؟

يدخل في أطباق لا تخطر على البال مثل الأسماك

نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)
نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)
TT

كيف تدمج العسل مع طعامك المفضل؟

نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)
نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)

عندما يتطرق الحديث إلى استخدام عسل النحل في الطهي، فمن المرجح أن التفكير يتجه إلى أطباق الحلو دون غيرها، ولكن على غير المعتاد أصبح العسل يشكل واحداً من مكونات الوصفات المالحة اللذيذة، وذلك بدءاً من المقبلات والصلصات وتوابل السلطة وصولاً إلى الأطباق الرئيسية؛ لذلك مهما كان طبقك المفضل فإنه باستطاعتك دمج العسل فيه وفق نصائح الطهاة.

مشروب طبيعي بالقرفة والعسل على طريقة الشيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

ويرى شيف سيد إمام مدير مطعم «شانتونغ» أن العسل نجح في فرض نفسه على قائمة طويلة من الأكلات ذات الطعم الذي لا يقاوم، لكونه أحد المكونات الأكثر تنوعاً، وإفادة في أي مطبخ، منوهاً إلى أنه بات يدخل في كثير من السلطات والمعجنات، ويمكن استخدامه في طهي الدجاج واللحم البقري والسلمون أو الروبيان.

ويشير إمام إلى أنه بالنسبة للمبتدئين في عالم الطبخ، فإنهم قد يكتفون بـ«تتبيلة» العسل المليئة بالإنزيمات الطبيعية التي تساعد على «تطرية أنواع واسعة من اللحوم»، ويوضح: «لإعداد هذه التتبيلة السريعة، أخفق كميات متساوية من العسل مع نحو ربع كوب من سائل حمضي، مثل الخل أو عصير البرتقال مع ملعقتين كبيرتين من صلصة الصويا، وفصين من الثوم المفروم، ونصف ملعقة صغيرة من قشر البرتقال المبشور، أو الزنجبيل المطحون، ثم قم بتغطية اللحم بالتتبيلة، واتركها في الثلاجة؛ ليتشرب تلك النكهة لمدة 30 دقيقة تقريباً قبل طهيه».

صدور الدجاج المتبلة بالعسل والبنجر للشيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

ويمكنك صنع «صلصة العسل» ودهنها على الدجاج، ثم تدخل في الفرن من أجل الحصول على طبقة لامعة ومقرمشة من الخارج، ورائعة المذاق من الداخل، وفق نصيحة شيف إمام.

ويشرح: «ما عليك سوى صبّ قرابة ربع كوب من العسل في وعاء، ومن ثم إضافة ملعقة من صلصة الصويا أو خردل (ديجون) والثوم ومسحوق الفلفل الحار والكمون والبابريكا وإكليل الجبل والكركم، ومزج كل ذلك جيداً، ثم تتبيل الدجاج به، ويقدم ذلك مع الخضراوات المشوية المتبلة بالعسل أيضاً».

نضارة الخضراوات مع إضافة تتبيلة العسل... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)

ويتابع: «من ضمن أنواع الطعام المرشحة بقوة لاستخدام العسل السمك... أمامك طريقة سهلة، وهي دهنه بطبقة خفيفة منه قبل قليه في الزيت، حيث يصنع العسل قشرة كراميل لطيفة تضيف كثافة للسمك، وتكسبه مذاقا خاصاً، وهناك طريقة أخرى أكثر ثراءً عبر تحضير صوص يحمل الثنائي المالح والحلو، وما أروع ذلك مع المأكولات البحرية على وجه الخصوص».

ويتكون هذا الصوص وفق وصفة إمام من ملعقتين كبيرتين من العسل، وملعقتين كبيرتين من خردل ديجون، ونصف ملعقة صغيرة من خردل الحبوب الكاملة، ونحو 6 أغصان من الشبت والبقدونس والكزبرة الخضراء، وعصير ليمونة واحدة، وملعقة كبيرة من قهوة الإسبريسو، والملح وزيت الزيتون.

«بتر تشيكن بالعسل» على طريقة الشيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

ومن أبرز الأطباق المضاف إليها العسل ويقدمها شيف علي عبد الحميد، هي «بتر تشيكن» من المطبخ الهندي، وتتكون من الدجاج المضاف إليه الزبادي والعسل والثوم والفلفل الأحمر والبابريكا والطماطم الكونكاسية (منزوعة القشر) والغراماسالا والكريمة.

ويلفت شيف عبد الحميد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ليست اللحوم والأسماك هي الطعام اللذيذ الوحيد الذي يتناسب مع جودة العسل، فهو مكون رائع يمكن إضافته إلى تتبيلة البروتينات غير اللحوم مثل التوفو.

إضافة العسل للمخبوزات والحلويات نصيحة من الشيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

ويتابع: «كما أن ذلك المُحلِّي الطبيعي هو خيار مثالي لإضفاء الحيوية والنضارة على شكل الخضراوات مثل البسلة والفاصوليا والجزر والبروكلي والكرنب والبطاطا الحلوة، ذلك من دون أن تقلق من أن يترك العسل المضاف طعم الحلوى».

ويبرر ذلك قائلاً: «العسل يساعد على تعزيز الحلاوة الطبيعية للمنتج مع تعزيز الكراميل وموازنة النكهات، وإسكات النكهة المحتملة اللاذعة أو المرة للخضراوات الطازجة، كما أن استخدام العسل يحول الخضراوات إلى أطعمة غنية بنكهة مكثفة، ويبرز المزيد من طعمها الطبيعي».

ويشرح طريقة استخدام العسل مع الخضراوات: «كل ما عليك فعله هو سلق الخضراوات في الماء المغلي حتى تصبح طرية، ثم تتم تصفيتها وخلطها مع صوص العسل المكون من 3 ملاعق كبيرة من العسل، وملعقتين كبيرتين من الزبدة المذابة، ونصف ملعقة صغيرة من التوابل مثل القرفة، أو جوزة الطيب، ورشة ملح».

مذاق خاص للدجاج مع تتبيلة العسل الحار... طبق للشيف سيد إمام (الشرق الأوسط)

ويتبع ذلك «وضع الخضراوات في خليط العسل حتى تُغلف جيداً، ومن ثم توزيع قطع الخضراوات على صينية خبز، وشويها على حرارة مرتفعة لمدة نحو نصف الساعة».

لكن بخلاف تعزيز المذاق ما الذي يدفعنا إلى الاهتمام بالعسل في الطهي ودمجه في كثير من الوصفات؟ يجيب شيف ميدو برسوم، قائلاً: «هو أحد أقدم مصادر الغذاء وأكثرها تفضيلاً، وبالإضافة إلى قدرته على تحلية أي طعام يتلامس معه بشكل طبيعي، فإن للعسل فوائد صحية كثيرة وتاريخاً طويلاً بوصفه دواء».

الشيف علي عبد الحميد يعد الـ«بتر تشيكن» باستخدام العسل (الشرق الأوسط)

ويتابع: «عثر علماء الآثار على أوعية من العسل مدفونة في مقابر مصرية يعود تاريخها إلى آلاف السنين»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن استخدام العسل أيضاً بديلاً للسكر الأبيض والبني؛ ولذلك هو صحي وناجح للغاية في تقديم الحلويات والمشروبات الطبيعية». ويلفت: «وهو يساعد على إطالة مدة صلاحية المخبوزات، مما يحافظ على طعمها الطازج لفترة أطول».

وبجانب بعض الأطباق المالحة، مثل شوي صدور الدجاج بالبنجر والعسل، يقدم ميدو مجموعة من الحلويات باستخدام العسل، منها «كعكة شاي إيرل غراي» مع القرفة والفانيليا، كما يقدم فطائر السوفليه اليابانية.


مقالات ذات صلة

كيف أصبح البرغر رمز الولايات المتحدة الأميركية؟

مذاقات البرغر اللذيذ يعتمد على جودة نوعية اللحم (شاترستوك)

كيف أصبح البرغر رمز الولايات المتحدة الأميركية؟

البرغر ليس أميركياً بالأصل، بل تعود أصوله إلى أوروبا، وبالتحديد إلى ألمانيا.

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)

عصير القصب... مشروب شعبي في مصر يعاني «مرارة» الغلاء

يُعَدّ قصب السكر غنياً بالنوع الجيّد من الكربوهيدرات والبروتين والحديد والبوتاسيوم، والمواد المغذّية الأساسية الأخرى التي تجعل منه مشروب طاقة مثالياً.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
مذاقات الحواوشي حافظ على جودته وصموده بسعر مناسب لسنوات طويلة (حواوشي الرفاعي)

«الحواوشي» يتكيّف مع الغلاء في مصر

«لحمة وعليها خلطة خاصة»؛ جملة سينمائية وردت على لسان بطل فيلم «خلي الدماغ صاحي»، الفنان المصري مصطفى شعبان، مُحدثاً بها مرافقه «العفريت»

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق الشيف المصرية أميرة حسن (الشرق الأوسط)

الشيف أميرة حسن تجمع أطباق السعودية ومصر بـ«الحب»

منذ طفولتها ارتبطت شيف أميرة حسن، بالمطبخ الشرقي عامةً. فما بين مولدها ونشأتها في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى إرثها الغذائي القادم من موطن أبيها.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

المفتّقة... حلوى تراث بيروت وتقاليد أهلها

المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)
المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

المفتّقة... حلوى تراث بيروت وتقاليد أهلها

المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)
المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية (أ.ف.ب)

في محلّ بمنطقة البسطة المزدحمة في بيروت، يزنُ حسن المكاري علباً بلاستيكية ملأى بالمفتّقة الساخنة، تفوح منها رائحة هذه الحلوى المرتبطة بتراث العاصمة اللبنانية وتقاليد أهلها؛ التي يندر العثور عليها في المتاجر، وينحصر إعدادها ببعض المتاجر المختصة.

وقال المكاري وسط محلّه المتواضع المنخفض السقف ذي الديكور القديم: «أنا موجود في هذا المتجر منذ 50 عاماً، لكننا بدأنا التخصُّص في إعداد المفتّقة قبل 3 عقود».

المكاري يصل إلى محلّه قرابة الخامسة صباحاً لإعداد المفتّقة (أ.ف.ب)

وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ المفتّقة لا تتمتع بشهرة واسعة خارج العاصمة اللبنانية، إذ إنّ هذا المزيج من الأرزّ والكركم (العقدة الصفراء) وطحينة السمسم والسكّر والصنوبر عبارة عن حلوى متجذّرة في عادات البيروتيين.

وأوضح المكاري (73 عاماً) أنه وشريكه، وهو ابن خاله، دَرَجا أساساً على بيعها وسواها من الحلويات في محلّهما، «وبعد ذلك أصبح الطلب كبيراً» على الحلوى الصفراء التقليدية، فما عادا يستطيعان «تلبية الطلب على الأصناف الأخرى»، مما دفعهما إلى التوقُّف عن بيعها وحصر نشاطهما بالمفتّقة.

وشرح أنّ إعداد هذا الطبق يمر بالمراحل الآتية: «أولاً يجب وضع الكركم، وهو المكوّن الأهمّ، وكذلك الطحينة والسكّر والأرزّ (...)، ثم نترك الطبخة تنضج بهدوء».

وتستغرق العملية نحو 4 ساعات، بعد نقع الأرزّ طوال الليل، ويتطلّب طهوها تحريك المزيج بانتظام. وأشار المكاري إلى أنه يغدو إلى محلّه قرابة الخامسة صباحاً لهذا الغرض.

تحضيرها يتطلب كثيراً من الجهد (أ.ف.ب)

وروى أنّ والده الذي علّمه طهو هذه الحلوى لم يكن في البداية يرغب في بيع هذا الطبق؛ كونه يُعَدّ عادة في المنزل: «كان يقول إنه يحضّر المفتّقة في البيت ويوزّعها على العائلة والجيران، فكيف يمكن أن يبيعها؟ كان يخجل من ذلك ولم يُقدم على الخطوة في أول سنة، لكنه وافق في السنة التالية».

من الشارع المزدحم، يطلب الزبائن عبر نافذة المتجر ما يريدون شراءه من حاويات المفتّقة أو الصواني المنتشرة على الطاولات في كل زوايا المحلّ.

ومن هؤلاء إيمان شهاب (55 عاماً) التي جاءت لشراء المفتّقة لوالدتها التي كانت تتولّى بنفسها في الماضي إعداد هذا الطبق في منزلها.

المفتّقة طبق تراثي بالنسبة إلى البيروتيين (أ.ف.ب)

وقالت المرأة البيروتية العاملة في إدارة الموارد البشرية إنها تشتري المفتّقة لأن والدتها «أصبحت كبيرة السنّ ولا تقوى على التحريك»، مذكرة بأن تحضيرها «يتطلب كثيراً من الجهد».

وأبرزت أن المفتّقة طبق «تراثي بالنسبة إلى البيروتيين». وأضافت: «هذه المحال (كمتجر المكاري) هي الوجه القديم لبيروت الذي نحبّه ونريد أن نتذكره دائماً (...). لدينا حنين إليها ونحبّ الأشياء التي كان أجدادنا يحبّونها».

وعلى بُعد بضعة أحياء صاخبة، في شارع بربور، يحافظ سمير المكاري (35 عاماً) على تقاليد العائلة.

ففي محله الحديث الديكور، حيث يبيع أيضاً حلويات عربية مثل البقلاوة، يعمل الشاب بعناية على إعداد مزيج الماء والكركم والأرزّ في قدر نحاسية كبيرة خلف المنضدة، ويحرّكه بملعقة طويلة ذات مقبض خشبي.

وفي وعاء آخر، يخلط السكّر والطحينة والصنوبر بعد أن يَزِنها. ثم يمزج لاحقاً كل شيء.

وأفاد الأب ونجله بأنّ البيروتيين كانوا يعدّون المفتّقة مرة واحدة فقط في السنة، وتحديداً في آخر أربعاء من أبريل (نيسان)، حين كانت عائلات العاصمة، مع اعتدال الطقس الربيعي، تقصد شاطئ الرملة البيضاء العام الشهير، بمناسبة ما يُعرف بـ«أربعاء أيوب».

وقال الوالد: «كانت كل عائلة تمكث في عرزال (خيمة) من قصب، وتنام فيها، وفي اليوم التالي تعدّ المفتّقة، وتتنافس الأُسَر على تحضير الألذ طعماً».

حسن مكاري يعدّ المفتّقة منذ عقود (أ.ف.ب)

وشرح الابن أنّ «أربعاء أيوب» هو «لاستذكار شخصية أيوب الوارد ذكرها في كتابَي العهد القديم والقرآن، وهو مثال للصبر الذي يحتاج إليه أيضاً مَن يعدّ المفتّقة كونها تستلزم وقتاً وجهداً».

وعلى جدار المحلّ الذي يديره الشاب مع شقيقه، عُلِّقَت صور عدّة، إحداها لجدّه الراحل خلال العمل، والأخرى لوالده في محلّ البسطة.

وقال سمير المكاري إنه يطبخ المفتّقة مرتين في اليوم أحياناً، تبعاً لحجم المبيع، مشيراً إلى أنّ بعض الزبائن يشترونها مثلاً بمناسبة زيارة لأُناس في مناطق خارج بيروت لم يتذوّقوها من قبل.

وأضاف: «في البداية، كان البيروتيون فقط يأتون لشرائها، ولكن في الوقت الراهن بات اللبنانيون من كل المناطق يبتاعونها»، وكذلك يحضر زبائن من اللبنانيين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم، وفق الوالد.

وفي المتجر الأصلي، أعرب المكاري الأب عن سعادته لأنّ عائلته تحافظ على التقليد. وقال: «المفتّقة تراث قديم يعود إلى أجدادي وتناقلناها من جيل إلى جيل».