أجيال عديدة تعرف اليقطين، الشهير في الدول العربية باسم «القرع»، كوصفة حلوة مزينة بطبقات العسل، بينما جيل الألفية أعاد تقديم اليقطين على طريقته، فخرجت وصفة القهوة بالحليب واليقطين، والتي تتبناها مقاهٍ بالعالم حتى تحول المشروب في وقت سابق إلى «ترند».
ودخل اليقطين حلبة منافسة طُهاة «السوشيال ميديا»، و«الفود بلوغرز» أو مدوني الطعام بوصفات تعيد للقرع مكانته كطبق رئيسي حلو، وحادق لوصفة مُشبعة، وصحية مُجهزة من اليقطين الشهي.
شعبية اليقطين لم تأتِ من المذاق فحسب، بينما ثمة علاقة روحية تربطنا بهذا النبات، بحسب حديث سابق للدكتور ريتشارد لوبيز، أستاذ علم النفس في كلية بارد الأميركية، لـشبكة «سي إن إن» قال «اليقطين هو إشارة إلى أن الخريف على الأبواب، وعادة ما يشعر الناس بأن ثمة أشياء جيدة قادمة»، ويُعدد الأسباب «كل شيء يتغير في الخريف، بداية من رائحة الهواء، مروراً بتلون أوراق الشجر بالبرتقالي والأخضر الداكن، حتى عيد الهالوين، أو الفزع، كل هذه تعد محفزات عاطفية تربطنا باليقطين».
تقول الطاهية اللبنانية وداد زرزور، مقدمة فقرة المطبخ في برنامج «صباح الخير يا عرب» على «إم بي سي»، إن القرع له أثر في النفس يسبق المذاق، وتروي لـ«الشرق الأوسط» أهمية اليقطين في مطبخها قائلة: «بداية من سبتمبر (أيلول) وحتى نهاية العام ننتظر خروج القرع، تتزين المزارع باللون البرتقالي الساحر ومذاقه الحلو، فإن القرع واحد من الأطعمة (السوبر) كما يطلق عليه، ويعود ذلك إلى محتواه من فيتامين (ج) الذي يجدد الخلايا، ويقتلع الجذور الحرة المسببة للالتهابات، كما أن محتواه من فيتامين (أ) يجعله خياراً رائعاً للبشرة والعيون».
وتعدد زرزور فوائد القرع فتقول «بمجرد طهي القرع ولو لعدة دقائق يتحول إلى قوام ناعم يعزز صحة الأمعاء، ويساعد على الهضم بفضل محتواه من الألياف، وللسبب عينه هو رائع لمن يتبعون حمية غذائية بهدف إنقاص الوزن». وتضيف «فضلاً عن الفوائد السابقة، فإن القرع غني بالفسفور، وهو معدن ضروري لصحة جيدة، لذلك هو رائع لمرضى ضغط الدم».
اليقطين أو القرع طعام يعزز الشعور بالشبع لفترة أطول، كما أنه يحتوي على ما يقرب من 90 في المائة من الماء، لذا يساعد على الحفاظ على رطوبة الجسم، فضلاً عن سعراته الحرارية المحدودة، كل هذا يدفع به ضمن أكلات الحمية الغذائية المستهدفة إنقاص الوزن.
تشير زرزور إلى أهمية اليقطين للبشرة، وتقول «البيتا كاروتين الموجود في اليقطين يحمي البشرة من أشعة الشمس فوق البنفسجية المسببة للتجاعيد، أما تطبيق القرع على البشرة مباشرة فهو طريقة رائجة بين النساء لتقشير وترطيب البشرة».
القرع طعام واحد يُطهى بـ100 طريقة، هكذا تقول الطاهية اللبنانية «في الخليج يميلون إلى (القرع المحشي) أما في لبنان فنجهز (كِبة القرع)، أما على العشاء فنفضل تناول مربى القرع الذهبية التي تزين ليل الخريف بأكلة شهية مع توست محمص».
تحضير مربى القرع لها طريقتها الخاصة، تخبرنا بها زرزور قائلة «يُنقع القرع لمدة يوم كامل، ثم في اليوم التالي يُغسل جيداً، ثم يُسلق في الماء المغلي، ثم يضاف له شربات العسل مع رشة من القرنفل».
لأن القرع طعام عالمي ارتبط بمناسبات وأعياد كعيد الفزع، فإن فطيرة القرع هي أسهل وصفة، وأكثرها شهرة، والتي باتت تُقدم في أشهر المطاعم، وحتى في المقاهي، مع كوب من القهوة الساخنة.
واحدة من أشهى وصفات القرع هي «الحساء البرتقالية»، أو هكذا تطلق عليها زرزور، تقول «هي من أحب الوصفات إلى قلبي، مذاق طيب، وقيمة صحية بالغة، سميت بالحساء البرتقالية بفضل مكوناتها من القرع، والبطاطا الحلوة، والجزر، والطماطم، والبصل، والثوم، مع الخُضرة الورقية، وزيت الزيتون، والزعتر، كل هذا يندمج مع مرقة الدجاج لصحن حساء خريفية تحمي الجسم من هجمات فيروسات الطقس البارد».
كما جلب جيل الألفية القرع إلى القهوة، وشاهدنا ترند «لاتيه اليقطين»، ثمة وصفات عصرية أخرى كان البرتقالي بطلها، تقول زرزور: «أغرب وصفة للقرع تحولت إلى ترند على (إنستغرام)، هي بيتزا القرع، والتي تعتمد على استبدال صلصة الطماطم التي تعد الطبقة الأولى للبيتزا، بمهروس القرع، ورغم اختلافها فإنها مثيرة للتجربة، وتغازل الشهية بألوانها».
ثلاثة أشهر فقط على مدار العام مدة قصيرة للاستفادة من فوائد القرع، لذلك يميل كثيرون إلى تخزينه لتحضير وصفاته على مدار العام، وما يميز القرع أنه قابل للتخزين دون الحاجة لتقطيعه، تقول زرزور «يمكن الاحتفاظ بقشرته الغليظ كطبقة للحماية من خلال وضعه على قطعة قماش فقط بعيداً عن الرطوبة، ولكن يجب ألا يُترك على الأرض مباشرةً، بهذه الطريقة السهلة يمكن أن يبقى طازجاً لمدة تصل إلى 4 أشهر، وربما حتى 6 أشهر».
أما الطريقة الثانية للتخزين، بحسب أسرار زرزور، فهي «أن يُقطع، ثم يُسلق في الماء المغلي لبضع دقائق، وبعد أن يتحول إلى مهروس يُخزن في وعاء مُحكم الغلق بالفريزر». وتضيف «لا أفضل التخزين بهذه الطريقة طالما يمكن الاحتفاظ به كما هو لمدة طويلة دون جهد التحضير».