الوصفات السريعة عبر «السوشيال ميديا» تسرق وهج كتب الطبخ

ازدهارها يعود إلى بساطة تحضيرها بوقت وجيز

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
TT

الوصفات السريعة عبر «السوشيال ميديا» تسرق وهج كتب الطبخ

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)
الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)

أي طبق يخطر اليوم على بال ربة المنزل أو جيل الشباب أصبح تحضيره سهلاً بفضل الصفحات الإلكترونية. فعملية تحضير طبق الـ«فتوتشيني» أو «المغربية» أو «لحم البقر مع عصير البرتقال»، وغيرها من الأكلات الخارجة عن المألوف صارت وصفاتها بمتناول الجميع.

ومن خلال صفحات «إنستغرام»، و«غوغل»، و«يوتيوب»، و«تيك توك» وما يشبهها يمكن لأي شخص تحضير الطبق الذي يريده. وهو ما أسهم في ركود حركة بيع كتب الطبخ، حتى أن من يحتفظ بها في مكتبته نسيها، وغطاها الغبار من قلة استعمالها. المرأة الروبوت «سيري» تدخل أيضاً على خط هذه الظاهرة، فبمجرد أن يسألها صاحب التطبيق عن أسماء وصفات يريدها حتى تدرج له لائحة طويلة منها يمكنه إيجادها عبر الإنترنت. أما تطبيق «تشات جي بي تي»، فهو حقق قفزة في هذا الموضوع. ومن خلال التسامر الإلكتروني يقدم لك آلاف الوصفات وكيفية تحضيرها بلحظات.

بظرف دقائق قليلة يتم تحضير وذكر مكونات أي طبق عبر السوشيال ميديا (إنستغرام)

وإذا ما قمنا بجولة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي فسوف نلاحظ اجتياحها من قبل طباخين شباب. كما تتوزع على صفحاتها أنواع طبخ من جميع بلدان العالم.

وبذلك نستطيع تحضير «الطعمية»، أو «الكشري» المصريين، أو «تشيزي تشيكن باستا» من المطبخ الإيطالي. وتطول لائحة المطابخ التي تقدم نفسها عبر تلك الوسائل لتشمل الهند وماليزيا وفرنسا وموسكو وغيرها. وبظرف دقائق قصيرة يطلع المتصفح على مكونات الطبق المدونة على الصفحة، وفي الوقت نفسه يتابع كيفية تحضيره أمامه مباشرة.

ومن الصفحات المشهورة في لبنان تلك الخاصة بمواهب جديدة على الساحة. وكما «فاطمة كيتشن» وفرح كساب ومي بساط، تحضر وصفات طباخين مشهورين. فتطالعنا دانا الحلاني والشيف وداد زعرور وليلى فتح الله وروي حزبون. وجميعهم يقدمون وصفات سريعة لسلطات وأطباق رئيسية ومازات وغيرها.

الشيف دانا الحلاني تقدم وصفات طعام سريعة عبر الإنترنت (إنستغرام)

النساء «ستات البيوت» يجدن في هذه الظاهرة نعمة من نعم الحياة. فهن ما عدن مجبرات على الاتصال بالوالدة أو بالحماة والصديقة والجارة كي يستعلمن عن كيفية تحضير طبق معين. فيما جيل قديم الجدات يرفضن الانخراط فيها تحت شعار.

شريحة من الرجال لفتتها هذه الظاهرة التي تعم وسائل التواصل الاجتماعي، أحياناً يتحمسون لتحضير طبق شاهدوا مكوناته وسرعة في تحضيره، فيصنعونه من باب الحشرية مرات، ولهواية الطبخ التي يتمتعون بها مرات أخرى.

الشيف وداد زعرور تشتهر بأطباقها الخارجة عن المألوف (إنستغرام)

وتقول إلسا ربة منزل في العقد الثالث من عمرها بأن أفكار الطبخ تنهال عليها بالكميات بسبب زوجها. «إنه يمضي وقته يتصفح (غوغل) و(تيك توك). ويفاجئني بأفكار لطبخات لم أسمع بها من قبل، فنتشارك في تحضيرها بدقائق قليلة».

أما جميل الزين من ناحيته فيخبر «الشرق الأوسط» أنه لم يتخيل نفسه يوماً يدخل المطبخ لصنع طبق ما. ولكن «محتوى هذه الصفحات يسيل اللعاب ويفتح الشهية، ويحمسني لدخول المطبخ كوني أعيش وحدي. فأتسلى وأستفيد في الوقت نفسه. وهو ما انعكس إيجاباً على نمط حياة روتيني كنت أعيشه من قبل».

تزخر صفحات الطبخ الإلكترونية بالملايين من المتابعين من أنحاء العالم. فهواة الطبخ عبر الإنترنت باتوا ينبتون مثل الفطر بغزارة. ومع كل يوم جديد تولد صفحة لأحد صناع المحتوى الغذائي، ويتفاعلون مع متابعيهم من خلال عبارات يرددونها، أهمها، «اضغطي على زر اللايك»، أو يصطحبون أحد أولادهم كي يخلقوا أجواء عائلية تهم ربة البيت. فيثني الولد على طبخ أمه، وتقوم ربة المنزل بتقليدها بدورها.

هذه الظاهرة أثرت أيضاً على برامج الطهي التلفزيونية، فخفت نسبة متابعيها من الجيل الجديد. وتألفت غالبيتها من أعمار نساء متقدمة لا تزال متمسكة بمشاهدة هذا الشيف أو ذاك عبر قنوات فضائية ومحلية.

وفي المقابل تؤكد مسؤولة عن بيع كتب الطبخ في مكتبة في الأشرفية أن حركة بيع هذه الكتب تأثرت لفترة قصيرة. ولكنها عادت واستعادت نشاطها وزخمها حالياً. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستطيع تحديد نسبة البيع ولكنها جارية بشكل جيد. فهناك شريحة من الناس لا تزال تعطي أهمية لكتاب الطبخ».

فرح كساب ومي بساط موهبتا طبخ تطلان عبر صفحات إلكترونية (إنستغرام)

وبينهم من يختار شيفاً معيناً أو محتوى كتاب مشهور منذ زمن. برأيهم أن كتاب الطبخ يعطي الوصفات بدقة ويكون أكثر موضوعية. كما أن من يقف وراء تلك الوصفات شخص يوثق به مشهور، وله باع طويل في إعداد الطعام. وهي ميزة لا نلاقيها عبر وسائل التواصل عادة، لأن غالبية الصفحات تقدمها مواهب جديدة أو أشخاص مجهولو الهوية، وبينهم من اتخذها وسيلة ليجمع نسبة مشاهدة مرتفعة تدر مبالغ من المال. فيما تشير نوال في مكتبة في شارع الحمراء، في بيروت، إلى أن حركة بيع هذه الكتب تشهد تراجعاً يوماً بعد يوم، ووحدها ذات المحتوى الخاص بالطبخ اللبناني لا تزال على قيد الحياة.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية
TT

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

هل فكرتِ في إعداد أصابع الكفتة دون اللحم؟ وهل خطر في بالك أن تحضري الحليب المكثف في المنزل بدلاً من شرائه؟

قد يبدو تحضير وجبات طعام شهية، واقتصادية أمراً صعباً، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء؛ مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن طرق مبتكرة لتحضير وجبات شهية دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة.

وهو ما دفع الكثيرين مؤخراً إلى إعادة التفكير في عاداتهم الغذائية، والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية، الأمر الذي تفاعلت معه مدونات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرز لدى القائمين عليها هذا الاتجاه في الطهي بإيقاع تنافسي، لتقديم العديد من الطرق لتحضير الطعام بما يلائم الميزانيات.

وحسب خبراء للطهي، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه بقليل من الإبداع والتخطيط، يمكن تحويل مطبخك إلى مكان لإعداد وجبات شهية واقتصادية دون تكلف.

تقول الشيف المصرية سارة صقر، صاحبة مدونة «مطبخ سارة»: «أصبح الطعام الاقتصادي من أهم اتجاهات الطهي حالياً، لمحاولة تقليل النفقات بشكل كبير، تزامن ذلك مع انتشار ثقافة توفير الوقت والجهد، من خلال تحضير وجبات سهلة وسريعة وأيضاً مبتكرة، وهو ما تفاعل معه الطهاة وأصحاب مدونات الطهي، الذين يتسابقون في تقديم أفكار تساعد الجمهور على تلبية احتياجاتهم بشكل اقتصادي، وبطريقة شهية وجذابة».

وتضيف: «من وجهة نظري فإن أساس تحقيق معادلة الشهي والاقتصادي معاً تكمن أولاً في اختيار المكونات البديلة المستخدمة، فمن المهم أن نفكر بشكل دائم في البديل الأوفر في جميع أطباقنا». وتضرب مثلاً بتعويض أنواع البروتين الحيواني بالبروتين النباتي مثل الفطر (المشروم) أو البيض؛ ويمكننا أيضاً استبدال الدواجن باللحوم، مع الابتعاد تماماً عن اللحوم المُصنعة، فهي غير صحية وليست اقتصادية».

وترى أن الابتكار في الوجبات بأبسط المكونات المتوفرة عامل رئيسي في تحقيق المعادلة، و«يمكنني تحويل وجبة تقليدية مُملة للبعض لوجبة شهية وغير تقليدية، وهذا ما أهتم به دائماً، لا سيما عن طريق إضافة التوابل والبهارات المناسبة لكل طبق، فهي أساس الطعم والرائحة الذكية».

من أكثر الأطباق التي تقدمها الشيف سارة لمتابعيها، وتحقق بها المعادلة هي الباستا أو المعكرونة بأنواعها، لكونها تتميز بطرق إعداد كثيرة، ولا تحتاج إلى كثير من المكونات أو الوقت. كما أنها تلجأ إلى الوجبات السهلة التي لا تحتوي على مكونات كثيرة دون فائدة، مع التخلي عن المكونات مرتفعة الثمن بأخرى مناسبة، مثل تعويض كريمة الطهي بالحليب الطبيعي كامل الدسم أو القشدة الطبيعية المأخوذة من الحليب الطازج، فهي تعطي النتيجة نفسها بتكلفة أقل، وبدلاً من شراء الحليب المكثف يمكن صنعه بتكلفة أقل في المنزل.

تشير الشيف سارة إلى أن كثيرات من ربات المنازل قمن باستبدال اللحوم البيضاء بالحمراء، وأصناف الحلوى التي يقمن بإعدادها منزلياً بتكلفة أقل بالحلوى الجاهزة، كذلك استعضن عن المعلبات التي تحتوي على كثير من المواد الحافظة بتحضيرها في مطابخهن.

بدورها، تقول الشيف نهال نجيب، صاحبة مدونة «مطبخ نهال»، التي تقدم خلالها وصفات موفرة وأفكاراً اقتصادية لإدارة ميزانية المنزل، إن فكرة الوجبات الاقتصادية لا تقتصر على فئة بعينها، بل أصبحت اتجاهاً عالمياً يشمل الطبقات كافة.

وترى نهال أن الادخار في الأصل هو صفة الأغنياء، وفي الوقت الحالي أولى بنا أن ندخر في الطعام لأنه أكثر ما يلتهم ميزانية المنزل، وبالتالي فالوجبات الاقتصادية عامل مساعد قوي لتوفير النفقات، لافتة إلى أن «هذا الاتجاه فتح مجالاً كبيراً أمام الشيفات لابتكار وصفات متعددة وغير مكلفة، وفي الوقت نفسه شهية لإرضاء كل الأذواق، فليس معنى أن تكون الوجبات اقتصادية أن تفقد المذاق الشهي».

وتضيف: «محاولة التوفير والاستغناء عن كل ما زاد ثمنه وإيجاد بدائله لا يعني الحرمان، فالأمر يتمثل في التنظيم وإيجاد البدائل؛ لذا أفكر دائماً فيما يفضله أفراد أسرتي من أنواع الطعام، وأحاول أن أجد لمكوناته بدائل اقتصادية، وبذلك أحصل على الأصناف نفسها ولكن بشكل موفر».

وتشير الشيف نهال إلى أن هناك العديد من الوصفات غير المكلفة والشهية في الوقت نفسه بالاعتماد على البدائل، مثال ذلك عند إعداد أصابع الكفتة يمكن إعدادها بطرق متنوعة اقتصادية، تصل إلى إمكانية التخلي عن اللحم وتعويضه بالعدس أو الأرز المطحون أو دقيق الأرز، وتقول إن «قوانص» الدجاج، والمعكرونة المسلوقة، توضع في «الكبة» مع بصل وتوابل ودقيق بسيط لإعطاء النتيجة نفسها، كما يمكن الاعتماد في الكفتة على البرغل أو الخبز أو البقسماط، الذي يضاف إلى كمية من اللحم المفروم لزيادتها.

وكذلك بالنسبة لكثير من أصناف الحلويات، التي يمكن تغيير بعض المكونات فيها لتصبح اقتصادية مع الحفاظ على مذاقها، فعند إعداد الكيك يمكن استخدام النشا كبديل للدقيق الأبيض، واستخدام عصير البرتقال أو المياه الغازية بدلاً من الحليب. وتلفت أيضاً إلى إمكانية إعداد أنواع الصوصات في المنزل بدلاً من شرائها، فهذا سيوفر المال وأيضاً لضمان أنها آمنة وصحية، وكذلك الحليب المبستر يتم الاستغناء عنه لغلو سعره والاستعاضة عنه بالحليب طبيعي، والسمن البلدي يمكن تعويضه بزيت الزيتون الصحي وليس بالسمن المهدرج المضر بالصحة.

من خلال اقترابهما من جمهور «السوشيال ميديا»، وتبادل الأحاديث معهم، توجه الطاهيتان كثيراً من النصائح لحفاظ السيدات على أطباقهن شهية واقتصادية.

فمن النصائح التي توجهها الشيف سارة، التوسع في استخدام البقوليات، خصوصاً العدس والحمص والفاصوليا المجففة، بديلاً اقتصادياً وصحياً للحوم، مع الاعتماد على المكونات الطازجة في موسمها وتخزينها بشكل آمن لتُستخدم في غير موسمها بدلاً من شرائها مُعلبة.

بينما تبين الشيف نهال أن الأجيال الجديدة تفرض على الأم وجود بروتين بشكل يومي، وهو ما زاد من مسؤوليتها في ابتكار وجبات اقتصادية وشهية، وما ننصح به هنا تعويض المكونات ببدائل أخرى، مثل الاستغناء عن اللحوم البلدية واللجوء للمستوردة في بعض الأطباق، واستخدام المشروم بديلاً للبروتين.

وتشير إلى أن لكل ربة منزل «تكات الطهي» أو ما يطلق عليها «النفس»، وهو ما عليها استغلاله لتقديم أطباق مبتكرة، مبينة أن الكثير من صفحات «يوتيوب» و«فيسبوك» توفر أفكاراً اقتصادية متنوعة يمكنها أن تساعد السيدات في تلبية احتياجاتهن.