من الحلو إلى «الحادق»... أطباق بالرمان لإثراء المائدة

طهاة مصريون ينصحون بها لمقاومة الطقس البارد

فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب للشيف رامي سليمان
فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب للشيف رامي سليمان
TT

من الحلو إلى «الحادق»... أطباق بالرمان لإثراء المائدة

فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب للشيف رامي سليمان
فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب للشيف رامي سليمان

ما إن تصبح ثمرة الرمان ذات اللون الياقوتي النابض بالحياة بين يديك حتى تكشف لك عن كثير من البذور اللذيذة الناضجة والجاهزة لتحضير وجبة عشاء، أو تزيين السلطات والحلويات المفضلة لديك. هنا ينصح عديد من الطهاة بأطباق مختلفة لإثراء مائدتك، ومنحك خيرات متنوعة.

الرمان مذاق منعش لأطباق الحلو والمالح... من مطبخ «الشيف ميدو برسوم»

يصل الرمان إلى ذروته خلال أشهر الشتاء؛ لذا فقد حان الوقت للاستمتاع به، وتحقيق أقصى استفادة من فوائده المتعددة؛ فلا ينبغي نسيانه كأحد عناصر ذخيرة الطبخ الخاصة بك خلال هذا الموسم، هذا ما ينصح به الشيف ميدو برسوم.

فتة الكوسة بالرمان وعين الجمل المحمص والخبز اللبناني المقلي للشيف أسماء درويش

ويرى برسوم في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن مذاق الرمان اللاذع يحقق الكثير من التميز للأطباق الحلوة والمالحة على السواء، ويضفي عصيره إلى تتبيلة السلطة والصلصات والمخللات نكهة خاصة، كما يمكن رشه على طبق الإفطار أو الأرز أو مزجه بالآيس كريم أو البودنغ.

«هل تفكر منذ الآن في أطباق عيد الميلاد؟ إذن يمكنك اعتبار الفاصوليا بالرمان طبقاً جانبياً مثالياً لهذه المناسبة؛ سينال إعجابك للغاية بعد الانتهاء من تحضيره؛ إذ الجمع بين اللونين الأخضر والأحمر، وما عليك سوى خلط الرمان مع الفاصوليا بعد سلقها، وإضافة زيت الزيتون والصلصة المفضلة، ومن الممكن القليل من عصير القيقب والتوابل»، وصفة ينصحك بها الشيف أحمد عبد الهادي.

الشيف ميدو برسوم

كما يلفت إلى أهمية عصر البذور، وتخفيف العصير مع إضافة قليل من السكر وبعض البهارات؛ لتحصل على نوع جديد من صلصة التغميس للجمبري أو الدجاج المشوي، أو قم بتتبيل الدجاج بمسحوق الفلفل الحار والكمون والبابريكا، في حين يتم تزيين طبق الخضار ببذور الرمان لعشاء حلو ومتبل.

طبق آخر مناسب للاحتفالات؛ فيمكنك عمل كرات لحم الديك الرومي بالفستق والرمان، مع إضافة الأعشاب البحرية؛ إذ يضيف الفستق وبذور الرمان الحلوة نكهاتهما المميزة إلى لحم الديك الرومي، زيّن الطبق بموس اليقطين والكريمة المخفوقة وبذور الرمان. وإذا أردت وصفة غير تقليدية للرمان، جرّب الدجاج المتبل مع معكرونة الاسكواش «قرع السباغيتي» بالرمان والفستق؛ إذ يؤدي ذلك إلى إضفاء الحياة على القرع الشتوي المحمص أو أي خضراوات مشوية أخرى، يقول عبد الهادي: «تضيف بذور الرمان الطازجة لمسة من النكهة الحلوة إلى (قرع السباغيتي)، مما يجعلها ملائمة تماماً لعشاء شهي».

سلطة لسان العصفور بالرمان والبقدونس وزيت الزيتون للشيف أسماء درويش

يُعد الرمان رائعاً في السلطات الشتوية اللذيذة، ليس فقط لأن بذوره الوردية تبدو جميلة وتضيف القليل من النكهة الحلوة اللاذعة إلى وجبتك، ولكن لأن عصيره يصنع «صوص» لذيذاً أيضاً، استمتع ببعض البروتين بطعم مميز من خلال سلطة الحمص والرمان، على أن تضعها في الثلاجة قليلاً؛ لتحصل على واحدة من تلك السلطات التي يكون مذاقها أفضل بعد أن تتركها جانباً لبعض الوقت. أما سلطة الكسكسي بالطماطم «الكرزية» والخيار والجوز وبذور الرمان، فهي سلطة مليئة بالإضافات رائعة المذاق، وتكون مقرمشة وطازجة فتجعلها لذيذة للغاية، قم بإقرانها مع الدجاج المشوي للحصول على وجبة خفيفة مليئة بالنكهة.

أما للإفطار، فأمامك عدد كبير من الوصفات منها كوكيز رقائق الشوكولاته بالبرتقال والرمان، قم بإعداد فطائر الرمان، «يا لها من طريقة رائعة لبدء يومك»، وفق عبد الهادي. أيضاً ما رأيك أن تضيف البذور الحمراء الياقوتية ذات القوة المضادة للالتهابات إلى الشوفان الساخن، وكذلك استخدام بذوره كطبقة حلوة ومقرمشة للجبن الذائب مع القليل من زيت الزيتون والخبز. ويعد الرمان اللاذع بطعم الفواكه الحاضر بقوة فيه، خليطاً مناسباً لتطرية اللحوم؛ فيتم نقع اللحم في عصير الرمان ودبس الرمان والثوم والبابريكا والنعناع الطازج وصلصة البرتقال من أجل لحم يذوب في الفم.

فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب للشيف رامي سليمان

ويقدم الشيف رامي سُليمان في مدونته على «إنستغرام» طريقة عمل مقلوبة الدجاج الفلسطينية بالرمان والبطاطس والباذنجان، كما يقدم طريقة عمل فطيرة «تريس ليتشي» بالفستق والحليب كامل الدسم، والحليب المبخر والمكثف المحلى، فضلاً عن الكريمة المخفوقة وبذور الرمان.

الكسكسي بدبابيس الدجاج والبطاطا مع البصل المكرمل والبرتقال والرمان على طريقة الشيف أسماء درويش

أما الشيف أسماء درويش، ففي مدونتها على «إنستغرام» تجد سلطة لسان العصفور بالرمان وسلطة الخضار المشوي وطماطم «شيري» (أو مكعبات الطماطم من دون البذر)، إضافة إلى مكونات أخرى مثل الباذنجان والبصل وزيت الزيتون وأوراق البقدونس، مع الصوص المميز الذي ترفقه بالسلطة، كما تقدم فتة الكوسة بالرمان وعين الجمل المحمص والزبادي والطحينة والنعناع الجاف والكسبرة الجافة والثوم المهروس وزيت الزيتون والبصل الأحمر والأرز والخبز اللبناني المقلي، ومن الصعب أن تشاهد طريقة إعدادها للكسكسي بدبابيس الدجاج والبطاطا مع البصل المكرمل والبرتقال والرمان، من دون أن تجرب تحضيره لطبق عشاء في عطلتك الأسبوعية.

وقبل ذلك كله، هل تعرف الطريقة الصحيحة لتقطيع الرمان من دون أن تتسبب في اتساخ ملابسك والمطبخ بأكمله؟ بالتأكيد حين تقطع الرمان بشكل خاطئ فإنك ستترك ملابسك وطاولة منزلك على الأقل مغطاة بعصير الرمان، وهو السبب الذي يمنع البعض من الإكثار من استخدام هذه الفاكهة المفيدة.


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات مبنى «آر إتش» من تصميم المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان (الشرق الأوسط)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة ) محمد الكفراوي (القاهرة)
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)
مذاقات حليب جوز الهند بلآلئ التابيوكا من شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

نصائح الطهاة لاستخدام مشتقات جوز الهند في الطهي

حين تقرّر استخدام جوز الهند في الطهي، فإنك ستجده في أشكال مختلفة؛ إما طازجاً، مجفّفاً، أو حليباً، أو كريمة، وثمرة كاملة أو مبشورة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».