ما سر سحر زيت الزيتون؟

النظام الغذائي للبحر المتوسط يركز على الدهون الصحية

زيت الزيتون أساس النظام الغذائي المتوسطي (شاترستوك)
زيت الزيتون أساس النظام الغذائي المتوسطي (شاترستوك)
TT

ما سر سحر زيت الزيتون؟

زيت الزيتون أساس النظام الغذائي المتوسطي (شاترستوك)
زيت الزيتون أساس النظام الغذائي المتوسطي (شاترستوك)

لا يشبه النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط أياً من الأنظمة الغذائية الأخرى. في البداية، يُعدّ نظام البحر الأبيض الغذائي أسلوباً في تناول الطعام أكثر من كونه نظاماً غذائياً صارماً. ولا يتطلب تبني هذا النظام كثيراً من التضحيات التي يربطها الناس بالتزام الطعام الصحي.

وبالمقارنة مع الأنظمة الغذائية الصحية الأخرى، نجد أن النظام الغذائي للبحر المتوسط يحتوي على نسبة مرتفعة نسبياً من الدهون. ويوصي مسؤولو الصحة الفيدراليون بأن تأتي 20 في المائة إلى 35 في المائة من السعرات الحرارية اليومية من الدهون، في حين أن هذا الرقم يمكن أن يصل إلى نحو 30 في المائة إلى 40 في المائة في النظام الغذائي للبحر المتوسط.

ومع ذلك، كشفت التجارب السريرية أنه لدى الأشخاص الذين اتبعوا حمية البحر المتوسط انخفاض في مستويات ضغط الدم والكوليسترول، وكانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مقارنة بأولئك الذين اتبعوا نظاماً غذائياً منخفض الدهون.

الافوكادو غني بالدهون الصحية (شاترستوك)

وربما يرجع ذلك إلى أن النظام الغذائي للبحر المتوسط يركز على الدهون الصحية للقلب، من مصادر مثل زيت الزيتون والأسماك والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور. كما أنه يحتوي على دهون مشبعة أقل من النظام الغذائي الأميركي النموذجي، لأنه لا يشجع الزبدة واللحوم الحمراء والمعالجة، ويحتوي فقط على كميات معتدلة من الجبن واللبن والدواجن والبيض.

ويعتقد باحثون أن زيت الزيتون، مصدر الدهون المفضَّل في النظام الغذائي للبحر المتوسط، قد يكون أحد العوامل الرئيسية وراء فوائده الصحية، خصوصاً أنه غني بالدهون الأحادية غير المشبعة الصحية للقلب، وله خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات يمكن أن تمنع تلف الخلايا والأوعية الدموية.

وفي إطار دراسة أُجريت عام 2022 على أكثر من 90 ألف بالغ أميركي على مدى 28 عاماً، اتضح أن أولئك الذين تناولوا ما لا يقل عن نصف ملعقة كبيرة من زيت الزيتون يومياً أقل عرضة للوفاة بسبب السرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض التنكس العصبي أو الجهاز التنفسي، مقارنة بأولئك الذين نادراً ما يتناولون زيت الزيتون أو لا يستهلكونه قط.

بجانب ذلك، تحتل الأسماك هي الأخرى مكانة بارزة في النظام الغذائي للبحر المتوسط، خاصة الأصناف الدهنية مثل السلمون والتونة والأنشوجة والسردين. وتُعدّ هذه مصادر ممتازة لأحماض «أوميغا 3» الدهنية، التي يمكن أن تحسن مستويات الكوليسترول في الدم وتقلل الالتهابات وضغط الدم. وتوصي معظم إرشادات النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط بتناول الأسماك مرتين أسبوعياً على الأقل.

ومع ذلك، دعونا لا ننسب كل الفضل لزيت الزيتون والأسماك؛ ذلك أن الحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والزيتون تسهم هي الأخرى في الدهون الصحية بالنظام الغذائي. ورغم أن موطنه ليس منطقة البحر المتوسط، فإن الأفوكادو غني بالدهون الأحادية غير المشبعة، وغالباً ما يجري ضمه في النسخ الحديثة من هذا النظام الغذائي.

كيف تطبخ بالدهون الصحية؟

في كل يوم من النظام الغذائي لمنطقة البحر المتوسط، اخترنا نحن وزملاؤنا في موقع «إن واي تي كوكينغ» مجموعة من الوصفات التي تتضمن المكونات التي نسلِّط الضوء عليها. وليس المقصود من ذلك أن تكون خطة وجبات ليوم واحد، وإنما مصدر إلهام لكيفية تضمين المزيد من هذه الأطعمة الصحية في وجباتك على امتداد الأسبوع.

من أجل وجبة الإفطار، يمكنك سحق بعض الأفوكادو على خبز الحبوب الكاملة، ووضع بعض من رذاذ زيت الزيتون عليه. في هذه الوصفة من جوليا موسكين وجايلز راسل، فإن الزينة الاختيارية مثل الأعشاب الطازجة والبصل الأحمر المخلل وبذور اليقطين أو السمسم تنقل الأفوكادو إلى المستوى التالي.

وتعدّ شطيرة سلطة التونة الكلاسيكية التي يقدمها كريغ كليبورن، خياراً سريعاً ومناسباً للغذاء بتكلفة مقبولة. أما إذا كنت تبحث عن شيء أكثر ثراءً، فعليك أن تجرب سلطة السردين من علي سليغل، مع خبز من القمح الكامل، أو مع خضراوات أو بين شريحتين من الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة. وتُعدّ الأنشوجة كذلك إضافة لذيذة إلى تتبيلة السلطة، كما هو الحال في سلطة الأنشوجة النابضة بالحياة التي ابتكرها ديفيد تانيس لتناول العشاء. جرِّب سمك السلمون الحمضي المشوي ببطء من أليسون رومان مع سلطة الأعشاب (جاهز في 35 دقيقة) أو التونة المشوية من مارك بيتمان مع الأعشاب والزيتون (جاهز في 20 دقيقة). ودعونا لا ننسَ الأسماك المعلبة والمحفوظة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
TT

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

«الحلو إيه؟» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات متلاحقة، والعقد الماضي كان الأبرز من حيث تغيير البصمة الأصلية لمذاق الحلويات.

وعزا بعض المطلعين على سوق الطعام تغيير ذوق المصريين في «الحلو» إلى «ضيوف» مصر من الجاليات العربية، خاصة السوريين المعروفين بمهارات الطهي، سواء في الحلو أو الحادق، بينما أرجع آخرون الفضل إلى مواقع التواصل التي أشعلت المنافسة وفرضت ثقافة «التريند».

ظلت «التحلية» على الطريقة المصرية تُزينها أصناف محدودة حتى سنوات قريبة، كان الأمر مقتصراً على وصفات يمكن تحضيرها في المنزل، مثل البسبوسة، والكنافة، والجلاش المحشي بالمكسرات، والكيك، وأم علي، حتى الأرز بلبن وسكر، إن خلا المطبخ من مكونات الزبد والدقيق والبيض والسميد.

كشري حلو (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الوصفات عينها كانت متوفرة لدى محال الحلوى الشهيرة التي لا يزورها إلا ميسورو الحال، وكانت تقدم الغربي أولاً، الممثل في قطع الكيك المُزين بالكريم شانتي والفاكهة الطازجة، وربما طبقات الشوكولاتة، ثم تسللت وصفات الحلوى الشرقية، وباتت منافساً يتقاسم السوق.

تبدل الحال الآن، وظهرت أصناف عدة لا يمكن إدراجها وفقاً للتصنيف الكلاسيكي للحلوى بين «الشرقي والغربي»، وحلّت «تريندات الحلو»، التي كان لضيوف مصر من الجاليات العربية عظيم الأثر في صعودها، حتى بات المصري يتطلع بعد الأكل لصحن القشطوطة أو الكاساتا بالبستاشيو، أما إذا كنت من عشاق المغامرات فعليك بصحن السعادة أو ما يطلق عليه تجارياً «طلب السيروتونين»، وهو طبقات من أنواع حلوى عدة، مثل الأرز بلبن مع البسبوسة والأيس كريم.

وعن تطور ذوق المصريين في الحلويات، ترى ريم عمرو، مستشارة تسويق وصاحبة شركة متخصصة في تطوير العلامات التجارية للحلويات، أن ثقافة «التحلية» لدى المصريين باتت أكثر ارتباطاً بالمتعة بعدما تنوعت الاختيارات، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الحلوى في مصر تعود لأكثر من قرن من الزمان، وثمة علامات كلاسيكية يتخطى عمرها مائة عام، مثل جروبي، وتسيباس، وسيموندس، جميعها كانت محالاً يمتلكها أجانب، لذلك اعتمدوا في البداية الكيك أو الحلوى الغربية فقط».

وأضافت: «تطور بعد ذلك مفهوم الحلواني، وباتت الحلويات الشرقية مثل البسبوسة والكنافة والبقلاوة تظهر كمنافس بفضل الانفتاح الثقافي، خصوصاً مع ظهور علامات تجارية، مثل (العبد) ذات الأصول المصرية الخالصة، وكذلك (عبد الرحيم قويدر) الذي تمتلكه عائلة مصرية منحدرة من أصول سورية، لينقسم مفهوم التحلية لدى المصريين بين الشرقي والغربي».

وتشير مستشارة التسويق إلى أن «لكل موسم حلوى خاصة به، مثل حلوى (المولد النبوي) وكعك العيد وكيك الكريسماس، كل هذا يعكس العلاقة العاطفية المتأصلة في الثقافة المصرية، التي تربط بين تناول الحلو والشعور بالسعادة».

وتلفت إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية تطور ذوق المصريين وباتت تفضيلاتهم تشمل أصنافاً غير مألوفة، وتصاعد التغيير بالتوازي مع استقبال مصر للأشقاء العرب من سوريا وليبيا والعراق، وأخيراً السودان».

وتنوه إلى أن «الوجود السوري كان حاضراً في سوق الحلويات قبل استقبال مصر للسوريين الفارين من الحرب، وخلال العقد الماضي تأصل هذا الحضور بوصفات الكنافة على الفحم والكنافة بالجبن، بالإضافة إلى البقلاوة التركية التي يبرع الطهاة السوريون في تحضيرها».

وقالت: «الحضور السوري في البداية كان يتماشى مع الأصناف الشرقية المعروفة لدى المصريين، غير أنه مع مزيد من الاندماج ظهرت محال مثل (بلبن) الذي رفع شعار التجديد بأطباق حلوى، مثل الطسطوسة المكونة من طبقات الكيك الغارق في الزبدة مع الكنافة والكريمة والقشدة».

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

عدّت ريم ما يشهده الذوق المصري في «الحلو» تغييراً ناتجاً عن «الانفتاح الثقافي والاندماج المجتمعي». وقالت: «مع هذا الاتجاه تأصل مفهوم المقهى الذي يقدم حلوى أكثر عصرية، مثل الكاب كيك والوافل والبراونيز والدوناتس والمافن، وارتبطت هذه الثقافة أكثر بجيل الشباب».

ثقافة «التريند»

كما تعزو ريم تنوع مذاقات الحلو لدى المصريين إلى «التريند»، وقالت إن «السوشيال ميديا ساهمت في اشتعال المنافسة بين صنّاع الحلوى، ولم تعد السوق مقتصرة على الأسماء الرنانة، بينما دخل المنافس العربي والهواة، كما اتسعت السوق واحتضنت رغبات الشباب بأفكار غير تقليدية».

وأضافت أن «حالة الزخم هذه لحقت بها أفكار جاذبة، بعضها يعود إلى ثقافة المحافظات المصرية، مثل المدلعة التي تعود أصولها إلى طنطا، ثم ظهرت حلوى المقلوبة والمدلوقة والشرقانة والغرقانة والمكشكشة والمدحرجة والمكسوفة والمكشوفة، وصولاً إلى الهايصة واللايصة».

وترى خبيرة التسويق «أن كل هذه الاتجاهات ما هي إلا طرق لجذب انتباه المستهلك، لأن جميعها تتكون من طبقات الحلوى التقليدية مثل البسبوسة مع طبقات القشدة والكنافة وتوليفات أخرى تأخذ اسماً غير مألوف بهدف الجذب فقط، ولا يمكن تسميتها بصفة التجديد».

وتقول الطاهية المصرية ملك ذكري، مؤسسة علامة «كيكة»، إن الاندماج الثقافي بين المطبخ المصري والعربي أثرى سوق الحلوى، وخلق فرصاً واعدة. وأضافت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن ذوق المصريين بات أكثر تقبلاً للاتجاهات العصرية، كما غدا يتوق للتجارب العصرية والذوبان في مذاقات تنتمي لثقافات مختلفة، غير أن الأصالة والجودة هي معيار جذب المصريين أصحاب المزاج والذوق».

وتضيف ذكري أن تطوير مفهوم التحلية تأثر بمنصات التواصل الاجتماعي، وتقول: «عندما يشاهد المستهلك (تريند) يشعر بالرغبة في التجربة بحثاً عن الشعور بالانتماء للمجموعة، وهو سلوك يعزز الثقة بالنفس، غير أن الإقبال المؤقت لا يعني الاستمرارية، لا أعني بحديثي أن التطور مرفوض ويؤثر على هوية المطبخ المصري، بينما أعني أن ثمة اتجاهات تصعد وتنتشر بوتيرة متسارعة ثم تختفي نهائياً، الرهان هنا هو الجودة وتقديم مذاق مبتكر يبقى في الخيال ويدفع صاحبه لتكرار التجربة».

وتضرب ذكري مثالاً بحلوى «الكروكي»، وهي مزيج من طبقات الكرواسون مع الكوكيز، وتقول: «المزج بين رقائق الكرواسون والقوام الهش المقرمش للكوكيز أضاف تجربة لاقت استحسان المستهلك، لذلك اعتمدها عدد من صناع الحلوى، سواء في المحال الشهيرة أو أصحاب المشروعات الصغيرة».