أطباق العيد هذا العام من وحي «تيك توك» و«إنستغرام»

الزنجبيل مذاقها والجبن الفرنسي وحبوب الرمّان زينتها

أفكار جميلة وعملية لطاولة العيد (شاترستوك)
أفكار جميلة وعملية لطاولة العيد (شاترستوك)
TT

أطباق العيد هذا العام من وحي «تيك توك» و«إنستغرام»

أفكار جميلة وعملية لطاولة العيد (شاترستوك)
أفكار جميلة وعملية لطاولة العيد (شاترستوك)

أفكار بالجملة يقتبسها اللبنانيون من صفحات وحسابات إلكترونية خاصة بتحضير مأكولات الأعياد. وغلبت على خياراتهم تلك البسيطة التي لا تستغرق وقتاً، ولا تحتاج مكونات كثيرة لإنجازها. واعتمدت هذه الصفحات الإلكترونية مكونات طعام نجدها في ثلاجة منازلنا. وهو ما جعل أطباقاً عادية نصنعها يومياً تنسجم مع مناسبة الأعياد بعد تزيينها. فحبوب الرمان والبندورة الكرزية والبقدونس وأنواع من الجبن الفرنسي و«الفيتا» تفي بهذه المهمة. أما الزنجبيل وحبات الفاكهة على أنواعها فتلائم صناعة حلويات العيد بأشكال مختلفة.

تطول لائحة الصفحات الإلكترونية التي يمكنها أن تمد متابعها بأفكار العيد الخارجة عن المألوف. ومن مختلف بقاع الأرض يمكن لمن يبحث فيها أن يجد الوصفة التي تلائم مذاقه وجيبه معاً.

من الأفكار الشائعة حالياً على منصات التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

من أميركا ولبنان وأوروبا أفكار بالجملة

كل ما يخطر على بال ربة المنزل كي تحضر مائدة العيد موجود على المواقع الإلكترونية. كيف نزين مائدة العيد؟ ما الأطباق الصحية التي يمكننا صنعها؟ ما الأخرى التي توفر علينا التعب والمال؟ جميعها تؤلف لوائح طويلة يمكن لأي سيدة أن تستعين بها عبر الـ«سوشيال ميديا». ومن لبنان كما من أميركا وإسبانيا وكندا وأوروبا يمكن تأليف مائدة طعام عابرة للمحيطات.

جبن «البورسان» الفرنسي في الطليعة

وصفات طعام سريعة مع الجبن الفرنسي «البورسان» المشهور بتناوله في الأعياد تطغى على غيرها. فطعم هذا الجبن اللذيذ يتلاءم مع نكهات حلوة ومالحة. ولكن يبقى الأكثر تعارفاً عليها تلك الوصفات المصنوعة لشجرة العيد على المائدة. ويمكن في حال عدم توفر هذا النوع من الجبن الاستعاضة عنه بـ«الفيتا».

فيتم لفّها بواسطة كيس بلاستيكي بعد هرسها لتأخذ شكل شجرة صغيرة. ومن ثم يتم تغطيسها بالبقدونس المفروم. بعدها يجري تزيينها باللوز المقشور الأبيض وحبات الرمان الحمراء. وتصفّ حولها قطع من البسكويت المالحة بحيث يقطع من الشجرة الشهية قضمات صغيرة تمرغ عليها.

الرقاقات بالأفوكادو والروبيان

ومن الأكلات السريعة التي يمكن أن تزين مائدة العيد الرقاقات بالأفوكادو والروبيان.

والمطلوب هرس الأفوكادو وإضافة عصير الحامض والملح عليها مع بصل مقطع بأحجام صغيرة. وفي هذا الوقت توضع عجينة الرقاقات بالفرن في قوالب صغيرة. وعندما تنضج نخرجها ونضع فيها الخليط ونزينه حسب الرغبة بقطعة روبيان مشوية وحولها حبوب الرمان.

شجرة عيد الميلاد بالفاكهة (شاترستوك)

طبق «الباستا» مع حبات الشمندر

يعد من الأطباق اللذيذة التي تزين مائدة الأعياد. أما طريقة صنعه فسريعة وبسيطة في الوقت نفسه. بعد سلق المكرونة يتم وضعها في وعاء كبير على النار ويتم خلطها مع الكزبرة الخضراء وهريس الثوم. ومن ثم يتم خلطها مع كمية من «الكريمة الطازجة». وتصب كميات صغيرة من هذا الخليط في صحون صغيرة مجوّفة أو مسطحة. ويزين سطحها بقطع الشمندر الصغيرة المسلوقة لتشير إلى مناسبة الأعياد بألوانها.

عيدان الدجاج مع العسل

الأطباق الرائجة حالياً لموائد العيد خفيفة وسريعة التحضير. وبعيدا عن أطباق الدجاج التقليدية نلاحظ على مواقع التواصل الاجتماعي أساليب خاصة بتحضيره في مناسبة الأعياد، ومن بينها وصفة عيدان الدجاج مع العسل.

وتتطلب طريقة تحضيرها شك مكعبات من قطع الدجاج بعيدان خشبية وتوضع في وعاء جانباً. ونبدأ بالتحضير للصلصة التي تغمر فيها وتتألف من بصل أخضر مفروم، وحبة ثوم مهروسة وتخلط مع عصير حامض ونصف كوب مياه، ومن ثم يضاف إليها ملعقة كبيرة من السكر ومثلها من البودرة التشيلية. توضع المكونات في وعاء على النار حتى تصبح سميكة، فتصب فوق عيدان الدجاج ونضعها في الفرن لمدة 20 دقيقة حتى تصبح محمرة. وعند تقديمها نضع في وعاء جانبي كمية من العسل والماسترد المذوبين بنصف كوب من الليمون الحامض ورشة من بودرة التشيلي الحلوة. وعند تناولها يتم تغطيسها بهذا المزيج لتمدنا بنكهة لذيذة.

نجوم العيد من البطيخ وجبن الغرويير

دائما في إطار الوصفات السريعة من حلوة ومالحة والتي تضفي على المائدة أجواء العيد، عيدان الفواكه مع الجبن. وكذلك تلك المؤلفة من حبوب فواكه مختلفة مثل العنب والبرتقال والفراولة. يتم شك حبات العنب الأسود وأي صنف جبن أصفر أو أبيض بعيدان خشبية بعد تقطيعها مكعبات. وبالتالي يتم قطع البطيخ على شكل نجوم العيد لتكللها. أما عيدان المقبلات، فيمكن شكها بالجبن وحبات البندورة الكرزية مع قطع مرتديلا أو شرحات لحم رقيقة، ويضاف إليها حبات زيتون خضراء.

الكعك بالزنجبيل حلو العيد

إذا ما تصفحت حسابات إلكترونية عدة معروفة في لبنان مثل «مطبخ فاطمة» و«جيجي وميمي» ومطبخ «مي بساط» وغيرها على «تيك توك» فسوف تلاحظ وصفة كعك العيد بالزنجبيل. وهي كناية عن كعك على شكل رجل الزنجبيل أو نجوم وشجرة عيد الميلاد. وتحتاج عجينة كعك الزنجبيل إلى 3 أكواب من الطحين و150 غراماً من الزبدة و175 غراماً من السكر البني ونصف ملعقة كبيرة من دبس الرمان، وكذلك ملعقة كبيرة ونصف الملعقة من مطحون الزنجبيل والقدر نفسه من بودرة القرفة، إضافة إلى رشة ملح وملعقة كبيرة من الباكينغ صودا وبيضة واحدة.

يتم خفق الزبدة مع البيضة وكمية السكر ودبس الرمان، يضاف إلى الوعاء نفسه كمية الطحين مع «الباكينغ صودا» ومطحون الزنجبيل والقرفة ورشة ملح. نعجن الخليط ونقسمه إلى ثلاثة أجزاء نلفها بورق النايلون ونتركها ترتاح في الثلاجة لساعتين. ومن ثم يتم رق العجين وتقطيعه بقوالب خاصة تعطينا الأشكال التي ذكرناها آنفاً، ونضعها بالفرن على 177 درجة مئوية ولمدة 15 دقيقة فقط. وعندما تبرد يتم تزيينها بحبيبات الشوكولاته المغلفة بطبقة سكر حمراء أو خضراء.



هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».