بيتزا «المانغو»... أفكار مبتكرة لجمع الحلو مع اللاذع

الفاكهة تحتل مكان اللحوم والدجاج والمأكولات البحرية

بيتزا بالمانغو (الشرق الأوسط)
بيتزا بالمانغو (الشرق الأوسط)
TT

بيتزا «المانغو»... أفكار مبتكرة لجمع الحلو مع اللاذع

بيتزا بالمانغو (الشرق الأوسط)
بيتزا بالمانغو (الشرق الأوسط)

على غرار «بيتزا هاواي» الشهيرة، التي تعلوها قطع الأناناس، ذات المذاق الحلو واللاذع (Sweet&Sour)، استطاع الشيف أسامة فهمي، أن يجمع المذاقين مجدداً بلمسة مصرية، لكن مع استبدال المانغو بالأناناس. ولكونه ينتمي إلى مدينة الإسماعيلية (120 كيلومتراً شرق العاصمة القاهرة)، التي تعد موطن زارعة المانغو في مصر، تمكن من وضع لمساته الإبداعية على سطح عجينة البيتزا، لتتحول مع طهيها إلى لوحة فنية طبيعية باللون الأصفر المميز لتلك الفاكهة الشهيرة.

بحسب الشيف؛ تتصدر المانغو فاكهة فصل الصيف في مصر، وتستحق لقب «ملكة الفاكهة»، لتنوع أصنافها بين السكري، العويس، ناعومي، زبدية، تيمور، صديقة، وغيرها، مشيرا إلى أنه مع شغفه بالمانغو حاول أن يقدمها بطريقة مختلفة، بعيدا عن تقليدية تناولها في شكل الثمار أو احتسائها في شكل العصير، فكان ابتكاره متمثلا في «بيتزا المانغو».

الشيف المصري أسامة فهمي

يقول الشيف فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «هنا في الإسماعيلية؛ تقابل زائري المدينة عشرات الأصناف من المانغو، التي يختارون من بينها ما يحلو ويروق لهم، ولأنني أعشق في مطبخي الابتكار في الطهي وأتعامل معه بوصفه هواية وفنا وإبداعا، فكرت في الاعتماد عليها بوصفها مكونا أساسيا أو إدخالها مع مأكولات أخرى».

وتهدف فكرة فهمي، إلى جذب المزيد من الجمهور إليها، خاصة أن هناك تجربة شهيرة في مصر نجحت بشكل كبير خلال السنوات الماضية هي (الكنافة بالمانغو)، التي راقت للكثيرين، وأصبحت مطلبا دائما، ولا تخلو منها في الوقت الحالي محال الحلويات الشرقية في أنحاء مصر كافة، فرغم أن المانغو تعد من الموالح، لكن رغم ذلك نجحت تجربة إدخالها في الأصناف الحلوة وغيرها. «كمحاولة للابتكار والتفكير خارج الصندوق، فكرت في تقديم بيتزا المانغو، فقطاع كبير في مصر يعشق البيتزا، وكذلك الحال بالنسبة للمانغو، لذا فكرت في جمعهما، بوضع قطع منها أعلى سطح البيتزا، بدلا من اللحوم واللحوم المصنعة والدجاج والمأكولات البحرية، وهي الفكرة التي نجحت وجذبت الجمهور الزائر لمدينة الإسماعيلية»، هكذا قال فهمي.

ويرى الشيف المصري أن الطاهي يجب أن يجرب دائما، وتكرار التجارب حتى يصل إلى نتيجة مُرضية له وللجمهور، فكل الطهاة حول العالم ما يشغلهم بشكل دائم هو تطوير أطباقهم، مؤكدا أن فكرة المطعم الناجح تقوم على الإبداع في الشكل واللون والطعم، وهو ما قام به ما حتى جاء ابتكار بيتزا المانغو، لافتا إلى أن ما شجعه أن فكرة «سويت أند ساور» أو اجتماع المذاق الحلو واللاذع بالوجبة نفسها تعد مفهوما يعرفه المصريون منذ القدم، مثل جمعهم بين الجبن والبطيخ، التي تعد وجبة معروفة لا سيما في العشاء خلال فصل الصيف يستمتع بها كثيرون.

وخلال شهر أغسطس (آب) الماضي شهدت مدينة الإسماعيلية إقامة مهرجان المانغو، في نسخته الثانية، الذي يهدف إلى زيادة تصدير المانغو للأسواق العالمية والمساهمة في نمو واستدامة صناعة المانجو، وكذلك الترويج السياحي؛ حيث تستقبل المدينة وفودا أجنبية على رأسها سفراء ودبلوماسيون، إلى جانب المدونين والبلوغرز، ورحلات السياحة الداخلية من المحافظات المصرية، في تجربة ممتعة لتذوق أصناف المانغو التي تصل إلى نحو 115 صنفا، وهو المهرجان الذي عدّه الشيف أسامة فرصة مناسبة للغاية لكي يوسع من ابتكاراته الطهوية باستخدام فاكهته المفضلة المانغو، عبر استخدامها في أطباق أخرى.

يتفنن الشيف أسامة فهمي بالبيتزا (الشرق الأوسط)

يقول: «كنت أحد منسقي مهرجان المانغو بحكم عملي في مجال المطاعم، ولأن هدف المهرجان ترويج محصول المانغو بشكل موسع، فكرت في ابتكار أطباق أخرى بخلاف البيتزا؛ حيث قدمت للجمهور الزائر للمهرجان (الجمبري بالمانغو) و(سلطة المانغو)، وبالفعل وجدت هذه الابتكارات تقبلا لفكرتها، بعد أن أثنى عليها جمهور المعرض، بعد أن أعجبهم المذاق المبتكر».

عودة إلى البيتزا، فرغم أن البعض قد يندهش من اجتماع مذاق المانغو مع عجينتها، فإن الشيف يوضح أنه لم يجد صعوبة في إقناع زبائنه بفكرتها، لافتا إلى أنه وجد ردود فعل مُرحبة بابتكاره، كما وصلت تلك الانطباعات إلى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم إشارة البعض منهم إلى أن المانغو تدخل مكوّنا رئيسيا في بعض أطباق المطبخ الآسيوي خاصة الهندي، فإنهم أكدوا أنها المرة الأولى التي يجدونها تُطهى في مصر.

ينصح الشيف فهمي ربات البيوت بتجربة إعداد بيتزا المانغو في المنزل، مشيرا إلى أن طريقة إعدادها تكون مثل إعداد البيتزا التقليدية، لافتا إلى أنه من بين أصناف المانغو العديدة، يفضل استخدام مانغو العويس ومانغو السكري بسبب مذاقهما المنضبط؛ حيث تقطع على هيئة شرائح صغيرة رقيقة، وتوضع على سطح عجينة البيتزا، إلى جانب جبن الموتزاريلا الإيطالي، ومع نضج البيتزا وإخراجها من الفرن يُفضل تقديمها مع أوراق الجرجير الأخضر.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».