المونة الصامدة في لبنان تفترش الأسطح لتقهر الشتاء

عمودها النساء وقوامها «الثالوث الغذائي» غير المُستَغنى عنه

الكشك يفترش الأسطح استعداداً لقهر الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)
الكشك يفترش الأسطح استعداداً لقهر الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)
TT

المونة الصامدة في لبنان تفترش الأسطح لتقهر الشتاء

الكشك يفترش الأسطح استعداداً لقهر الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)
الكشك يفترش الأسطح استعداداً لقهر الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)

تنهمك الأخت كلير خوري بإعداد أصناف المونة قبل تحكُّم الشتاء بدورة الطبيعة. في دير مار ساسين بمنطقة بسكنتا، تُزاحم، والأخوات، الوقت لاكتمال الباقة: عرق، كشك، مخللات، باذنجان، ومربَّيات. إنه أكتوبر (تشرين الأول) المُنادي على الطقس بالتقلُّب وعلى السماء باستدعاء المطر. وفي الدير المُعاد ترميمه عام 1751 والمرتفع 1300 متر عن سطح البحر، زحمة أيدٍ تُحوّل خيرات الأرض إلى مأكولات مما لذَّ. تصف خوري لـ«الشرق الأوسط» حديقة التفاح والكرز والخوخ والعنب المحيطة بالدير الزراعي، التي منها تستمد المونة أصالتها واختلاف النكهة.

خيرات الأرض والمونة الصامدة المستعدّة للتحايل على الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)

بدأ إنتاج المونة في تلك البقعة المتّكئة على عظمة الطبيعة في تسعينات القرن الماضي. فالزوّار يقصدون «بيت المونة» بعد التبرُّك من الدير، يتضيَّفون النبيذ والمرصبان ويشترون ما يشتهون. «لا نزال نُضيِّف، وإن تغيَّرت الحال. لكن المبيع قلَّ وثمة مَن لا يشتري سوى حاجته».

من بسكتنا إلى تربل البقاعية، قضاء زحلة، تشكو ريتا موسى أيضاً قلّة المبيع مقارنة بما كان قبل سقوط لبنان. تتجوّل بمحلّها الصغير وتلتقط صوراً للأصناف المقيمة في «المرطبانات». تشتهر بتصنيع رُبّ البندورة وإعداد أنواع المونة، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم أقصد التحوّل إلى بائعة. كنتُ أعدّ مونة الشتاء لعائلتي، فتوسّعت. اشتريتُ ماكينة لعَصْر البندورة، وبدأت بسلق الباذنجان ورصِّه. أعدّ أيضاً المخللات والكشك».

رُبّ البندورة والباذنجان المستعدّ ليصبح مكدوس الشتاء (صور ريتا موسى)

يوضح أستاذ التاريخ ومؤسِّس صفحة «Heritage and Roots» في «إنستغرام» شارل الحايك، أنْ لا زمن محدداً لبدء صناعة المونة في لبنان، فالمراجع لا تُجمع على تاريخ حاسم. يقول: «هي عملية تحضير الغذاء لفصلَي الخريف والشتاء لتأمين استمرارية الحياة. المصادر التاريخية مفقودة حيال رَبْط ولادة المونة بعصر. المسألة تفاعلٌ ممتدّ منذ آلاف السنوات مع طبيعة المنطقة والمناخ ضمن المواسم المتوافرة».

يعود إلى أصل الكلمة: «مشتقة من تموَّن، أي أمَّن المونة من عناصر أساسية في سياق النظام الغذائي المحلّي للتحايل على الخريف وقهر الشتاء. المونة على صلة بالمساحات الريفية في بلاد الشام وجبل لبنان، أما النساء فهنّ ركائز هذه العملية».

يشرح المجريات: «القاعدة هي التجفيف أو الكبيس. الأول يتعلّق بالحبوب والفاكهة والثاني بالمخللات، ويمتد ليطال المحافظة على اللحم بإنتاج القاورما. الأهم تأمين مصدرَي البروتين والنشويات من خلال ما يمكن حفظه».

من الحديقة تستمدّ المونة أصالتها واختلاف نكهتها (صور دير مار ساسين بسكنتا)

يعني بالتجفيف ما يدور حول صناعة الحنطة والفريكة والبرغل والكشك والتين، فتتحوَّل القرية إلى «وحدة إنتاج تحت إشراف النساء»، وفق الحايك الذي تستوقفه «المساحة المهمّة لهذه العملية، وهي المطحنة وأسطح المنازل». هذا الأخير له شرط: «عليه أن يكون أملسَ، فتتمكن النسوة من فَلْش البرغل والتين والكشك تحت الشمس. المنزل وحدة إنتاج».

كيف تحوَّلت صناعة المونة إلى مصادر رزق عائلات؟ يجيب: «لم تكن موارد عيش، عدا ما يُدفع للمطاحن لطَحْن القمح وتحويله إلى برغل وسواه. أصل الصناعة محورُه العائلة، قبل التوسّع إلى البيع». يسمّي شارل الحايك تحويل المهارات المتوارثة إلى منتَجات مبيعة، «ترند»، للتأكيد على حداثة هذه التجارة وجِدَّتها.

المسألة وفق سرده، «ليست عملية تطوّر، بل تكيُّف مع النزوح الريفي وانتقال الثقل السكاني إلى المدن حيث يصعب إنتاج المونة. ولأنّ الأصول ريفية، فقد تعمَّدوا المحافظة على علاقة عاطفية مع ضرورة صناعة المونة، وأبقوا على شراء منتجات تُذكّر بجذور القرية». تستوقفه جهود مؤسّسات وجمعيات تدعم نساء يتحدّين الأزمة الاقتصادية، فيُبقين على عطائهنّ ويجعلن من مهاراتهنّ المتوارثة عبر القرون، «بزنس» يعود بالمال.

رُبّ البندورة والباذنجان المستعدّ ليصبح مكدوس الشتاء (صور ريتا موسى)

يستدعي شارل الحايك المثل الشعبي الدارج في القرى اللبنانية: «بأيلول وتشرين موِّن لعيالك وشيل الهَمّ عن بالك»، للتأكيد على انهماك العاملين في عالم الخيرات طوال الخريف. يختم بشرح ما يعني «الثالوث المتوسطي، ركن النظام الغذائي»: «تحرص مونة القرى على توافر الحنطة، زيت الزيتون، ومصادر السكّر. كانت في الماضي التين أو الزبيب».

الأسعار تحرّك الآهات

تقترب ريتا موسى من الاحتفال ببلوغ عقد على بيعها المونة. تبرع في المقارنات: «كان الطلب هائلاً على الكشك مثلاً، وتَموَّن الناس بكميات. منذ الانهيار، وهو يقلّ. سعر رُبّ البندورة أيضاً يرتفع. أما الباذنجان، فتقلّص شراؤنا له من 100 كيلوغرام قبل أعوام إلى 10 أو 20 كيلوغراماً حالياً».

لم تعد تكترث لمربح، بقدر تغطية التكلفة مع إضافة قليلة تُجمَع لسدّ أقساط مدارس أولادها. اعتادت بيع رطل الكشك (كيلوغرامان ونصف) بما بين 500 و600 ألف ليرة، فمليون ونصف، ليصل السعر اليوم إلى 50 دولاراً. «المربح قليل»، تتحسّر، وتُعدّد: «ماذا عن إيجار الماكينة؟ وعن ثمن الحليب؟ وتَعَبي؟». حتى المُربَّيات، فما كان منها بـ10 آلاف ليرة مثل التين، أصبح بـ250 ألفاً. زبائنها «من المقيمين في بيروت. هؤلاء يحوز معظمهم الدولار. أما أهل القرى، فيقلّ الاعتماد عليهم لتنشيط حركة المبيعات».

تتحدّث الأخت كلير خوري بدورها عن «المعاناة»: «في الماضي كنا سعداء وعرف الناس البحبوحة. التعامل بالدولار ليس لطيفاً على الإطلاق». تذكُر شراء العائلة الواحدة نحو 5 كيلوغرامات من الكشك في زمن مضى: «اليوم، يكتفون بكيلو أو اثنين. ثمن الكيلو 20 دولاراً. نشتري الحليب ونفوِّره، والغاز غالٍ».

الكشك يفترش الأسطح استعداداً لقهر الشتاء (صور دير مار ساسين بسكنتا)

يبيع «بيت المونة» في الدير كيلو الصعتر بـ12 دولاراً والسمّاق بـ15. وبدل صناعة 400 كيلو من الكشك كما المواسم الغابرة، تقلّصت الكمية إلى 250. بجانب الهواء المُداعِب أوراق الشجر الميّالة إلى الأصفر قُبيل افتراش الأرض، تمرّ ذكريات الأخت المقيمة في الدير على أيام أعدَّت فيها كل عائلة مونتها ولم تحتج للشراء: «غطّت الثلوج المكان، وآنذاك لم تتوافر الدكاكين بكثرة. المونة مسألة متوارَثة أباً عن جد، فحمَّل الآباء الأبناء المنتقلين إلى بيروت بعضاً مما حضّروا، من قاورما وجبن بلدي ولبنة مكعزلة وزيت». أيام جميلة سبقت تكثُّف مآسينا.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.