تمزج مدوِّنة الطعام مها شعراوي مكونات وصفاتها بـ«الشغف»، وتزين أطباقها بلمسات من التجديد والابتكار؛ فعلى «البلوغ» الذي أطلقته تحت عنوان cuisine_de_maha أو «مطبخ مها» تشعر بأنها تدعوك إلى عدم تناول «وجبة مملة» مرة أخرى؛ فهي ترى أنه من الممتع ابتكار طرق جديدة لأكلات لذيذة حتى داخل المطبخ الصغير أو عبر استخدام مكونات بسيطة.
تقدم شعراوي مجموعة متنوعة من الوصفات تثير شهية مختلف الأذواق، تغطي بها العديد من أنواع الطبخ المختلفة، ويشمل ذلك الأطباق الرئيسية والمقبلات ووجبات الإفطار والوجبات الخفيفة والأطباق الجانبية والحلويات والمشروبات؛ فعلى مدونتها تجد على سبيل المثال وصفة «الفتة الشركسية» بالدجاج والبصل والكرفس والجزر وورق اللورا، وبصوص خاص مكون من التوست واللبن وعين الجمل والمتبلة بالثوم والكسبرة والبابريكا، كما تقدم «فخمة الديك الرومي»، مع أرز بالخلطة والمصنوع من البطاطس والبصل المتبلة بالقرفة وجوزة الطيب والحبهان.
أما «السالمون الفيليه» فهي تعده من «صوص السيراتشا»، والعسل المكرمل والزنجبيل والفلفل الحلو أو الحار، وتعد «الأرز بالزعفران» من البسلة والجزر الصنوبر واللحم المفروم المعصج ولسان العصفور بالدجاج والمشروم والسبانخ والليمون والثوم والقرنبيط المكسيكي بالهالبينو والبابريكا والبقدونس.
أضف إلى ذلك المقبلات مثل «المحمرة» بالفلفل الأحمر المشوي مع عين الجمل ودبس الرمان والليمون وزيت الزيتون، وسلطات مثل سلطة «السبرينغ رولز» بالجزر والخيار والفلفل الأحمر والكرنب الأحمر أو الأبيض والبصل الأخضر والفاصوليا الخضراء والكاچو والسمسم والمانجو، أما الدريسينج الذي تستخدمه معها فهو مكون من الزنجبيل المفروم والثوم وصويا صوص، فضلاً عن سلطة الدجاج المشوية بالكمثرى بزيت الزيتون وخل البلسمك.
وجدت «كويزين دى مها» شعبية كبيرة لدى عشاق الطعام الجادين؛ بسبب شغف صاحبتها الشديد بالطهي؛ فهي تحب أن تكون قادرة على الاستيقاظ وطهي الطعام مهما كان شعورها في ذلك اليوم، وحتى الأطباق التقليدية التي تقدمها صاحبة المدونة تكسبها مذاقاً جديداً، ولمسة خاصة من خلال خبرتها، وسعة اطلاعها.
تقول مها شعراوي لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أن دراستي بعيدة تماماً عن الطهي؛ إذ تخرجت في كلية (التجارة) قسم اللغة الفرنسية عام 2001، وانشغلت بأسرتي وبابنتيَّ نادية وليلى، فإن شغفي بالطبخ لم يتوار يوما». وتتابع: «كنت أقدم الوصفات للجميع، ويستمتعون بطرق الطهي الخاصة بي، إلى أن قررت أن أشارك قائمة الأصدقاء على صفحتي الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي صور أطباقي، ووجدت ترحاباً شديداً من جانبهم، وباتوا يطلبون مقاطع فيديو بهدف إجادة تنفيذ الوصفات، وبالفعل قدمت لهم المقاطع، وتطور الأمر إلى إطلاق (بلوغ) في 2018، وقررت أن تكون مدونة غير تقليدية، وشعرت في تلك اللحظة بأنني وجدت نفسي ووجدت ما يسعدني حقاً».
التجديد الدائم
وبحسب وصف شعراوي، فإن «الناس يسأمون من تكرار الوصفات نفسها مراراً وتكراراً»، لذلك أرادت تقديم شيء مختلف لهم، وذلك هو «كونسبت الـ(بلوغ)، وهو نفسه يعد انعكاساً لشخصيتي».
وتضيف: «كانت أمي توجهني دوماً في طفولتي إلى ضرورة ألا أكون نسخة من الآخرين، وأن أتمتع بشخصية لها طابعها الخاص، وهكذا حرصت على أن تكون مدونتي أيضاً».
تشعر شعراوي بأنه من الضروري التغيير والتطوير من حين إلى آخر، وعدم تقليد حتى نفسها، تقول: «أشعر في كل يوم بأن الوقت قد حان لاستكشاف المزيد من الوصفات من مطابخ العالم المختلفة، وأقدمها للمتابعين».
تؤكد شعراوي: «بينما كنت أشق طريقي عبر الاطلاع وقراءة كتب الطبخ تحسنت مهاراتي ومعرفتي بالطهي، كما توصلت إلى بناء مجموعتي الخاصة من الوصفات الناجحة، وفي بعض الأحيان أرى أن الناس تسعى للخروج من إطار النكهات المتعارف عليها؛ لذلك أقدم ما أتعلمه وأتذوقه أينما ذهبت».
ورغم هذا الاحتفاء بالتجديد في وصفاتها فإنها تعدّ الأكلات المصرية التقليدية هي أطباقها الأثيرة، سواء في الطهي للمتابعين أو على المستوى الشخصي: «هي حقاً لها مكان آخر في قلبي؛ لأنها ممتزجة بالذكريات والأصالة، وبحكم إقامتي في قطر أشتاق لأطباقنا المصرية، وعندما أطبخها أشعر بأنني رجعت إلى بلدي ووسط عائلتي».
تتقاطع وَصَفاتها مع حياتها وأسفارها واهتماماتها اليومية، وتكتسب في النهاية لمساتها الأخيرة، ولكن يبقى المطبخ القريب لها من المطابخ العالمية هو المطبخ الإيطالي بحكم سفرها هناك كثيراً، والتحاقها بها بواحدة من أشهر مدارس الطهي وهي La cucina Italiana وهناك تعلمت أطباقها الشهيرة.
تقول شعراوي: «أحب المطبخ الإيطالي للغاية، ليس فقط لأنني أحب البيتزا والباستا مثل أغلب الناس، لكن كذلك لأنني أعدُّه السهل الممتنع، حيث بساطة المكونات، وسهولة الطهي، كما أنه من الرائع في هذا المطبخ أن الطهي هو ما يظهر الطعم وليست زيادة المكونات هي ما تقوم بذلك الدور، وكلما كان الطبق بسيطاً كان مميزاً ولذيذاً».
عدم إهدار الطعام
تدعو شعراوي، من خلال مدونتها، متابعيها إلى عدم إهدار الطعام عبر وصفاتها ومشاركتها في حملات برنامج «الأغذية العالمي»، تقول: «يحث هذا البرنامج على عدم إهدار الطعام، ومن هنا جاءتني فكرة مبادرة وهاشتاغ «عندك_إيه_فى_التلاجة» وتوضح: «تقوم فكرتها على استغلال كل وأي شيء موجود لدينا في الثلاجة، وأن نبرع في تحضير طبق أو وجبة لذيذة عبر مكونات كان من الممكن أن تفسد لولا استخدامنا لها».
تصف مها شعراوي جمهورها بأنه «جمهور مُحب للطبخ... سيدات كانوا أو رجالاً»، وتردف: «لَكَم أشعر بحبهم للطهي، وتجربة أشياء جديدة وفريدة، ولأنهم من جميع أنحاء الوطن العربي، فإنني أحرص على تقديم أطباق من المطابخ العربية المختلفة»، أما مفهوم «الطبخ الجيد» بالنسبة لها فهو يعني «البساطة»، وفي الوقت نفسه يعني أيضاً «التفكير خارج المألوف».