أسامة القاضي من مدير بشركة غاز إلى واحد من أشهر مدوني الطعام

أطباقه تحكي قصص التراث والناس والتاريخ

أسامة القاضي من مدير بشركة غاز إلى واحد من أشهر مدوني الطعام
TT

أسامة القاضي من مدير بشركة غاز إلى واحد من أشهر مدوني الطعام

أسامة القاضي من مدير بشركة غاز إلى واحد من أشهر مدوني الطعام

كيف لمسؤول سابق بإحدى شركات الغاز البريطانية، أن يتفنن بالطهي، ويتتبع أصنافه المختلفة وثقافته المتباينة، إنه العشق الذي حدثنا عنه خبير التسويق المصري أسامة القاضي، الذي نقل كثيرا منه عبر مدونته على «إنستغرام»، كما عايشنا معه طقوسه في المطبخ.

تعكس الأكلات التي يعدها القاضي، كثيرا من الحكايات عن التراث والناس والتاريخ، وبمجرد أن تصل رائحتها إلينا أيضا يمكن أن تعيدنا إلى طفولتنا وذكريات عشناها أو أماكن زرناها، فهي رحلة تجمع ما بين الأطباق التقليدية والعصرية للمطابخ العالمية.

يهوى مدير عام المشتريات السابق في شركة الغاز البريطاني، (British Gas UK) الطبخ منذ طفولته، فعندما سافر في بداية العشرينات من عمره إلى إنجلترا واصل هذا الشغف فكان يعد الطهي لنفسه، إلى أن عاد إلى مصر بعد 30 سنة، وأطلق مؤخراً مدونته المتخصصة في الطعام بنصيحة من أحد أصدقائه، ليحقق نسبة متابعة مرتفعة خلال فترة زمنية قصيرة.

سمك السلمون المقلي مع الطماطم والكوسة والبازلاء والفاصوليا الصفراء (الشرق الأوسط)

عبر منصته تتعرف على وصفات لأكلات من جميع دول العالم، لا سيما اليونان وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وإنجلترا فضلاً عن الأكل الصيني والهندي. فتتنقل ما بين معكرونة الباستيتسيو بزيت الزيتون والبصل الأصفر والقرفة، وباستا البوكاتيني وجبن بارميجيانو المبشور، ودجاج بالطماطم الطازجة والجبن والريحان.

لكن يبقى أكثر ما يميز الـBlog هو إطلاقها من مفهومه الخاص للطهي، يقول القاضي لـ«الشرق الأوسط»: «الطهي متعة، ولذلك حين تقرر دخول المطبخ فعليك أن تكون مبتسماً، وتحسن اختيار ملابسك وأن تجري مهمتك بحب وشغف، بل تعد الأمر نوعاً من الترفيه عن النفس».

يقول: «أحاول نشر هذه الثقافة عبر مدونتي، ولذلك يعلق أغلب المتابعين بأنهم يجدون في مقاطع الفيديو التي أقدمها متعة وبهجة وضحكا».

ويحرص القاضي على تقديم النسخ الأصلية من الأطباق العالمية، فقد أتاح له سفره بين دول العالم وإقامته ما بين إنجلترا والعديد من الدول بحكم عمله في مؤسسات دولية التعرف على الأكلات المختلفة، وفي أثناء ذلك كان يحرص على التواصل مع الطهاة المحليين الذين يقدمونها بطريقتها التقليدية، التي ربما لا يتبعها حتى أبناء هذه الدول الآن، على حد قوله.

يتابع: «أندهش من أن البعض بات يطهو التندوري على سبيل المثال بإفراط واضح في التوابل والمكونات، قد تصل إلى 30 نوعاً، في حين أنها في الأصل وكما تناولتها في الهند وباكستان لا تتعدى 3 أنواع توابل هي الكزبرة والكركم والشطة مع القليل من الزنجبيل والثوم فقط». ويتابع: «إن هذا العبث في استخدام التوابل هو نوع من الفذلكة يفقد الأكلة هويتها ومذاقها».

من أطباق أسامة القاضي (الشرق الاوسط)

إذا أردت أن تتعرف على أسرار المذاق المميز لسمك السلمون المقلي مع الطماطم والكوسة والبازلاء والفاصوليا الصفراء، أو البارميزان بالدجاج، أو ستيك ديان وبطاطس سوتيه، ولحم الضأن اليوناني المشوي والبطاطس، وفطيرة الدجاج اليونانية وغير ذلك من الأطباق التي قدمها، فما عليك إلا زيارة مدونته حيث يقدم أسرار كثير من الأكلات، فضلاً عن معلومات عديدة عنها مثل: إلى أي مطبخ تنتمي وتاريخها وتطورها عبر السنوات، يقول: «في رحلاتي المتعددة كنت وما زلت أحرص على تناول الطعام في أكبر المطاعم وألتقي أشهر الطهاة».

ويتابع: «كنت أطلب مقابلة الشيف بعد الانتهاء من الطعام، وأسأله عن أسباب تميز مذاق أطباقه وتفاصيل عن أصل أكلاته، وكنت أتلقى الإجابات بترحاب شديد، ولكم تلقيت أيضاً كتبهم بتوقيع خاص منهم، ومن ثم أحاول نقل خبرتي الطويلة من خلال المدونة».

اللافت أن مقاطع الفيديو والمكونات والوصفات التي يقدمها هي باللغة الإنجليزية، وهو ما يبرره بقوله: «لا أجيد الوصف وشرح الأكلات بالعربية لطول إقامتي في الخارج، كما أنني أستهدف جمهوراً محدداً يستسيغ المطابخ العالمية ويتذوقها، فضلا عن أنني أريد التوجه إلى العالم كله، لا مصر فقط أو الناطقين باللغة العربية وحدهم». ويقول ضاحكاً: «أيضا أريد أن تتابعني زوجتي وابنتي وابني الذين لا يتحدثون العربية».

اهتمام الشيف المصري بهذه التفاصيل يرتبط برؤيته التي تشبه الغذاء بالموسيقى الكلاسيكية، يقول: «لا يمكن أن تقدر أو تفهم أو تستمتع بالموسيقى الكلاسيكية بالكامل إلا إذا قرأت عنها، وهكذا هو الأكل أيضا».

تحتل الأطباق القومية مساحة كبيرة من وصفات القاضي، فهي بالنسبة له رمز من رموزه الثقافية والتراثية، فيقدم على سبيل المثال اللحم المجري، والموزاكا اليوناني، والسمك على البخار الصيني، يقول: «بالطبع أحتفي للغاية بالأطباق اليونانية؛ تقديرا لزوجتي اليونانية، وقد ساعدني أيضا ذلك على التعرف على أكلات اليونان كما تحدث داخل بيوتها لا مطاعمها فقط».

من أطرف طرق تقديمه للوصفات هو الفيديو الخاص بالتشيزبرغر، فقد استوحى طريقته من فيلم «المنيو» حين أنقذ هذا الطعام إحدى شخصيات الفيلم من القتل، يقول: «أقدمه بالطريقة نفسها، شديدة البساطة في المكونات وخطوات الإعداد، وأستخدم له لحم ريب راي بعد فرمه، وأصنع منها كتلتين وأرش الملح والفلفل والجبن الأميركي وقطع البصل صغيرة، لتتذوق تشيزبرغر لم تأكله من قبل في حياتك مثلما جاء في الفيلم».

يقدم القاضي مقاطع فيديو لجولاته في أثناء شراء مستلزمات الطهي، من لحوم ودجاج وأسماك، وتوابل، وفي أثناء ذلك يقدم نصائح مهمة حولها وفي مقدمتها اختيار أعلى المكونات جودة، وعدم الشراء سوى من متاجر موثوق بها.



عشاء من صنع يد أصغر شيف في العالم

مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق الأوسط)
مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق الأوسط)
TT

عشاء من صنع يد أصغر شيف في العالم

مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق الأوسط)
مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق الأوسط)

الحكاية تقول إن طاهياً، بطول 6 سنتيمترات فقط، ولد في مدينة مارسيليا الفرنسية عام 2015، ليلف بعدها العالم، ويقدم وجبات طعام ممزوجة بالفن السابع على طاولات المطاعم في مدن عديدة، ليصل أخيراً إلى لندن ويحط رحاله في منطقة بلومزبيري وسط العاصمة، حاملاً معه عدته السينمائية ووصفات طعامه وعارضه الضوئي «البروجيكتور - (Projector)» ليبهر الذواقة ومحبي التجارب الفريدة بما يقدمه من أطباق في أجواء من الغناء وقهقهات الكبار قبل الصغار.

مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق الأوسط)

«لو بوتي شيف - (Le Petit Chef)» أو الطاهي الصغير فكرة مستوحاة من الرغبة في دمج التكنولوجيا الحديثة مع الطعام لتشمل الترفيه البصري وسرد القصص الخيالية الجميلة،

بدأت هذه الفكرة في بلجيكا وأسسها الفنان والمخرج البصري فيليب سيركس ورجل الأعمال ألنتون فيربيك، وطورتها شركة «سكولمابينغ» المتخصصة بفنون «الإسقاط الضوئي» ثلاثية الأبعاد المعروفة أيضاً بـ«Projection Mapping».

الفكرة تدور حول طاهٍ صغير الحجم يقوم بتحضير الطعام على الطاولة أمام الضيوف بطريقة مرحة وتفاعلية، فمن خلال العارض الضوئي (البروجيكتور) المثبت فوق كل طاولة مباشرة، تشاهد ما يشبه الصور المتحركة على المائدة تروي قصة الشيف الصغير والحيوي الذي يقوم بتحضير الطعام، وتتناغم حركات الطاهي مع ما تراه في طبقك، وعند انتهائه من الطهي ترى النادل يأتيك بالطبق الحقيقي ويضعه أمامك، خدعة بصرية جميلة بالفعل، ولا ينتهي العرض هنا؛ لأنه خلال تناولك طعامك يبقى الطاهي الصغير موجوداً مع مساعديه على الطاولة، يتمشون ويتكلمون، وتسمع صوت الطاهي وهو يتكلم بلكنته الفرنسية ويبدو عصبياً في بعض الأوقات فيرتفع صوته بين الفينة والأخرى.

عند الحجز سيكون أمامك الخيار ما بين عدة لوائح طعام، تختلف من حيث السعر والأطباق، فيمكنك الاختيار بين «البريميوم» بسعر 129 جنيهاً إسترلينياً أو «كلاسيك» بسعر 109 جنيهات إسترلينية أو «فيجيتيريان» (نباتي) بسعر 109 جنيهات إسترلينية، وأخيراً لائحة الطعام المخصصة للصغار ممن هم دون سن الـ12 عاماً بسعر 49 جنيهاً إسترلينياً. هذه الأسعار ثابتة ولا تشمل المشروب والخدمة.

عرض ضوئي حي على الطاولة (الشرق الأوسط)

اخترنا لائحة «البريميوم»، وهي عبارة عن طبق أولي من إسبانيا (طماطم مع جبن ريكوتا وبيستو)، وطبق ثانٍ من إيطاليا (رافيولي بالسلطعون)، وطبق من فرنسا (ستيك مع جزر وبطاطس)، والحلوى من اليابان (تيراميسو بالماتشا مع سوربيه الليمون).

العشاء يبدأ في أوقات محددة، وتدوم مدته لساعتين، ويتخلله غناء أحد العاملين في المطعم وتعريف الحاضرين بالطبق الذي يحضره الطاهي.

اللافت في «لو بوتي شيف» أن زبائنه من الكبار والصغار ومن جميع الجنسيات ومن المقيمين في البلاد والسياح أيضاً، والغالبية تأتي للاحتفال بمناسبة خاصة مثل أعياد الميلاد، فإذا كنت تبحث عن مكان تحتفل فيه بعيد ميلاد أو ما شابه فقد يكون هذا المطعم خياراً جيداً وجديداً من نوعه. الفكرة جميلة ولكن المطعم ليس مبتكراً للذواقة؛ بمعنى أنه لن يكون مطعمك المفضل الذي ستضمه إلى لائحة الأماكن التي ستزورها أكثر من مرة لتذوق طبقاً محدداً تعشقه؛ لأن المطعم - كما ذكرت - أشبه بعرض والأطباق تتبدل كل 6 أشهر، كما أن السعر ليس رخيصاً بالنسبة إلى باقي المطاعم اللندنية الشهيرة بجودة طعامها.

جانب من مطعم «لو بوتي شيف» (الشرق الأوسط)

وصل الطاهي الصغير إلى لندن في أبريل (نيسان) الماضي، ويتشارك مع «ذا لندن كاباريه»، الشهير في العاصمة، موقعه القريب من منطقة كوفنت غاردن السياحية.

«لو بوتي شيف» يفتح أبوابه يومياً للغداء والعشاء. الإقبال عليه كبير جداً، فأنصحكم بالحجز المسبق، خصوصاً أن معظم الطاولات لا تتسع لأكثر من 4 أشخاص؛ لذا أرى أن هذا المطعم يكون أفضل للمجموعات الصغيرة لأن الفكرة تفرض ترتيب الطاولات والكراسي؛ بحيث إن هناك «بروجيكتور» مثبتاً فوق كل مقعد مباشرة، ومن الصعب إضافة مقاعد إضافية أو إعادة توزيع الطاولات.

الفكرة جميلة ولكن قد تشعر بأنه يتعين عليك الأكل بسرعة بعض الشيء؛ لأن توقيت تقديم كل طبق يجب أن يتناغم مع العرض الضوئي والغناء الحي والقصة التي تدور أمام عينيك على الطاولة.

ستيك مع الجزر والبطاطس (الشرق الأوسط)

أجمل ما في «لو بوتي شيف» هو سماع قهقهات الصغار وهم يشاهدون حركات الطاهي الصغير وهو يعجن ويشوي ويقص الخضراوات من مزرعته. شيف صغير ولكن حركته دائمة.