«البوظة المقلية» فكرة ابتكرتها أثناء الجائحة

ميا عون صانعة مثلجات أبّاً عن جدّ

وصفات مبتكرة من الآيس كريم (ميا عون)
وصفات مبتكرة من الآيس كريم (ميا عون)
TT

«البوظة المقلية» فكرة ابتكرتها أثناء الجائحة

وصفات مبتكرة من الآيس كريم (ميا عون)
وصفات مبتكرة من الآيس كريم (ميا عون)

على مدخل مطاعم نهر البردوني في زحلة، حيث يحلو للسائحين والمقيمين تناول وجبات الغداء والعشاء تطالعك محل «بوظة ميا».

فهي تصنعها بيديها بعد أن تدقها بجرن معدني خاص، وتضيف إليها المطيبات لتولد «بوظة عربية». وهي من أنواع المثلجات العريقة في منطقة المتوسط، ولا سيما لبنان، بنكهة القشدة والمغمورة بالفستق الحلبي تقدمها ميا عون لزبائنها في محل صغير لبيع المثلجات. وهي ابتكرت أيضاً «البوظة المقلية» التي تعدّ فريدة من نوعها بطعمها وبشكلها. مغطاة بطبقة من صلصة الشوكولاتة يستوقفك هذا الابتكار، وأنت تتساءل لا شعورياً هل يمكن للبوظة أن يتم قليها من دون أن تذوب؟ وترد عليك ميا عون: «هذه المثلجات التي أصنعها يدوياً، في استطاعتها أن تقاوم الحرارة المرتفعة لأكثر من نصف ساعة فلا تذوب كغيرها». وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أقليها في زيت يغلي على حرارة مرتفعة. ويسبق هذه المرحلة عملية تغطيسها بطحين الكعك، فتخرج مقمرة ومقرمشة ذات طعم خاص».

ابتكرت ميا البوظة المقلية أثناء فترة الجائحة (ميا عون)

في لبنان الجميع يتحدث اليوم عن «البوظة المقلية». فهي ابتكار فريد من نوعه لا يشبه ما سبقه من أصناف مثلجات. أما فكرته، فوُلدت عند ميا بين ليلة وضحاها. «أثناء الجائحة كنت أجلس وأمي يومياً نفكر بكيفية تطوير البوظة العربية التي نصنعها، وهي بمثابة إرث عن جدي نفتخر به. (بوظة ايلي قريطم) مشهورة في منطقة زحلة ويقصدها الناس من كل حدب وصوب ليستمتعوا بطعمها».

وتكمل ميا قصتها مع هذا الابتكار: «هذا الإرث لا يقدر بكنوز الدنيا؛ ولذلك تمسكت به ورغبت في إضافة ما يجدده، ورحنا ووالدتي نقوم بمحاولات مختلفة إلى أن وصلنا إلى المثلجات المقلية».

وصفات مبتكرة من الآيس كريم (ميا عون)

بعدها صارت تسمع ميا من هنا وهناك بأن هناك من سبقها في هذا التحديث، ولكنها توضح: «هذا الأمر غير صحيح بتاتاً؛ لأن الآخرين يقومون بقليها في صلصة محلاة تعرف بـ(القطر) بعد أن يغلفوها بالعجين. أما ميزة المثلجات التي أصنعها فتكمن بالحليب المصنوعة منه. فهو حليب ماعز وليس بقري؛ ولذلك لا نستطيع في لبنان إيجاد هذا الطعم الحقيقي للبوظة العربية إلا في أماكن قليلة وربما نادرة».

تحرص ميا عون على أن تقدم المثلجات بأفضل جودة وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: « أغير الزيت الخاص بالقلي كل 30 دقيقة حتى لا يتغير طعمه بسبب احتراقه. ويكفي أني من يصنعها شخصياً، وأدقها بجرن معدني خاص قدم لي من قبل (يو إس آيد). فأنا خضعت لدورة تدريبية عند هذه المؤسسة العالمية. وفي نهايتها وعندما سألوني فيمَ أرغب، طلبت منهم جرناً حديدياً أو ماكينة دق البوظة. وحتى الفستق الحلبي الذي أغلفها به عند التقديم أفرمه وأقطّعه بيدي. وهو من أجود وأفضل أنواع هذه المكسرات الحلبية المشهورة».

وتؤكد ميا أنه بإمكان الزبون حمل المثلجات معه إلى المنزل أو عند الأصدقاء. «لأنها تبقى جامدة وباردة لمدة طويلة، وأزيّنها بصلصة الشوكولاتة والكراميل، ويصبح طعمها رائعاً».

ميا عون تقوم بصنع البوظة من ألفها إلى يائها (ميا عون)

مكونات هذه المثلجات طبيعية وصحية، كما تقول ميا. وتحرص على صنع هذه النكهة منها فقط (القشدة بالفستق) كي تبقي على الجودة نفسها. فلا يضيع الزبون بين أنواع مختلفة ملونة مرات كثيرة بمواد اصطناعية. «أردت الحفاظ على طعم البوظة نفسها التي كان يصنعها جدي. ومن هو خبير بطعم البوظة العربية الأصيلة يمكنه فوراً أن يتعرف إليها».

تقول ميا إنها تتلقى اتصالات من لبنان وخارجه يطالبونها بفتح فروع لـ«بوظة ميا» فيها. «أتمنى أن أوسّع سوق هذه المثلجات يوماً ما؛ فلدي خطط كثيرة بهذا الموضوع. ولكني بالتأكيد سأثابر على صنع هذا النوع فقط لأني أعشق المثلجات المصنوعة من القشدة».

عمل ميا في محلها الصغير هذا جعلها على تماس مع لبنانيين من مختلف المناطق. «بعضهم يأتيني من منطقة المروج وبحمدون وبيروت وغيرها. حتى أن أحدهم وهو جندي في الجيش قال لي إنني زودته بالأمل. فهو كان يشعر بالإحباط من جراء هموم الحياة في لبنان اليوم. ولكنه أكد لي أنه من خلال خطوتي هذه التي قمت بها وحدي أصبح أمله أكبر في الحياة. لقد تأثرت كثيراً بما قاله لي وما زال كلامه راسخاً في ذهني».

تتفرج على ميا وهي تستقبل زبائنها بابتسامة عريضة، تغرف كميات من البوظة لتحشرها في بسكوتة حلزونية الشكل. ومن ثم تغلفها بالفستق الحلبي ليصبح شكلها يسيل اللعاب. «أحب عملي كثيراً، وصحيح أنه يتطلب مني صناعة البوظة ودقها بجرن حديدي مما يحتاج إلى قوة بدنية، ولكنني لا أتعب وأمزج مكونات البوظة بحب وشغف المهنة. وهو ما يزودها بطعم خاص لن يصادفه الزبون بأي محل بوظة آخر. فهذه الخلطة قاعدة ذهبية تعلمتها من أمي وهي بدورها اكتسبتها وحفظتها عن والدها ايلي قريطم».

فإذا زرت مدينة زحلة، عروس البقاع، لا بد أن تمر على البردوني. هناك ستعرج على محل «بوظة ميا» لجدها إيلي قريطم، وتتناول مثلجات لم يسبق أن تذوقتها من قبل بطعم القشدة.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
TT

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

«يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز بطرق غير متوقعة»، هكذا يتحدث الشيف المصري وليد السعيد، عن أهمية الشاي في وصفات لذيذة. أطباق كثيرة يتخللها الشاي وتتنوع بمذاقات مختلفة؛ من بينها فطائر الكريب، وكعكة «شاي إيرل غراي».

وينصح السعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجربة الشاي الزهري مثل الياسمين والبابونج، أو الأسود العادي، خصوصاً بالنسبة للمصريين، أو شاي بالقرفة والزنجبيل والقرنفل أو شاي دراغون ويل الأخضر الصيني برائحة الكستناء ونكهة الزبد والجوز، وغير ذلك من الأنواع.

الشيف وليد السعيد يستخدم الشاي بأنواعه في الكثير من الوصفات خاصة الحلويات (الشرق الأوسط)

ويرى السعيد أنه «في بعض الأحيان نستخدم نكهات صناعية من دون النظر إلى عواقب إضافة المواد الكيميائية والمضافة إلى طعامنا، في حين أنه يمكن الاستغناء عنها، واللجوء بدلاً من ذلك إلى استخدام الشاي، بوصفه يجمع بين كونه مكوناً طبيعياً، يجنبك تلك المواد الضارة، وكونه مُحمَّلاً بنكهات متنوعة تلائم الأطباق من الحلوة إلى المالحة، والساخنة والباردة».

ويوضِّح السعيد أنه «يمكن لأي وصفة تحتوي على سائل أن تكتسب نكهة جديدة تماماً عند الاستعانة بالشاي في تحضيرها، وذلك عن طريق تحويل هذا السائل إلى شاي، سواء كنت تستبدله بدلاً من الماء أو الحليب أو الشوربة أو غير ذلك».

فطائرالكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند من شيف ميدو (الشرق الأوسط)

لكن كيف يمكن استخدام الشاي في هذه الحالة؟ يجيب السعيد: «إذا كانت الوصفة تتطلب الماء مثل العصائر والسموذي، فقم بتحضير بعض الشاي بدلاً من الماء، عن طريق تحضير كمية كبيرة من الشاي وتجميدها، إما في برطمانات أو قوالب مكعبات الثلج، ثم إضافتها للطعام».

«أما إذا كانت الوصفة تحتوي على مرق أو حليب، فيمكنك نقع هذا السائل بالشاي؛ لإضافة نكهة إضافية مع الفوائد الغذائية: سخن السائل، وانقع الشاي واستخدمه حسب الحاجة في الوصفة، لكن عليك أن تراعي أنك ستحتاج إلى مزيد من استخدام الشاي، مع تجنب نقعه لفترة أطول حتى لا يصبح مراً». هكذا يوضح الشيف المصري.

ومن هنا عند دمج الشاي في الوصفات تحتاج إلى صنع نحو ربع كوب شاي أكثر من استخدامك المعتاد. على سبيل المثال، إذا كانت الوصفة تتطلب كوباً واحداً من السائل، فقم بغلي 1.25 كوب من الشاي.

امزج أوراق الشاي المطحونة مع الأعشاب، واستخدمها كفرك (تتبيل) جاف للحوم المشوية أو المطهوة، ولمزيد من الحرفية مثل الطهاة استخدم معه السكر البني والملح والفلفل الأسود وحبيبات أو بودرة البصل والثوم والزعتر وإكليل الجبل وقشر الليمون، والزنجبيل، وقشر البرتقال، ومسحوق الفلفل الحار، والبهارات، والقرفة أو القرنفل.

ويلفت الشيف السعيد إلى أنه يمكن استخدام الحليب أو الكريمة المنقوعة بالشاي لصنع صلصة البشاميل والصلصات الأخرى على شكل كريمة للفطائر والبطاطس المقلية، علاوة على حساء الكريمة والخضراوات الكريمية، على أن تستخدم للطعم الكريمي في هذه الأطباق شاياً بنكهة لذيذة، تكون من ضمن مكوناته الشاي الأخضر والأرز المنفوخ والذرة، ولذلك يفضل أن يكون شاياً يابانياً.

أما بالنسبة للحلويات فاستخدم مسحوق الماتشا في الخليط. إذا كنت تخبز البسكويت، فيمكنك أيضاً نقع الزبد المذاب بأوراق الشاي الكبيرة الطازجة، ثم تصفية ذلك، وفي حالة ما إذا كانت الوصفة تتطلب الحليب، فقم بنقع الشاي في الحليب الدافئ أو الماء لمدة من 5 إلى 10 دقائق، وأمامك خيار آخر، وهو طحن الشاي إلى مسحوق في محضر الطعام وخلطه مع المكونات الجافة.

«وإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بنكهة حلوة خفيفة مع نكهات زهرية أو فاكهة، فجرب إحدى خلطات الشاي العشبية الكثيرة مثل شاي البابونج والحمضيات أو شاي الكركديه أو شاي التوت البري. اطحن الشاي السائب في مطحنة التوابل حتى يتحول إلى مسحوق، واستخدم ملعقتين كبيرتين لكل دفعة من العجين، ولأن الشاي يمتص السوائل، قلل من كمية الدقيق المطلوبة في الوصفة بملعقتين كبيرتين»، بحسب السعيد.

وليس بعيداً عن ذلك، ينصح الشيف ميدو الذي يعد واحداً من الطهاة المصريين الذين اعتادوا على استخدام الشاي في الطعام، ومن أشهر أطباقه في هذا المجال فطائر الكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند، ويصف ذلك بـ«ثنائية اللون محشوة بكريمة الفانيليا ومغطاة باللون الأخضر»، وكذلك يقدم كعكة «شاي إيرل غراي» مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمنح البقع السوداء الصغيرة من الشاي هذه الكعكة كثيراً من الطعم والرائحة».