«التمرية» و«السمنية» و«المنجأونة»... حلويات «بورسعيدية» على خلفية إيطالية

الشيف محمد أبو العطا يروي قصتها ويقدمها على طريقته

مذاقات ومكونات مختلفة في طبق واحد (الشرق الأوسط)
مذاقات ومكونات مختلفة في طبق واحد (الشرق الأوسط)
TT

«التمرية» و«السمنية» و«المنجأونة»... حلويات «بورسعيدية» على خلفية إيطالية

مذاقات ومكونات مختلفة في طبق واحد (الشرق الأوسط)
مذاقات ومكونات مختلفة في طبق واحد (الشرق الأوسط)

كيف لصِنف من الحلوى، أن يعيد إليك زمانا مضى؟ وهل للدقيق والسمن والسكر واللبن والفانيليا والخميرة أن يضعوا بين يديك طبقاً يجمع بين حضارات متباينة؟ في مدينة بورسعيد الساحلية (شمال شرقي مصر) تتجلى هذه الحالة بلمسات عصرية يقدمها الشيف محمد أبو العطا.

المنجأونة... تراث بورسعيدي من أصول إيطالية (الشرق الأوسط)

بين «التمرية»، و«السمنية» و«المنجأونة» لا يتوقف شغف أبو العطا عن تقديم الجديد في عالم المعجنات والكيك بأنواعه المختلفة، إذ يتعمق في تراثه وذكرياته «البورسعيدية»؛ للبحث عن الإمكانيات، ويغتنم كل فرصة لزيارة عالم الأطباق المحلية وجمع المزيد من الأفكار.

تُصنع «السمنية» من الدقيق والسمن أو الزيت، وإذا أضفت إلى مكوناتها القليل من اللبن والفانيليا والخميرة وغيرت طريقة التحضير والطهي فإنك ستستمتع بمذاق «المنجأونة»، وهي تشبه «البريوش» أو «السينابون» لكن من دون إضافة القرفة، هكذا يصف الشيف أبو العطا، الحلوى الأكثر شهرة في مدينته، ويتابع في حديث إلى «الشرق الأوسط»: ترتبط قصة انتشار «المنجأونة» بحلواني إيطالي الجنسية في الأربعينات من القرن الماضي، كان يتخصص في صناعة الفطائر رائعة المذاق والشكل؛ حيث كانت دوماً طازجة، وكان يمنحها أشكالاً مختلفة.

حلوى من الشوكولاتة والجبن الكريمي والبندق

يقول الشيف، الذي ترك لعب كرة القدم واتجه لتعلم فنون الطهي، «لا أحب وضع حدود لنفسي، أحاول دائما العثور على ما يمكنني فعله، وكيف يمكنني أن أقوم بشكل أفضل في البيئة التي أعيش فيها» ويردف: «بالنسبة لي هذه الصناعة وسيلة للتواصل مع الأجداد، والناس المحيطين بي والذين يقبلون على تذوق أطباقي من الكعك والحلوى الشرقية والغربية والمعجنات».

ويتابع «كان الإيطالي يبيع الفطيرة على عربة خشبية، يتجول بها في شوارع بورسعيد، ويصيح باللغة الإيطالية mangia una mangia una وتعني: كُل واحدة، كُل واحدة، ومن هنا ارتبط اسمها عند أهل المدينة بـ(مانجي أونا) إلى أن أصبحت تمثل كلمة واحدة بمرور السنوات هي (منجأونة)».

الفواكه الموسمية من المكونات التي يحرص الشيف أبو العطا على استخدامها (الشرق الأوسط)

لكن عندما يقدم أبو العطا وغيره هذه الأطباق في مدينته فإنه يمنحها لمسة خاصة ممتزجة بالنكهات الكلاسيكية للمدينة، مع تطوير الوصفة مما يأخذ متذوقيها إلى حلوى منخفضة السكر وقليلة الدسم تقدم مكونات طازجة من خلال معايير صحية يقول: «التزمت بتعزيز أسلوب حياة مستدام يهدف إلى تزويد عملائي بأفضل الأطباق، أحافظ على انخفاض السعرات الحرارية بها، وعدم وجود إضافات كيميائية، أو ألوان صناعية».

بدأ الشيف حياته العملية لاعباً لكرة القدم بفريق الناشئين في نادي الزمالك بالقاهرة، لكن حالت إصابته في قدمه دون استمراره، ليتجه إلى الطهي، مقررا الحصول على كورسات متخصصة بعد انتهاء دراسته الجامعية، وسط ترحيب أسرته، لدى أحد الشيفات المصريين المشهورين بالمعجنات الفرنسية وهو أحمد شوقي.

يرى الشيف أبو العطا أن الطهي يقوم على التطوير (الشرق الأوسط)

يقول: «أحاول تمثيل ثقافتي من خلال دمج نكهاتها في حلوياتي، فأسعى إلى التطوير من خلال سعة الاطلاع ومواكبة كل جديد، وتساعدني في ذلك خطيبتي التي اكتسبت خبرة من عملها طويلاً في فنادق ومطاعم كبرى في الكويت».

الشوكولاتة هي نجمة الحلوى التي يقدمها مع آيس كريم إكليل الجبل فوق غاناش الشوكولاتة، منتهيا بطبقة من الشوكولاتة المقرمشة، وستجد أيضا الكاسترد الكريمي والزبدة التي تثير رائحة المعجنات الفرنسية، كما تلعب الحمضيات دورا أيضا في بعض أطباقه. كما يقدم مزيجاً من كعكة الشوكولاتة فائقة النعومة مع موس الشوكولاتة الخفيف على شكل الكاكاو والجبن واللبن والآيس كريم فروماج بلانك، وصوص الشوكولاتة الداكنة.

حلويات شرقية بطريقة عصرية (الشرق الأوسط)

والجبن الكريمي بالفراولة مع حلوى البندق طبق آخر، ستجده جنباً إلى جنب كيك اللوتس وكريمة الفستق، فضلاً عن إنغلش كيك وقطع البندق المبثور، وإنغلش كيك بالشوكولاتة البيضاء، ورافايلو يقول: «الطقوس اليومية تحب المخبوزات والحلوى؛ ما أروع تناول الشاي مع الإنغلش كيك في نهاية يوم من العمل وضغوط الحياة».

في هذا السياق يقدم مجموعة من الكلاسيكيات مثل «كعكة الجوز الإنغليزية بالتمر» فهي من أكثر أنواع الكيك التي يحب تقديمها يقول: «يمتزج فيها الجوز بشكل مثالي مع التمور التي نعشقها كعرب، وعند تذوق شريحة صغيرة منها فإنك تقطع شوطاً طويلاً في عالم المذاق اللذيذ». على حد وصفه لها.

وصفات تقليدية في قالب من العصرية (الشرق الأوسط)

ويميل أبو العطا إلى استخدام القهوة في العديد من أطباقه المبتكرة، ويبرر ذلك «يحبها المصريون كثيرا» ومن ذلك «موكا كيك» المصنوعة من الكريمة والقهوة والوايت شوكليت، أما التشيز كيك فإنه يحرص عند صنعها على التقليل من نسبة الجبن بها حتى تكون صحية، وللاستمتاع أيضا بمذاقها الكريمي من دون الإحساس بطغيان طعم مكون على آخر.

أما عن نصائحه لتقديم كيك مثالي فهي إضافة ملعقة من الخل للحصول على كيك «هشة» وناعمة، مع رشة «ملح» لتضبط المذاق، كذلك اختيارك لنوع الدقيق مهم للغاية؛ إذ ينبغي أن تكون نسبة البروتين فيه تتراوح ما بين 9 في المائة إلى 11 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
TT

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)
كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

«يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز بطرق غير متوقعة»، هكذا يتحدث الشيف المصري وليد السعيد، عن أهمية الشاي في وصفات لذيذة. أطباق كثيرة يتخللها الشاي وتتنوع بمذاقات مختلفة؛ من بينها فطائر الكريب، وكعكة «شاي إيرل غراي».

وينصح السعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بتجربة الشاي الزهري مثل الياسمين والبابونج، أو الأسود العادي، خصوصاً بالنسبة للمصريين، أو شاي بالقرفة والزنجبيل والقرنفل أو شاي دراغون ويل الأخضر الصيني برائحة الكستناء ونكهة الزبد والجوز، وغير ذلك من الأنواع.

الشيف وليد السعيد يستخدم الشاي بأنواعه في الكثير من الوصفات خاصة الحلويات (الشرق الأوسط)

ويرى السعيد أنه «في بعض الأحيان نستخدم نكهات صناعية من دون النظر إلى عواقب إضافة المواد الكيميائية والمضافة إلى طعامنا، في حين أنه يمكن الاستغناء عنها، واللجوء بدلاً من ذلك إلى استخدام الشاي، بوصفه يجمع بين كونه مكوناً طبيعياً، يجنبك تلك المواد الضارة، وكونه مُحمَّلاً بنكهات متنوعة تلائم الأطباق من الحلوة إلى المالحة، والساخنة والباردة».

ويوضِّح السعيد أنه «يمكن لأي وصفة تحتوي على سائل أن تكتسب نكهة جديدة تماماً عند الاستعانة بالشاي في تحضيرها، وذلك عن طريق تحويل هذا السائل إلى شاي، سواء كنت تستبدله بدلاً من الماء أو الحليب أو الشوربة أو غير ذلك».

فطائرالكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند من شيف ميدو (الشرق الأوسط)

لكن كيف يمكن استخدام الشاي في هذه الحالة؟ يجيب السعيد: «إذا كانت الوصفة تتطلب الماء مثل العصائر والسموذي، فقم بتحضير بعض الشاي بدلاً من الماء، عن طريق تحضير كمية كبيرة من الشاي وتجميدها، إما في برطمانات أو قوالب مكعبات الثلج، ثم إضافتها للطعام».

«أما إذا كانت الوصفة تحتوي على مرق أو حليب، فيمكنك نقع هذا السائل بالشاي؛ لإضافة نكهة إضافية مع الفوائد الغذائية: سخن السائل، وانقع الشاي واستخدمه حسب الحاجة في الوصفة، لكن عليك أن تراعي أنك ستحتاج إلى مزيد من استخدام الشاي، مع تجنب نقعه لفترة أطول حتى لا يصبح مراً». هكذا يوضح الشيف المصري.

ومن هنا عند دمج الشاي في الوصفات تحتاج إلى صنع نحو ربع كوب شاي أكثر من استخدامك المعتاد. على سبيل المثال، إذا كانت الوصفة تتطلب كوباً واحداً من السائل، فقم بغلي 1.25 كوب من الشاي.

امزج أوراق الشاي المطحونة مع الأعشاب، واستخدمها كفرك (تتبيل) جاف للحوم المشوية أو المطهوة، ولمزيد من الحرفية مثل الطهاة استخدم معه السكر البني والملح والفلفل الأسود وحبيبات أو بودرة البصل والثوم والزعتر وإكليل الجبل وقشر الليمون، والزنجبيل، وقشر البرتقال، ومسحوق الفلفل الحار، والبهارات، والقرفة أو القرنفل.

ويلفت الشيف السعيد إلى أنه يمكن استخدام الحليب أو الكريمة المنقوعة بالشاي لصنع صلصة البشاميل والصلصات الأخرى على شكل كريمة للفطائر والبطاطس المقلية، علاوة على حساء الكريمة والخضراوات الكريمية، على أن تستخدم للطعم الكريمي في هذه الأطباق شاياً بنكهة لذيذة، تكون من ضمن مكوناته الشاي الأخضر والأرز المنفوخ والذرة، ولذلك يفضل أن يكون شاياً يابانياً.

أما بالنسبة للحلويات فاستخدم مسحوق الماتشا في الخليط. إذا كنت تخبز البسكويت، فيمكنك أيضاً نقع الزبد المذاب بأوراق الشاي الكبيرة الطازجة، ثم تصفية ذلك، وفي حالة ما إذا كانت الوصفة تتطلب الحليب، فقم بنقع الشاي في الحليب الدافئ أو الماء لمدة من 5 إلى 10 دقائق، وأمامك خيار آخر، وهو طحن الشاي إلى مسحوق في محضر الطعام وخلطه مع المكونات الجافة.

«وإذا كنت تبحث عن الاستمتاع بنكهة حلوة خفيفة مع نكهات زهرية أو فاكهة، فجرب إحدى خلطات الشاي العشبية الكثيرة مثل شاي البابونج والحمضيات أو شاي الكركديه أو شاي التوت البري. اطحن الشاي السائب في مطحنة التوابل حتى يتحول إلى مسحوق، واستخدم ملعقتين كبيرتين لكل دفعة من العجين، ولأن الشاي يمتص السوائل، قلل من كمية الدقيق المطلوبة في الوصفة بملعقتين كبيرتين»، بحسب السعيد.

وليس بعيداً عن ذلك، ينصح الشيف ميدو الذي يعد واحداً من الطهاة المصريين الذين اعتادوا على استخدام الشاي في الطعام، ومن أشهر أطباقه في هذا المجال فطائر الكريب بالشاي الأخضر وجوز الهند، ويصف ذلك بـ«ثنائية اللون محشوة بكريمة الفانيليا ومغطاة باللون الأخضر»، وكذلك يقدم كعكة «شاي إيرل غراي» مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تمنح البقع السوداء الصغيرة من الشاي هذه الكعكة كثيراً من الطعم والرائحة».