في قلب العاصمة بيروت، وبالتحديد في شارع مار مخايل يقبع مطعم «ميلوس (MYLOS)»، من المطبخ اليوناني. فهذه البقعة النابضة، وسط العاصمة، ستأخذك برحلة سفر إلى اليونان. وهناك ستعيش تجربة إغريقية بامتياز؛ حيث الموسيقى والمقاعد والأطباق تلبس طابع هذا البلد.
للوهلة الأولى لدخولك «ميلوس»، سيخيَّل إليك أنك وسط مدينة أثينا، فموسيقى «ديموتيكو تراجودي» الشعبية، والـ«نيسيوتيكا» المعروفة، تصدح في أرجاء هذا المطعم. وعلى أنغام الـ«بوزوكي» تختار المكان الذي يعجبك في «ميلوس»، المُطل على شارع مار مخايل العريق. كل شيء هنا تطبعه الثقافة اليونانية، كراسي القش، والطاولات المستطيلة، الغالب عليها الخشب الأزرق تتوزع في أرجائه. ومع السقف المرتفع، والشبابيك ذات الفتحات الخشبية الزرقاء، تأخذك مباشرة إلى قلب اليونان. وبين ديكورات وعبارات تدعوك للاستمتاع بهذه الجلسة، تنطلق رحلتك.
أطباق تفتح الشهية
تلقي نظرة سريعة على لائحة الطعام في مطعم «ميلوس»، فتطلب مساعدة المشرف عليه. يشير إليك بأسماء أكلات يونانية يشتهر بها المطعم. لا بد أن تبدأها مع طبق «سباناكوبيتا»، الجامع بين طعوم الحلو والمالح، وهو كناية عن فطائر محشوّة بجبن الفيتا والسبانخ مع نكهة حلوة. وإضافة إلى السَّلَطات، وفي مقدمتها اليونانية المؤلَّفة من خضر طازجة لا بد أن تجرب طبق الـ«موساكا»، فهو يشكل مفتاح الشهية لتكمل مشوارك مع طعوم مختلفة. ويتألف من طبقات من الباذنجان، وشرائح لحم البقر، والبطاطس الرقيقتين، تغمره صلصلة البيشاميل الممزوجة بأخرى من البندورة، والمكللة بجبن البارميزان.
تكمل مشوارك في استكشاف أطباق «ميلوس» مع تشكيلة من الـ«أورزو» المقدَّمة في أطباق خشبية. تختار ما يناسبك من مكونات تمزج بين اللحوم والخضر، فتحضر أمامك بروائح شهية ومكونات مختلفة تتراوح بين الكباب وثمار البحر والخضر الغارقة في صلصة الجوز.
ولمن يهوون تناول أطباق اللحوم اليونانية الأصيلة، لا بد أن يطلبوا الـ«سوفلاكي»، الذي يقدم مع خبز الـ«بيتا»، وصلصة «تزاتزيكي».
أجواء تنبض بالحياة، تتوسطها مشهدية واضحة لا غش فيها تنم عن مطبخ مفتوح يعمل فيه الطباخون أمام عينيك مباشرة، فتأخذ فترة استراحة، وأنت تراقبهم عن قرب يحضرون الأطباق بدقة وبمكونات طازجة.
ولأن بلاد اليونان تقع على المتوسط، فلا بد أن تلفتك أطباق تشبه إلى حد كبير بمكوناتها، أطباق بلاد الشام. فجبن الحلومي اللذيذ يحضر تحت اسم يوناني «ساغاناكي». والـ«كالاماراكيا تيغانيتا» تذكِّرك بحلقات الكالاماري المقلية المعروفة في لبنان. وتنتقل بعدها إلى سلطة الـ«كريتان»، والبطاطس المقلية مع خلطة البهارات اليونانية. ومن ثم تتوقف عند «بقلاوة الدجاج» بطعمها المميز والمقرمش. ولتختتم رحلتك هذه بأطباق الحلوى من «بقلاوة»، مع المثلجات ولفائف الشوكولاته مع اللوز.
فترة استجمام تمضيها بلحظات
يغلب على مطعم «ميلوس» البساطة والأطباق المنمنمة، فعلى كل طاولة موزعة فيه تحمل باقة ورود زهرية صغيرة الحجم، ويشرح لك النادل بأنها مقدمة للترحيب بالزبائن على طريقة «ميلوس».
تتلفت يميناً ويساراً، فتراقب ديكورات تريح النظر لا زخرفة فيها ولا عجقة ألوان.
ومع رشة زعتر من هنا، ونكهة بابريكا وجوزة الطيب من هناك، تستمتع بتذوقها، فهي أطباق تذكِّرك ببلدك الأم بحيث لن تشعر بالغربة عن المطبخ اللبناني.
ولمن يهمه تناول أطباق «ميلوس» في جلسة عائلية بمنزله، فهو يقدم خدمة «ديلفري» حتى باب بيتك.
تخرج من «ميلوس» مزوَّداً بالطاقة الإيجابية التي يستحدثها عندك لا شعورياً، فهو من خلال أسلوب تقديمه الأطباق اليونانية، ومراقبتك كيفية تحضيرها، تلمسك الشفافية السائدة في هذا المكان. أما موسيقى الـ«بوزوكي» فتظل ترن في أذنك، حتى بعد مغادرتك المطعم، مردداً نغماتها بفرح الأطفال.
رحلة سفر إلى اليونان على بُعد أمتار قليلة، تشكل عندك حاجة لا بد أن تستعيد تجربتها مرة جديدة عندما تزور بيروت.