تاريخ المطبخ التيبتي وقصة وصوله إلى الهند

من أشهر أطباقه «مومو» متعدد طرق التحضير

الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
TT

تاريخ المطبخ التيبتي وقصة وصوله إلى الهند

الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)

الهند عبارة عن بوتقة لمختلف الثقافات. والمطبخ الهندي عبارة عن مزيج جميل من الثقافات والمأكولات المحلية لأولئك الذين لجأوا إلى الحياة في الهند.

هنا، نحن نتحدث عن طعام أهل التيبت.

«مومو» من أشهر الأطباق في التبت (شاترستوك)

بصرف النظر عن الموسم، يبقى المطبخ التيبتي المفضل لدى الجميع. إنه مزيج لذيذ من النكهات والقوام التي تسحب براعم التذوق لديك في مغامرة عبر جبال ووديان التيبت.

كيف وصل المطبخ التيبتي إلى الهند؟

للمطبخ التيبتي قصة مثيرة للاهتمام عن كيفية مجيئه إلى الهند. في عام 1959، عندما هاجم الصينيون المنطقة، اضطر الدلاي لاما إلى مغادرة التيبت والسفر إلى الهند بحثاً عن ملاذ آمن. جلب الأشخاص الذين رافقوه، بمن فيهم معلموه، وأعضاء مجلس الحكم في التيبت خلال حكم أسرة «تشينغ» وفترة ما بعد تشينغ حتى الخمسينات، وأفراد أسرته تقاليدهم في الطهي إلى البر الهندي الرئيسي، وواصلوا تقديم أطباقهم الأصلية مثل «مومو»، و«توكبا»، و«تشيكو»، و«لابينغ»، وغيرها من الأصناف بين الهنود.

تشير نظرية أخرى إلى أن تجار النيوار (النيوار أو النيباميون، هم السكان التاريخيون لوادي كاثماندو والمناطق المحيطة به في نيبال وصناع تراثها التاريخي وحضارتها) في كاثماندو هم الذين جلبوا طعام أهل التيبت إلى الهند خلال رحلاتهم على طول طريق الحرير. ثم توزعت شعبيتهم إلى أجزاء أخرى من البلاد، وصارت في النهاية الطعام الروحي المحبوب لدى الكثير من الهنود.

يقول كمال راتنا تولدهار، مؤلف كتاب «قافلة إلى لاسا: تاجر من كاثماندو في التيبت التقليدية»: «عاش تجار النيوار في التيبت لسنوات في كل مرة، وتعلموا إعداد الأطعمة المحلية، سواء بدافع الاهتمام أو الضرورة (أي الاختيار المحدود للمكونات). وعندما عادوا إلى نيبال، لقنوا أفراد أسرهم كيفية صنع الأطعمة. ومن ثم، تحول الأمر إلى مجرد قفزة أخرى نحو الشوارع».

«مومو» مقلي (شاترستوك)

تعتبر (مستوطنة) «مانجو كا تيلا» في شمال دلهي واحدة من أفضل الأماكن ليس فقط لتجربة الثقافة التيبتية والحصول على طعام جيد للغاية، وإنما هو مكان نابض بالحياة ويغلب عليه الطابع التيبتي.

مشهد الطعام قوي للغاية هنا بحيث إن الكثير من الناس، حتى من الزوايا البعيدة للمدينة، يفدون إلى (المستوطنة) من أجل الطعام. وحتى «المومو» المبيع على جانب الشارع، و«لابينغ»، وصحون «توكبا» المُبخرة المبيعة في الأكشاك لها جمهورها الخاص من المعجبين.

المومو: (نوع من الزلابية المطهوة بالبخار تعود أصولها إلى منطقة الهيمالايا وتحظى بشعبية في التيبت وبوتان ونيبال والهند).

أصل المومو غامض بدرجة ما. بيد أن معظم الناس يتفقون على أنه من أصول تبتية في المقام الأول.

أصبح مومو غذاء أساسياً في شوارع الهند. وفي عام 1928، أشار تشارلز ألفريد بيل، سفير الهند البريطانية لدى التيبت وأحد أوائل «علماء التيبت»، إلى أن السكان المحليين كانوا يتناولون «10 أو 15 زلابية صغيرة من اللحوم» في الغداء.

يوصف معنى المومو في قاموس أكسفورد بأنه طبق تبتي مطهو على البخار، والذي يُعد بخلط اللحوم والخضراوات معاً.

سواء كان الشخص نباتياً أم لا، فإن هوس الناس من كل الأعمار بوجبة المومو أمر يستحق المشاهدة. هذا هو الطبق الذي تجده في كل مكان، ليس فقط لدى الباعة الجائلين، وإنما أيضاً في الأسواق، والمكاتب، والمتاجر المزدحمة. وباعتباره من أطعمة الشوارع، فإن محبة الأطفال والشباب وكبار السن للمومو لها وضع آخر.

سواء كنت في المدرسة أو الكلية أو المكتب أو المركز التجاري، سوف ترى بالتأكيد أكشاك المومو حول هذه الأماكن. سواء كان ذلك في الصيف أو الشتاء، فإن حماس الناس للمومو لا يتغير في كل موسم.

يُعتقد أن السيدة «دولما تسيرينغ»، وهي من أهالي التيبت، بدأت أول كشك لبيع المومو في حي «لاجبات ناجار» التجاري بجنوب شرقي دلهي عام 1994. عندما وصلت دولما لأول مرة إلى دلهي في التسعينات، لم يكن هناك أي حائل للحوم بين السكان المحليين لأنهم ظنوا أن الطبق كان «كاتشا» (نيء) بالمقارنة مع أطعمة الشوارع الأخرى.

في الهند، كانت لدينا فرصة لتكييف أفضل الأطعمة مع أذواقنا. ليس من المستغرب، إذن، أن نتمكن الآن من العثور على المومو بالعديد من الأصناف المتغيرة التي صنعت حشوات مختلفة.

مومو الدجاج

مع حشوة الدجاج اللذيذة، لا شك أن المومو هي إحدى وصفات الوجبات الخفيفة السهلة التي يمكنكم صنعها في البيت. يمكن الاستماع بمومو الدجاج بصورة أفضل مع صلصة الفلفل الحار والثوم. كما يمكنكم أيضاً إضافة أي نوع من اللحوم المفرومة بحسب اختيارك، وحتى تحضير صلصات التغميس التقليدية المصنوعة من خليط من الأعشاب والتوابل الطازجة.

المومو المقلي

تحصل هذه المومو المقرمشة على قوامها الجميل لأنها مملوءة بالخضراوات المطبوخة، ثم تُقلى جيداً حتى تتحول إلى اللون البني الذهبي اللامع. ثم اغمسها في بعض مايونيز بالثوم، وسيكون لديك بركان من النكهات اللذيذة ينفجر في فمك!

مومو التاندوري

هذه هي النسخة الهندية من المومو المشهورة للغاية والمحبوبة لدى الجميع تقريباً! وإلا فكيف يمكنك إثبات «هنديتك» إذا كنت لا تأكل كل شيء مغطى بالصلصة، بما في ذلك المومو! من المؤكد أن النكهة الغنية لمومو التاندوري تغري براعم التذوق لديك.

تباع الأطباق التقليدية في شوارع كاثماندو (شاترستوك)

المومو البخاري

تُحشى هذه المومو الملفوفة السميكة حتى القلب بقطع من جبن البانير والخضراوات وفول الصويا. والصحن المملوء من هذه المومو المُبخر هو الطعام المثالي والكامل للأمسيات الشتوية الباردة.

المومو بالجبن القريش

لقد خمنت ذلك جيداً، هذه المومو مليئة بالجبن القريش اللذيذ الممزوج بالأعشاب والتوابل، والمثالية للأيام التي تتوق فيها إلى تناول الجبن. امزج بعض المايونيز الصلصة بالنعناع لعمل «تغميسة» غنية لمومو الخاص بك!

توبكا (حساء النودلز التيبتي)

يُعتقد أن منشأ توكبا، حساء المعكرونة التقليدي، يرجع إلى شرق التيبت. الكلمة تترجم إلى «حساء من اليخني مع الشعرية». هناك العديد من أنواع التوكبا، والأكثر شعبية منها هي «جياثوك»، و«باثونغ»، و«دريثوغ»، و«باخثو»، و«ثينثوك».

يحب الهنود تناول وجبات المومو اللذيذة مع بعض التوكبا الدافئة.

يقول تسيرينغ ناربو، الذي يدير مشروع «مطبخ كاراكورام» للطهي التيبتي المنزلي في غوروغرام بضواحي العاصمة دلهي: «تحتاج التوكبا إلى القليل من الوقود وبالكاد إلى أي مكونات. إنها تحتوي على ثلاثة مكونات فقط - الكربوهيدرات من الشعرية، والألياف من الخضراوات، والبروتين من اللحوم - وهي وجبة كاملة في حد ذاتها». بالنسبة إلى النكهات، تكفي رشة من الفلفل الأسود المطحون الطازج. تحتوي التوكبا التيبتية الكلاسيكية أيضاً على «تشوربي» (جبن الياك الصلب أو جبن الماعز) الذي يمنحها نكهة خاصة للغاية.

بحسب ناربو، برغم أن معظم الخضراوات الشتوية مثل الجزر والبازلاء تدخل في صناعة التوكبا، فإن الفجل لا بديل عنه. في هذه الأيام، هناك أصناف من «بوك تشوي: الملفوف الصيني» والبصل الأخضر أيضاً. برغم أن التوكبا مع الشعرية الصينية الطويلة هي الأكثر شعبية، فإن التوكبا التيبتية التقليدية، والمعروفة باسم «ثينثوك»، لديها قطع مستطيلة من الشعرية التي تُسحب يدوياً. هناك أيضاً نسخة باردة من التوكبا تُعرف باسم «لاماي»، كما يقول ناربو، التي تحتوي على الشعرية المسطحة المغطاة بالخضراوات واللحوم المفرومة. يحتاج المرء إلى تقليب الخضراوات واللحوم قليلاً للاستمتاع بنكهة إضافية.

يقول براشانت سينغ، رئيس العمليات في مطعم «ييتي» في دلهي المعروف بالأطعمة النيبالية والتيبتية: «سر التوكبا الجيدة يكمن في المخزون». إذ تُغلي جميع الخضراوات واللحوم في المرق ثم تُضاف النكهة بالأعشاب. ويقول سينغ إنه في مطعم «ييتي» تُضاف الأعشاب النيبالية مثل الجندروك. ويضيف: «نستمد عشباً آخر اسمه (جيمبو) من التيبت، وهذا يدخل في المخزون أيضاً». والطريقة المُثلى لاستخلاص النكهة الغنية من أي عشبة هي إضافتها قبل دقائق قليلة من رفع الطبق من على النار. إلى جانب التذوق، فسوف تجذبك الروائح بشدة.

ثينثوك هو أيضاً حساء تبتي شائع آخر مصنوع من عجينة دقيق القمح وقطع من الخضراوات واللحوم. ولإعداد هذا الطبق، يُعد الحساء بالخضراوات واللحوم أولاً. ثم تسطيح العجينة، وتقطيعها إلى أشكال، وإضافتها إلى الحساء المغلي في اللحظة الأخيرة. ويُقدم هذا الطبق على العشاء والغداء.

لابينغطبق تبتي أصيل سوف يدفعك بالتأكيد إلى تناول المزيد. إنه طبق من معكرونة فول الصويا الباردة اللاذعة الذي يُقدم في كل زاوية من مستوطنة «ماجنو كا تيلا». وكلمة «لابينغ» تعني حرفياً «الشعرية الباردة»، وهو طبق شائع في العديد من البلدان المجاورة بما في ذلك نيبال والتيبت. إنه طبق بارد ولاذع، ويعتبر طعاماً صيفياً منعشاً. إن قوام لابينغ الناعم الأشبه بالهلام سوف يملك عليك فؤادك.

تينغمو

تينغمو هو كعكة بسيطة ورقيقة تُطهى على البخار، في شكل زهرة تذوب في فمك. كما أن تينغمو مريحة رؤيته للعيون أيضاً حيث يُدار أو يُلف في أشكال مُعقدة، ويُقدم جنباً إلى جنب مع الصلصات الحارة أو اليخني، ويمكن أن يكون مذاقه رائعاً.

يُعد تينغمو، المصنوع من الخميرة والدقيق والماء، خبزاً طرياً ومثالياً للغمس في الصلصات الغنية واللذيذة. وبخلاف المومو، التي هي عبارة عن تينغمو مملوءة باللحم، يكون تينغمو العادي بسيطاً أو متبلاً بدرجة قليلة، وهو المرافق المثالي للطعام اللذيذ لشبه القارة الهندية والمنطقة المحيطة بها.

شاي الزبدة

شاي الزبدة التيبتية معروف أيضاً باسم «بو تشا»، وهو من أكثر وصفات الشاي الفريدة من نوعها. وهو شاي مملح، يُصنع بغلي الشاي مع صودا الخبز والملح، ثم يُضاف إليه مكعب كبير من الزبدة. تُصنع هذا الزبدة بطريقة خاصة في آلة خشبية يُسمى «تشاندونغ»، والحليب المستخدم فيها عادة ما يكون حليب الياك. ويُعتقد أن الجمع بين حليب الياك والزبدة يساعد على مقاومة البرد القارس في مرتفعات الهيمالايا، كما له فوائد علاجية كذلك.

لكن في الهند، يُستخدم الحليب والزبدة الطبيعيان في المعتاد برغم أن شاي الزبدة التيبتي يُصنع باستخدام زبدة الياك.

ويعتقد الطب التيبتي أن الجمع بين الزبدة والشاي يوفر توازناً أكبر بين العقل والجسم مقارنة بالوقت الذي يُتناول فيه هذان العنصران بشكل منفصل.

شافالي: (طبق تبتي من الخبز المحشو باللحم المتبل والملفوف)

شافالي هي معجنات شهية محشوة باللحوم والخضراوات الحريفة، وهي مقلية جداً للطهي. ومجهزة على نحو مماثل كمثل السمبوسة الهندية أو الزلابية الصينية. شافالي هي وجبة خفيفة مثالية يمكن الاستمتاع بها في أي وقت من اليوم. وهي مقرمشة من الخارج ولينة من الداخل، وأفضل طريقة لتقديمها مع صلصة الفلفل الأحمر الحار.

«شابتا» هو طبق من اللحوم المقلية مع الخضراوات والصلصة الطرية. ويعني الاسم «شابتا» الشرائح الرقيقة في التيبت، في إشارة إلى شرائح اللحم الرقيقة المستعملة في الطبق. ويُقدم عادة مع الأرز المطبوخ على البخار أو نخالة «تينغمو» الخبز التيبتي، ويُعد عنصراً أساسياً في الأسر التيبتية.


مقالات ذات صلة

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية
TT

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

هل فكرتِ في إعداد أصابع الكفتة دون اللحم؟ وهل خطر في بالك أن تحضري الحليب المكثف في المنزل بدلاً من شرائه؟

قد يبدو تحضير وجبات طعام شهية، واقتصادية أمراً صعباً، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء؛ مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن طرق مبتكرة لتحضير وجبات شهية دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة.

وهو ما دفع الكثيرين مؤخراً إلى إعادة التفكير في عاداتهم الغذائية، والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية، الأمر الذي تفاعلت معه مدونات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرز لدى القائمين عليها هذا الاتجاه في الطهي بإيقاع تنافسي، لتقديم العديد من الطرق لتحضير الطعام بما يلائم الميزانيات.

وحسب خبراء للطهي، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه بقليل من الإبداع والتخطيط، يمكن تحويل مطبخك إلى مكان لإعداد وجبات شهية واقتصادية دون تكلف.

تقول الشيف المصرية سارة صقر، صاحبة مدونة «مطبخ سارة»: «أصبح الطعام الاقتصادي من أهم اتجاهات الطهي حالياً، لمحاولة تقليل النفقات بشكل كبير، تزامن ذلك مع انتشار ثقافة توفير الوقت والجهد، من خلال تحضير وجبات سهلة وسريعة وأيضاً مبتكرة، وهو ما تفاعل معه الطهاة وأصحاب مدونات الطهي، الذين يتسابقون في تقديم أفكار تساعد الجمهور على تلبية احتياجاتهم بشكل اقتصادي، وبطريقة شهية وجذابة».

وتضيف: «من وجهة نظري فإن أساس تحقيق معادلة الشهي والاقتصادي معاً تكمن أولاً في اختيار المكونات البديلة المستخدمة، فمن المهم أن نفكر بشكل دائم في البديل الأوفر في جميع أطباقنا». وتضرب مثلاً بتعويض أنواع البروتين الحيواني بالبروتين النباتي مثل الفطر (المشروم) أو البيض؛ ويمكننا أيضاً استبدال الدواجن باللحوم، مع الابتعاد تماماً عن اللحوم المُصنعة، فهي غير صحية وليست اقتصادية».

وترى أن الابتكار في الوجبات بأبسط المكونات المتوفرة عامل رئيسي في تحقيق المعادلة، و«يمكنني تحويل وجبة تقليدية مُملة للبعض لوجبة شهية وغير تقليدية، وهذا ما أهتم به دائماً، لا سيما عن طريق إضافة التوابل والبهارات المناسبة لكل طبق، فهي أساس الطعم والرائحة الذكية».

من أكثر الأطباق التي تقدمها الشيف سارة لمتابعيها، وتحقق بها المعادلة هي الباستا أو المعكرونة بأنواعها، لكونها تتميز بطرق إعداد كثيرة، ولا تحتاج إلى كثير من المكونات أو الوقت. كما أنها تلجأ إلى الوجبات السهلة التي لا تحتوي على مكونات كثيرة دون فائدة، مع التخلي عن المكونات مرتفعة الثمن بأخرى مناسبة، مثل تعويض كريمة الطهي بالحليب الطبيعي كامل الدسم أو القشدة الطبيعية المأخوذة من الحليب الطازج، فهي تعطي النتيجة نفسها بتكلفة أقل، وبدلاً من شراء الحليب المكثف يمكن صنعه بتكلفة أقل في المنزل.

تشير الشيف سارة إلى أن كثيرات من ربات المنازل قمن باستبدال اللحوم البيضاء بالحمراء، وأصناف الحلوى التي يقمن بإعدادها منزلياً بتكلفة أقل بالحلوى الجاهزة، كذلك استعضن عن المعلبات التي تحتوي على كثير من المواد الحافظة بتحضيرها في مطابخهن.

بدورها، تقول الشيف نهال نجيب، صاحبة مدونة «مطبخ نهال»، التي تقدم خلالها وصفات موفرة وأفكاراً اقتصادية لإدارة ميزانية المنزل، إن فكرة الوجبات الاقتصادية لا تقتصر على فئة بعينها، بل أصبحت اتجاهاً عالمياً يشمل الطبقات كافة.

وترى نهال أن الادخار في الأصل هو صفة الأغنياء، وفي الوقت الحالي أولى بنا أن ندخر في الطعام لأنه أكثر ما يلتهم ميزانية المنزل، وبالتالي فالوجبات الاقتصادية عامل مساعد قوي لتوفير النفقات، لافتة إلى أن «هذا الاتجاه فتح مجالاً كبيراً أمام الشيفات لابتكار وصفات متعددة وغير مكلفة، وفي الوقت نفسه شهية لإرضاء كل الأذواق، فليس معنى أن تكون الوجبات اقتصادية أن تفقد المذاق الشهي».

وتضيف: «محاولة التوفير والاستغناء عن كل ما زاد ثمنه وإيجاد بدائله لا يعني الحرمان، فالأمر يتمثل في التنظيم وإيجاد البدائل؛ لذا أفكر دائماً فيما يفضله أفراد أسرتي من أنواع الطعام، وأحاول أن أجد لمكوناته بدائل اقتصادية، وبذلك أحصل على الأصناف نفسها ولكن بشكل موفر».

وتشير الشيف نهال إلى أن هناك العديد من الوصفات غير المكلفة والشهية في الوقت نفسه بالاعتماد على البدائل، مثال ذلك عند إعداد أصابع الكفتة يمكن إعدادها بطرق متنوعة اقتصادية، تصل إلى إمكانية التخلي عن اللحم وتعويضه بالعدس أو الأرز المطحون أو دقيق الأرز، وتقول إن «قوانص» الدجاج، والمعكرونة المسلوقة، توضع في «الكبة» مع بصل وتوابل ودقيق بسيط لإعطاء النتيجة نفسها، كما يمكن الاعتماد في الكفتة على البرغل أو الخبز أو البقسماط، الذي يضاف إلى كمية من اللحم المفروم لزيادتها.

وكذلك بالنسبة لكثير من أصناف الحلويات، التي يمكن تغيير بعض المكونات فيها لتصبح اقتصادية مع الحفاظ على مذاقها، فعند إعداد الكيك يمكن استخدام النشا كبديل للدقيق الأبيض، واستخدام عصير البرتقال أو المياه الغازية بدلاً من الحليب. وتلفت أيضاً إلى إمكانية إعداد أنواع الصوصات في المنزل بدلاً من شرائها، فهذا سيوفر المال وأيضاً لضمان أنها آمنة وصحية، وكذلك الحليب المبستر يتم الاستغناء عنه لغلو سعره والاستعاضة عنه بالحليب طبيعي، والسمن البلدي يمكن تعويضه بزيت الزيتون الصحي وليس بالسمن المهدرج المضر بالصحة.

من خلال اقترابهما من جمهور «السوشيال ميديا»، وتبادل الأحاديث معهم، توجه الطاهيتان كثيراً من النصائح لحفاظ السيدات على أطباقهن شهية واقتصادية.

فمن النصائح التي توجهها الشيف سارة، التوسع في استخدام البقوليات، خصوصاً العدس والحمص والفاصوليا المجففة، بديلاً اقتصادياً وصحياً للحوم، مع الاعتماد على المكونات الطازجة في موسمها وتخزينها بشكل آمن لتُستخدم في غير موسمها بدلاً من شرائها مُعلبة.

بينما تبين الشيف نهال أن الأجيال الجديدة تفرض على الأم وجود بروتين بشكل يومي، وهو ما زاد من مسؤوليتها في ابتكار وجبات اقتصادية وشهية، وما ننصح به هنا تعويض المكونات ببدائل أخرى، مثل الاستغناء عن اللحوم البلدية واللجوء للمستوردة في بعض الأطباق، واستخدام المشروم بديلاً للبروتين.

وتشير إلى أن لكل ربة منزل «تكات الطهي» أو ما يطلق عليها «النفس»، وهو ما عليها استغلاله لتقديم أطباق مبتكرة، مبينة أن الكثير من صفحات «يوتيوب» و«فيسبوك» توفر أفكاراً اقتصادية متنوعة يمكنها أن تساعد السيدات في تلبية احتياجاتهن.