تاريخ المطبخ التيبتي وقصة وصوله إلى الهند

من أشهر أطباقه «مومو» متعدد طرق التحضير

الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
TT

تاريخ المطبخ التيبتي وقصة وصوله إلى الهند

الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)
الطبق الأشهر في التبت ويشبه الـ«دامبلينغ» الآسيوي (شاترستوك)

الهند عبارة عن بوتقة لمختلف الثقافات. والمطبخ الهندي عبارة عن مزيج جميل من الثقافات والمأكولات المحلية لأولئك الذين لجأوا إلى الحياة في الهند.

هنا، نحن نتحدث عن طعام أهل التيبت.

«مومو» من أشهر الأطباق في التبت (شاترستوك)

بصرف النظر عن الموسم، يبقى المطبخ التيبتي المفضل لدى الجميع. إنه مزيج لذيذ من النكهات والقوام التي تسحب براعم التذوق لديك في مغامرة عبر جبال ووديان التيبت.

كيف وصل المطبخ التيبتي إلى الهند؟

للمطبخ التيبتي قصة مثيرة للاهتمام عن كيفية مجيئه إلى الهند. في عام 1959، عندما هاجم الصينيون المنطقة، اضطر الدلاي لاما إلى مغادرة التيبت والسفر إلى الهند بحثاً عن ملاذ آمن. جلب الأشخاص الذين رافقوه، بمن فيهم معلموه، وأعضاء مجلس الحكم في التيبت خلال حكم أسرة «تشينغ» وفترة ما بعد تشينغ حتى الخمسينات، وأفراد أسرته تقاليدهم في الطهي إلى البر الهندي الرئيسي، وواصلوا تقديم أطباقهم الأصلية مثل «مومو»، و«توكبا»، و«تشيكو»، و«لابينغ»، وغيرها من الأصناف بين الهنود.

تشير نظرية أخرى إلى أن تجار النيوار (النيوار أو النيباميون، هم السكان التاريخيون لوادي كاثماندو والمناطق المحيطة به في نيبال وصناع تراثها التاريخي وحضارتها) في كاثماندو هم الذين جلبوا طعام أهل التيبت إلى الهند خلال رحلاتهم على طول طريق الحرير. ثم توزعت شعبيتهم إلى أجزاء أخرى من البلاد، وصارت في النهاية الطعام الروحي المحبوب لدى الكثير من الهنود.

يقول كمال راتنا تولدهار، مؤلف كتاب «قافلة إلى لاسا: تاجر من كاثماندو في التيبت التقليدية»: «عاش تجار النيوار في التيبت لسنوات في كل مرة، وتعلموا إعداد الأطعمة المحلية، سواء بدافع الاهتمام أو الضرورة (أي الاختيار المحدود للمكونات). وعندما عادوا إلى نيبال، لقنوا أفراد أسرهم كيفية صنع الأطعمة. ومن ثم، تحول الأمر إلى مجرد قفزة أخرى نحو الشوارع».

«مومو» مقلي (شاترستوك)

تعتبر (مستوطنة) «مانجو كا تيلا» في شمال دلهي واحدة من أفضل الأماكن ليس فقط لتجربة الثقافة التيبتية والحصول على طعام جيد للغاية، وإنما هو مكان نابض بالحياة ويغلب عليه الطابع التيبتي.

مشهد الطعام قوي للغاية هنا بحيث إن الكثير من الناس، حتى من الزوايا البعيدة للمدينة، يفدون إلى (المستوطنة) من أجل الطعام. وحتى «المومو» المبيع على جانب الشارع، و«لابينغ»، وصحون «توكبا» المُبخرة المبيعة في الأكشاك لها جمهورها الخاص من المعجبين.

المومو: (نوع من الزلابية المطهوة بالبخار تعود أصولها إلى منطقة الهيمالايا وتحظى بشعبية في التيبت وبوتان ونيبال والهند).

أصل المومو غامض بدرجة ما. بيد أن معظم الناس يتفقون على أنه من أصول تبتية في المقام الأول.

أصبح مومو غذاء أساسياً في شوارع الهند. وفي عام 1928، أشار تشارلز ألفريد بيل، سفير الهند البريطانية لدى التيبت وأحد أوائل «علماء التيبت»، إلى أن السكان المحليين كانوا يتناولون «10 أو 15 زلابية صغيرة من اللحوم» في الغداء.

يوصف معنى المومو في قاموس أكسفورد بأنه طبق تبتي مطهو على البخار، والذي يُعد بخلط اللحوم والخضراوات معاً.

سواء كان الشخص نباتياً أم لا، فإن هوس الناس من كل الأعمار بوجبة المومو أمر يستحق المشاهدة. هذا هو الطبق الذي تجده في كل مكان، ليس فقط لدى الباعة الجائلين، وإنما أيضاً في الأسواق، والمكاتب، والمتاجر المزدحمة. وباعتباره من أطعمة الشوارع، فإن محبة الأطفال والشباب وكبار السن للمومو لها وضع آخر.

سواء كنت في المدرسة أو الكلية أو المكتب أو المركز التجاري، سوف ترى بالتأكيد أكشاك المومو حول هذه الأماكن. سواء كان ذلك في الصيف أو الشتاء، فإن حماس الناس للمومو لا يتغير في كل موسم.

يُعتقد أن السيدة «دولما تسيرينغ»، وهي من أهالي التيبت، بدأت أول كشك لبيع المومو في حي «لاجبات ناجار» التجاري بجنوب شرقي دلهي عام 1994. عندما وصلت دولما لأول مرة إلى دلهي في التسعينات، لم يكن هناك أي حائل للحوم بين السكان المحليين لأنهم ظنوا أن الطبق كان «كاتشا» (نيء) بالمقارنة مع أطعمة الشوارع الأخرى.

في الهند، كانت لدينا فرصة لتكييف أفضل الأطعمة مع أذواقنا. ليس من المستغرب، إذن، أن نتمكن الآن من العثور على المومو بالعديد من الأصناف المتغيرة التي صنعت حشوات مختلفة.

مومو الدجاج

مع حشوة الدجاج اللذيذة، لا شك أن المومو هي إحدى وصفات الوجبات الخفيفة السهلة التي يمكنكم صنعها في البيت. يمكن الاستماع بمومو الدجاج بصورة أفضل مع صلصة الفلفل الحار والثوم. كما يمكنكم أيضاً إضافة أي نوع من اللحوم المفرومة بحسب اختيارك، وحتى تحضير صلصات التغميس التقليدية المصنوعة من خليط من الأعشاب والتوابل الطازجة.

المومو المقلي

تحصل هذه المومو المقرمشة على قوامها الجميل لأنها مملوءة بالخضراوات المطبوخة، ثم تُقلى جيداً حتى تتحول إلى اللون البني الذهبي اللامع. ثم اغمسها في بعض مايونيز بالثوم، وسيكون لديك بركان من النكهات اللذيذة ينفجر في فمك!

مومو التاندوري

هذه هي النسخة الهندية من المومو المشهورة للغاية والمحبوبة لدى الجميع تقريباً! وإلا فكيف يمكنك إثبات «هنديتك» إذا كنت لا تأكل كل شيء مغطى بالصلصة، بما في ذلك المومو! من المؤكد أن النكهة الغنية لمومو التاندوري تغري براعم التذوق لديك.

تباع الأطباق التقليدية في شوارع كاثماندو (شاترستوك)

المومو البخاري

تُحشى هذه المومو الملفوفة السميكة حتى القلب بقطع من جبن البانير والخضراوات وفول الصويا. والصحن المملوء من هذه المومو المُبخر هو الطعام المثالي والكامل للأمسيات الشتوية الباردة.

المومو بالجبن القريش

لقد خمنت ذلك جيداً، هذه المومو مليئة بالجبن القريش اللذيذ الممزوج بالأعشاب والتوابل، والمثالية للأيام التي تتوق فيها إلى تناول الجبن. امزج بعض المايونيز الصلصة بالنعناع لعمل «تغميسة» غنية لمومو الخاص بك!

توبكا (حساء النودلز التيبتي)

يُعتقد أن منشأ توكبا، حساء المعكرونة التقليدي، يرجع إلى شرق التيبت. الكلمة تترجم إلى «حساء من اليخني مع الشعرية». هناك العديد من أنواع التوكبا، والأكثر شعبية منها هي «جياثوك»، و«باثونغ»، و«دريثوغ»، و«باخثو»، و«ثينثوك».

يحب الهنود تناول وجبات المومو اللذيذة مع بعض التوكبا الدافئة.

يقول تسيرينغ ناربو، الذي يدير مشروع «مطبخ كاراكورام» للطهي التيبتي المنزلي في غوروغرام بضواحي العاصمة دلهي: «تحتاج التوكبا إلى القليل من الوقود وبالكاد إلى أي مكونات. إنها تحتوي على ثلاثة مكونات فقط - الكربوهيدرات من الشعرية، والألياف من الخضراوات، والبروتين من اللحوم - وهي وجبة كاملة في حد ذاتها». بالنسبة إلى النكهات، تكفي رشة من الفلفل الأسود المطحون الطازج. تحتوي التوكبا التيبتية الكلاسيكية أيضاً على «تشوربي» (جبن الياك الصلب أو جبن الماعز) الذي يمنحها نكهة خاصة للغاية.

بحسب ناربو، برغم أن معظم الخضراوات الشتوية مثل الجزر والبازلاء تدخل في صناعة التوكبا، فإن الفجل لا بديل عنه. في هذه الأيام، هناك أصناف من «بوك تشوي: الملفوف الصيني» والبصل الأخضر أيضاً. برغم أن التوكبا مع الشعرية الصينية الطويلة هي الأكثر شعبية، فإن التوكبا التيبتية التقليدية، والمعروفة باسم «ثينثوك»، لديها قطع مستطيلة من الشعرية التي تُسحب يدوياً. هناك أيضاً نسخة باردة من التوكبا تُعرف باسم «لاماي»، كما يقول ناربو، التي تحتوي على الشعرية المسطحة المغطاة بالخضراوات واللحوم المفرومة. يحتاج المرء إلى تقليب الخضراوات واللحوم قليلاً للاستمتاع بنكهة إضافية.

يقول براشانت سينغ، رئيس العمليات في مطعم «ييتي» في دلهي المعروف بالأطعمة النيبالية والتيبتية: «سر التوكبا الجيدة يكمن في المخزون». إذ تُغلي جميع الخضراوات واللحوم في المرق ثم تُضاف النكهة بالأعشاب. ويقول سينغ إنه في مطعم «ييتي» تُضاف الأعشاب النيبالية مثل الجندروك. ويضيف: «نستمد عشباً آخر اسمه (جيمبو) من التيبت، وهذا يدخل في المخزون أيضاً». والطريقة المُثلى لاستخلاص النكهة الغنية من أي عشبة هي إضافتها قبل دقائق قليلة من رفع الطبق من على النار. إلى جانب التذوق، فسوف تجذبك الروائح بشدة.

ثينثوك هو أيضاً حساء تبتي شائع آخر مصنوع من عجينة دقيق القمح وقطع من الخضراوات واللحوم. ولإعداد هذا الطبق، يُعد الحساء بالخضراوات واللحوم أولاً. ثم تسطيح العجينة، وتقطيعها إلى أشكال، وإضافتها إلى الحساء المغلي في اللحظة الأخيرة. ويُقدم هذا الطبق على العشاء والغداء.

لابينغطبق تبتي أصيل سوف يدفعك بالتأكيد إلى تناول المزيد. إنه طبق من معكرونة فول الصويا الباردة اللاذعة الذي يُقدم في كل زاوية من مستوطنة «ماجنو كا تيلا». وكلمة «لابينغ» تعني حرفياً «الشعرية الباردة»، وهو طبق شائع في العديد من البلدان المجاورة بما في ذلك نيبال والتيبت. إنه طبق بارد ولاذع، ويعتبر طعاماً صيفياً منعشاً. إن قوام لابينغ الناعم الأشبه بالهلام سوف يملك عليك فؤادك.

تينغمو

تينغمو هو كعكة بسيطة ورقيقة تُطهى على البخار، في شكل زهرة تذوب في فمك. كما أن تينغمو مريحة رؤيته للعيون أيضاً حيث يُدار أو يُلف في أشكال مُعقدة، ويُقدم جنباً إلى جنب مع الصلصات الحارة أو اليخني، ويمكن أن يكون مذاقه رائعاً.

يُعد تينغمو، المصنوع من الخميرة والدقيق والماء، خبزاً طرياً ومثالياً للغمس في الصلصات الغنية واللذيذة. وبخلاف المومو، التي هي عبارة عن تينغمو مملوءة باللحم، يكون تينغمو العادي بسيطاً أو متبلاً بدرجة قليلة، وهو المرافق المثالي للطعام اللذيذ لشبه القارة الهندية والمنطقة المحيطة بها.

شاي الزبدة

شاي الزبدة التيبتية معروف أيضاً باسم «بو تشا»، وهو من أكثر وصفات الشاي الفريدة من نوعها. وهو شاي مملح، يُصنع بغلي الشاي مع صودا الخبز والملح، ثم يُضاف إليه مكعب كبير من الزبدة. تُصنع هذا الزبدة بطريقة خاصة في آلة خشبية يُسمى «تشاندونغ»، والحليب المستخدم فيها عادة ما يكون حليب الياك. ويُعتقد أن الجمع بين حليب الياك والزبدة يساعد على مقاومة البرد القارس في مرتفعات الهيمالايا، كما له فوائد علاجية كذلك.

لكن في الهند، يُستخدم الحليب والزبدة الطبيعيان في المعتاد برغم أن شاي الزبدة التيبتي يُصنع باستخدام زبدة الياك.

ويعتقد الطب التيبتي أن الجمع بين الزبدة والشاي يوفر توازناً أكبر بين العقل والجسم مقارنة بالوقت الذي يُتناول فيه هذان العنصران بشكل منفصل.

شافالي: (طبق تبتي من الخبز المحشو باللحم المتبل والملفوف)

شافالي هي معجنات شهية محشوة باللحوم والخضراوات الحريفة، وهي مقلية جداً للطهي. ومجهزة على نحو مماثل كمثل السمبوسة الهندية أو الزلابية الصينية. شافالي هي وجبة خفيفة مثالية يمكن الاستمتاع بها في أي وقت من اليوم. وهي مقرمشة من الخارج ولينة من الداخل، وأفضل طريقة لتقديمها مع صلصة الفلفل الأحمر الحار.

«شابتا» هو طبق من اللحوم المقلية مع الخضراوات والصلصة الطرية. ويعني الاسم «شابتا» الشرائح الرقيقة في التيبت، في إشارة إلى شرائح اللحم الرقيقة المستعملة في الطبق. ويُقدم عادة مع الأرز المطبوخ على البخار أو نخالة «تينغمو» الخبز التيبتي، ويُعد عنصراً أساسياً في الأسر التيبتية.


مقالات ذات صلة

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.