مطاعم مصرية تكسر الرتابة بأفكار مسلّية... منها صيد السمك

بهدف محاربة الملل لدى الزبائن خلال الأكل

اختر السمك بنفسك واختر الصلصة وطريقة الطهي أيضاً (صفحة المطعم على «فيسبوك»)
اختر السمك بنفسك واختر الصلصة وطريقة الطهي أيضاً (صفحة المطعم على «فيسبوك»)
TT

مطاعم مصرية تكسر الرتابة بأفكار مسلّية... منها صيد السمك

اختر السمك بنفسك واختر الصلصة وطريقة الطهي أيضاً (صفحة المطعم على «فيسبوك»)
اختر السمك بنفسك واختر الصلصة وطريقة الطهي أيضاً (صفحة المطعم على «فيسبوك»)

إلى جانب التجديد المستمر في الطعام وابتكار أصناف جديدة، تحاول مطاعم مصرية مواجهة ما قد يصيب الزبائن بـ«الملل» خلال تناول الطعام أو انتظاره، عبر ابتكارات جديدة تشغل الرواد وتحفّزهم.

حيلة كسر الملل باصطياد الأسماك، لجأ إليها مطعم «مارين أدفانتشر» بمدينة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، التي يسوّق لها من اتجاه أنها تمنح الزبائن فرصة للتأكد من أن الأسماك طازجة وحيّة. فهناك على أحد جوانب المطعم خُصص لكل نوع من الأسماك حوض كبير كُتب عليه شعار «اصطد أكلتك من البحر بيدك». وترى إدارة المطعم أن هذه العملية تمنح الزبون شعوراً بالانتماء إلى المكان.

ولتسهيل الأمر على الزبائن تم تقسيم كل صنف من الأسماك والمأكولات البحرية في حوض مستقل، ويقوم الزبون بالصيد من خلال شبكة، ثم يحدد طريقة الطهي والصلصات والخضراوات والتوابل حسب الرغبة.

ويتفرد مطعم «مارين أدفانتشر» بطبقه الخاص، وهو «شوربة فواكه البحر بالصوص الأبيض والكريمة أو الصلصة الحمراء»، كما يقدم أنواع الأسماك المختلفة، من بينها «المشوي على الفحم أو في الفرن، أو المقلي» بالتتبيلة المعروفة.

وتتضمن قائمة الطعام أنواعاً مختلفة من الأسماك والمأكولات البحرية، منها: البلطي، والبوري، والقاروص، والسنجاري، والفيليه، والسبيط، وسمك التونة، والجمبري بأنواعه، والكابوريا، والاستاكوزا، والصرومباء، وتُطهى جميعها بطرق مختلفة بالتتبيلة الأساسية بشرائح البصل والثوم والفلفل الألوان والحار والليمون والبطاطس، مع التجديد بإضافة أنواع مختلفة من الأجبان، مثل الشيدر والموتزاريلا والرومي.

الديكور والإطلالة عنصر جذب جديد؛ حيث يجلس الزبائن وسط شلال مياه وحولهم أحواض الأسماك المختلفة، إلى جانب عرض أفلام كرتونية للأطفال، وألعاب «بلاي ستيشن»، وأيضاً حفلات موسيقية.

ومن التقاليد التي ابتكرتها مطاعم مصرية، ومنها «لوديز بيتزا» بمدينة السادس من أكتوبر، هدية عبارة عن فيلم سينمائي «على قرص مدمج» من اختيار الزبون مع كل بيتزا يشتريها. ويتخصص المطعم في البيتزا الإيطالية التقليدية بأصولها المعتادة من العجينة المتميزة الخفيفة الهشة وصوص البيتزا المميز، والإضافات بأنواعها مع البطاطس المقلية المتبلة وصوصات البيتزا الإضافية، بالإضافة إلى الأطباق الحلوة.

ومن بين أنواع البيتزا التي يقدمها المطعم، المرغريتا، وتحتوي على جبنة موتزاريلا طازجة وشرائح من الطماطم والبصل والزيتون والجبنة البراميزان والجمبري المقلي المقرمش بالخلطة السرية، مع إضافة صلصة البيتزا الشهية وأوراق الروزماري أو إكليل الجبل.

وتحت شعار «العب تكسب والكل كسبان كسبان»، ابتكر مطعم «صلصة ميستا» بمصر الجديدة (شرق القاهرة) فكرة جديدة لتجنيب الزبائن «الملل» واجتذابهم، وتعتمد على لعبة النرد «الزهر»؛ حيث يقوم الزبون بإلقاء «الزهر» وإذا ربح لا يدفع ثمن وجبته. ويشرح سامح عبد القوي، مدير المطعم، تفاصيل الفكرة لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «يجب أن يكون عدد الزبائن ثلاثة أشخاص على الأقل على المنضدة في صحبة، أصدقاء أو عائلة، يطلبون الطعام أولاً، ثم نبدأ المسابقة بكتابة اسم كل منهم في ورقة وإلى جواره رقم، مثلاً 1، 2، ثم 3، ويقوم أحدهم أو أحد عمال المطعم برمي الزهر فيفوز صاحب الرقم الذي يقف عليه الزهر، وتكون وجبته التي سبق أن طلبها مجانية».

ويستقبل المطعم زبائنه بمشروب التحية، وهو مجاني من عصائر طازجة ومشروبات ساخنة، إلى جانب المقبلات، وعقب أن يحددوا طلباتهم، تبدأ مسابقة رمي «الزهر»، ولا تقتصر المكافأة على الفائز، بل يحصل من لم يفز على طبق حلوى مجاني.

ولمزيد من الجذب لا يلتزم المطعم بقائمة أصنافه المحددة مسبقاً، بل يمكن للزبائن أن يطلبوا أي صنف غير مدرج على القائمة، أو اختيار طريقة طهي مختلفة، ومن بين الأصناف التي تتضمنها قائمة الطعام الرئيسية، طبق الباستا بالبيستو، وأيضاً طبق الميل بولز، وهو قطع لحم مفروم تم تشكيلها على شكل أصابع محشوة بالجبن ومتبلة بطبقات من البقسماط والبيض والدقيق الأبيض والنشا والتوابل.

وللحرص على التنوع في الأصناف خصص المطعم ركناً خاصاً للأكلات الآسيوية، ومن أبرز أطباقها «أويستر بيف»، والسلمون الترياكي، وجمبري أو دجاج سويت آند ساور، وهو طبق تتم معادلة مستوى الملوحة والحلاوة فيه ليمنحك مذاقاً متداخلاً، وأيضاً دجاج بالكاجو، ودجاج «الستيرفراي» إلى جانب النودلز والأرز.


مقالات ذات صلة

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات مبنى «آر إتش» من تصميم المهندس المعماري البريطاني السير جون سوان (الشرق الأوسط)

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة ) محمد الكفراوي (القاهرة)
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)
مذاقات حليب جوز الهند بلآلئ التابيوكا من شيف ميدو برسوم (الشرق الأوسط)

نصائح الطهاة لاستخدام مشتقات جوز الهند في الطهي

حين تقرّر استخدام جوز الهند في الطهي، فإنك ستجده في أشكال مختلفة؛ إما طازجاً، مجفّفاً، أو حليباً، أو كريمة، وثمرة كاملة أو مبشورة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».