الشيف رغدة عبد الرازق تحول حبها للطهي إلى مشروع خاص وناجح

من العمل في شركة طيران إلى عالم الـ«كايترينغ»

الشيف رغدة عبد الرازق تحول حبها للطهي إلى مشروع خاص وناجح
TT

الشيف رغدة عبد الرازق تحول حبها للطهي إلى مشروع خاص وناجح

الشيف رغدة عبد الرازق تحول حبها للطهي إلى مشروع خاص وناجح

لم يمر وقت طويل على ممارستها الطبخ وتأسيس مشروعها المختص بإعداد العزومات، إلا وكانت الشيف المصرية، رغدة عبد الرازق، قد حققت نجاحاً في مجالها، وصنعت لنفسها طريقاً خاصةً اجتذبت عدداً كبيراً من المتابعين والمتطلعين إلى مذاقات أصيلة ممتزجة بجرعات من الحب والنوستالجيا.

كنافة بوصفة مبتكرة لعزومات رمضان (الشرق الأوسط)

ما بين المشويات التي تبرع فيها، مثل الكباب والكفتة والدجاج، والستيك، مروراً بالحمام المحشي والبط بأنواعه والرقاق والجلاش والمقبلات والسلطات والشوربات اللذيذة، وصولاً إلى طواجن الأزر والخضار باللحم الضأن، والمأكولات البحرية، حتى خيارات الحلويات الشهيرة المُحضرة بعناية، يأخذك ذلك كله لتبدأ رحلتك مع وصفات تجمع بين طرق الطهي المصرية التقليدية واللمسة العصرية المبتكرة.

من إعداد شيف رغدة عبد الرازق (الشرق الأوسط)

كانت رغدة تعمل في الإدارة بإحدى شركات الطيران الشهيرة، قبل أن تقرر تغيير مجال عملها لتتجه إلى الطهي من شدة حبها له، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ طفولتي كنت أراقب أمي وهي تمارس الطهي، تعجبني جديتها وإخلاصها له، تماماً مثلما تعجبني نكهات ورائحة طعامها، لكن لم أكن أتخيل يوماً أن أتحول إلى طاهية محترفة».

بدأت الشيف المصرية مشروعها منذ 4 سنوات. في البداية كانت تكتفي بتقديم أطباق قليلة على مدونتها على «السوشيال ميديا»، لكنها لاحظت تفاعلاً واسعاً من جانب المتابعين، ورويداً رويداً توسعت في وصفاتها، وأنواع الطعام الذي تقدمه، حتى أصبحت واحدة من الأسماء المعروفة في إعداد عزومات حفلات الزواج والخطوبة وأعياد الميلاد والعقيقة إلى جانب بوفيه المؤتمرات وحفلات الشركات والمؤسسات الكبرى: «تصل بعض العزومات إلى مئات المدعوين، الأمر لا يكون سهلاً، لكنه بالخبرة والحرفية والتنظيم وإدارة فريق العمل المصاحب لي يتم كل شيء بنجاح»، هكذا تقول.

المحاشي بكل أنواعها (الشرق الأوسط)

السمن البلدي، والمكسرات، وأجود أنواع اللحوم، والمأكولات البحرية، والتوابل والإضافات مرتفعة الثمن، بعض من المكونات الأصيلة التي تتمسك بها رغدة: «حتى في ظل ارتفاع الأسعار أحرص على استخدام أغلى الخامات؛ ربما تخلى البعض عنها بسبب الأزمة الاقتصادية، لكن علينا أن ننتبه إلى أن من أهم أساسيات الطهي الناجح أن تكون المكونات جيدة وثرية، فهي تشكل 50 في المائة من روعة المذاق، بينما الـ50 في المائة الأخرى تعود للوصفة».

في ظل هذه الأهمية، لا تفرط رغدة في التدقيق في اختيار المكونات: «أقدم المطبخ المصري كما ينبغي أن يكون، وكما تركته لنا جداتنا، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى». تتابع: «وهكذا نحفظه من الاندثار أو هبوط مستوى مذاقه ونكهته».

مشويات متنوعة (الشرق الأوسط)

أسر وجهات كثيرة أصبحت تعتمد على مطبخ رغدة، تقول: «إيقاع الحياة وانشغال المرأة بعملها وطموحاتها لم يعد يسمح لها بإعداد العزومات بنفسها، وأصبحت تترك هذه المهمة للمتخصصين، لكن المطاعم أصبحت تغالي في أسعارها، ولا تقدم طعاماً بمكونات ومذاقات ترضي الكثيرين؛ لذلك يزداد الإقبال على الطهاة الذين يقدمون هذه الخدمة بنجاح».

من ألذ الأطباق وأشهرها على قائمة الطعام الخاصة بها الديك الرومي بالمكسرات، فخذة الضاني المشوية، الموزة البتلو، عرق الروستو، كفتة داود باشا، الفتة بالخل والثوم، فتة الدجاج، ورق العنب بدبس الرومان، السمبوسك بأنواعها، الكبيبة باللبن، طاجن البامية في الفرن، كبسة الدجاج.

تتعاون الشيف مع الجمعيات الخيرية بمصر لإعداد وجبات لفئات معينة، مثل تجربتها أثناء «كورونا» لإعداد وجبات يومية لغير القادرين، فضلاً عن مرضى بعض المستشفيات: «الخير يذهب إلى الخير من خلال وجبات ساخنة لذيذة وصحية».

 

تقوم بتدريب العاملين معها على كل خطوات العمل (الشرق الأوسط)

لا تكتفي رغدة بالوقوف في المطبخ وإعداد الطعام، لكنها تشرف على الإدارة وتنسيق موائد العزومات بنفسها، تقول: «نبدأ في التحضير لأي عزومة قبلها بيومين على الأقل وفق عدد المدعوين، كل شيء يسير مثل الساعة، لا مجال للخطأ؛ فالطعام ينبغي أن يصل إلى مكانه طازجاً في أروع نكهة ورائحة، وفي وقته تماماً من دون تأخير دقيقة واحدة، فذلك مطلب أساسي للجميع؛ لكيلا يؤثر على سير الحفل، وذلك يتطلب مني التنظيم وتدريب فريق العمل جيداً».

تهتم كثيراً بآراء ورغبات متذوقي طعامها، وتعتبر ذلك هو مرشدها الأول بعد والدتها لتطوير وصفاتها وإضافة مزيد إلى لائحة الطعام الخاص بها، لكن قبل أن تترك لهم الوقت الكافي لتلمس مذاق أكلها والاستمتاع به تحرص على تجميل شكله وتنسيق طريقة تقديمه.

 

تحرص على اختيار أجود الخامات (الشرق الأوسط)

تجدها تقف بجوار فريق العمل تنسق المائدة وتزينها بالزهور والنباتات: «لا أهدف إلى مجرد مذاق مميز، لكنني أسعى إلى عزومة تجسد تجربة لا تشبه سواها».

التجهيز المسبق نصيحتها الأساسية لأي شخص يستعد لعزومة، خصوصاً في رمضان حيث تكثر الولائم العائلية مع الالتزام بوقت الإفطار: «حتى لو كان عدد الأفراد كبيراً والأصناف التي ستقوم بطهيها متنوعة، الأمر سيصبح سهلاً وسريعاً إذا جهزت له قبل الموعد بعدة أيام».

 

الكفتة من أبرز ما تقدمه (الشرق الأوسط)

الخضراوات المجمدة، وماء البصل، والبصل والثوم المفرومان، والتتبيلات، واللحوم، والدجاج المسلوق، واللحم «المعصج»، حتى البشاميل المحفوظة كلها وغيرها في الفريزر خطوة تنصح بها رغدة، التي تصف الطهي في هذه الحالة بمثابة «تركيب ودمج الطبق»، ذلك مع إضافة التوابل والسمن واتباع الخطوات الصحيحة للطهي نفسه، فضلاً عن ضبط الحرارة والوقت؛ بحيث يحافظ على قيمته الغذائية ومذاقه وقوامه. وفي النهاية وفق رغدة، «لا يتبقى لك سوى ترتيب (السرفيس) وتزيين مائدة العزومة على ذوقك الشخصي».

 

أكلات مصرية بلمسة عصرية (الشرق الأوسط)

 


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.