في عامه الستين حذاء «بيل فيفييه» يتألق بالتطريز ويدخل قصراً

كيف نجحت السينما وكاثرين دونوف في إخراج مُبدعه من الظل إلى الضوء

المدير الفني للدار منذ عام 2018 غيراردو فيلوني في حوار دائم مع المؤسس (روجيه فيفييه)
المدير الفني للدار منذ عام 2018 غيراردو فيلوني في حوار دائم مع المؤسس (روجيه فيفييه)
TT

في عامه الستين حذاء «بيل فيفييه» يتألق بالتطريز ويدخل قصراً

المدير الفني للدار منذ عام 2018 غيراردو فيلوني في حوار دائم مع المؤسس (روجيه فيفييه)
المدير الفني للدار منذ عام 2018 غيراردو فيلوني في حوار دائم مع المؤسس (روجيه فيفييه)

لم أكن على علم باللائحة الطويلة لأيقونات الموضة اللواتي وقعن في غرام «روجيه فيفييه»، أو تحديداً حذاء «بيل فيفييه» Belle Vivier إلى أن وصلت إلى مبنى الدار الجديد، وتنقلت بين أرجائه وأرشيفه، لأكتشف صوراً لجاكي كيندي أوناسيس، وصوفيا لورين، ومارلين ديتريش، وأودري هيبورن، وغيرهن.

قبل هذه الزيارة، كانت الصورة الوحيدة العالقة بذهني مشهد النجمة الفرنسية كاثرين دونوف في فيلم «بيل دو جور» Belle de Jour الذي شكل صدمة سينمائية عند صدوره في عام 1967.

حذاء «بيل فيفييه» الأيقوني يحتفل هذا العام بميلاده الـ60 (روجيه فيفييه)

حوار دائم بين الماضي والحاضر (روجيه فيفييه)

صورة امرأة فرنسية من الطبقة البورجوازية في أزياء من تصميم الراحل إيف سان لوران. وطبعاً ذلك الحذاء ذو الإبزيم المستطيل، والكعب العريض والمريح الذي نافس الأزياء جمالاً، وأناقة. بعد هذا الفيلم تغير كل شيء بالنسبة لروجيه فيفييه. كان هذا التصميم ولا يزال فألاً حسناً على الدار.

عيد ميلاد سعيد

مرت 60 عاماً على ولادته، ولا يزال أيقونياً يتجدد في كل موسم. بتطريزاته وفخامته دخل هذا الموسم قصراً مهيباً. فقد غيّرت الدار مقرها الرئيس، وأصبح لها عنوان جديد في قلب سان جيرمان دي بريه (Saint - Germain - des - Prés). منطقة ارتبطت في المخيلة بالمصمم إيف سان لوران، وفي التاريخ الباريسي بالطبقة البورجوازية.

المبنى الجديد كان قصراً ولا يزال يعتبر تحفة معمارية باريسية مميزة بكل المقاييس حوار دائم بين الماضي والحاضر (روجيه فيفييه)

تصل إلى 98 شارع الـUniversité، فيقابلك مبنى فخم أشبه بتحفة معمارية تعكس ثلاثة قرون من التاريخ الباريسي. تكتشف أن من صممه ونفذه في عام 1729 هو المهندس المعماري الملكي جاك جيليه دو لا فونتين (Jacques Gilet de la Fontaine). اختارته الدار لتستعيد من خلاله مكانتها المستحقة بين الدور العالمية الكبرى، ولتجعل منه تجربة فنية تخاطب الحواس عبر الفخامة والحرفية الباريسية. ففي كل طابق صالون أشبه بمتحف يستعرض جانباً من تاريخها، وإبداعاتها.

اللقاء مع غيراردو فيلوني

غيراردو فيلوني في مكتبه (روجيه فيفييه)

في هذا القصر، كان اللقاء مع المدير الإبداعي للدار غيراردو فيلوني. بدا سعيداً، وفخوراً بالمكانة التي وصلت إليها الدار في عهده. التحق بها في عام 2018، وهو ما اعتبره آنذاك «حلماً تحقق».

كانت ابتسامته عريضة وهو يفتح الباب لاستقبالي في صالون تتوسطه نافذة تمتد حتى السقف، وتخترقها أشعة شمس ظلت تلعب مع ضيوف أسبوع باريس لربيع وصيف 2026 لعبة «الغميضة»: تظهر حيناً، وتختفي حيناً آخر لتتهاطل الأمطار بغزارة. تحيط بهذه النافذة جدران مزينة بصورة أرشيفية لشخصيات بارزة تعاملت مع المؤسس، أو مع مصممين تسلموا المشعل من بعده.

جانب من مكتب المصمم غيراردو فيلوني حوار دائم بين الماضي والحاضر (روجيه فيفييه)

يجلس غيراردو على كرسيه وهو يقول بسعادة واضحة: «هذا مكتبي الخاص من الآن فصاعداً». أسأله إن كانت له يد في تصميم القصر بعد أن أصبح ملكاً للدار، فيجيب بالنفي ولسان حاله يقول إنه يريد ترك «الخبز لخبازه». يكفيه تكريس وقته لإبداع مجموعات تعكس مهارة الدار، وحرفيتها، وتجعلها تواكب تطورات العصر. فهذه مهمة تتطلب منه كل الجهد، والتركيز. يقول مازحاً: «اقتصر دوري باعتبار أنني مهندس فني على تصميم هذا المكتب فحسب». قال هذا وهو يفتح ذراعيه ويدور بعيونه في كل جنباته في لغة جسد تنطق: «هذه مملكتي الخاصة». تدرجات الوردي والأخضر كانت الغالبة على المكان، مع سجادة صينية على طراز آرت ديكو، وكراسي عتيقة، ومكتب نحتِي من تصميم دوتشيو ماريا غامبي (Duccio Maria Gambi). بينما تتراص على الرفوف صناديق أرشيفية تحتوي على النماذج القديمة، في إشارة إلى أولى استكشافاته في الأرشيف. لمسات شخصية أخرى زينت المكتب، مثل صورة لكلب، أكواب قديمة، وكتب عن الفن، والحدائق. كان الاستوديو بمثابة معرض مصغر لإرث الدار، لكنه يعكس رؤيته الشابة، وشخصيته الإيجابية.

علاقة الدار بالسينما

صارحته بأنني لم أرَ من قبل صوراً لجاكي كيندي تنتعل حذاء «بيل فيفييه» الشهير، فابتسم نافياً عني أي إحراج: «لست الوحيدة. قلة من الناس تعرف ذلك، شأنها شأن مارلين ديتريش، وصوفيا لورين، وأودري هيبورن، وغيرهن كثيرات. فقد كان روجيه فيفييه يعشق السينما، ويُقدر النجمات».

علاقة الدار بالسينما مستمرة في مناسبات السجاد الأحمر كما في الحملات الترويجية (روجيه فيفييه)

العلاقة بالسينما لا تزال مستمرة، بل تُعد من القواسم المشتركة بين المؤسس روجيه وغيراردو. فهذا الأخير يلتقطها في كل فرصة، سواء عبر التعاون مع نجمات من عصرنا، أو من خلال تصويره حملات ترويجية ذات طابع سينمائي. خير مثال على ذلك حملته لموسم خريف وشتاء 2025/2026 مع النجمة الفرنسية إيفا غرين. كشف فيها عن تصميم «La Rose Vivier»، الذي جمع بين الشاعرية والحِرفيّة. تخيّلها فيلوني كأنها فيلم سينمائي، تجري أحداثه في سكون قصر باريسي، تتأمل فيه إيفا غرين لوحة من الورود، قبل أن تنجذب إلى عالمها الساحر، وتدخله وهي ترتدي حذاء الموسم الأنيق Virgule Slingbacks، ثم حذاء «بيل فيفييه» Belle Vivier بنمط جلد العجل المخملي، وطبعة الفهد.

جانب من صالون خاص بالتصاميم التي أبدعها المؤسس يخلد إرثه (روجيه فيفييه)

يعترف غيراردو بأن «السينما لعبت دوراً محورياً في شهرة الدار عالمياً»، موضحاً أن روجيه فيفييه كان فناناً حقيقياً، ابتكر كعوباً بأشكال ثورية في عصره، مثل كعب ملتوٍ على شكل «فاصلة»، بينما رصع بعضها بالأحجار الكريمة، مثل الحذاء الذي صممه خصيصاً للملكة الراحلة إليزابيث الثانية بمناسبة تتويجها، وكان مرصعاً بالياقوت، وهلم جراً من الابتكارات التي لا تزال تُلهم مصممين أتوا من بعده إلى اليوم.

روجيه فيفييه ساهم أيضاً في نجاح «ذي نيولوك» التشكيلة التي أطلقها كريستيان ديور في عام 1947 بعد تقشف الحرب العالمية الثانية. كانت بمثابة ثورة في عالم الأزياء، أعاد فيها كريستيان ديور للمرأة أنوثتها، وساعده فيفييه على تحقيق رؤيته.

صورة من القسم المخصص للأرشيف (روجيه فيفييه)

اعتمد الكعب المدبب (ستيليتو) بشكله الهندسي المعاصر بدل الكعب المربع الخشن الذي كان سائداً في الأربعينات، الأمر الذي أضفى على اللوك الجديد مزيداً من الرقي، والأنوثة. هو أيضاً من صمم أحذية التشكيلة التاريخية التي قدمها الراحل إيف سان لوران في السبعينات تحت عنوان «موندريان». تجسدت مساهمته في حذاء بإبزيم أمامي، وكعب عريض ومنخفض مواكباً لتحرر المرأة آنذاك.

رغم كل هذه المساهمات، بقي روجيه فيفييه في الظل، إلى أن أخرجته السينما إلى الأضواء، فأصبح اسمه مرادفاً للأناقة والابتكار الفني. يُفسِر غيراردو الأمر بأن «السينما تنقل المشاعر بسرعة أكبر عبر تعابير الوجه والصوت والموسيقى». مضيفاً: «وكل هذه عناصر تُلهمني لتبني منظوراً سينمائياً في تصاميمي، وحملاتي الترويجية».

60 عاماً من الأناقة

جانب من صالون يستعرض إرث الدار في المبنى الجديد (روجيه فيفييه)

هذا العام يتزامن مع الذكرى الستين لولادة أيقونة الدار «بيل فيفييه». لهذا كان من البديهي أن تتمحور مجموعة ربيع وصيف 2026 حول هذا التصميم. ولأن تجديد أيقونة تاريخية تضع أي مبدع على المحك، قرر غيراردو أن يلعب على التطريز، والترصيع، عوض البساطة التي تميز بها هذا التصميم في الستينات عند ولادته. يقول: «اكتشفت أن روجيه فيفييه ابتعد عن التفاصيل الكثيرة، واكتفى بالبساطة، لهذا ارتأيت أن ألعب على هذا الجانب الغائب، بإضافة لمسات مستوحاة من الأزياء الراقية بكل ما تتضمنه من فخامة، وسخاء فني». والنتيجة كانت أحذية مصنوعة من الجلد الفاخر بتطريزات فنية، وأحجار ناعمة، ودقيقة». أجمل ما فيها أنها رغم تفاصيلها البراقة تظل مناسبة للنهار أيضاً «فأنا أؤمن بأن الموضة يجب أن تكون ممتعة، وتدخل السعادة في النفوس في أي وقت. يمكن مثلاً ارتداء حذاء فاخر ومرصع مع بنطلون جينز و«تي-شيرت» من دون أن يبدو المظهر نشازاً»، وفق قوله.

ربيع وصيف 2026... تألق واضح

مجموعة غيراردو لربيع وصيف 2026 تتألق بالأحجار والتطريز (روجيه فيفييه)

ويبدو أن التطريز والترصيع، على حد سواء، أصبحا مكمن قوته. فعندما التحق بالدار في عام 2018 واجه تحديات جائحة كورونا بذكاء. فهم سريعاً حاجة الزبون في تلك الظرفية للراحة، فحوّل الحذاء الرياضي إلى نجم مرصَّع بالأحجار الكريستالية، ضارباً عصفورين بحجر واحد: إطلالة متميزة، ومريحة في آنٍ واحد.

يقول غيراردو إن قراءة الأوضاع والتكيف معها واجب «لأن الموضة تتغير باستمرار، وبالتالي لا يمكن التكهن بمستقبلها. لهذا يبقى البحث عن التوازن بين العملي والأنيق هو المطلوب». ويتابع: «نشهد الآن عودة اكتشاف الأنوثة بعد سنوات من الأسلوب الرياضي الذي فرضته جائحة كورونا، وهذا يعني عودة الكعب المميز، بكل أشكاله وارتفاعه، على شرط أن يبقى مريحاً. أما الحذاء الرياضي فلن يختفي من خزانة المرأة، بل سيبقى عنصراً أساسياً فيها».

لقطة فنية للمصمم غيراردو فيلوني (روجيه فيفييه)

ما يُحسب لغيراردو أنه يقرأ تغيرات العصر، ويلبي متطلباته، دون أن يقطع صلته بالأرشيف «فمهما كانت الضغوطات الخارجية، يبقى همنا الأساسي الحرفية، والتميز. حتى محاولاتنا لاستقطاب زبائن جدد تقوم على الإرث العريق، وليس على الصرعات»، وفق قوله. يستدل على هذا بالخطوة الأخيرة التي قامت بها الدار، وتتمثل في الانتقال إلى المبنى الجديد. «إنه مساحة للتفاعل مع الزبائن، خاصة من الجيل الجديد». تُقدم فيه الدار تصاميم مبتكرة، وأنيقة، على خلفية من التاريخ العريق، والمتسلسل، وأرشيف لا يتوقف عن التطور منذ بداية روجيه فيفييه، ووصولاً إلى غيراردو فيلوني.


مقالات ذات صلة

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

لمسات الموضة كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

راما منذ الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات. صرحت دار الأزياء الفرنسية…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلتان هدى المفتي وسلمى أبو ضيف خلال حفل الافتتاح ومجوهرات من عزة فهمي (إنستغرام)

مجوهرات الفيروز والذهب... زواج يتجدد بلغة العصر

افتتاح المتحف المصري الكبير الذي تابعنا فعالياته مؤخراً أعاد لنا ذلك الافتتان لدرجة الهوس بكل ما هو مصري في مجالات فنية وإبداعية متنوعة. كما أعاد وهج حضارة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تمت ترجمت الفكرة في مجوهرات ناعمة بأحجار كريمة (أختين)

علامة «أختين» المصرية تنقش من الحناء مجوهرات عصرية

لم تكن نقوش الحناء يوماً مجرد زينة. كانت ولا تزال أيضاً لغة بصرية تجسد البركة التي تشهد على كل الاحتفالات، وتُنقش بلغة فنية تُعبر عن الهوية والانتماء، وأحياناً…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قلادة «سويتر برستيج» من «شانيل» الفائزة بالجائزة الأولى (شانيل)

«شانيل» تفوز بالجائزة الكبرى للمجوهرات الرفيعة في إمارة موناكو

حدث جديد شهدته إمارة موناكو وسينضم إلى روزنامتها الحافلة بالفعاليات العالمية المهمة، مثل سباق «فورمولا 1» ومعرض اليخوت، والأمسية الخيرية Bal De La Rose. …

«الشرق الأوسط» (لندن)

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.


راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
TT

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

صورة عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني، وزوجته، راما دواجي، تبدو لأول وهلة جديدة على المشهد السياسي الأميركي... ثنائي شاب من أصول مسلمة، ينتمي إلى جيل «زد» ويتحدث لغته بفصاحة وشجاعة لم ترَ لها نيويورك مثيلاً. فهما لم يتنازلا في أي مرحلة من مراحل الرحلة الانتخابية عن مبادئهما الإنسانية والسياسية والفكرية الداعمة للأقليات والضعفاء.

لكن من الناحية البصرية، لا تبدو هذه الصورة جديدة تماماً. تُذكّر بالرئيس الأميركي الراحل جون كيندي وزوجته جاكي... ثنائي لا يقل كاريزما وتأثيراً على جيل كامل كان يحلم وينتظر التغيير للأفضل. فضل كبير في تجميل صورة جون كيندي يعود إلى جاكي؛ السيدة الأولى التي وظّفت الجمال والأناقة سلاحاً ناعماً ومؤثراً في الوقت ذاته.

ملكت راما بجمالها ونعومتها وثقافتها قلوب ناخبي نيويورك (رويترز)

وكما شكّلت جاكي كيندي في ستينات القرن الماضي مرآة جيل آمَن بالحلم الأميركي، تبدو راما دواجي اليوم امتداداً لذلك الإرث وأكثر... فهي تنقله إلى مرحلة أعمق وعياً وصدقاً يمكن أن تتحول فيها الموضة صوتاً للإنسانية والأقليات.

راما من الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها. مثل جاكي؛ تتمتع راما بكاريزما وجمال فريد من نوعه، ومثلها أثرت على جيل كامل من الناخبين في زمنها؛ أي من جيل «زد»، وفق تصريح من زوجها، الذي استقطب المؤثرين في حملته الانتخابية للوصول إلى هذه الشريحة.

لم يكن لأصول راما العربية والمسلمة، فهي من والدين سوريين ووُلدت في الولايات الأميركية، تأثير سلبي على الناخبين. على العكس؛ ملكت قلوبهم بصدق مواقفها أولاً، وجمالها وأناقتها ثانياً.

وقفت راما إلى جانب زوجها تنظر إليه بصمت... لكن كل ما فيها كان يتكلم... من نظرات العيون إلى الأزياء (أ.ف.ب)

الصورة التي ستبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ، وهي تظهر إلى جانب زوجها زهران ممداني بصفته أول مسلم وأصغر عمدة يتولى هذا المنصب منذ عام 1892، جذبت اهتمام الولايات المتحدة، كما شدّت أنفاس العالم بأسره... كان فيها تصالح مع الماضي واستقبال للحاضر... وقفت فيها راما، ذات الـ28 عاماً، إلى جانبه صامتة، تنظر إليه بين الفينة والأخرى بنظرات إعجاب، شبّهها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بنظرات الأميرة الراحلة ديانا.

بلاغة الصمت

صمتها لم يَشفِ غليل البعض؛ لأنهم لم يجدوا فيه سمات الصورة النمطية للزوجة المسلمة التابعة لزوجها من دون أن يكون لها كيان خاص أو استقلالية... فراما فنانة لها وجود وتأثير على الساحة الفنية، وقالت بصمتها كل ما يلزم قوله عن هذه الاستقلالية، إضافة إلى انتمائها الثقافي والسياسي. فما ارتدته لم يكن مجرد اختيار عادي يليق بمناسبة يفترض فيها أن تكون بكامل أناقتها، بل كان بياناً سياسياً وإنسانياً وفنياً لا يعتذر عن أفكارها ورؤيتها ودعمها القضية الفلسطينية. إطلالتها أكدت أن الجيل الذي تنتمي إليه أعلى شجاعة من الجيل الذي سبقه في صدق تعبيره عن القضايا السياسية ونبل المشاعر الإنسانية.

عبّرت راما عن ثنائية انتمائها باختيار إطلالتها من مصمم فلسطيني - أردني ومصممة نيويوركية (رويترز)

قد تبدو إطلالتها بسيطة أول وهلة، لا سيما أنها بالأسود؛ «اللون الذي لا يخيب» وتلجأ إليه المرأة عندما تكون خائفة وتريد أن تلعب على المضمون، إلا إن بساطتها كانت خادعة وعميقة في آن؛ لأنها كانت محملة بالأفكار. اختارت «بلوزة» دون أكمام من الدينم الأسود، مطرزة بتخريمات منفذة بالليزر، من تصميم الفلسطيني - الأردني زيد حجازي، الذي أبرز فيها تفاصيل التطريز الفلسطيني التراثي وزخارف القرى الفلسطينية. زيد حجازي، الذي تخرج في معهد «سنترال سان مارتينيز» بلندن، يصف علامته بأنها «استكشاف لـ(الثقافات القديمة والمعاصرة)».

نسّقت دواجي «البلوزة» مع تنورة من المخمل والدانتيل، أيضاً بالأسود، من تصميم إيلا جونسون، وهي مصممة نيويوركية تشتهر بأسلوبها الرومانسي والحرفي، الذي يستهوي النخب الفنية والبوهيمية في بروكلين. الجمع بين مصمم فلسطيني ومصممة نيويوركية يشير إلى جذورها وانتمائها إلى ثقافتين: العربية والأميركية، ويقول إن الموضة ليست مجرد مظهر أنيق وأداة جذب أو قناع واقٍ، بل هي مواقف وأفعال، وترمز أيضاً إلى جيل من المهاجرين لم يعد يكتفي بالاندماج، بل يحلم بالتأثير والمشاركة في رسم ملامح الواقع الذي يعيشه.

ما أسلوب راما دواجي؟

تتميز راما بأسلوبها الخاص وإن كانت تميل إلى الأسود في المناسبات الرسمية (أ.ف.ب)

إلى جانب أنها فنانة ورسامة ومصممة رسوم متحركة، فهي تتمتع بأسلوب بوهيمي تعبر من خلاله عن شخصية مستقلة ومتحررة فكرياً، فهي تنتمي إلى جيل الإنترنت، والـ«تيك توك» وغيرها من المنصات الشبابية. هذا الجيل يراقب العالم بعين ناقدة... يُحلله ويحلم بتغييره للأفضل، بما في ذلك صناعة الموضة، التي يفهمها ويعشقها، لكنه في الوقت ذاته يريد إخراجها من قوالبها النخبوية والتقليدية. يبدو أن دواجي توافقهم الرأي، وإذا كانت إطلالتها ليلة النصر هي المقياس، فإن المتوقع منها طيلة فترة عمدية زوجها أن تتعامل مع الموضة بوعي إنساني بوصفها جسراً تلتقي عليه الحضارات والثقافات بصدق وشفافية.


أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات.

صرحت دار الأزياء الفرنسية في بيان أصدرته بالمناسبة بأنها «تُعرب عن امتنانها العميق لأوليفييه على كتابته فصلاً مهماً من تاريخها».

من جهته، أعرب روستينغ عن مشاعره قائلاً في بيانه الخاص: «أنا ممتن لفريقي الاستثنائي في (بالمان)، كانوا عائلتي التي اخترتها في مكان كان بمثابة بيتي طوال الـ14 سنة الماضية... سأظل دائماً أحتفظ بهذه التجربة الثمينة في قلبي».

أوليفييه روستينغ يودع دار «بالمان» بعد 14 عاماً (أ.ف.ب)

لم يكن تعيين «بالمان» لروستينغ «تقليدياً» في عام 2011. كان في الرابعة والعشرين من عمره، أي كان أصغر مدير إبداعي في باريس منذ إيف سان لوران، وأول مدير إبداعي من أصول أفريقية في دار أزياء أوروبية.

صغر سنه ساهم في إدخال الدار العالم الرقمي، حيث أطلقت في عهده أحد أول «فلاتر سناب تشات» الخاصة بالعلامات التجارية، وتطبيق خاص بها، وشراكة مبكرة مع «إنستغرام» للتسوق في عام 2019، من دون أن ننسى أنه أعاد إحياء خط الأزياء الراقية في «بالمان» بعد انقطاع دام 16 عاماً.

من تصاميمه لدار «بالمان» (غيتي)

من بين إنجازاتها الكثيرة أنه نشر ثقافتها لجيل كامل وقع تحت سحر جرأته الفنية، وإن كان البعض يرى أن السحر يكمن في تعاوناته مع نجمات عالميات، نذكر منهن كيم كارداشيان وجيجي حديد وكندال جينر وبيونسي وغيرهن.

روستينغ في عرضه الأخير لخريف وشتاء 2025 مع عارضاته (غيتي)

ولد أوليفييه في مدينة بوردو الفرنسية لأبوين أفريقيين تخليا عنه ليتم تبنيه في سن مبكرة من قبل زوجين فرنسيين. على المستوى المهني، درس في معهد «إسمود» في باريس قبل أن ينضم إلى دار «روبرتو كافالي» بعد التخرج، حيث تولى في نهاية المطاف قيادة قسم الأزياء النسائية. في عام 2009، التحق بدار «بالمان» ليعمل تحت إشراف المصمم كريستوف ديكارنين، وبعد عامين خلفه بصفته مديراً إبداعياً، وفي عام 2016، قاد الدار بسلاسة خلال عملية استحواذ مجموعة «مايهولا» القطرية عليها.

رغم أن صورة وجه المصمم وإطلالاته الاستعراضية ستبقى محفورة في الذاكرة، فإن تصاميمه المبتكرة هي أكثر ما يميزه في انتظار الفصل التالي من مسيرته.