قطعة عملية بسيطة، لا تحتاج إلى الكثير من التنسيق والخيال. كان الغرض منها عند ولادتها في العصور الوسطى، أن تبث الدفء في أجساد الصيادين والطبقات العاملة، غير أنها نجحت في السنوات الأخيرة في التسلل إلى مناسبات الأنيقات، بما فيها مناسبات السهرة والمساء. الفضل يعود إلى مصممين تفننوا في تطريزها وتنسيقها مع تنورات من التول أو الحرير في المواسم الأخيرة. والنتيجة أنها دخلت هذه المناسبات بأناقة وثقة. لورا كيم وفيرناندو جارسيا، مصمما دار «أوسكار دي لا رونتا» مثلاً طرحاها في تشكيلتهما للخريف والشتاء بألوان الربيع وتطريزات تتحدى البرد ببريقها. كذلك دار «فندي» التي طرحتها بعدة أشكال وبتطريزات غنية.

لم تخرج «فيرساتشي» عن السرب، وقدمت اقتراحات فتحت باب الاجتهاد فيها. فرغم ظهورها بعدة ألوان، كان الأسود هو الغالب فيها. كسَرت قتامته بتطريزات خفيفة على الجوانب حتى لا تقيد استعمالاته لكل الأوقات، وفي الوقت ذاته جعلته بمثابة ورقة بيضاء يمكن الارتقاء بها بإضافة بروش أو قلادة بحجم لافت. كوكو شانيل كانت من أوائل المصممين الذين أبدعوا فيها، حين أخرجتها من عالم الصيادين وأدخلتها عالم المرأة بشكل لا يزال تأثيره قائماً إلى يومنا. ربما يميل تصميمها إلى بعض الكلاسيكية، غير أنها كلاسيكية مرحب بها، لكونها تُعوض عن ارتداء الجاكيت المفصل لمظهر أكثر «سبور».

العملية أولاً
ومع ذلك تبقى هذه الكنزة، بالرغم من التطريزات والتفاصيل المبتكرة التي أدخلت عليها، وتنوعها حسب طول الأكمام وطريقة غزل الصوف، وأيضاً طرق تنسيقها، قطعة عملية أولاً وأخيراً. مثلاً يمكن ارتداؤها لوحدها مع بنطلون جينز للنهار أو مع تنورة من الحرير أو الساتان أو بنطلون مفصل في المناسبات الأكثر رسمية، من دون أن ننسى أسلوب الطبقات المتعددة في الأيام الأكثر برودة.

الجميل في هذه القطعة الخريفية أيضاً أنها لا تصيب بالحيرة عند اختيارها، نظراً لأن تصاميمها تُعد على أصابع اليد الواحدة. فهي إما مقفلة وبياقات مستديرة أو على شكل حرف V أو مفتوحة بأزرار، ويطلق عليها «الكارديغان». العديد من بيوت الأزياء، مثل لورو بيانا وكوتشينيللي وفيرساتشي وفندي وغيرهم نجحوا في إضفاء عنصر الحداثة عليها، سواء من ناحية تقنيات غزل الصوف أو إدخال النقوش والتطريزات عليها. وبهذا تخلصوا من أي صورة يمكن أن تُذكر المرأة بزمن الجدات وتقاليد حبكها القديمة والسميكة. فأهم ما يجب الانتباه إليه عند اختيارها، نوع صوفها وطريقة غزله. فكلما كان ناعماً ومترفاً، زادت القطعة جمالاً وكانت استثماراً.

محلات شعبية كثيرة طرحتها بنقشات أكثر جرأة، أو مفتوحة بسحابات لمظهر «كاجوال»، بل وحتى بتصاميم كلاسيكية، مثل «كوز» Cos و«مانغو» و«ماسيمو دوتي» وغيرها. فرغم أن لكل تصميم ولون مكانهما في خزانة امرأة شابة، فإن الألوان المحايدة تبقى الأسهل. مهم كذلك أن تكون على المقاس، بحيث تلامس الجسم من دون أن تشده كثيراً لتمنحه رشاقة وأناقة.

الكشمير ثم الكشمير
بالنسبة للخامات يبقى الكشمير المفضل نظراً لنعومته ودفئه حتى عندما تأتي من دون أكمام أو بأكمام قصيرة تغطي نصف الذراع أو تتعدى الكتف بسنتمترات قليلة. وهذه تكون عادة الجسر الذي يزيد من عُمر الإطلالات الصيفية وامتدادها إلى فصل الخريف، سواء كانت تنورة من الحرير أو الساتان أو بنطلون من القطن أو الدينم. والأهم من هذا تناسب أسلوب الطبقات المتعددة.
















