مجوهرات «بوغوصيان»... رحلة قصور تصل إلى العالم من طريق الحرير

الإبداع قد يُخلَق من الحجر

من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
TT

مجوهرات «بوغوصيان»... رحلة قصور تصل إلى العالم من طريق الحرير

من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)
من كل قصر وجزئية فيه استلهم حرفيو دار «بوغوصيان» مجوهرات تصرخ بالفخامة والإبداع (بوغوصيان)

القصور والمباني المعمارية، لم تكن يوماً مجرد سكن لأصحابها. كانت تعبيراً عن مدى ازدهار عهدهم وتطلعاتهم السياسية. كما كانت بمعمار فريد شهد على السلطة والقوة ورؤية بعيدة المدى. هذا ما اكتشفه ألبرت بوغوصيان خلال رحلاته.

ألبرت، هو من الجيل السادس لعائلة بوغوصيان المعروفة بمجوهراتها الرفيعة. تأسست في عام 1868 في أرمينيا، ثم انتقلت إلى حلب بسوريا في أوائل القرن العشرين، ثم بيروت، وأخيراً إلى جنيف.

يقول إن السفر يجري في عروق العائلة. بدأ مع الجد الكبير، مؤسس الدار أوفانيس بوغوصيان الذي كان يحرّكه حسّه التجاري وفضوله الفني. كانت طريق الحرير آنذاك هي المسار الذي يسلكه المستكشفون والتجار من الغرب بحثاً عن كنوز الشرق. هذه الطريق نفسها تقفى أثرها ألبرت بعد مرور قرنين من الزمن تقريباً. فقد ورث عن جده فضوله لاكتشاف ثقافات بعيدة يغرف من منابعها ما يُغني تصاميم الدار ويُثْريها.

القاعة البيضاء في قصر غولستان ألهمت بزخرفاتها وإضاءتها طقماً يحاكي التحفة الفنية (بوغوصيان)

خلال هذه الرحلات، وصل إلى قناعة بأن عظمة المعمار وفنيته الهندسية والحرفية أرقى أشكال الفنون التي يمكن الاستلهام منها. أول تجربة له كانت في قصر تاج محل. كان عمره لا يتعدى الثامنة عشرة، ولم ينس لحد الآن كيف انبهر بزخرفاته وجمالياته. كانت اللحظة التي وقف فيها أمام أسواره وحتى قبل أن يدخله، حاسمة. أثْرت حسه الفني والمهني على حد سواء. يقول إنها لحظة علمته كيف يمكن أن تعكس القصور فناً عابراً للأجيال، ليس لصلابة الحجر الذي بُنيت بها، بل لكمية الحرفية والفنية التي تغطي الجدران والأسقف والأرضيات. استخلص منها أن الإبداع يمكن فعلاً أن يُخلق من الحجر.

مرت سنوات وعقود على هذه الرحلة، زار خلالها قصوراً أخرى كثيرة أكدت له صحة إحساسه الأول؛ لهذا كانت مجموعة المجوهرات التي تم طرحها هذا العام بعنوان رحلة عبر القصور مسألة وقت فقط.

قصر الريجنسي بمدينة برايتون ألهم مجموعة من المجوهرات بطبيعته ومعماره (بوغوصيان)

اختزل فيها تجاربه وقناعاته. استغرق تصميمها وتنفيذها 4 سنوات، تمخَضت عن ولادة 70 قطعة تشمل خواتم وأقراط أذن وعقود وأساور. كل طقم منها مستوحى من قصر من قصور تاريخية رائعة، وبالتالي فإن كل جزئية فيها تُجسِّد زخرفة عمود في بهو قصر، أو نقشات جص في سقف، أو مشربية صغيرة يخترقها الضوء في آخر، وهكذا. فيها كلها، طوع المعادن الثمينة واستعمل الأحجار بسخاء.

عقد مستوحى من قصر غولستان (بوغوصيان)

بالنسبة له، فإن لكل قصر قصة، ولكل جزئية فيه أبطالها وأحجارها الكريمة، سواء كانت المقرنصات المزخرفة في قصر الباهية بمراكش، أو المرايا والزجاج في قصر غولستان في طهران، أو البوابات الكبرى في قصر جايبور وغيرها.

قصر تشيانلونغ

قاعة من قاعات قصر تشيانلونغ الذي يشكّل جزءاً من المدينة المحرّمة في بكين (بوغوصيان)

تأثير قصر تشيانلونغ تجسَّد في قلادة تتوسطها زهرة طافية بزخرفات صينية كلاسيكية (بوغوصيان)

مثلاً، ظهرت تفاصيل قصر تشيانلونغ الذي أمر الإمبراطور تشيانلونغ ببنائه في عام 1771، والذي يشكل جزءاً من المدينة المحرّمة في بكين، في قطع عدة، منها قلادة Tranquil Magnolia «مانغوليا هادئة» تتوسطها زهرة مركزية تستحضر الزخرفة الصينية الكلاسيكية للفرع المزهر، محفورة من أم اللؤلؤ، تبدو وكأنها تطفو داخل القطعة مرصعة بالماس وملونة بالأخضر.

القصر الكبير

جانب من القصر الكبير الذي يظهر فيه بوذا والتنين من الذهب انعكست على مجوهرات من الماس الأصفر والأبيض (بوغوصيان)

بُني في بانكوك عام 1782 مقرّاً لإقامة ملوك سيام، ظهر في مجموعة Shimmering Rays ليعكس شدّة اللمعان الذي يتميز به القصر إلى جانب الأعمدة وصور التنين التي تزين الكثير من أركانه. حرفيو الدار ركزوا على بريقها الذهبي، الذي يسطع مثل أشعة الشمس، باستعمال الماس الأصفر والأبيض.

قصر برسيبوليس

قصر برسيبوليس الواقع في جبال زاغروس بإيران لا يزال حاضراً في شتى الفنون بأطلاله وألوانه (بوغوصيان)

يقع في جبال زاغروس بإيران وشُيِّد في القرن السادس قبل الميلاد. أطلاله لا تزال شاهدة على منصاته وسلالمه العالية. ترجمت دار «بوغوصيان» الطوب المستخدم في بناء لوحاته الجدارية وبواباته مزججاً بالأزرق والأصفر في عقد «بوابة بابل» Babylon Gate. غني عن القول أن القطعة تتميّز بأشكال هندسية جريئة واستخدام التماثل لإضفاء طابع رسمي. وتعكس أحجار اللازورد المنحوتة والفيروز والمرجان، تباين الظلال الزرقاء والبرتقالية من العمارة.

بينما تُترجم مجموعة لوتس اللازورد Lapis Lotus الزهرة التي تظهر في النقوش البارزة للقصر، بالماس والفيروز واللازورد والعقيق وي برسيبوليس، لتعكس التجدّد.

قصر غلستان

مجموعة متاهة المرايا لقصر غولدستان اعتمدت تقنية النحت بكل الألوان لتعكس المرايا واللوحات (بوغوصيان)

شُيِّد وسط طهران في القرن السادس عشر، ويُعرف باسم «قصر حديقة الورود»، ويغلب عليه طابع المعمار التقليدي في عصر القاجار. كانت قاعة المرايا الشهيرة أكثر ما شد انتباه حرفيي «بوغوصيان». يقول ألبرت إن هذه القاعة استغرق بناؤها أربع سنوات، وتجسدت عبقرية المهندسين والحرفيين في هذه المرايا التي غطت كل الجوانب، وهو ما عبَّر عنه في مجموعة Mirror Maze «متاهة المرايا». مجموعة تغلب عليها تقنية النحت وأحجار الياقوت الأحمر والوردي والأزرق، الزمرد، الفيروز، والماس هندسة القاعة واللوحات المزخرفة بالزجاج الملوّن.

أمارنا

«بردية الملكة» في قصر أمارنا (بوغوصيان)

لم ينس ألبرت زيارة «أمارنا» المدينة التي بُنيت في عهد الفرعون أخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. انبهر بأطلال القصر الشمالي، الذي بُني لزوجته نفرتيتي، وكيف برزت فيه أساليب الفنون المصرية القديمة لهذه الفترة، مع تحوّل واضح نحو أسلوب أكثر حرية وعفوية. وتُظهر شظايا من لوحات تُعزى إلى «الغرفة الخضراء» في قصر أمارنا تفسيراً لنقوش البردي التقليدية، بشكل هندسيّ أكثر تجريداً.

طقم يغلب عليه اليشم الأخضر والزمرد والماس والسفير في إشارة إلى «الغرفة الخضراء» في «أمارنا» (بوغوصيان)

من هذه الإيحاءات، ولدت مجموعة «بردية الملكة» Queen’s Papyrus مصنوعة من اليشم الأخضر، والزمرد والماس، حيث تشير الألوان الخضراء إلى «الغرفة الخضراء» في أمارنا وتاريخ الزمرّد الذي استُخدم حتى في مصر القديمة منذ عام 1500 قبل الميلاد. ويمنح التزاوج بين الزمرد البراق واليشم الأخضر غير المصقول، إحساساً بالمفاجأة يعكس التحوّل الإبداعي في فترة بناء أمارنا، وكذلك التباين بين القطع الحادّ لرؤوس البردي والشعور الأكثر استدارة في القاعدة.

قصر الباهية

تجسَّدت زخرفات الأسقف والخشب في قصر باهية في مجوهرات دافئة بتقنيات حرفية عالية (بوغوصيان)

أما رياض الألوان في مراكش، فكان له أيضاً تأثير على المخيلة الإبداعية. فالقصر الذي شُيِّد في أواخر القرن التاسع عشر من قِبل سي موسى، الوزير الأكبر للسلطان مولاي الحسن الأول، صُمّم على مساحة ثمانية هكتارات وزُخرف بحرفية عالية وفق التقاليد المغربية اليدوية. تبرز هذه الزخارف في كل تفاصيلها، بدءاً من المقرنصات إلى أسقف خشب الأرز المطلية.

وهذا ما عكسته مجموعة Mosaic Haven «ملاذ الفسيفساء» بلونها الأحمر الغني، والمستوحاة من أعمال الشبك الخشبي للفناء والسقف. ويعرض السوار والأقراط أيضاً تقنيات فائقة التعقيد من أعمال الشبك، مع التلاعب بفكرة الألوان المتباينة في النمط المستخدم في القصر نفسه من خلال طبقتين من اليشم الأخضر، والأوبال الوردي، والفيروز، مغلفتين بالياقوت البنفسجي، والماس الأصفر، وعقيق الإسبسارتين.

القلعة الحمراء

في ورش بوغوصيان تم تطوير تقنية فريدة للترصيع لمحاكاة الجدران والأسقف في قصر الحمراء (بوغوصيان)

يُعدّ قصر الحمراء من أشهر نماذج فنّ العمارة الإسلامية. يقع على تلة السبيكة فوق مدينة غرناطة الإسبانية، شاهداً على الوجود العربي في أوروبا بين القرنين الثامن والخامس عشر. بُني قصر الحمراء في القرن الثالث عشر، ولا يزال نصباً تذكارياً يزوره الكثير من الناس حتى يومنا هذا. ويبرز جمال وزخرفة القصر بشكل خاص في المقرنصات، التي تمثّل المستويات السبعة للسماء.

في ورش بوغوصيان تم تطوير تقنية فريدة لترصيع الماس الأبيض والأصفر في طقم Seven Realms، لمحاكاة السقف الخشبي الأصلي في قاعة السفراء، وتبدو فيه الماسات بأشكالها المختلفة وكأنها تطفو، في تعبير تجريدي عن الأنماط الهندسية الموجودة داخل القاعة.


مقالات ذات صلة

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

لمسات الموضة تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

لم يعد تعاون المشاهير يقتصر على الترويج والظهور في المناسبات بل يشمل حالياً تصميم الأزياء

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.