كيف جمع الأحمر ملوك وأمراء أوروبا في أولمبياد باريس؟

يُعبر عن انتماء وطني... بدرجات مختلفة

ملكة الدنمارك ماري تتابع فعاليات فريق بلدها للفروسية التي احتضنها قصر فرساي (إ.ب.أ)
ملكة الدنمارك ماري تتابع فعاليات فريق بلدها للفروسية التي احتضنها قصر فرساي (إ.ب.أ)
TT

كيف جمع الأحمر ملوك وأمراء أوروبا في أولمبياد باريس؟

ملكة الدنمارك ماري تتابع فعاليات فريق بلدها للفروسية التي احتضنها قصر فرساي (إ.ب.أ)
ملكة الدنمارك ماري تتابع فعاليات فريق بلدها للفروسية التي احتضنها قصر فرساي (إ.ب.أ)

تصاميم وألوان متنوعة تطل علينا في كل يوم خلال أولمبياد باريس 2024. ولا نقصد هنا ملابس الرياضيين فحسب؛ فذلك كان متوقعاً فيها أن تتوهج بألوان قوس قزح والتفاصيل المثيرة لشد الانتباه.

كان للمتفرجين أيضاً دور في إتحاف النظر بألوان تمثل انتماءهم لبلدانهم، نستخلص من خلالها أن الأحمر قاسم مشترك بين العديد من الدول، بغض النظر عن الثقافات والتاريخ والجغرافيا واختلاف السياسات، وليس أدل على هذا من عدد أمراء وأفراد من العوائل الملكية الأوروبية، الذين ظهروا به داخل الملاعب وخارجها. هؤلاء لم يعتمدوه داخل الملاعب لشد الانتباه، بل للتعبير عن انتمائهم ودعم لأبناء الوطن؛ كونه يُلون أعلام بلدانهم بشكل أو بآخر. حتى أمير موناكو ألبير الثاني، ظهر بسترة بدرجة علم الإمارة مع بنطلون أبيض، في إطلالة لم تخدمه كما لم تخدم الأناقة، إلا أن الاعتبارات الوطنية غلبت، ولحد ما شفعت له إطلالة غير موفقة من كل الجوانب.

ملكة الدنمارك ماري متحمسة لفريق بلدها في لعبة كرة اليد ضد السويد (أ.ف.ب)

الصورة مختلفة في الجانب النسوي. كانت أكثر جمالاً، سواء إطلالة ملكة الدنمارك ماري، أو ملكة إسبانيا ليتزيا أو ملكة بلجيكا، ماتيلد. إطلالاتهن داخل الملاعب وهن يشجعن فرق بلدانهن بحماس، أكدت أن الأحمر ليس لون «الوطن» فحسب، بل لون الحب والمشاعر الجياشة والجمال.

ملكة إسبانيا ليتزيا تتابع مباراة التنس بين الإسباني كارلوس ألكاراس والأميركي تومي بول (أ.ب)

حالياً تعج ساحة الموضة بتصاميم تتلون بكل درجاته. ولم لا وهو لون الأنوثة والقوة؟ حتى علامة «ذي رو» المعروفة بالموضة الراقية التي كانت إلى عهد قريب تقتصر على ألوان هادئة، أدخلته بجرعات خفيفة في تشكيلاتها الأخيرة. وهذا هو السر، أن يكون متوازناً، حتى يعكس الأنوثة ويتخفف من الإثارة الحسية، التي ارتبطت به طويلاً.

كيف يمكن تنسيقه؟

الملكة ماري تفتتح جناح الدنمارك المؤقت في باريس (رويترز)

يجب الانتباه إلى أن قليله كثير، لكن الجميل فيه أنه يتناغم مع ألوان أخرى كثيرة. كما يمكن إدخاله خزانة أي امرأة، كلاسيكية كانت أم جريئة، شابة أم ناضجة، من خلال إكسسوارات على شكل حزام أو إيشارب أو حقيبة يد مثلاً.

- إذا قررت اختيار قطعة بهذا اللون لمناسبة مهمة، مثل ملكة الدنمارك ماري، التي اختارت «جامبسوت» لافتتاح الجناح الدنماركي الثقافي المؤقت خلال دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، فضروري أن يكون بدرجة تناسب بشرتك. فهو قد يتناغم مع ألوان عديدة، لكنه ليس رحيماً بكل البشرات. فبينما قد يناسب الأحمر البرتقالي أو الأحمر القاني ذوات الشعر الأسود أو البني الغامق، يناسب الأحمر القرنفلي الغامق أخريات.

كيف تتعرفين على الدرجة المناسبة لك؟

- تبدأ العملية أولاً بالتعرف على ما إذا كانت بشرتك بدرجة دافئة أو باردة، والطريقة بسيطة تتلخص في التالي:

- إذا كان الأسود أو الأزرق الملكي من الألوان التي تضفي عليك أناقة ونضارة، فإن الدرجات الباردة هي بغيتك، وهذه تكون متوهجة وقوية يدخل فيها أحياناً الأزرق أو الوردي. أما إذا كانت درجات الأزرق أو الرمادي الهادئة هي التي تناسبك، فعليك بدرجات هادئة من الأحمر مثل لون الشمام، أو لون الياقوت.

- أما إذا كانت ألوان البرتقال والمشمش تتناغم مع بشرتك أكثر من الأسود أو الأزرق الملكي، فأنت من الفئة ذات البشرة الدافئة، وهذا يعني أن الأحمر الصارخ مثل لون الطماطم أو تدخل فيه نغمات برتقالية، هو بغيتك.

- في حالة قررت اعتماده كقطعة سهرة أو لحضور مناسبة مهمة، لا تُبالغي في استعمال مجوهرات أو إكسسوارات كثيرة. فالقليل هنا كثير؛ حتى لا تبدو الإطلالة مبالغاً فيها أو مبتذلة. وهذا تحديداً ما نجحت الملكة ماري بتحقيقه باكتفائها بأساور ذهبية وأقراط أذن.

- الجميل في الأحمر، أنه رغم قوته، يتناغم مع كل الألوان الغامقة مثل الأسود والرمادي والكحلي، أو الترابية مثل الذهبي والسكري والبيج بكل درجاته. وأخيراً وليس آخراً، لا تنسي أهمية أحمر الشفاه، فهو يكفي لوحده أن يمنحك تأثيراً طاغياً، على شرط اختياره بدرجة تتناغم مع لون البشرة.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
TT

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

بعد البني بدرجاته التي تتراوح بين القمحي والكاراميل والقهوة والشوكولاته، سمع الكل بإعلان معهد «بانتون» المختص في اختيار ألوان العام، أن لون 2025 سيكون من فصيلة «البُنيات»، لكن بدرجة قشدة القهوة، كما يشير اسمه «موكا موس». لهذا؛ ما عليكِ سوى أن تتخيلي قهوة أو شوكولاته مخفوقة بقليل من الكريمة لتعرفي الدرجة المقصودة. أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذِكر «موكا موس» خفتها وذوبانها في الفم، وهذا تحديداً ما تعمّده المسؤولون على التسمية في معهد «بانتون». كان بالإمكان الاكتفاء بـ«موكا»، لكن وفق قول لوري بريسمان، نائبة رئيس معهد «بانتون» للألوان في بيان صحافي: «إن اسم اللون دائماً ما يكون مهماً لنقل الشعور الذي نلمسه ونتوخى إيصاله». إضافة كلمة «موس» زادت الإحساس بالنعومة والخفة. كان هذا هو المطلوب، وترجمه الكثير من المصممين لحد الآن في قطع مصنوعة من الساتان الحريري والصوف الناعم إلى جانب الجلد والشامواه، في الإكسسوارات تحديداً.

تُرجمت خفته ونعومته في قطع من الساتان الحريري في عرض «هيرميس» (فيليبو فيور)

كيف يتم اختيار لون العام؟

المتعارف عليه أن اختيار لون العام لا يقوم على أساس أن يكون لوناً أنيقاً يناسب الموضة أو يحدد توجهاتها فحسب. هو نتاج دراسات كثيرة تشمل خبراء وأشخاص عاديين على حد سواء. كلهم يقرأون أو يُعبّرون عن نبض الشارع: تغيراته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومن ثم تأثيراتها على الحالة النفسية العامة. من هذا المنظور، جاء اختيار «موكا موس» تعبيراً عن الانسجام والعودة إلى الطبيعة باعتباره واحداً من الدرجات الترابية، ووفق قول بريسمان هو أيضاً محاولة «لترجمة سلوكيات الإنسان العادي الذي أصبح يُقدّر المتع الصغيرة ويرغب في أن يعيش اللحظة».

كما ظهر في عرض «هيرميس» لخريف وشتاء 2024 (فيليبو فيور)

لون السلام الداخلي

تضيف لوري بريسمان، أن هذه الدرجة الترابية تولد مشاعر الرضا وتُلهم حالة من السلام الداخلي والهدوء والتوازن على المستويات النفسية والجسدية والعقلية والروحية، كونها ترابية تتلاحم بحميمية مع الطبيعة.

في عامي 2023 و2024، مثلاً اختار المعهد لوني ماجنتا والمشمس. السبب أن العالم كان خارجاً لتوه من جائحة كورونا وكان يحتاج إلى أي شيء فيه بريق أمل يعكس الانعتاق والانفتاح. لم يختلف الهدف هذا العام، وإن كانت نسبة الرغبة في تحقيق التوازن النفسي أعلى»، حسب قول بريسمان «فتزايد الاضطرابات والتوترات التي يشهدها العالم الخارجي، انعكس على نفسيات الناس وسلوكياتهم. أصبحنا نبحث عن السلام الداخلي والتناغم مع محيطنا بأي ثمن».

استبقت «هيرميس» معهد «بانتون» واستعملته بسخاء في تشكيلتها لخريف وشتاء 2024 (فيليبو فيور)

من جهتها، تُشير لي آيزمان، المدير التنفيذي للمعهد ذاته، إلى تنوع الظل قائلة «ربما نطلق عليه لوناً ترابياً، لكن استخدامه بإيحاءات بملمس الحرير الناعم يجلب شعوراً جديداً نسميه الدفء الحسي من دون أن ننسى أنه متعدد الاستخدامات ويتناغم مع الكثير من الألوان الأخرى». ما تقصده آيزمان أنه عند تنسيقه مع ألوان مثل الأزرق الفاتح أو الفيروزي أو الوردي، فإنه لا يبقى محايداً، ويتحول ظلاً جريئاً ومثيراً. فـ«موكا موس» لن يُلغي درجات الدوبامين المتوهجة مثل الأخضر والأصفر والوردي وغيرها. فهذه لها مكانتها في ساحة الموضة وأيضاً تأثيراتها الإيجابية على ذائقة المستهلك.

«برونيللو كوتشينيللي» يستعمله منذ سنوات في تشكيلاته (برونيللو كوتشينيللي)

المؤكد أن «موكا موس»، مثل سابقيه من ألوان الأعوام الماضية، اختير ليعكس حالة مزاجية مهمة تمرّ بها الموضة حالياّ. هذه الحالة تتبنى أو تطمح لفخامة مبطنة يلمسها صاحبها قبل الناظر إليها، و لا تريد أن تتقيد بزمن أو مكان. وهذا ما يجعلها مستدامة شكلاً ومضموناً، ويُفسّر انتعاش درجات البني حتى الآن رغم حياديتها. بداية في معاطف شتوية وحقائب يد وأحذية، ليتمدد حديثاً إلى باقي الأزياء. فمنذ أن روَّجت النجمة وسيدة الأعمال غوينيث بالترو من دون قصد لأسلوب الفخامة الهادئة وهذا اللون يزيد قوة. ففي عام 2023، وخلال حضورها محاكمتها في قضية حادثة التزلج الشهيرة، كانت تظهر بأزياء بسيطة للغاية بألوان حيادية غير مثيرة للنظر، لكن عندما تتعرف على مصدرها تعرف أنها من ماركات تهمس بالترف والفخامة. وهكذا خرجت بالترو من المحاكمة منتصرة على رافع القضية ضدها، وفي الوقت ذاته منتصرة لأسلوب موضة يمكن اعتباره مضاداً حيوياً لموضة استهلاكية تتجنب «اللوغوهات» والتفاصيل الصارخة.

من تشكيلة «برونيللو كوتشينيللي لخريف وشتاء 2024 (برونيللو كوتشينيللي)

ما يؤكد استقواء هذا التوجه أن ماركات مثل «برونيللو كوتشينيللي» و«لورو بيانا» و«ذي رو» و«هيرميس» وما شابهها من بيوت أزياء راقية، تُسجِل أرباحاً عالية على عكس الكثير من المجموعات الضخمة التي تشهد تراجعاً مخيفاً. الفضل في نجاحهم، اعتمادهم على وصفة واحدة، تمتزج فيها الحرفية والجودة من ناحية الخامات والتفاصيل والتقنيات بالأناقة. كما استعاضوا فيها عن الدرجات الصارخة بأخرى، ربما تكون مطفية، لكنها كلاسيكية، مثل الأخضر الزيتوني والرمادي والأزرق الغامق والأسود وكل درجات البني من البيج إلى الشوكولاتي الغامق.

من اقتراحات «لورو بيانا» لربيع وصيف 2025 (لورو بيانا)

ولأن واحدة من ميزات الفخامة الهادئة أنها مستدامة، بمعنى أنها ليست موسمية تميل إلى الصرعات؛ فإن لون «موكا موس» حسب معهد «بانتون» للألوان مناسب جداً في ظل التغيرات التي يشهدها العالم حالياً. فهي درجة تبُث مشاعر الحذر والأمان، وهو «ما يحتاج إليه المستهلك حالياً». خبراء الموضة يوافقونهم الرأي ويضيفون أن ما يُحسب لدرجة «موكا موس» أنها تُفسح المجال لكل واحد منا باختيار الخلطة حسب الرغبة والهوى، بمزج نسبة القهوة أو الشوكولاته مع نسبة الحليب أو القشدة. فأكثر ما يمنحه البني هو تنوعه الكبير من لون البسكوت إلى لون الشوكولاته الغامقة، فضلاً عن سهولة تنسيقه مع ألوان أخرى.

«كلوي» نسّقته مع قطع بألوان وخامات مختلفة (كلوي)

ثم لا ننسى هنا عنصر اللذة الذي تثيره هذه الدرجة، وهو ما تؤكده الجدالات والتعليقات التي أثارتها هذه الدرجة منذ الإعلان عنها. فالتركيز منذ الإعلان عنها كان على اللذة التي تثيرها من دون التطرق إلى أي سلبيات، مثل أنها بحياديتها قد تكون باهتة على البشرة السمراء والحنطية. لكن يبقى هذا مأخذاً حله بسيط، يتلخص في إضافة لون قوي يعزّزه فيُضفي على البشرة ما تحتاج إليه من ألق والمظهر من تألق.