من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

هؤلاء هم المصممون الثلاثة المرشحون لأهم وظيفة في عالم الموضة

بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)
بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)
TT

من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)
بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)

مساء يوم الأربعاء، أعلنت دار الأزياء الفرنسية شانيل مغادرة مديرتها الفنية فيرجيني فيار. كما تبوأت هذا المنصب منذ خمس سنوات بهدوء، غادرته بهدوء. وكانت فيار البالغة من العمر 62 عاماً، خلفت المصمم كارل لاغرفيلد بعد وفاته في عام 2019، واستقبلت أوساط الموضة تعيينها كمسألة ضرورية لضمان الاستمرارية كونها عملت معه لمدة 20 عاماً. وقالت «شانيل» في بيانها إنه «سيتم الإعلان عن خليفة لها في الوقت المناسب». جُملة تم انتقاؤها بعناية وتُلمِح وفق تفسيرات البعض بأن خليفتها موجود وحاضر، ولا يُنتظر سوى الإعلان عن اسمه.

فيرجيني فيار تحيي الحضور بعد انتهاء عرضها لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

يا ترى ما هي أسباب الدار للاستغناء عن مصممة متشبعة بروح الدار وحققت لها مبيعات عالية في السنوات الأخيرة متحدية اضطرابات الأسواق العالمية، ورغم أنها رفعت أسعار حقائبها بطريقة صاروخية؟ سؤال يجيب عنه البعض بأنه بالرغم من مساهمتها في تحقيق أرباح بلغت مستوى قياسياً ناهز 20 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 14.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، فإنها من الناحية الإبداعية ظلت حذرة طوال سنواتها الخمس. لعبت على المضمون الذي تعرفه عوض أن تأخذ الدار إلى مرحلة جديدة ومختلفة عما تقدمه منذ سنوات، إن لم نقل عقود.

ظلت فيرجيني وفية لأسلوب الدار وتلعب على المضمون والجينات المتوارثة من دون أي محاولة لوضع بصماتها الخاصة (إ.ب.أ)

التحقت فيار بدار «شانيل» في عام 1987 وعملت مع الراحل لاغرفيلد بشكل مباشر. بعد وفاته في عام 2019 لم تجد الدار أفضل منها لضمان الاستمرارية. لمدة خمس سنوات لم تُخيب الآمال فيها من هذه الناحية. ظلت وفية لأسلوب وجينات الدار المتوارثة. لم تحاول، أو بالأحرى لم تتجرأ، على وضع بصمة شخصية خاصة بها في عالم يتطلب بعض الشجاعة الفنية بين الفينة والأخرى. في المقابل، ظلت تصاميمها ولمدة خمس سنوات تعكس شخصيتها الهادئة والكتومة، وهو ما انعكس على أسلوب يتوخى السلامة أكثر من أي شيء آخر. حتى عروض الأزياء الضخمة التي كانت تُثير الجدل والانبهار وتتداولها منصات التواصل الاجتماعي بنهم في عهد سلفها لاغرفيلد، خفّ وهجها في عهدها وأصابها البرود. أصبحت هادئة وعادية بالمقارنة بما كانت عليه قبل خمس سنوات وقبل جائحة «كورونا». فمن منا لا يتذكر عروض الدار التي كان يتحول فيها «لوغران باليه» إلى سوبر ماركت تارة، وإلى قاعدة لإطلاق صاروخ فضائي تارة أخرى وهلم جرا من الديكورات الضخمة.

كل هذا انتهى بوفاة كارل لاغرفيلد. كان اللعب على المضمون والاستمرارية طبيعياً ومنتظراً لموسمين أو ثلاث. لكن التكرار في ظل المنافسة الشديدة، والتغيرات الثقافية والاجتماعية وخرائط التسوق، لم يكن دائماً في صالح المصممة. في ظل التغيرات الجذرية التي شهدتها العديد من بيوت الأزياء في الآونة الأخيرة، نستشف أنها باتت تحتاج إلى إبداع يخض المتعارف عليه ويُحرِك المياه الراكدة. طبعاً من دون أي تبعات أو تأثيرات سلبية على المبيعات. الاستمرارية والمياه الراكدة في قاموس الموضة متناقضان لا يتلاقيان.

من خط الـ«هوت كوتور» لخريف وشتاء 2024 في باريس (إ.ب.أ)

السؤال الثاني والمهم حالياً هو من سيخلفها؟ فوظيفتها من أكثر الوظائف التي يحلم بها أي مصمم لما لاسم الدار من سحر ووهج. هل سيكون هادي سليمان الذي يشاع أن تفاوضه مع دار «سيلين» لتجديد عقده معقد وغير سلس منذ فترة. ربما تكون كفته أكثر ترجيحاً، من باب أنه كان المفضل لكارل لاغرفيلد، إلى حد أن هذا الأخير صرَح عندما نحَف جسمه بشكل درامي أن ما حفّزه على تحقيق «مقاسه المثالي» هو رغبته في ارتداء التصاميم الرشيقة التي كان يقدمها سليمان عندما كان مصمم القسم الرجالي في دار «ديور». قد تكون أيضاً سارة بيرتون، مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة والمصممة المفضلة لأميرة ويلز، كايت ميدلتون. هناك أيضاً من يميل إلى تغليب كفة بيير باولو بيكيولي الذي غادر دار «فالنتينو» منذ أشهر قليلة. هؤلاء متأكدون أنه سيضيف لـ«شانيل» شاعرية غابت عنها في المدة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

أسبوع لندن للموضة يسترجع أنفاسه... ببطء

لمسات الموضة عرض ريتشارد كوين كان مفعماً بالأمل والتفاؤل... وهو ما ترجمه بالورود والألوان الفاتحة (أ.ف.ب)

أسبوع لندن للموضة يسترجع أنفاسه... ببطء

تشعر أحياناً أن مصمميه يتلذذون بالأزمات ويستمدون منها أكسجين الابتكار. هذا العام يحتفل بميلاده الـ40 مؤكداً أن الأزمات لم تقضِ عليه بقدر ما زادته عزماً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

يجمع الأناقة بروح بوهيمية، لكن للأسف لا يناسب الكل؛ لهذا يحتاج إلى بعض الحيل كي تتمكن صغيرات الحجم تحديداً من الاستمتاع به، مثلهن مثل عارضات الأزياء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة عارضات عالميات من أعمار مختلفة من بينهن المخضرمة جيري هول في عرض «كلوي» (كلوي)

5 خطوات لأناقة لا تعترف بمرور العمر

بالعمر تزداد الخبرة، وتصل المرأة إلى مرحلة من النضج والثقة، تنعكس على إطلالات متميزة تعبّر عنها بعيداً عن إملاءات الغير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بيتر نيغارد الرجل الثمانيني مسجون منذ ديسمبر 2020 وهو متهم بعشرات جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية في كندا والولايات المتحدة على مدى عقود (رويترز)

السجن 11 عاماً لقطب الموضة بيتر نيغارد بتهمة الاعتداء الجنسي

حُكم على قطب الموضة السابق بيتر نيغارد، الاثنين، في تورونتو بالسجن 11 عاماً لإدانته بالاعتداء الجنسي على 4 نساء.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

إيزابيل هيبار تشرح في مهرجان فينيسيا السينمائي معنى «لكل زي زمان ومكان»

ترأس النجمة الفرنسية المخضرمة لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81 (رويترز)
ترأس النجمة الفرنسية المخضرمة لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81 (رويترز)
TT

إيزابيل هيبار تشرح في مهرجان فينيسيا السينمائي معنى «لكل زي زمان ومكان»

ترأس النجمة الفرنسية المخضرمة لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81 (رويترز)
ترأس النجمة الفرنسية المخضرمة لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81 (رويترز)

ليس غريباً أن تظهر النجمة الفرنسية إيزابيل هوبير Isabelle Huppert خلال مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير بـ5 إطلالات، كلها من تصاميم دار «بالنسياغا»، فهي شبه سفيرة من سفرائها الأوفياء منذ عام 2022، لكن أن يتناقض كل زي عن الآخر، وكأن كل واحد من دار أزياء مختلفة، فهذا هو الغريب؛ إذ كان من المتوقع أن تتّسم بنفس الروح والشخصية، وتتكلم نفس اللغة، وخصوصاً أن مصمّماً واحداً وراءها، لكن العكس حصل.

في كل إطلالة كانت كمن تتقمص دوراً مختلفاً؛ فتارةً عادية للغاية، وتارةً «ديفا» من العصر الذهبي للمسرح والسينما، وتارةً أخرى امرأة لكل المواسم تتعدّى أناقتُها القارات والثقافات، لكن في خضم هذه الفوضى البصرية، نجحت بحضورها والكاريزما التي تتمتع بها أن تُمسك بخيوطها وتقدّم لنا درساً ممتعاً لمعنى أن يكون «لكل مناسبة زيها».

ظهرت إيزابيل هوبير بهذا الفستان وكأنها لوحة من الفن الكلاسيكي الإيطالي (إ.ب.أ)

في حفل افتتاح الدورة الـ81 من المهرجان السينمائي، مثلاً، اختارت فستاناً جريئاً من حيث التصميم واللون، تشم من بين ثناياه وأكتافه لمسة كلاسيكية إيطالية استلهمها مصمّم الدار ديمنا من فستان خاص بحفلات الأوبرا. ليس هذا فحسب، بل يستحضر أيضاً صور نجمات المسرح في الخمسينات؛ لونه الأحمر المتوهج زاد من جرعة تفرّده، كذلك القفازات البيضاء والمجوهرات من دار «كارتييه»، كل ما في الإطلالة، بما في ذلك وقفتها أمام المصورين لالتقاط صورها، كانت تصرخ بأنها نجمة غير عادية.

إطلالة «سبور» بكل ما فيها من تفاصيل ظهرت بها النجمة الفرنسية وكأنها تتحرّر من قيود المناسبات الرسمية (رويترز)

وقبل أن نُفيق من حلاوة هذه الصورة وفخامتها، تُفاجئنا هوبير بالنقيض؛ إطلالة رياضية إلى أبعد حد، مأخوذة من القطعة التي طرحتها علامة «جوسي كوتور» في التسعينات، وكانت مكوّنة من بنطلون وكنزة رياضية من المخمل، انتشرت في كل الأوساط انتشار النار في الهشيم، إلى حد أنها أصبحت تجسّد ثقافة قائمة بذاتها. ديمنا مصمّم «بالنسياغا» وكعادته في اللعب على أيقونات شعبية يُعيد تجديدها بتوقيع الدار، طرَحها لنا في تشكيلته لخريف 2024.

وباللون الأحمر اختارتها هوبير ونسقتها مع قبعة «بايزبول» باللون الأسود، يتوسطها لوغو الدار، وحذاء أيضاً أسود مريح، وكأنها تريد أن تؤكد رغبتها في الانطلاق والتخفّف من القيود، أو على الأقل ترتاح من متطلبات السجاد الأحمر، وما تتطلبه من أناقة محسوبة، لكن باستثناء ما تمنحه هذه القطعة من راحة، يمكنها عَدُّها الهفوة الوحيدة من بين كل إطلالات النجمة الفرنسية طوال المهرجان.

إطلالة متكاملة من الرأس إلى القدمين تتجاوز الحدود والثقافات بأناقتها (إ.ب.أ)

بين الفخامة الكلاسيكية والأناقة الـ«سبور»، برزت 3 إطلالات أخرى، كانت الأجمل والأنسب؛ لأنها تخاطب كل نساء العالم، بغضّ النظر عن أذواقهن وأعمارهن وثقافتهن؛ الأولى من تشكيلة الدار لربيع 2025، باللونين الزيتوني والأسود، يتداخلان بشكل يوحي وكأنهما طبعات من الغابة، تتكون من تنورة ببليسيهات وقميص بياقة عالية، وما يشبه الـ«كاب» منساباً، لا يختلف اثنان على أنها في غاية الأناقة ومناسِبة لكل زمان ومكان.

إطلالة للنهار تجمع الـ«سبور» بالأناقة (بالنسياغا)

أما الثانية فأقل رسميةً، تتكون من بنطلون أسود بتصميم مريح نسقته مع «تي - شيرت» أبيض وقطعة بلمسة رياضية بالأسود تتخلّلها تطريزات ماسية تجسّد برج إيفل واسم باريس، هنا أيضاً استعملت نفس الحذاء المريح الذي نسقته مع القطعة الرياضية المستوحاة من «جوسي كوتور».

أثناء حضورها فيلم THE ROOM NEXT DOOR بفستان أنيق مطرّز بالكامل بحبات خرز صغيرة (بالنسياغا)

الإطلالة الثالثة التي ظهرت بها لدى حضورها فيلم، عبارة عن فستان طويل بـ«كاب» ناعم من تشكيلة الدار لشتاء 2024، لكن تم إجراء تغييرات عليه ليأتي على مقاسها، وهو مطرّز بالكامل بحبات خرز صغيرة تداخَل فيها البني مع الأسود لخلْق نقشات مستوحاة من جلد الفهد.

تجدر الإشارة إلى أن علاقة الود بين النجمة الفرنسية و«بالنسياغا» بدأت في عام 2021، حين ظهرت بفستان أسود بأكمام طويلة من تشكيلتها لربيع وصيف 2022، ومنذ ذلك التاريخ العلاقة مستمرة؛ إذ تظهر هوبير في كل المناسبات السينمائية والمحافل، بما في ذلك حفل المتروبوليتان الماضي، بتصاميم تنجح في إثارة الاهتمام، وفي الوقت ذاته إبراز جوانب خفية من شخصيتها، جوانب جريئة وغريبة عوّدَنا عليها ديمنا، ويبدو أنها تفهمَتها وتقبَّلَت كل أوجهها.