«ديور» ترقص في دار الأوبرا بدبي على موسيقى فيليب غلاس

المصممة ماريا غراتزيا تشيوري تصمم أزياء فرقة الباليه بأكملها

علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)
علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)
TT

«ديور» ترقص في دار الأوبرا بدبي على موسيقى فيليب غلاس

علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)
علاقة «ديور» بالباليه تعود إلى عهد المؤسس كريستيان ديور مما جعل لها باعاً في هذا المجال (صوفي كار)

عندما قررت ماريا غراتزيا تشيوري تصميم ملابس فرقة الباليه عام 2019، لم تشعر بأن الأمر غريباً عليها أو دخيلاً على الدار التي تتولى إدارتها الفنية. فشغف كريستيان ديور بالرقص والباليه معروف ومتداوَل. في عام 1955 كان المصمم الذي لجأت إليه مارغو فونتين، أشهر راقصة باليه آنذاك لتصميم فستان زفافها، وفي سيرته الذاتية أيضا، أسهب في عقد مقارنات بين تصميم الأزياء والرقص مسلطاً الضوء على القواسم المشتركة بينهما، مثل المرونة والخفة والاهتمام بالجسد. فكما يحتاج الراقص إلى أزياء لا تعوق حركاته وقفزاته في الهواء، تحتاج المرأة إلى أزياء تحررها من كل قيود.

استعملت المصممة أقمشة ناعمة وشفافة مثل التول (صوفي كار)

التقطت ماريا غراتزيا تشيوري الخيط من كريستيان ديور، واستعملت الرقص تيمات لبعض عروضها.

أما تجربتها بشكل مباشر، فكانت في عام 2019 مع عرض باليه «ليلة بيضاء» Nuit blanche، وهو أحد عروض الباليه الثلاثية المخصصة للموسيقار فيليب غلاس. تم تسجيله للبيانو المنفرد، مصحوباً بأوركسترا وترية، من تصميم سيباستيان بيرتود. «تثير موسيقاه إيقاعات تتعالى بالتدريج لتصل إلى نقطة الذروة» حسب قول إليونورا أباجناتو، مديرة الباليه في مسرح أوبرا روما ونجمة الأوبرا الوطنية في باريس. وتضيف: «بهذه الطريقة، تزداد كثافة الرقص أيضاً بوصفه طاقة متفجرة».

كل زيٍّ من هذه الأزياء عمل على تنفيذه 8 حرفيين من ورشات دار «ديور» (صوفي كار)

ابتكرت ماريا غراتزيا 16 قطعة تشمل أزياء الراقصين النجوم، تم تنفيذها كاملة في ورشات «ديور». اعتمدت فيها على أقمشة ناعمة وشفافة لفَّتها على شكل «درابيه» أو ثنيات يدويّة زيَّنت رداءات الكاب والفساتين. كما استعملت النسيج المخرّم والمُرصّع بالخرز، لاستكمال صور لعبت على نمط «ترومب لوي»، أي الخدع البصرية.

خصَّت المصممة البطلين أباجناتو وفريدمان فوجل، بأقمشة خفيفة الوزن وفي غاية المرونة، بينما قدَّمت لباقي الفرقة تنورات ناعمة بثنيات فخمة وطبقات متعددة من التول المطرَّز. كل زي من هذه الأزياء عمل عليه ثمانية حرفيين.

لقطة من كواليس دار الأوبرا في روما لإليانورا أباجنتو وفريدمان فوغل (جوليان بنحمو)

لأباجانتو مثلاً، تم ابتكار قطع من التول تتلألأ بعِرق اللؤلؤ، منها تنورة تم تنفيذها في ورش عمل مسرح تياترو ديل أوبرا في روما بالتعاون مع ورشة ديور للأزياء الراقية، واستُلهم تصميمها الفخم المطرز بالورود من تنورة فستان «ميس ديور» الشهير.

بعد نجاح التجربة، أعادت تشيوري الكَرَّة في باليه «ليلة رومانية» Nuit Romaine، و«ليلة راقصة» Nuit Dansée، اللتين سيتم تقديمهما في أوبرا دبي يومَي 25 و26 مايو (أيار) 2024.

وقد سبق أن عرضت الدار باليه «ليلة رومانية» في عام 2011 في قصر «بالازو فارنيزي»، أحد أجمل المعالم الأثرية في روما، مسقط رأس كيوري. داخل الغرف الساحرة لهذا الموقع، الذي أصبح حالياً مقر السفارة الفرنسية في إيطاليا، نسج الراقصون حواراً مع نوكس، إلهة الليل، من خلال حركات بديعة، اكتسح فيها الراقصون كل المساحات في عرضٍ سردي مثير.

يظهر في كل تصميم الاندماج بين عالم الباليه وفن التصميم (صوفي كار)

باليه «ليلة راقصة» الذي سيستمتع به أيضاً الحضور في دار الأوبرا بدبي، وابتكره مُصمّم الرقص جيورجيو مانشيني، ليكون تحية لفناني مسرح دار الأوبرا في روما، جاء هو الآخر على شكل قِصّة شاعريّة لكن بلغات الرقص المُتعدّدة والمختلفة.


مقالات ذات صلة

أدب الرحلة يدخل عالم المجوهرات

لمسات الموضة فرانسوا ماسكاريلو أبدع لوحة زيتية ضخمة هي أول ما يستقبلك في المحل استعمل فيها الطلاء الزيتي مع ضربات ريشة خفيفة جداً فوق طبقة من الأكريليك حتى يُضفي عليها تأثيراً لامعاً (كارتييه)

أدب الرحلة يدخل عالم المجوهرات

عام 1919 شعر لويس كارتييه بأن السفر والترف وجهان لعملة واحدة. افتتح محلا في سان سيباستيان الإسبانية لتبدأ رحلة «كارتييه» في المنتجعات الفخمة.

جميلة حلفيشي (بودروم - تركيا)
لمسات الموضة لم ينتهِ العرض بنغمة حزن بل بتفاؤل فالنهايات ما هي إلا بدايات كما أكد المصمم (إ.ب.أ)

دريس فان نوتن... وتشكيلة الوداع الأخير

كان شرطه قبل التقاعد للمجموعة الإسبانية «بوش» التي اشترت حصة من داره في عام 2018 أن يبقى فريق العمل في «أنتوورب» حتى ينأى بهم عن أي تأثيرات أو إغراءات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة شانتال خويري تتوسط المرشحات الثماني قبل الإعلان عن الفائزات (خاص)

«أطلق لها العنان»... من الرياض إلى مدريد

ما يُحسب لمجموعة «بيستر» أنها لم تبق رهينة فكرة واحدة وهي توفير سلع ومنتجات فاخرة بأسعار مخفضة، بل توسعت لتكون هذه القرى تجربة حياة تشمل كل ما لذ وطاب.

جميلة حلفيشي (مدريد)
لمسات الموضة من علامة «أوشيتا» (100 براند)

عرض أزياء حصري لمبادرة «100 براند سعودي» في باريس

لا تزال مبادرة «100 براند سعودي» تنتقل من محفل عالمي إلى آخر. هذا الأسبوع حطت الرحال في باريس...

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة أرسل بيير باولو بيكيولي 63 قطعة اختلفت تصاميمها وبقي لونها واحداً (فالنتينو)

من موجة موسمية إلى ظاهرة

منذ ظهوره في 1926 وهو متسلطن في خزانة المرأة لم يخرج منها حتى بعد أن هجمت الألوان الصارخة على ساحة الموضة بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تحتاج إليها.

جميلة حلفيشي (لندن)

دريس فان نوتن... وتشكيلة الوداع الأخير

لم ينتهِ العرض بنغمة حزن بل بتفاؤل فالنهايات ما هي إلا بدايات كما أكد المصمم (إ.ب.أ)
لم ينتهِ العرض بنغمة حزن بل بتفاؤل فالنهايات ما هي إلا بدايات كما أكد المصمم (إ.ب.أ)
TT

دريس فان نوتن... وتشكيلة الوداع الأخير

لم ينتهِ العرض بنغمة حزن بل بتفاؤل فالنهايات ما هي إلا بدايات كما أكد المصمم (إ.ب.أ)
لم ينتهِ العرض بنغمة حزن بل بتفاؤل فالنهايات ما هي إلا بدايات كما أكد المصمم (إ.ب.أ)

قليلون هم من ينسحبون من الأضواء وهم في القمة. المصمم البلجيكي، دريس فان نوتن، واحد من هؤلاء. قدّم خلال أسبوع باريس الرجالي لصيف 2025 آخر تشكيلة له، وكانت مسك ختام مسيرة امتدت لنحو 4 عقود، ولا شك في أن يوم 22 يونيو (حزيران) 2024 سيبقى تاريخياً بالنسبة لمحبيه.

في لاكورنوف، شمال باريس، قدّم المصمم تشكيلته لربيع وصيف 2025 أمام حضور كان يشعر بأنه لا يتابع عرض أزياء بقدر ما يشهد على نهاية قصة كتبها مصمم لم يخضع لإملاءات الموضة، بل فرض عليها احترامه، ببقائه وفياً لأسلوبه وقناعاته.

المصمم دريس فان نوتن في آخر العرض (إ.ب.أ)

أسس في التسعينات من القرن الماضي، مع 5 مصممين بلجيكيين، مدرسةً قائمةً بذاتها، تتميز بالجرأة والرقي، وأصبحوا يُعرفون بـ«جماعة أنتوورب»، وهم آن ديمولميستر، وديرك فان ساين، وولتر فان بيرندونك، وديرك بيكمبورغ، ومارينا يي، وطبعاً هو: دريس فان نوتن.

كلهم تخرجوا في جامعة «أنتوورب» للفنون، وافتتحوا مشاغلهم في المدينة، ولم يغادروها إلى أي من عواصم الموضة العالمية رغم الإغراءات. ورغم اختلاف وجهات نظرهم الفنية، أو بالأحرى تفاصيلها، كان الإبداع محركهم الأول والأخير.

ظهرت في التشكيلة عدة تناقضات نسقها بأسلوب متناغم مثل اللعب على الأقمشة السميكة والشفافة (إ.ب.أ)

كان فان نوتن أكثرهم شهرة، بحيث لُقِّب بـ«سيد الموضة الفلمنكي»؛ لهذا عندما أعلن منذ بضعة أشهر في رسالة مفتوحة خبر تقاعده، تفاجأ عالم الموضة، لأنه كان في عز نجاحه الفني والتجاري. أما هو فبرّر قراره قائلاً: «أشعر بأن الوقت حان لإفساح المجال لجيل جديد من المواهب للتعبير عن رؤيتهم، وضخ دماء جديدة في الدار»، مشيراً إلى أن دار «فان نوتن» التجارية للأزياء والإكسسوارات والعطور، ستستمر من دونه، وسيتولاها فريق عمل معه لسنوات. قبل تقاعده، كان شرطه الوحيد لمجموعة «بوش» (Puig) الإسبانية التي استحوذت على حصة الغالبية من داره في عام 2018 أن يبقى الفريق في «أنتوورب»، حتى ينأى عن ضجيج عالم الموضة وتأثيراته.

اختياره للألوان كان دائماً موفقاً يؤكد نظرته الفنية (إ.ب.أ)

غنيٌّ عن القول، إن عرضه الأخير كان الأكثر تشويقاً. لخص في تشكيلته لربيع وصيف 2025 أسلوبه المعروف بالتفصيل المتقن، الذي ظهر هنا في تصاميم «توكسيدو»، بأطوال تصل إلى الكاحل أحياناً، وجرأة الألوان، وتضارب الأقمشة، ما بين السميك والشفاف، وأيضاً النقشات التي غلبت عليها الأزهار. فالمعروف عن فان نوتن، أنه - إلى جانب حبه لتصميم الأزياء - يعشق الطبيعة، وسبق أن صرح في لقاء قديم بأنه بستاني من الدرجة الأولى، الأمر الذي يفسر أشكال الورود والأزهار التي تظهر دائماً في تشكيلاته. أحياناً بشكل خفيف جداً وأحياناً بشكل واضح.

معروف عنه قدرته على التفصيل المتقن الذي يلعب عليه بجرأة فنية مثل هذا المعطف المستوحى من التوكسيدو (إب.أ)

تجدر الإشارة إلى أن فان نوتن ينحدر من أسرة زاولت الخياطة أباً عن جد. ورثها عن حب، واختار أن يصقل موهبته بالدراسة. بعد أن تخرج في «الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة» في بلجيكا عام 1981. بعد تخرجه بـ5 سنوات، قدّم أول تشكيلة له بصفته مصمماً مستقلاً. كانت قوية لفتت إليه الأنظار، لا سيما أنه تبنّى أسلوباً مختلفاً عن الدارج. غلب عليها أسلوب متوهج بالألوان، وتضارب النقشات مع لمسات «فينتاج» رومانسية.

لم يتنازل يوماً عن أسلوبه الخاص وبالنتيجة حاز الاحترام وحقق النجاح التجاري (رويترز)

قرار التقاعد بالنسبة له لم يكن متسرعاً. ففي عام 2018 وعندما باع حصة من الدار لشركة «بوش» الإسبانية، أعلن أنه سيبقى مديراً فنياً ومشرفاً عليها لمدة 5 سنوات. انتهت المهلة التي منحها لنفسه، وها هو ينسحب وهو في عز نجاحه وعطائه الفني. ومع ذلك، لم ينتهِ العرض بنغمة حزن، بل بتفاؤل. فالنهايات في الأحوال التي تكون قرارات شخصية مدروسة ما هي إلا بدايات، وبالنسبة لفان نوتن، فإنها تعني فرصة جديدة لممارسة هواياته التي أجّلها طويلاً، كما قال بسبب عدم توافر الوقت وضغوطات العمل.