«الكعكة الحلال» تفتح الشهية على مجموعات حصرية بأسماء عالمية

كيف أصبح شهر رمضان الفضيل منبع خير لصناع الموضة؟

كشفت دار «ماكسمارا» عن تشكيلة رمضانية من 11 قطعة تلخص مفهوم الأناقة والرقي... وتدعو فيها الدار أيضاً ضيوفها لابتكار عطورهم الخاصة (ماكس مارا)
كشفت دار «ماكسمارا» عن تشكيلة رمضانية من 11 قطعة تلخص مفهوم الأناقة والرقي... وتدعو فيها الدار أيضاً ضيوفها لابتكار عطورهم الخاصة (ماكس مارا)
TT

«الكعكة الحلال» تفتح الشهية على مجموعات حصرية بأسماء عالمية

كشفت دار «ماكسمارا» عن تشكيلة رمضانية من 11 قطعة تلخص مفهوم الأناقة والرقي... وتدعو فيها الدار أيضاً ضيوفها لابتكار عطورهم الخاصة (ماكس مارا)
كشفت دار «ماكسمارا» عن تشكيلة رمضانية من 11 قطعة تلخص مفهوم الأناقة والرقي... وتدعو فيها الدار أيضاً ضيوفها لابتكار عطورهم الخاصة (ماكس مارا)

مجالات عمل كثيرة تفصل العاملين فيها عن الواقع والتفاعل المباشر مع الناس، إلا الموضة. حتى السياسة تبدو في الآونة الأخيرة في عالم؛ والرأي العام في عالم آخر. الموضة، في المقابل، رغم كل الانطباعات المكونة لدى البعض بأنها تعيش في بُرج عاجي يعتمد الحلم للوصول إلى القلوب ومنها إلى الجيوب، فإنها على الأقل تجتهد في قراءة نبض الشارع. تتابع تحركاته... تتفاعل معه وتندمج في يومياته. كل سوق لها خبراء علاقات عامة ووكلاء يرفعون تقارير عن هذه التحركات، ويلفتون انتباهها لكل ما من شأنه أن يوطد علاقاتها بهذه السوق أو تلك، ويستقطب لها ولاءات جديدة حتى يكون لها «في كل عرس قُرص». تختلط أحياناً الماديات بالروحانيات في سلة واحدة. المهم أن المصلحة قائمة والكل راضٍ.

تعاونت منصة «ماتشز فاشن» في حملتها الرمضانية مع المصوّرة المصرية ملك قباني (ماتشز)

أكبر مثال على هذا استعدادات صناع الموضة لشهر رمضان الكريم وأيام العيد. فهي لا تقل لهفة عن لهفة زبائن المنطقة.

في السنوات الأخيرة لا يمكن الحديث عن استعدادات هذا الشهر الفضيل في منطقة الشرق الأوسط تحديداً من دون التطرق إلى تغلغل بيوت الأزياء العالمية في أدق تفاصيله الاحتفالية... يقيمون موائد الإفطار أو السحور، و يستبقون حلوله بأسابيع، إن لم نقل بأشهر، بطرح مجموعات حصرية تفوح من ثنياتها وطياتها وألوانها رائحة قد ينتقدها البعض؛ لأنها مكيافيلية تلعب على المشاعر، لكن الأرباح التي تحققها تؤكد أن زبائن المنطقة لهم رأي مخالف.

تتميز تشكيلة «إيترو» بأقمشة خفيفة الوزن مزينة بثنيات وأكمام منسدلة ونقشات تجسد الحدائق الخضراء في واحات الصحراء من تشكيلتها لـ«ربيع وصيف 2024»... (إيترو)

مَن مِن متابعي الموضة لا يتذكر الجدل الذي أثارته دار «دولتشي آند غابانا» في عام 2016، عندما طرحت أول تشكيلة كاملة من العباءات؟ عدد لا يستهان به من الناس استنكروا هذه الخطوة واتهموا المصممان دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا باستنساخ العباءة التقليدية حرفياً. أخذوا عليهما أنهما لم يضيفا أي جديد سوى توقيع اسم دارهما عليها. كانت هناك حُرقة في رد فعل المصممين المحليين تحديداً؛ رأوا في الأمر انتهاكاً لحقهم في قطعة توارثوها أباً عن جد ويحفظون كل أبجدياتها عن ظهر قلب. لكن بنات منطقتهم خذلنهم. حققت المجموعة نجاحاً تجارياً منقطع النظير في السوق. والنتيجة أن الضجة والنجاح على حد سواء أثارا انتباه باقي بيوت الأزياء وشهيتهم.

في عام 2017، زاد وطيس السباق. تحولت المجموعات الرمضانية إلى تقليد يسجل فيه كثير من بيوت الأزياء العالمية حضوره، تحت شعار أن هذه البيوت ترغب في مشاركة زبونها في المنطقة الاحتفال بهذه المناسبة المهمة. طبعاً بعد أن قرأت وتأكدت أن المرأة لم تعد تكتفي بعباءة أو «جلابية» من السوق أو من مصمم محلي كما كان الأمر في السابق، بل تريد أن تتألق بتصميم عالمي. وهكذا توسعت الخيارات والاقتراحات وأصبحت الكعكة الحلال تقليداً مستمراً ومُثمراً.

حقيبة «بيكابو» الأيقونية تتألق بالذهبي في تشكيلة رمضان (فندي)

فمهما اختلفت الطقوس والعادات الرمضانية في العالم الإسلامي، تبقى، في العموم، مزيجاً من الروحانيات ومتعة اللقاءات الاحتفالية التي تجمع الأهل والأصدقاء في المجالس والمطاعم... وغيرها. هذا النشاط الاجتماعي يحتاج إلى أزياء وإكسسوارات متنوعة تناسب الأجواء والبيئة. في البداية اختلط الأمر على بعض المصممين وبيوت الأزياء وسقطوا في مطب الاستسهال. مثل «دولتشي آند غابانا»، استنسخوا عبايات وقفاطين، أو اعتمدوا ألوان الصحراء مثل الذهبي والرملي إلى جانب الأخضر الزمردي، وكأن هذه الرموز تكفي لتُكسب اقتراحاتهم الشرعية في حمل عنوان «مجموعات رمضانية». لم يُكلفوا أنفسهم عناء الابتكار. لكنهم غيروا استراتيجياتهم مؤخراً. فالمنطقة الآن يُحسب لها ألف حساب؛ نظراً إلى إمكاناتها الشرائية الهائلة وعدم تأثرها حتى الآن بالأزمة الاقتصادية العالمية مقارنة بغيرها من الأسواق.

صورت «فندي» حملتها بفستان محتشم من الساتان بلون رمادي ناعم نسقته مع حقائبها الأيقونية «بيكابو» و«باغيت» المغلفة بالذهب والترتر (فندي)

دار «فندي» مثلاً أطلقت مجموعة حصرية قالت إنها «بمثابة شهادة على التزام الدار بالاحتفاء باللحظات الثقافية والاجتماعية المهمّة». تشمل المجموعة بعضاً من التصاميم الكلاسيكية؛ بما في ذلك حقائب «بيكابو» و«باغيت» مغلفة بالذهب وتقطر بالترتر. دار «لورو بيانا» أيضاً صممت تشكيلة أزياء وإكسسوارات راقية خاصة وحصرية تحمل كل بصماتها المترفة، الأمر الذي خلق توازناً معقولاً بين الدار والمستهلك.

بيد أن هذا لا يعني أن البعض لا يراوغ ويتحايل على الأمر رغبة منهم في دخول اللعبة والحصول على قطعة من الكعكة الرمضانية. هؤلاء ينتقون قطعاً جاهزة تم تقديمها إما في عروض باريس أو ميلانو أو نيويورك أو لندن، تكون طويلة وبأكمام أو ياقات عالية. إذا كانت بألوان الذهب والرمال والزمرد فهذا عز الطلب؛ لارتباط هذه الألوان في مخيلتهم بالمنطقة.

انتقت دار «ديور» من تشكيلتها لـ«ربيع وصيف 2024» مجموعة تلعب على الشمس والضوء والذهب (ديور)

دار «ديور» مثلاً انتقت من تشكيلتها لربيع وصيف 2024، مجموعة تلعب على الشمس والضوء ولون الذهب؛ منها سترة الـ«بار» الشهيرة، وتنورات بأشكال مختلفة يُغلفها التول، وأيضاً حقيبة «لايدي ديور» الأيقونية. دار «آغنر» الألمانية طرحت بدورها حملة إعلانية خاصة تتصدّرها حقيبة باللونَين الذهبي والفضي، وشرحت في بيانها الصحفي أنها «تعكس روح التأمّل والصفاء التي تُرافق الشهر الفضيل، ويستحضر ملمسها الفاخر والعاكس للضوء رمال الصحراء المتلألئة تحت أشعة الشمس».

حتى دور المجوهرات والساعات لم تتأخر عن هذا التقليد. فهي تركز هذه الفترة على إبداعاتها المرصعة بالزمرد وأي حجر ثمين بدرجة من درجات الأخضر، كما تتصدر واجهاتها ساعات بموانئ بهذا اللون. «برايتلينغ (Breitling)» مثلاً واحدة منها. في تعليق على الحملة التي أطلقتها بمناسبة شهر رمضان، قال عايد عدوان، المدير الإداري للشركة في الشرق الأوسط، والهند، وأفريقيا، إن حملة شهر رمضان المبارك لهذا العام «تحمل رسالة عميقة حول أهمية الوقت في هذا الشهر الفضيل؛ ما يجعلنا نتطلّع للاحتفال مع زبائننا بكل اللحظات المميّزة التي تقرّبنا أكثر بعضنا من بعض».

اختار موقع «FARFETCH» تصاميم تتميز بالحشمة واللمسات العصرية لأكثر من 30 مصمماً وعلامة أزياء إقليمية وعالمية (فارفيتش)

مواقع التسوق الإلكترونية أيضاً لا تفوت المشاركة في هذا الشهر؛ بدءاً من «ماتشز فاشن» و«نيت أبورتيه» إلى «فارفيتش ومايتريزا» و«أوناس»... وغيرها، علماً بأنها تقدم خيارات أوسع ووفق إمكانات كل الفئات بانتقاء المناسب؛ بمعنى «المحتشم». بالنسبة إلى «فارفيتش» مثلاً، فقد اختارت هَنا خليفة لانتقاء هذه المجموعة الرمضانية وتنسيقها بشكل يتماشى مع متطلبات البيئة والثقافة. من جهتها، تعاونت منصة «ماتشز فاشن» مع المصوّرة المصرية ملك قباني. وهنا أيضاً كان التركيز على الثقافة الغنية التي تزخر بها منطقة الشرق الأوسط، من خلال قفاطين وتصاميم راقية لمصممين من أمثال تولر مارمو المقيم في دبي، ومجوهرات رفيعة.

الملاحظ هنا أن الفئات التي لا تسمح لها اللوجيستيات والميزانيات بطرح تشكيلة خاصة لشهر واحد، تتحايل على الأمر بتصوير حملات تشارك فيها مواهب ووجوه عربية تُروِج لها وتمنحها شرعية تُدخلها سباق رمضان من باب واسع.

شركة «كوتش» الأميركية استعانت بثلاث سعوديات من مجالات مختلفة... هن: لاعبة كرة القدم السعودية في نادي الاتحاد للسيدات السعودي فرح جفري ومصمّمة الأزياء الناشطة في مجال إعادة تدوير الموضة سليمة العلوي والفنانة سليمة المعروفة بـ«كوسميكات»... (كوتش)

شركة «كوتش» الأميركية مثلاً استعانت في حملتها بثلاث سعوديات من مجالات مختلفة؛ هن: فرح جفري لاعبة كرة القدم السعودية في نادي الاتحاد للسيدات السعودي، وسليمة العلوي مصمّمة الأزياء الناشطة في مجال إعادة تدوير الموضة، والفنانة نوف المعروفة بـ«كوسميكات»، لتحقيق هذه الغاية... وكذلك «كارولينا هيريرا» باللبنانية جيسيكا قهواتي، ودار «ريبوسي (Repossi)» للمجوهرات بفنانة الماكياج السعودية العنود التركي احتفاءً، وفق قولها، بـ«قيم التنوع والشمولية».

إضافة إلى أن هذه الوجوه والمواهب تمنح هذه الإطلالات والمنتجات صبغة شرقية خاصة، فإنها أيضاً تُجنب بيوت الأزياء بعض الحساسيات التي يمكن أن تنتج عن عدم فهمها تقاليد وطقوس هذا الشهر الفضيل، كما تُجنبها بعض الانتقادات التي يمكن أن تنتج عن اكتفائها بفساتين عصرية ومحتشمة وإيشاربات تناسب طقس المنطقة... وما شابه من تفاصيل.

اختار موقع «FARFETCH» تصاميم تتميز بالحشمة واللمسات العصرية لأكثر من 30 مصمماً وعلامة أزياء إقليمية وعالمية (فارفيتش)

**وفقاً لتقرير حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2023 الصادر عن «دينار ستاندرد»، فقد قُدّر «اقتصاد رمضان»، إذا صحت هذه التسمية، في عام 2021 بنحو 2.29 تريليون دولار، وهذا يشمل كل القطاعات من الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل والأزياء والسفر... إلى الإعلام والترفيه. ويتوقع أن ينمو هذا الرقم إلى 3.1 تريليون دولار بحلول عام 2027 وفق الدراسة ذاتها. أما في مجال الأزياء المحتشمة وحدها فيُتوقع أن يصل الإنفاق إلى 428 مليار دولار، وفي مجال مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والشعر إلى 129 مليار دولار. أرقام تفتح الشهية لدخول سباق رمضان.


مقالات ذات صلة

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

لمسات الموضة قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

غاب عن دار «جيڤنشي» مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها بعد خروج مصممها السابق، الأميركي ماثيو ويليامز منها منذ سنة تقريباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

ألوان أزياء الساسة الحاليين متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة تنص على ابتعادهم عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرد شخصي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

في عالم الموضة والأزياء الذي يسيطر عليه المبدعون من جميع أنحاء العالم، برزت تالة أبو خالد بوصفها أصغر مصممة أزياء تدمج بين التراث والثقافة السعودية والتصاميم.

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد شعار «سينومي ريتيل» (حساب الشركة على «إكس»)

«سينومي ريتيل» السعودية تدخل مفاوضات مع إحدى كبريات شركات تجزئة الأزياء 

أعلنت «شركة فواز عبد العزيز الحكير وشركاه (سينومي ريتيل)» السعودية، الاثنين، دخولها في مفاوضات مع إحدى كبريات شركات التجزئة الرائدة في مجال الأزياء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق العمر رقم (هاربرز بازار)

ناومي كامبل... أمٌ لطفلين في الخمسين

عارضة الأزياء البريطانية استفاضت في الحديث عن يومياتها ومشاعرها بوصفها أمّاً، وذلك في مقابلة مع مجلة «هاربرز بازار» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
TT

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)

غاب عن دار «جيڤنشي» مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها بعد خروج مصممها السابق، الأميركي ماثيو ويليامز منها منذ سنة تقريباً، ولم يغب أسلوب مؤسسها أوبير دو جيڤنشي الذي ودعها قبله بعقود. طبعاً مع بعض التعديلات التي فرضتها إملاءات العصر ومتطلبات جيل جديد من الزبائن. في تشكيلة موجهة لربيع 2025، سخية ابتكاراً وعدداً، التزم الفريق المسؤول عن إبداعها، بأسلوب المؤسس، أوبير دو جيڤنشي. أسلوب أنيق في تفاصيله وأرستقراطي في تفصيله. أضافوا إليه نكهة مطعمة ببعض الجرأة والشقاوة حتى لا يبقى سجين الماضي.

قدمت الدار تشكيلة ديمقراطية ساوت بين الرجل والمرأة من حيث عدد التصاميم (جيڤنشي)

تساوى في هذه التشكيلة الاهتمام بالجنسين. فرّقتهما التفاصيل وجمعتهما مفردات تلعب على الطابع الرسمي والمفصل من دون التنازل أو تجاهل معايير الراحة والانطلاق.

تفسر الدار الأمر بحرصها على «السمات التي تُميّزها عن باقي بيوت الأزياء وفي الوقت ذاته تدخل في صميم جيناتها، مثل مونوغرام 72 الذي ظهر هنا بحلة جديدة، ونقشات جلود الحيوانات، وكرات الخيوط، والعُقد والفيونكات الصغيرة، والأسود الذي لوّن العديد من الفساتين المنسدلة».

نقشات النمر والفهد ظهرت في العديد من الأزياء والأكسسوارات على حد سواء (جيڤنشي)

يبدو كل هذا أيضاً واضحاً في القصّات الناعمة التي ارتبطت بالدار، أضيفت إليها لمسات جديدة، رغم جُرأتها وخروجها عن النص الذي كتبه أوبير دو جيڤنشي في الخمسينات، تستحضر شغفه بالألوان الهادئة والتصاميم الأنثوية البعيدة كل البعد عن البهرجة والتكلّف، نذكر منها مثلاً وشاحاً مسائياً مصنوعاً من الصوف تم تنسيقه مع بنطلون واسع مصنوع من القطن باللون الزهري الباهت، وبدلة توكسيدو مُنسّقة مع قطعة تنسدل على الجسم بنعومة، وهلم جرا من القطع المستلهمة من إرث الدار والمترجمة بلغة العصر.

معطف بياقة مبتكرة تستحضر أسلوب ملهمة أوبير دو جيڤنشي... النجمة أودري هيبورن (جيڤنشي)

بصمته التي وضعته في مصاف الكبار من الخمسينات إلى أوائل السبعينات، برزت كذلك في الأحجام التي رغم سخائها لا تبتعد كثيراً عن الجسم حتى تحافظ على رشاقته، وكذلك في الألوان، من دون أن ننسى نقشة جلد الفهد التي عاد إليها فريق العمل وظهرت في الأزياء والأكسسوارات على حد سواء. اللافت أنه مثلما لم تغب روح وأسلوب أوبير، لم تغب صورة ملهمته النجمة أودري هيبورن. معطف مصنوع من الصوف الناعم بأكتاف بارزة يلتفّ حول الجسم مثلاً، يُذكّرنا بها: كيف كانت ستزيد من أناقته وجرأته وهي تضعه على أكتافها في مناسبة مهمة، أو يحضن خصرها بحزام في رحلة سافاري؟! معطف آخر مزوّد بياقة مستديرة تزينه عقدة على شكل فيونكة أيضاً ذكّرنا بها، إضافة إلى معطف بأكمام هندسية مصنوع من الجلد اللامع باللون الأسود، إضافة إلى مجموعة من الفساتين الخاصة بالنهار أو بالسهرة.

اللون الأسود لم يغب وظهر في الكثير من القطع الناعمة للمرأة تحديداً (جيڤنشي)

فالأزياء الموجهة لمناسبات المساء والسهرة لم تقل إبداعاً. هي الأخرى جاءت تتراقص على نغمات من الماضي وديناميكية الحاضر، مثل فستان سهرة مفتوح من الخلف ومشدود بالأحجار والخرز. استخدمت فيه الدار قماش الساتان وزينته بكرات من الريش باللون الأبيض. تفاصيل أخرى استُلهمت من الأرشيف كان تأثيرها قوياً لا سيما بعد تخفيفها من جرعتها الحداثية وموازنتها بين الكلاسيكي والعصري، الأمر الذي جنّبها أي مبالغة. من هذه التفاصيل نذكر الأكتاف الناعمة، والأزرار الذهبية المصقولة، والعُقَد، والتطريزات التي زيّنت الحواشي. اكتفت بمغازلة هذه التصاميم عِوض منافستها.

رافقت الأحزمة العريضة سترات التوكسيدو لكن بألوان خففت من رسميتها (جيڤنشي)

المجموعة الرجالية ضاهت المجموعة النسائية رقياً وديناميكية. تشير الدار إلى أنها هي الأخرى مستمدة من شخصية أوبير المرحة كما يتذكرها أصدقاؤه، وكما عاشها المقرّبون منه. لم تخلُ من تصاميم كلاسيكية، تحديداً سترات التوكسيدو مرفوقة بمكملاتها الأساسية، مثل الأحزمة العريضة، علماً أن هذه الأحزمة تخففت من رسميتها بفضل ألوان تباينت بين البرتقالي المائل للبنّي أو البنفسجي. ظهرت أيضاً تأثيرات عسكرية وأخرى متأثرة بالموسيقى والفنّ بكل أنواعه. حتى نقشة القطّ التي ظهرت لأوّل مرّة في آخر تشكيلة قدمها الأميركي ماثيو ويليامز للدار في يناير (كانون الثاني) الماضي، حضرت. ربما لأنها، كما قال حينها، مستوحاة من حقبة السبعينات. عاد إليها فريق التصميم بشكل فني مموّه بعض الشيء.

جاكيت بنقشات مستلهمة من ملابس العسكر زيّنته عيون قط بخضرة الزمرد أضفت عليها مظهراً سريالياً (جيڤنشي)

زيّنوا جاكيت واسعاً يتميز بهذه النقشة وبتصميم يميل إلى العسكري، بعيون لقط تتوهج باللون الأخضر وكأنها من الزمرد، الأمر الذى ارتقى به وأضفى عليه طابعاً سريالياً. الرجل أيضاً حصل على عدد لا يستهان به من المعاطف الأنيقة، منها معطف بتصميم «دافل» الكلاسيكي، وآخر بتصميم «تيدي» الواسع، فضلاً عن مجموعة من الكنزات المفتوحة التي يمكن أن تأخذ مكان سترة مفصلة بالنسبة لشاب لا يميل للرسميات. لهذا الرجل أيضاً، قدمت الدار مجموعة مصنوعة من الكشمير المحبوك وأخرى من الشامواه، علاوةً على بدلات رياضية تجمع الأناقة بـ«السبور».

ولأن هذه الإطلالات لا تكتمل من دون أحذية، واصلت الدار تعاونها مع علامة «Bogs» التي قدمت لها أحذية لكل المناسبات. منها ما هو خاص بالتنزه في الهواء الطلق وشتى أنواع الرياضات، وما هو مناسب مع بدلة مفصلة، بما في ذلك حذاء سنيكرز «G Move» وحذاء موكاسان من الجلد والشامواه مستوحى من الأسلوب الشخصي لأوبير دو جيڤنشي، إضافة إلى أحذية بنقشات الفهد والنمر.