«هارودز» تتوجه إلى الرياض في أول لقاء ثقافي

حوارات ونقاشات حول الفخامة بمعناها الفريد والحصري

على مدى يومين شهدت الدرعية جلسات حوارية متنوعة تتمحور حول الفخامة ومفهوم التفرد (إيفانت إيماجري)
على مدى يومين شهدت الدرعية جلسات حوارية متنوعة تتمحور حول الفخامة ومفهوم التفرد (إيفانت إيماجري)
TT

«هارودز» تتوجه إلى الرياض في أول لقاء ثقافي

على مدى يومين شهدت الدرعية جلسات حوارية متنوعة تتمحور حول الفخامة ومفهوم التفرد (إيفانت إيماجري)
على مدى يومين شهدت الدرعية جلسات حوارية متنوعة تتمحور حول الفخامة ومفهوم التفرد (إيفانت إيماجري)

في عام 1849 بدأت حكاية «هارودز» في حي «نايتس بريدج» وسط لندن. وُلد كمعَلمة ولا يزال. مع الوقت، تطوُر من محل لبيع المنتجات الفخمة إلى أيقونة موضة، ثم إلى أسلوب حياة يضم مطاعم ومنتجعات للعناية بالجمال. لكن هذا لم يعد يكفي في ظل ثقافة العصر التي انفتحت على أسواق جديدة لها صوت وتأثير. أصبح لزاماً عليه التوجه إلى هذه الأسواق بلغة ثقافية تحترم هوية كل بلد، وفي الوقت ذاته تُشبع رغبته في الاطلاع على آخر المستجدات.

انطلاقاً من هذا الأمر، أطلق في عام 2021 مبادرة أطلق عليها اسم «هارودز هايف» تستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة في كل مكان تتوجه إليه. يضع خبراؤه بين أيديهم قرنين وأكثر من الخبرات والموارد. كانت البداية في شنغهاي عام 2021 تلتها بكين ثم دبي، وفي الأسبوع الأخير من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، الرياض.

كانت هذه المرة الأولى التي تقوم بها «هارودز» بهذه المبادرة في المملكة. كان مهماً لها أن تضع فيها كل ثقلها من اختيار مكان الحدث إلى نوعية الحوارات. وهكذا شهد حضور الرياض على مدى يومين برنامجاً حافلاً من الجلسات الحوارية والنقاشات، تفاعلت فيها المواهب السعودية الصاعدة مع خبراء ومتخصصين لهم باع في مجال الترف بكل أنواعه. كانت تيمة النسخة السعودية بعنوان «الغوص في مفهوم الفخامة» مركّزاً على مفهوم النُّدرة، ومدى تَأثُّر رؤيتنا للفخامة بالحصرية والتفرّد.

أقيم الحدث في منطقة الدرعية نظراً لرمزيتها الثقافية وأحد مُنجزات «رؤية المملكة 2030» (إيفانت إيماجري)

أما المكان الذي تم اختياره، فكان بوّابة الدرعية. خيار له رمزيته وأهميته، بالنظر إلى أن الدرعية أحد مُنجزات «رؤية المملكة 2030»، ومن المرتقب أن تُصبح من أهمّ الوجهات السياحية والعاصمة الثقافية في السعودية. إضافة إلى كل هذا، فهي تُشكّل معَلماً للاستدامة، مع مبادرات تُركّز على الثقافة والتراث، والصحة والعافية، إلى جانب مجالات أخرى تُسلط الضوء على ثقافة المملكة وتاريخها العريق. التركيز على الجانب الثقافي هو ما جذب «هارودز» وفق ما صرّح به مايكل ورد، المدير العام لـ«هارودز هايف» قائلاً: «يُسعدنا التواجد في الرياض للمرة الأولى وفي الدرعية تحديداً. لم نجد من وجهة لاستضافة هذه المبادرة التي نقوم بها أفضل منها. فهي وجهة ثقافية وسكنية، كما أنّها مهد انطلاق المملكة، ورمز للوحدة والجمال والصمود».

أما بالنسبة للجلسات الحوارية التي شهدتها الفعالية على مدى يومين، فتنوَعت وأمتعت، مثل جلسة بعنوان «تسليط الضوء على المواهب النادرة» تم التطرق فيها إلى السُبل التي يعتمدها المبدعون في الشرق الأوسط للتوفيق بين الحرفية التقليدية والأساليب المبتكرة لتصميم قطع عصرية، مع الإشارة إلى مساهمة الفنّانين والحرفيين عموماً في النمو الاقتصادي لبلدهم وأهميّة صقل مهارات الجيل المقبل.

أجمع الكثير من الأصوات على أن العالم ينبذ الرتابة وتكرار الأسماء نفسها وهو ما يفتح الأبواب أمام المواهب الصاعدة لإظهار إمكاناتها (إيفانت إيماجري)

جلسة أخرى بعنوان «واحد في المليون» غاصت في مدى تأثير الفرادة والحصريّة على رؤيتنا للفخامة. شاركت في هذه الجلسة الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية ورئيس مجلس إدارة شركة «أطلال المجد» للخدمات التجارية؛ وري جوزيف، رائدة الأعمال والاستشارية في مجال الأزياء؛ وشهد السهيل، رائدة الأعمال ومؤسّسة علامة «أباديا» الفاخرة والمستدامة. أمّا الحلقة الثالثة والأخيرة، فركّزت على تعدّد الخلفيات الثقافية في الشرق الأوسط ودورها في إثراء الفنون الإبداعية. حملت الحلقة عنوان «السرّ وراء التألّق الإبداعي»، وتمحورت حول الهوية الثقافية، وتجسيد التراث الشخصي ودمج الطابعَين التقليدي والحديث في الفنون الإبداعية.

كان هناك حماس منقطع النظير حتى بعد انتهاء الجلسات (إيفانت إيماجري)

في هذا الإطار، علَقت الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز، على أهمية الاعتزاز بالهوية والتراث مع مواكبة متطلبات العصر قائلة: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا؛ لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعدّ تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد – وينبذ الرتابة – فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها». هذه القناعات جعلت القديم والجديد في معظم الحوارات يلتقيان برؤية حيوية يُحرّكها جيل من الشباب يعشق الموضة وآخر مستجداتها. رغم أنه تواق للتجديد لا ينسى أو يتنصّل من قديمه.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.