الحرب الأوكرانية تُطفئ بريق الألماس الروسي

قريباً سيحتاج إلى شهادات لإثبات مصدره وتحركاته

الألماس صغير الحجم الذي تشتهر روسيا بإنتاجه يُباع عادةً بكميات ضخمة ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى (شاترستوك)
الألماس صغير الحجم الذي تشتهر روسيا بإنتاجه يُباع عادةً بكميات ضخمة ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى (شاترستوك)
TT

الحرب الأوكرانية تُطفئ بريق الألماس الروسي

الألماس صغير الحجم الذي تشتهر روسيا بإنتاجه يُباع عادةً بكميات ضخمة ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى (شاترستوك)
الألماس صغير الحجم الذي تشتهر روسيا بإنتاجه يُباع عادةً بكميات ضخمة ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى (شاترستوك)

بعد مرور نحو عامين على غزو روسيا لأوكرانيا، وعامين من التهديدات بالمقاطعة والمراوغات، تم أخيراً اتخاذ قرار حاسم بحظر شراء الألماس الروسي، بعد أن أضاف الاتحاد الأوروبي، شركة «ألروسا» الروسية، أكبر منتج للألماس في العالم، إلى قائمة عقوباته. وشهد العام الجديد بداية سلسلة متصاعدة من قيود التصدير على الأحجار الكريمة الروسية بالتنسيق مع دول مجموعة السبع، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا واليابان، بالإضافة إلى أعضاء الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا وإيطاليا. أما ما إذا كان الحظر سيؤثر على الاقتصاد الروسي، فهذا أمر مشكوك فيه بالنظر إلى أن الألماس يعد مصدر دخل نسبياً مقارنة بمنتجات أخرى مثل النفط، كما أن الحظر سيكون تحديداً في مجموعة السبع.

كان يتم التلاعب على الألماس الخام من روسيا بقطعه وصقله خارج روسيا (شاترستوك)

وتجدر الإشارة إلى أن قرار الحظر ليس وليد الساعة. تم التلويح به منذ اندلاع الحرب لكن تبين أن إقرار نظام لمراقبة تحركه في السوق بشكل فاعل ينطوي على تحديات لم تكن على البال، فضلاً عن الضغط الذي مارسه تجار الألماس في أنتويرب البلجيكية، وهي مركز تجاري رئيسي للأحجار الكريمة لإبطاء القيود على هذه التجارة. والأهم من هذا كله أنه رغم أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حظرتا الواردات المباشرة من الألماس الخام من روسيا، فإن مساحة التلاعب على الأمر كانت مفتوحة، لأنه كان يتم قطعه وصقله خارج روسيا.

الأمر يختلف الآن بعد أن تم الاتفاق على خطة عقوبات شاملة من شأنها إحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي تعمل بها صناعة الألماس؛ منها فرض متطلبات جديدة للشفافية وتتبع مصدره وتحركاته من المنجم إلى السوق. تبيَّن أن ما كان يُعرقل هذه العملية أن الحظر كان يستهدف الشراء المباشر للألماس غير الصناعي من روسيا. أما الآن، فمن المقرر أن يتبع ذلك فرض قيود أيضاً على المعالج منه في بلدان أخرى ابتداءً من مارس (آذار). ومن المتوقع ابتداءً من سبتمبر (أيلول)، أن الألماس المبيع سيحتاج إلى إصدار شهادات للتحقق من مصدره. بمعنى آخر، حتى في حال تم تقطيعه وصقله في أماكن أخرى من العالم، فإنه لا بد من إثبات مصدره.

أما كيف ستعمل العقوبات، فحتى هذه اللحظة، يبدو أن أحداً لا يعرف الإجابة على وجه الدقة، لأن سلاسل توريد الألماس طويلة ومعقدة، تمر عادة عبر عشرات الأيادي والوسطاء في بلدان متعددة قبل أن يصل إلى الأسواق. وينطبق هذا بشكل خاص على الألماس الأصغر حجماً الذي تشتهر روسيا بإنتاجه، ويُباع عادة بكميات ضخمة، ويجري مزجه بأحجار من مصادر أخرى.

من المرجح أن ينتهي المطاف بالكثير من قطع الألماس في خواتم خطبة يتم شراؤها في بلدان خارج نظام العقوبات الجديد (خاص)

حتى الآن، لم تنجح معظم الحلول بما فيها الاستعانة بالتكنولوجيا بشكل فعال في غياب طُرق علمية لتتبع مصدر الألماس. لكنّ هناك أملاً وعملاً على أن تُسرِّع العقوبات الجديدة الجهود في إعادة هيكلة سلاسل التوريد التي تمتد عبر مختلف أنحاء العالم.

وكانت الشركات الكبرى قد استعدت للتغيير منذ فترة، مثل مجموعة «ريشمون» ودار «تيفاني أند كو» المملوكة لمجموعة «إل في إم إتش»، اللتين أعلنتا توقفهما عن شراء الألماس الروسي بعد وقت قصير من اشتعال الحرب. لكن ما لا يمكن تجاهله هو أن هذه التغييرات ستُخلف تداعيات كبيرة على السوق. فروسيا تنتج ما يقرب من ثلث إمدادات الألماس في العالم. وفي الوقت الذي من المرجح أن ينتهي المطاف بالكثير من قطع الألماس في خواتم خطبة وقلائد وأساور يشتريها المستهلكون في بلدان خارج نظام العقوبات الجديد، فإن تلك الدول الواقعة داخل نطاق النظام تمثل نحو ثلاثة أرباع الطلب العالمي على المجوهرات.


مقالات ذات صلة

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كانت هذه أول مجموعة جديدة تطرحها الدار منذ 25 عاماً وبالتالي كان من الطبيعي أن يتوق الكل لمعرفة أي تفاصيل تُخبر عنها (باتيك فيليب)

«باتيك فيليب» تكشف عن إصدارها الجديد منذ 25 عاماً

ردود الفعل «المتسرعة» التي أثارتها المجموعة بعد الكشف عنها مباشرة، لا تترك أدنى شك في أن سببها يعود إلى عنصر المفاجأة بشكلها المربع لا أقل ولا أكثر.

جميلة حلفيشي (ميونيخ)
لمسات الموضة هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)

سعودية تنسج التاريخ بخيوط التراث

هناك نقاط تحول في مسيرة كل مصمم... نقاط تسلط الضوء على مكامن قوته، ومن ثم تأخذه إلى مرحلة جديدة من مراحل التطور والانتشار. بالنسبة إلى المصممة السعودية، هنيدة…

أسماء الغابري (جدة)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.