كيف عزّزت الأزياء الصداقة البريطانية - الفرنسية

الملكة كاميلا تحقق المعادلة الصعبة بجمعها البريطاني والفرنسي بأناقة راقية

نجحت كاميلا في الجمع بين ما هو بريطاني وفرنسي باختيارها إطلالة من مصممة بريطانية هي فيونا كلير باللون الوردي الهادئ في اليوم الأول من زيارتها الرسمية إلى فرنسا (رويترز)
نجحت كاميلا في الجمع بين ما هو بريطاني وفرنسي باختيارها إطلالة من مصممة بريطانية هي فيونا كلير باللون الوردي الهادئ في اليوم الأول من زيارتها الرسمية إلى فرنسا (رويترز)
TT

كيف عزّزت الأزياء الصداقة البريطانية - الفرنسية

نجحت كاميلا في الجمع بين ما هو بريطاني وفرنسي باختيارها إطلالة من مصممة بريطانية هي فيونا كلير باللون الوردي الهادئ في اليوم الأول من زيارتها الرسمية إلى فرنسا (رويترز)
نجحت كاميلا في الجمع بين ما هو بريطاني وفرنسي باختيارها إطلالة من مصممة بريطانية هي فيونا كلير باللون الوردي الهادئ في اليوم الأول من زيارتها الرسمية إلى فرنسا (رويترز)

قد يكون تقارب السن بين الملكة كاميلا (76) وبريجيت ماكرون (70 عاماً)، هو ما جعل الصور التي تناولتها الصحف العالمية بمناسبة زيارة الملك تشارلز الثالث إلى فرنسا، متناغمة وكأن صداقة قديمة تربط بينهما. ضحكات استوجبت من السيدة ماكرون وضع يدها على فمها لإخفائها، وحميمية تتمثل في مساعدتها لكاميلا وهي تُرتب فستانها قبل التقاطهما صوراً رسمية، كلها تفاصيل قد تبدو بسيطة، لكن لها دلالات كبيرة، ليس أقلها أن الاثنتين اختارتا لحفل العشاء الرسمي فستانيهما باللون نفسه ومن الدار نفسها، وهي «ديور» وكأنهما تريدان القول أن تفاهمهما تعدّى حس الأنثى في التميز ونزعتها التنافسية في مثل هذه المناسبات للتألق.

صورة تظهر فيها الملكة كاميلا وبريجيت ماكرون بفستانين باللون نفسه ومن الدار نفسها (رويترز)

أول ما يتبادر إلى الذهن عند رؤية أزياء كاميلا وبريجيت طوال الأيام الثلاثة، أن الدبلوماسية الناعمة تختلف وترتقي عندما تصل مرحلة النُضج. فهي هنا لا تُعبر فقط عن مدى «التفاهم الفرنسي - البريطاني» وهذه جملة شهيرة من خطاب ألقته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية منذ سنوات، بل أيضاً كانت الرسالة التي أوصلتها كل من فرنسا وبريطانيا إلى العالم بلغة الموضة.

نجحت كاميلا في الجمع بين ما هو بريطاني وفرنسي باختيارها إطلالة من مصممة بريطانية هي فيونا كلير باللون الوردي الهادئ في اليوم الأول من زيارتها الرسمية إلى فرنسا (رويترز)

فإذا وضعنا جانباً النشاطات والنقاشات السياسية التي دارت حول محاور كثيرة بين كل من الملك تشارلز الثالث والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الرسائل التي وجهتها لنا كل من بريجيت وكاميلا من خلال أزيائهما، أن الموضة يمكن أن تخلق توافقاً بعيداً عن الروح التنافسية أو الاعتزاز بالهوية بشكل مبالغ فيه، كما كان الحال بالنسبة لكارلا بروني عندما قامت بزيارة رسمية إلى بريطانيا برفقة زوجها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. اعتمدت كل أزيائها ومجوهراتها من بيوت فرنسية مثل «شوميه» و«ديور» و«شانيل»، وهو ما يمكن أن يقرأه البعض على أنه نظرة فوقية تقول بأن الموضة الفرنسية لا يُعلى عليها. كاميلا في المقابل لعبت دوراً دبلوماسياً يشي بثقة بالنفس ورغبة في القيام بدورها على أحسن وجه بغض النظر عن أي مشاعر شخصية. جمعت إطلالاتها أزياء لمصممين بريطانيين وبيوت أزياء فرنسية. وبهذا نجحت ليست في القيام بدورها الدبلوماسي فحسب، بل أيضاً في تجميل صورتها في بلدها الأم.

بريجيت ماكرون بجاكيت من «شانيل» والملكة كاميلا في إطلالة بسيطة بالأبيض والأسود (رويترز)

فكاميلا لا ترتبط عادة بالموضة مقارنة بكايت ميدلتون مثلاً أو الأميرة الراحلة ديانا. بل على العكس، فإن الكثير من البريطانيين يميلون إلى التنمر عليها ويتلذذون بمقارنتها بالأميرة ديانا كلما أرادوا النيل منها. في هذه الزيارة، ألجمت لسان هذه الشريحة. أكدت أن الأناقة عندما تكون منتقاة بعناية ومفصلة على المقاس، لا تتوقف عند عُمر معين، وبأن الموضة سلاح مؤثر يعكس طموحات بلد بكامله، كما يعكس واقعاً معاشاً، مع العلم أنها قد تكون سلاحاً ذا حدين، وما علينا سوى أن نتذكر الحملة الشرسة التي تعرضت لها ماري تود لينكولن، زوجة رئيس الولايات المتحدة السادس عشر أبراهام لينكولن، عندما ظهرت بفساتين باهظة الثمن في وقت كانت البلاد تخوض حرباً أهلية؛ الأمر الذي اضطرها إلى التبرير بأن اختياراتها كانت لرفع معنويات الأميركيين.

الفستان الذي اختارته من «ديور» كان فخماً عزّزته بطقم مجوهرات كانت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية قد تلقته هديةً من والدها يوم زفافها (رويترز)

رفع المعنويات هو ما حققته كاميلا في هذه الزيارة الفرنسية. كل الصحف تغنَّت بأناقتها وفخامة اختياراتها كملكة. حتى الطقم الفخم المكون من عقد وأقراط أذن وسوار، والذي نسقته مع فستان السهرة الأزرق الطويل، نال الكثير من الثناء وعدّه الكل لفتة جميلة لملكتهم الراحلة، إليزابيث الثانية، التي كانت قد تلقته هديةً من والدها بمناسبة زواجها. لم يُشر أحد إلى أن ما ارتدته كان باهظ الثمن لا يعكس واقع الاقتصادي البريطاني هذه الأيام. كان التركيز فقط على نجاحها في تحقيق المعادلة السياسية بدبلوماسية تعتمد على الأناقة الراقية.


مقالات ذات صلة

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

لمسات الموضة الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

يتم إطلاق ساعة «ألباتروس» في 5 إصدارات محدودة؛ كل منها يقتصر على 8 قطع فقط، بألوان: الأزرق، والأحمر، والأخضر، والعنبري، والأسود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة ساعة بحركة «فلايباك» من البلاتين (إم بي & إف)

«شانيل» و«إم بي آند إف» توقّعان شراكة مستقلة

أعلنت «شانيل» و«إم بي آند إف» (MB&F) حديثاً عن توقيع شراكة مهمة بينهما، مؤكّدة مرة أخرى أنها تطمح للمزيد من التميز والتفرد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

غاب عن دار «جيڤنشي» مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها بعد خروج مصممها السابق، الأميركي ماثيو ويليامز منها منذ سنة تقريباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)

مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

ليس جديداً أن تُلهم المحيطات والبحار عالم الموضة والمجوهرات. فقد ألهمت قبل ذلك الأدب والرسم والموسيقى.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

ألوان أزياء الساسة الحاليين متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة تنص على ابتعادهم عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرد شخصي.

جميلة حلفيشي (لندن)

مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
TT

مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)

ليس جديداً أن تُلهم المحيطات والبحار عالم الموضة والمجوهرات. فقد ألهمت قبل ذلك الأدب والرسم والموسيقى. بالنسبة للمصممين، كانت ولا تزال بألوانها المتغيرة وشعابها المتوهجة تثير بداخلهم مزيجاً من الفضول والرغبة في الغوص في أعماقها لاستكشاف كنوزها.

جيريمي موريس، الرئيس التنفيذي والمدير الفني لدار «ديفيد موريس»، يعشق السفر والترحال، وبالتالي كان قيامه برحلة بحرية مسألة وقت لا أقل ولا أكثر. غالبية مجموعاته الأخيرة تستكشف إما شواطئ وبحار الريفييرا أو أعماق المحيطات. منها ما ترصد انسيابية مياه زرقاء لازودية، أو سحر نباتاتها وشعابها. في مجموعته الأخيرة من المجوهرات الرفيعة وهي بعنوان «ميستيك كوف (Mystic Cove)»، رصد تفاصيل تداخلات ألوان هذه النباتات والشعاب المرجانية وانعكاسات الضوء وما تولده من شفافية آسرة من خلال الألماس والأحجار الكريمة الملونة. ما يحسب له فيها أنه تعدى رسم زبد البحر عند تلاطم الأمواج وزرقة المياه. غاص فيما هو أعمق باستعماله أحجاراً نادرة مثل الألماس الوردي.

أقراط «باسيفلورا» تحاكي النباتات المائية والشعاب المرجانية (ديفيد موريس)

طرح كماً من القلادات والأساور والخواتم والأقراط تأخذ سمات أسماك من انحناءات وحراشف، أو تتلون بألوان الشعاب المرجانية وشقائق النعمان. كان التورمالين بارايبا، حجراً رئيسياً فيها، بحكم أنه من الأحجار التي يُفضلها جيريمي. في هذه المجموعة كان له ما يُبرر استعماله. بلونه الأزرق الصافي، كان مثالياً لرسم لوحة مائية يتخللها انتعاش ينبعث من بريق الألماس، أو توهجاً يستمده من الزمرد الكولومبي والياقوت اللذين استعملهما بتدرجات تحاكي الشعاب المرجانية والنباتات المحيطة بها.

عقد «أكواسيما» (ديفيد موريس)

هذه التلاعبات الضوئية كانت مثلاً مصدر إلهام عقد «أكواسيما (Aquissima)»، المتميز بقطعة ألماس بيضاء بلون من الدرجة «دي»، 15.22 قيراط، وقطعة تورمالين بارايبا 9.58 قيراط، تزينها مجموعة من حجر الألماس الرقيق على شكل الكمثرى، فيما يعرف باسم «البريوليت». منحتها الدار نعومة وخفة جعلتها تبدو مثل رذاذ البحر.

أقراط أذن «باترفلاي راي» من الماس والتورمالين (ديفيد موريس)

أما أقراط «باترفلاي راي (Butterfly Ray)»، فكانت رفيقاً رائعاً لعقد مصنوع من الأحجار نفسها، التورمالين والألماس . تتكون هي الأخرى من أحجار كريمة صافية وبياض ساطع، تم تقطيعها على شكل وردة. إبداع جيريمي ظهر أيضاً في طريقة رصها بشكل ينساب بخفة وجمال يستحضر صورة أشعة الشمس الساطعة وهي تنعكس على سطح البحر.

خاتم «أوديسي» يتوسطه حجر تورمالين ضخم وتزينه قطع أخرى من الماس (ديفيد موريس)

خواتم اليد أيضاً خضعت للاهتمام نفسه الدقيق للتفاصيل. حدد جريمي موريس خطوطها وحجمها على مقاس الحجر المركزي الذي تم اختياره. وليس أدل على هذا من خاتم «أوديسي (Odyssey)»، الذي حدد حجر تورمالين بارايبا 6.75 قيراط، انحناءاته على نحو يشبه منحنيات شقائق النعمان البحرية.

خاتم «لاغونا (Laguna)» أيضاً تميز بترصيع هندسي الشكل، مع شارات مرصعة بالألماس تستحضر التسلسل الطبيعي لذيل السمكة، ما يعكس براعة وحرفية كبيرة من جانب الدار. وتتجلى هذه البراعة أكثر في خاتم «مانتا (Manta)»، الذي يتضمن حجر زمرد نادراً واستثنائياً بزنة 33.40 قيراط، على شكل نصف قمر بأسلوب «كابوشون».

أقراط «لاغونا أماريليس» من الياقوت والألماس (ديفيد موريس)

إضافة إلى تورمالين بارايبا والزمرد والياقوت، كان لا بد من استعمال أحجار أخرى لكي تكتمل الصورة. وهنا يأتي دور الألماس بمختلف ألوانه، علماً بأنه منذ أن تولى جيريمي منصبه، خلفاً لوالده ديفيد موريس عام 2003، أدخل الألماس الوردي في مجموعات الدار. يشرح أن لونه النادر لم يكن العنصر الوحيد الذي شده، بل أيضاً ما يتيحه من إمكانات كبيرة للابتكار والإبداع، وهو ما جسّده في قطع تعكس الظلال الرقيقة للأصداف والحياة البحرية المتلألئة بأعماق البحر في هذه المجموعة.

خاتم «باسيفيكا» مستوحى من حراشف سمكة وتتوسطه ماسة نادرة باللون الوردي (ديفيد موريس)

مثل خاتم «باسيفيكا (Pacifica)» الذي صاغه على شكل مروحة، تتوسطه ماسة وردية بعمق أرجواني لا يتوفر عادة بسهولة. واحدة من بين مليونَي ماسة تتميز بخصائص مماثلة. سلّط جيريمي الضوء على ظلها الوردي بمزجه الذهب الوردي والأبيض. من المجموعة نفسها، تم عرض خاتم «نبتون (Neptune)»، تتوسطه ماسة بشكل هندسي، تزن 5.33 قيراط، تزينها قطع من الألماس الوردي، بهدف التأكيد على زواياها الفنية.

أقراط «بلوسوم (Sea Blossom)» هي الأخرى صُمِّمت بانسيابية معتمدة على أحجار مركزية يزن كل منها أكثر من 10 قراريط، مع أحجار الماس الوردي Fancy Intense، بشكل كمثرى. فجيريمي حرص على أن تكون اللوحة فنية من دون أن ينسى أن المجوهرات الرفيعة هي أولاً وأخيراً استثمار للمدى البعيد.