أسبوع الموضة الهندي... تقاليد حرفية بطعم العصر

تصاميم موجهة للأعراس وليالي الفرح

من عرض فارون بال (أ.ف.ب)
من عرض فارون بال (أ.ف.ب)
TT

أسبوع الموضة الهندي... تقاليد حرفية بطعم العصر

من عرض فارون بال (أ.ف.ب)
من عرض فارون بال (أ.ف.ب)

منذ أسابيع قليلة، اختتمت النسخة السادسة عشرة من أسبوع الموضة في الهند لعام 2023. على مدى أسبوع، تم عرض أعمال مطرزة بمهارة لستة عشر مصمماً من أمثال راهول ميشرا وشانتانو نيكيل، وسونيت فارما، وتارون تاهيلياني، وفارون باهل وغيرهم.

كالعادة، كانت من بين السمات التي ميزت أغلب العروض روعة التطريز التقليدي، لا سيما تطريز الزاري، الذي تستعمل فيه خيوط ذهبية، إلى جانب البلورات والأحجار والترتر. السبب أن أغلب العروض كانت تستهدف بشكل أساسي ملابس الأعراس وحفلات الزفاف، مع التأكيد على التراث الثقافي الهندي إلى جانب الجماليات المعاصرة. الجدير بالذكر أيضاً أن من يحبون السينما الهندية وجدوا ما يسرّهم. فقد ظهر عدد من النجوم والمشاهير كعارضي وعارضات أزياء.

من عرض الثنائي فالغوني أند شين (إ.ب.أ)

كان عرض علامة «فالغوني شين بيكوك» ومقرها في دلهي، من بين العروض التي حظيت باهتمام كبير لما تضمنته من تصاميم مبتكرة ومعاصرة. قدّم الثنائي، وهما زوجان، مجموعة مزخرفة بتطريزات غنية وظّفت الأشكال التقليدية. ظهرت في المجموعة مثلاً تأويلات مختلفة لـ«ليهانغا كولي» التقليدي. الفساتين والتنورات أيضاً تألقت بعناصر مثل الأوشحة الطويلة المطرزة والريش.

من عرض الثنائي فالغوني أند شين (إ.ب.أ)

بدأ العرض، الذي يحمل اسم «حلم يقظة النهضة»، بسرب من العارضين الذكور يسيرون على الممشى وهم يرتدون زي الـ«شيرواني»، مطبوع برسمات لأوراق نباتات مطرزة بشكل دقيق. لكن اللافت فيها كان تصميم العمامة المزدانة بالجواهر. وليست هذه هي المرة الأولى، التي يستوحي فيها مصمم أزياءه من عصر النهضة، الذي امتد خلال القرن السادس عشر، إلا أن الترجمة هذه المرة كانت مختلفة بعض الشيء بمزجها بين المهارة الفنية الهندية والعمارة الأوروبية. وهو ما فسَره الثنائي بقولهما: «لقد وجدنا هذا العام أنفسنا منجذبين نحو عصر النهضة، وتوّاقين لدراسة وفهم مخلفاته التي تعدُّ كنوزاً فنية. لتحقيق رؤيتنا، اخترنا درجات للون زبادي الفراولة، إلى جانب اللون الرمادي الفاتح، الذي يتجاوز حدود الزمن، إضافة إلى الدرجات التي تنبض بالحيوية مثل الزهري، والأصفر الربيعي، والأرجواني المائل إلى الرمادي، وهو ما حافظ على لمستنا المعاصرة المميزة».

من عرض فارون بال (أ.ف.ب)

أما غوراف غوبتا فقدم عرضاً جمع بين الدراما والبساطة. حمل عرضه عنوان «باريس، فرنسا - الرحم الذهبي»، في إشارة إلى «الرحم الذهبي»، الذي نشأ منه الكون. وتضمنت هذه المجموعة تصاميم ضيقة كلاسيكية تميز بها غوبتا، إلى جانب بدلات سهرة، وقطع بقلنسوات وجاكيتات نسائية قصيرة فضفاضة. كذلك اشتملت المجموعة على جوانب من الفلسفة الهندوسية، وهو ما يُفسِر تأويلات للعناصر الخمسة للطبيعة، وهي «الأرض والماء والنار والهواء والحيز الفضائي». ولهذه النسخة من المجموعة، قام المصمم بتوسيع نطاق قصة الرحم الذهبي لتشمل قطع الـ«ليهينغا» النسائية المخصصة لحفلات الكوكتيل والاستقبال، إضافة إلى الفساتين وقطع الساري إلى جانب أشكال عصرية هجينة كان القاسم المشترك فيها الراحة والأناقة.

من عرض أناميكا خانا (أ.ف.ب)

المصمم فارون باهل في المقابل عاد إلى الطبيعة ليغرف من عالم النباتات والحيوانات أشكالاً وأفكاراً. طوّع من أجل تحقيق غايته خرزاً وزخارف ثلاثية الأبعاد. تميّزت المجموعة أيضاً بتصاميم استعمل فيها التقنيات الفنية التقليدية، وفي الوقت ذاته طابع تجريبي، ظهر في فساتين فقاعية غير التقليدية. تضمنت تصاميم النباتات أيضاً عناصر مثل التطريز مع الترقيع، والشرّابات المتدلية، والترتر، والـ«ناكشي»، وهو نوع من أنواع التطريز الدقيق، الأمر الذي ساعد على رسم صورة طبيعية غنية، تستمد روحها من ألوان الطبيعة النابضة.

النجمة فاني كابور في عرض إيشا جي (أ.ف.ب)

المصممة ريتو كومار التي غابت عن أسبوع الموضة الهندي لحوالي عقد من الزمن، عادت بمجموعة احتفت بالتقاليد الهندية لبّت فيها متطلبات المستهلك المعاصر، حيث شملت قطعاً كلاسيكية غنية بالتطريز مثل فستان الـ«أناركالي كورتا»، الذي تم إضافة جيوب إليه، وقطع من الساري تحمل رسوماً متعددة الأشكال، إلى جانب تصاميم تميل إلى الغرابة ظهرت في قطع ضيقة للغاية وجاكيتات قصيرة. على العكس من باقي المصممين اختارت ألوانها بدرجات ترابية مثل البني والبيج والأبيض.

لكن يبقى أهم ما يميز عرضها، استعانتها بعارضة الأزياء آديتي راو حيدري، التي كان تشعّ سحراً في رداء الـ«لهينغا» بلون عاجي مع الجيوب وسترة مزينة بالتطريز الكشميري.

من عرض كونال راوال (أ.ف.ب)

على الجانب الآخر يشتهر المصمم كونال راوال بأسلوبه التفكيكي وقطع الـ«باندغالا» الشهيرة. وهو ما ظهر أيضاً في تشكيلته الموجهة للرجل خلال الأسبوع الهندي لعام 2023. حملت اسم «دوب كاو» (المظلة)، وضع فيها المصمم الخطوط العريضة لما ينبغي على الرجل ارتداؤه في حفلات الزفاف. تطريز يدوي، وعمل مرآة جريء، ودرجات لونية كلاسيكية، كلها كانت هنا لتمنحه الأناقة والرقي والبساطة والكلاسيكية. تدرجت ألوانه من الأبيض والأزرق إلى الأخضر الزيتوني والأحمر الداكن والأسود والبني والرمادي.

من عرض راوول ميشرا (أ.ف.ب)

شارك أيضاً كل من روهيت غاندي وراهول خانا في الأسبوع بما يشبه قصيدة مخصص سحرها للمساء والسهرة. بعنوان «إكوينوكس» (الاعتدال) شملت التشكيلة سترات خفيفة مزينة بأحجار الراين، والترتر، وقمصان تتخذ شكل الشبكة وسراويل من الحرير بألوان ركّزت على الأسود بدرجة كبيرة. وكان الممثل إيشان خاطر هو أبرز ما في العرض بالنسبة إلى الثنائي، حيث اختتمه بسترة خفيفة مطرزة بسخاء مع سروال مستقيم أسود اللون.

من عرض الثنائي شانتانو ونيخيل (أ.ف.ب)

هناك اسم قوي آخر في عالم الملابس النسائية والرجالية الهندية هو تارون تاهيلياني الذي التزم بجذوره الهندية التقليدية وقدم تشكيلة أطلق عليها عنوان «للأبدية»، ركز فيها على الحرفية والفنية. سار الرجال على الممشى مرتدين الـ«شيرواني» الكلاسيكي مع الـ«شوريدار» والـ«سالوار»، إلى جانب المعاطف ذات القبعات المطرزة والـ«شيرواني» الطويل. كان اللون العاجي واضحاً في الملابس الرجالية المعروضة.

من عرض سونيت فارما (إ.ب.أ)

سونيت فارما، اسم شهير آخر في عالم الأزياء الهندية. فقد دشّن مجموعته الأولى عام 1987 بعد عودته من أوروبا، ومنذ ذلك الحين وهو ينتقل من نجاح إلى آخر. لا يتوقف على تطوير أسلوبه. في تشكيلته لعام 2023، استوحى خطوطها من زهرة الموغرا العطرة في تصاميم يمكن القول إنها كانت امتداداً لمجموعة خريف 2023 التي قدمها في أسبوع الموضة في باريس منذ أقل من شهرين، مضيفاً إليها بهارات هندية دافئة تناسب الذائقة المحلية.

من عرض سونيت فارما (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».