ليس هناك أكثر من «مون بلان» داراً ترتبط بالكتابة وتستميت للحفاظ عليها حية وجذابة في عالم سريع أصبحت فيه الرسائل الإلكترونية هي السائدة والمرئي أقرب إلى القلب من المكتوب. رغم باعها الطويل في مجالات أخرى، مثل صناعة الساعات والمنتجات الجلدية، فإنها لم تتوقف يوماً عن إبداع أقلام بأشكال وقصص ملهمة. فهي كما تقول «ترفض التنصل من جذورها الراسخة في عالم الكتابة». في كل مرة تحتفل بمؤلفين وأدباء استعملوا القلم لرسم ملامح الأدب العالمي وتركوا بصمة مؤثرة ودائمة على الثقافة عبر التاريخ.
ضمن هذا التقليد، طرحت مؤخراً مجموعة من الأقلام بعنوان «هوميج تو روبرت لويس ستيفنسون». وكما يدل الاسم؛ فإنها تكريم للروائي والشاعر والكاتب الأسكوتلندي روبرت لويس ستيفنسون (1850 - 1894)، الذي اشتهر بتحفتين أدبيتين هما «جزيرة الكنز» و«القضية الغريبة للدكتور جيكل والسيد هايد». ولد ستيفنسون وتلقى تعليمه في إدنبرة بأسكوتلندا، وعانى من مشكلات صحية حادة في الشعب الهوائية معظم حياته، جعلته يقضي أواخر عمره في جزيرة «ساموا» في المحيط الهادي نظراً إلى ملاءمة طقسها وضعه الصحي. من روايته «جزيرة الكنز» رسمت «مون بلان» ملامح مجموعتها الأخيرة.
في أغلب التفاصيل، كانت تفاصيل من قصة «جزيرة الكنز» الحدوتة. تنتقل عدوى حبكتها التشويقية وإثارتها إلى كل من يراها أو يلمسها. مثلا استُلهم شكل أداة الكتابة من المنظار الذي يستخدمه البحارة والقراصنة، كذلك الرمز الذي يرتبط بهم على شكل جمجمة وعظمتين متقاطعتين، بينما ترمز نجمة البوصلة التي تظهر في كل المجموعة إلى موقع الجزيرة، الذي يلعب دوراً محورياً في الرواية. وفي إشارة إلى سنواته الأخيرة التي قضاها الكاتب في جزيرة «ساموا» في المحيط الهادي، والتعاطف الذي ناله من السكان المحليين، يُزين لقبه «TUSITALA» أو «راوي القصص» كل سن في أدوات الكتابة ضمن المجموعة.
مثلا يأتي إصدار الكتّاب «هوميج تو روبرت لويس ستيفنسون» بعدد محدود، زُيِن غطاؤه بنمط يصوّر صندوق الكنز، إضافة إلى نجمة البوصلة في أسفل المشبك بشكل مستوحى من الوتد، وهي أداة تُستخدم لإحكام ربط الحبال والأسلاك الموجودة على السفن. وأنشئ النمط الموجود على الأنبوب الأسود للقلم باستخدام عدة علامات «X»، بما في ذلك واحدة بحجم أكبر، تشير إلى موقع الكنز على الخريطة. وفي إشارة إلى القراصنة يكشف الشعار في أعلى الإصدار عن جمجمة وعظمتين متقاطعتين.
وتحمل الحلقة العلوية للغطاء نقشاً مقلوباً لعبارة «UNDER THE WIDE AND STARRY SKY» أي «أسفل السماء العريضة والمرصّعة بالنجوم»، وهو السطر الأول من الترتيلة التي كتبها ستيفنسون لنفسه، ويمكن أيضاً العثور عليها على قبره، بينما تتضمن حلقة الغطاء توقيع المؤلف بالإضافة إلى عام 1866 - عام إصداره الأول (غير الرسمي). ويأتي السن الذهبي عيار Au 750 لقلم الحبر السائل للإصدار مطلياً بالروديوم، ومحاطاً بأمواج البحر لتمثل رحلة ستيفنسون إلى «ساموا» حيث عاش وسط المحيط.
إصدار الكتّاب «هوميج تو روبرت لويس ستيفنسون 1883»، هو أيضا بعدد محدود. رقم 1883 يستند إلى سنة نشر رواية «جزيرة الكنز». كل من قلم الحبر السائل وقلم الحبر مصنوعان من المعدن والورنيش الثمين. ويصور الأنبوب سفينة «هيسبانيولا» ذات الأعمدة الثلاثة التي استعملت للإبحار إلى جزيرة الكنز. وبفضل آلية خاصة، تتحول «الراية الحمراء» البريطانية التي ترفرف من السفينة إلى علم القراصنة عند إدارة مفتاح التشغيل، مما يرمز إلى وقوعها في أسر القراصنة. ويتناقض الورنيش الأسود الثمين للأنبوب مع الغطاء المميز المطلي بالذهب، والمزين بنمط صندوق الكنز ونجمة البوصلة.
أما إصدار الكتّاب «هوميج تو روبرت لويس ستيفنسون- 94»، فاستُوحي تصميمه من الأوراق النقدية الصادرة عن «رويال بنك أوف أسكوتلاند» لإحياء ذكرى المؤلف. ويشير العدد المحدود إلى عام إصدار الأوراق النقدية من فئة الجنيه الواحد في عام 1994. ويصنع الغطاء والأنبوب من الفضة الإسترليني، محاطين بشبكة من الذهب الأصفر الخالص مع ترصيع بالورنيش. ويزدان أنبوب الغطاء بنقوش يدوية لرموز القراصنة مثل صندوق الكنز والمسدس والغليون، في حين جرى إقران النقوش على الأنبوب بخريطة جزيرة الكنز مع ترصيع لـ«ببغاء الكابتن فلينت». وتحمل حلقة الغطاء توقيع المؤلف بالإضافة إلى عام 1888 الذي أبحر فيه ستيفنسون وعائلته من سان فرنسيسكو عبر المحيط الهادي.
في المقابل يحمل غطاء إصدار الكتّاب «هوميج تو روبرت لويس ستيفنسون -8»، المصنوع من الذهب الخالص، نقشاً يدوياً ثلاثي الأبعاد مع عناصر زخرفية تبدو فيها جمجمة كبيرة كأنها تخترق الجزء الخلفي من الغطاء مرصَعة بياقوت أسود، فيما نُقش كثير من الخطوط الأيقونية من «جزيرة الكنز» يدوياً على الغطاء. وتشير العملة النقدية إلى تلك اللحظة في الرواية عندما لم يجد القراصنة شيئاً سوى قطعة واحدة من عملة الجنيه القديمة مع رمز «MMMMDCCCX» عليها وتعني «4810»، في إشارة دقيقة إلى «مون بلان» وارتفاع الجبل الأبيض. وتحمل حلقة الغطاء توقيع ستيفنسون وكذلك عام 1889 عندما وصل إلى ميناء «أبيا» في جزيرة «أوبولو». ويُستلهم هيكل الأنبوب من الألواح الخشبية التي كُتبت عليها كلمة «WARLUS»، من اسم سفينة القبطان فلينت الذي أخفى الكنز.