اللون الأبيض يتصدر صيف 2023

... والقميص الأبيض يؤكد مرة أخرى أنه قطعة كل المواسم

من عرض «آجي» خلال «أسبوع أستراليا للموضة» (إ.ب.أ)
من عرض «آجي» خلال «أسبوع أستراليا للموضة» (إ.ب.أ)
TT

اللون الأبيض يتصدر صيف 2023

من عرض «آجي» خلال «أسبوع أستراليا للموضة» (إ.ب.أ)
من عرض «آجي» خلال «أسبوع أستراليا للموضة» (إ.ب.أ)

لم تعد الموضة تتقيد بالنص. أمر ليس بالجديد. فقد أصبح واقعاً منذ أكثر من عقدين من الزمن. ما كان مناسباً لفصل الشتاء أباحه المصممون لفصل الصيف، وما كان مُستهجناً للمساء أصبح عز الطلب للنهار، مع العلم أن هذا شمل كل ما يتعلق بتفاصيل الموضة، تصاميم وأقمشة وألواناً وإكسسوارات.

من هذا المنظور فإن الأبيض دخل كل المواسم. أحياناً من خلال فستان للسهرة والمساء، وأحياناً من خلال قطعة بسيطة عبارة عن قميص تنسقه المرأة مع بنطلون جينز للنهار أو مع تنورة من الشيفون أو التول أو الحرير أو الدانتيل للمساء. ومع ذلك لا بد من القول إن قوة هذا اللون تزيد في موسم الصيف لقدرته على امتصاص الحرارة ومنح الجسم برودة وانتعاشاً. لحُسن الحظ أن هذا الانتعاش يصيب العين أيضاً. وبما أن عروض الأزياء هي البوصلة التي نتبعها، فإنه في الكثير منها قدم لنا المصممون اقتراحات كثيرة لعام 2023، ما بين «ديور» التي قدمت فساتين لكل الأوقات وقمصاناً دخلت أجمل المناسبات في تشكيلتها الأخيرة من خط «الكروز»، وبين «كارولينا هيريرا» التي تعود إلى القميص الأبيض في كل عروضها كأنها تريد أن تذكّرنا بأنها من أوائل من اكتشفوا أنوثته، مروراً بـ«تيد بايكر» ومحلات «زارا» وغيرهما من العلامات التي تتوجه لذوي الدخل المحدود.

من عرض «جيني» لربيع وصيف 2023 (جيني)

ما أكده اللون الأبيض أنه أصبح يُمثّل للمصمم ما يُمثّله الكنفس للرسام. يُتيح له تشكيل أي قطعة بمرونة وجمالية بالاعتماد على الأقمشة أياً كان نوعها. المهم أن تكون عملية وأن يتم التلاعب بنوعيتها. فالإطلالة تكون أكثر حداثة عندما تتناقض الأنسجة بعضها مع بعض. أما القميص الأبيض، فأكّد مرة أخرى أنه يضمن الأناقة والربح التجاري على حد سواء، لأن كل امرأة تحتاج إليه في خزانتها. تنسّقه مع قطعة بلون آخر أو تختاره ليغطيها من الرأس إلى أخمص القدمين. في كل الحالات، ينجح في إضفاء التألق والألق عليها.

في السابق كان المصممون يتفننون في تفاصيله؛ يضيفون إليه كشاكش أو يزينونه بطبقات من الموسلين أو التُّول أو التطريزات على أساس أن لونه «الحيادي» يحتاج إلى ما يرتقي به ويضخه بالحيوية لكي يدخل عالم المرأة. لكنّ هذه النظرة تغيرت في المواسم الأخيرة بعد أن أصبح الأبيض لوناً قائماً بذاته، وبلغة السينما قادراً على أن يحمل دور البطولة. من هذا المنظور استغنى عن أي مبالغات. كلما كان بخطوط بسيطة كان راقياً وسهل التنسيق.

بخطها الخاص بالـ«كروز» أدخلت «ديور» القميص الأبيض في كل المناسبات (ديور)

عرض «ديور» من خط «الكروز» لعام 2024 خير مثال على هذا. فقد تبنَّت فيه المصممة مايا غراتزيا تشيوري، البساطة في الخطوط، مع أن كل قطعة كانت مُنفَّذة بحرفية تليق بالأميرات والملكات. فساتين طويلة وقمصان بالأبيض نسّقتها مع تنورات منسدلة، بعضها من الدانتيل الخفيف الملمس. كان واضحاً في كل إطلالة قوة الأقمشة وكيف يمكن أن ترتقي بهذا اللون أو العكس. وليس مبالغاً فيه القول أن نوعية القماش هي أكثر ما يمنح اللون الأبيض شخصيته ويحدد مناسباته.

بخطها الخاص بالـ«كروز» أدخلت «ديور» القميص الأبيض في كل المناسبات (ديور)

لنأخذ مثلاً قميصاً من الدانتيل، فهو لا يُخلّف نفس التأثير الذي يُخلّفه القطن أو الحرير مع تنورة من الدانتيل. عندما تأتي الإطلالة بقميص من الدانتيل أو التُّول، فإنها تكون ملائمة للمساء والسهرة أكثر وربما تميل إلى أسلوب كلاسيكي. لإدخال عنصر الحداثة عليهما، لا بد من تنسيق القميص مع بنطلون مستقيم من القطن أو الصوف الخفيف جداً، أو مع تنورة طويلة من قماش مختلف تماماً يُخفِّف من رومانسية الدانتيل وأنثوية التُّول. في عرض «ديور»مثلاً اعتمدت ماريا غراتزيا على القميص للمساء بتقديمه من القطن وتنسيقه مع تنورات طويلة من الدانتيل أو ببلسيهات، الأمر الذي أضفى على الإطلالات جمالية تتراوح بين الرومانسية والحداثة.

ما تعرفه تشيوري وباقي المصممين أن الدانتيل من الأقمشة القليلة التي لا يُحبَّد استعمالها من الرأس إلى أخمص القدمين، لاقترانها بالعرائس. ما عدا ذلك فإن الباب مفتوح على مصراعيه. وإذا كانت هذه الأخيرة قد مالت بعض الشيء إلى الدانتيل في التنورات للمناسبات المهمة، فإن بيير باولو بكيولي، مصمم دار «فالنتينو» أيضاً مالَ إلى الشيء ذاته مع فرق في أسلوب كل واحد منهما.

قميص أبيض مع ربطة عنق من دار «فالنتينو» للأزياء الراقية (فالنتينو)

فقد حافظ بيكيولي على شخصية القميص الرجالية أكثر ولم يحاول تأنيثه، كأنه تعمّد تسليط الضوء على تاريخ القطعة التي كانت حكراً على الرجل. أما كيف نجح في إيصال فكرته، فبإرفاقه بربطات عنق كانت إكسسواراً أساسياً ظهر في معظم الإطلالات، إن لم نقل كلها.

سارة بيرتون، مصممة دار «ألكسندر ماكوين»، عادت هي الأخرى إلى التاريخ، لكن بمعنى بداية الدار عندما كان التفصيل من الأساسيات التي تعلّمها الراحل ماكوين في «سافيل رو» وطبَقها في الكثير من تشكيلاته. باعتراف بيرتون فإنها عادت إلى «تشريح التفصيل». وبالنتيجة كانت أن القميص ظهر في مستوى تايورات راقية ومفصّلة على الجسم.


مقالات ذات صلة

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

لمسات الموضة المصممة السعودية تالة أبو خالد مع إحدى العارضات خلال عرضها الأول (الشرق الأوسط)

تالة أبو خالد... سعودية تعيد تعريف الأزياء العصرية بلمسة تراثية

في عالم الموضة والأزياء الذي يسيطر عليه المبدعون من جميع أنحاء العالم، برزت تالة أبو خالد بوصفها أصغر مصممة أزياء تدمج بين التراث والثقافة السعودية والتصاميم.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة المظهر المريح والأنيق هو السائد حالياً على المشهد... لأنه يعبِر عن زمننا (هيرميس)

كيف تغيرت أساليب أزياء العمل وأصبحت هجيناً؟

بدأ التغيير قبل الجائحة، لكنها فجّرت الأمور وفرضت تغييرات جذرية في أنماط حياتنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دارا حمامة (خاص)

السباق بدأ والنهائيات ستكون في مراكش الحمراء

«فاشن تراست أرابيا لعام 2024» تعلن عن الأسماء الذين وصلوا إلى النهائيات ليتم الاختيار منهم 7 في حفل كبير بمراكش

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة اشتهرت الدار منذ انطلاقها بالإثارة ونقشات الحيوانات الاستوائية (خاص)

«روبرتو كافالي»... ضيف شرف في أسبوع دبي المقبل

أعلن أسبوع دبي للموضة عن مشاركة علامة «روبرتو كافالي» ضيف شرف في فعاليات نسخته المرتقبة لربيع وصيف 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)
الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)
TT

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)
الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)

استغرق صنعها أكثر من 10 سنوات، وجاءت نتيجة تعاون إبداعي بين شركتين تطمحان إلى اختراق آفاق الاختراعات الفنية -«ليبيه 1839» المتخصصة في صناعة ساعات الحائط والمكاتب، و«إم بي آند إف» للساعات الميكانيكية- شكلاً ومضموناً. لهذا كان من البديهي أن تولد ساعة «ألباتروس» (Albatross) بمواصفات ثورية في عالم الساعات، الأمر الذي احتاج إلى عدد من المكونات يبلغ 1520 مكوناً، وتضمينها وظيفة إعلان الساعات بالدقات؛ وأيضاً آلية تركيب متحرك تتألف من 16 زوجاً من المراوح تنطلق للعمل مع بداية كل ساعة.

مبدعا هذه الساعة ماكسيميليان بوسير مؤسس «إم بي&إف» والمصمم أرنو نيكولاس (إم بي&إف)

هي من بنات أفكار المصمم إريك ماير، الذي استوحاها من منطاد «ألباتروس» المذكور في رواية جول فيرن باسم «Robur the Conquero»، وكما تخيّلها الكاتب الفرنسي، الذي كان مولعاً بالأجسام الطائرة.

تقنيات جديدة

المواصفات التقنية لساعة الطاولة هذه مثيرة للإعجاب؛ فهي تتألف من 1520 مكوناً، وتزن 17 كيلوغراماً، في حين تبلغ 60 سنتيمتراً طولاً، و60 سنتيمتراً ارتفاعاً، و35 سنتيمتراً عرضاً. تبدأ مراوح المنطاد الدوران عندما تدق الساعة معلنة بداية ساعة جديدة؛ إذ يستعد المنطاد للإقلاع بمساعدة 32 مروحة دوّارة تقوم بالدوران لمدة 7 ثوانٍ تقريباً.

يمكن تفعيل أو إيقاف وظائف الرنين والمراوح باستخدام زرين «يعملان حسب الطلب» (إم بي&إف)

داخل المنطاد، توجد آليتا حركة، ونظامان للتعبئة، يقوم أحدهما بتشغيل مؤشرات الزمن والساعة الدقّاقة، بفضل برميليْن منفصليْن، في حين يوفر نظام التعبئة الآخر الطاقة للمراوح، التي يمدها بالطاقة برميل ثالث.

آلية الحركة الأولى تتم تعبئتها يدوياً بواسطة المراوح التي توجد في مقدمة الآلة الطائرة، وذلك بتدوير المراوح في اتجاه عقارب الساعة؛ للتعبئة بالطاقة لتشغيل الساعة الدقّاقة، وبتدويرها عكس عقارب الساعة للتعبئة بالطاقة لتشغيل مؤشرات الزمن.

فيما تقوم المراوح الموجودة على الجهة الخلفية بتعبئة آلية التركيب المتحرك بالطاقة اللازمة لتشغيلها. ومن حيث احتياطي الطاقة، فإن ساعة «ألباتروس» يمكنها أن تعمل لمدة 8 أيام في المتوسط - سواء تم تشغيل وظيفة الرنين أو إيقافها - في حين تعمل آلية التركيب المتحرك لمدة يوم واحد.

صُمّمت بآلية حركة تقوم بتشغيل مؤشرات الزمن والساعة الدقّاقة في حين الأخرى توفر الطاقة اللازمة لتشغيل المراوح (إم بي&إف)

وهذه ليست فقط أول ساعة طاولة «تشير إلى بداية الساعات بواسطة المراوح» يتم تصنيعها على الإطلاق، بل تحتوي أيضاً على نظام ميكانيكي داخلي يسمح لمالكها بتشغيل وظيفة الرنين أو إيقافها، حسب الرغبة؛ ذلك أنه بفضل وجود آليتين للحركة، من الممكن تشغيل المراوح من دون رنين يشير إلى بداية الساعات، والعكس صحيح.

ساعة بمواصفات طائرة

تعمل المراوح بشكل ثنائي، فهي تدور مع بعضها وبسرعة 7 ثوانٍ لنصف دورة، أو 14 ثانية لكل دورة كاملة، بحيث تظل دائماً مرئية، ولا ينتج عن دورانها أي ريح. يقول آرنو نيكولا، الرئيس التنفيذي لشركة «ليبيه»، أنه استمتع بالعمل على هذه التحفة الميكانيكية، قائلاً: «كان علينا القيام بعدة محاولات للعثور على القوة والسرعة المناسبتين للمراوح. تجاربنا الأولية تسببت في حدوث فوضى في ورشة التصنيع؛ فقد كان الأمر أشبه بطائرة مروحية جاهزة للإقلاع!».

يتم إطلاقها في 5 إصدارات محدودة كل منها يقتصر على 8 قطع فقط بألوان الأزرق والأحمر والأخضر والعنبري والأسود (إم بي&إف)

الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم، وتأتي بخيار من 5 ألوان، هي: الأزرق، والأحمر، والأخضر، والعنبري، والأسود؛ كل لون منها يقتصر إصداره على 8 قطع فقط. وقد نُفّذت الأجزاء الملونة باستخدام طلاء ورنيش اللّك نصف الشفاف، الذي يُشبه طلاء المينا إلى حد ما، ما يسمح بمشاهدة التقنيات المختلفة للتشطيبات المنفّذة أسفل هذه الأجزاء. وتوفر تقنية التلوين هذه عمقاً فائقاً، مقارنة بمعالجات الأكسدة التقليدية.