تجذب رحلات «النايل كروز» في مصر عشّاق الآثار الفرعونية والحضارة القديمة والتراث، حيث تعد رحلات السفن العائمة في نهر النيل ما بين أسوان والأقصر، واحدة من أمتع الرحلات السياحية، التي لا تستغرق وقتاً طويلاً مع إمكانية مشاهدة عديد من المواقع الأثرية خلال رحلة تعتمد على الإقامة في المراكب العائمة، وتحفل برامجها بأنشطة وفعاليات عدة على مدار أيامها، التي لا تقل في الغالب عن 3 أيام وقد تمتد لنحو أسبوع.
تبحر المراكب من أسوان إلى الأقصر أو العكس، ويمكن الوصول إلى المدينتين (جنوب مصر) عبر عدة طرق من بينها القطارات والطائرات عبر مطار أسوان الذي تصل إليه غالبية الرحلات من مطار القاهرة برحلة جوية تستغرق نحو 75 دقيقة.
وتنشط عادةً تلك النوعية من الرحلات ما بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) ومايو (أيار) وهي الفترة التي تكون الأجواء فيها معتدلة.

مزارات أسوان
في حال بدء الرحلة من أسوان، تستقبل مراكب «النايل كروز» زوارها قبل الظهيرة بوقت قليل وتبدأ في تسكين الوافدين بتسلم الغرف، بينما تتنوع المراكب من الداخل وفق تصنيفها السياحي المتدرج من 3 إلى 5 نجوم، الأمر الذي يجعل كل مركب به مستويات مختلفة من الرفاهية وفق تصنيفه وتسعيره.
عقب بدء عملية التسكين، يمكن تناول الغداء الأول على المركب قبل التوجه بالحافلة إلى معبد فيله بأسوان وزيارته في الرحلة التي تنتظر فيها الحافلة بالمكان المخصص لها لتترجل منها وتبدأ في استقلال المراكب النيلية الصغيرة للوصول إلى المعبد، فيما تضم الجزيرة عدداً آخر من المعابد من بينها معبدا حتحور وحورس.
تستغرق الرحلة داخل الجزيرة نحو ساعة ونصف تقريباً تنتهي بالعودة لاستقلال الحافلة التي تنقلك إلى رمز الصداقة المصري - الروسي على بوابة السد العالي قبل الدخول لمشاهدة السد العالي وتخزين مياه النيل المتدفقة وخزان أسوان في طريق الذهاب والعودة مع توقف سريع لزيارة المتحف النوبي المخصص لعرض الآثار الخاصة بالحضارة النوبية القديمة قبل نهاية اليوم بالعودة إلى الكروز مساءً لتناول العشاء وإتاحة فرصة للتسوق بالسوق التجارية لشراء الزي الأسواني الذي تتميز به المدينة والقطع المقلدة للقطع الأثرية المختلفة بالإضافة إلى التوابل التي تشتهر بها المدينة.

في صباح اليوم التالي، يتم التحرك باتجاه «القرية النوبية» عبر مراكب نيلية لزيارة المكان وتناول المشروبات وربما الإفطار لمن يريد تناول الفطير والعسل والجبن، ليتم بعد قضاء نحو ساعتين بها، والتوجه عبر المراكب إلى «الحديقة النباتية» الموجودة في قلب النيل وتعد من أقدم الحدائق النباتية في العالم وتمتد على مساحة 18 فداناً.
من الحديقة النباتية وعبر المراكب الصغيرة المنتظرة يجرى الانتقال لزيارة متحف أسوان الموجود على جزيرة «الفنتين» وهو المتحف الذي تأسس عام 1898، وشهد عديداً من التوسعات على مدار تاريخه، في جولة تستغرق نحو ساعة ما بين مبنى ملحق المتحف المتاح للزيارة، والمنطقة المحيطة التي تضم عديداً من المواقع التي استخدمها المصريون القدماء.
بعدها، تبدأ مرحلة العودة إلى الكروز استعداداً لمغادرة أسوان مع إبحار المركب للمرة الأولى عدة ساعات متجهاً إلى مدينة «كوم أمبو» لزيارة معبدها الشهير الموجودة على ربوة مرتفعة بالضفة الشرقية للنيل ويعود تاريخ تأسيسه إلى عصر البطالمة.
الزيارة القصيرة التي لا تستغرق أكثر من ساعتين يتبعها إبحار ليالي بالكروز إلي مدينة إدفو مع سهرة ليلية على سطح المركب تتضمن عرضاً للفنون الشعبية مع تنبيه بالاستيقاظ المبكر لزيارة معبد «إدفو» المعروف باسم «معبد حورس»، وهو المعبد الذي لا يزال محتفظاً بعديد من العناصر المعمارية والزخرفية الخلابة، وبدأ تشييده في عهد الملك بطلميوس الثالث، واكتمل بناؤه في عهد الملك بطلميوس الثاني عشر.

يبدأ التحرك من المراكب فجراً عبر العربات التي تجرها الخيول، لتبدأ الزيارة في السادسة صباحاً لتستمر نحو ساعتين بتجول يبدأ من بوابة المعبد الضخمة التي تؤدي إلى فناء مفتوح يحتوي على أعمدة ذات تيجان نباتية مع صالات تؤدي إلى قدس أقداس المعبد المزيّنة جدرانه بصور لرحلة المركب المقدس للإله حورس والإلهة حتحور.
مع العودة للمركب نحو التاسعة صباحاً تبدأ رحلة إبحار جديدة بالتزامن مع تناول الإفطار على المركب في رحلة تستمر ساعات قليلة لحين الوصول إلى قناطر إسنا مع طابور المراكب السياحية المتراصة في انتظار العبور عبر «الهاويس» مع ارتفاع وانخفاض منسوب المياه، ليستمر المركب في الإبحار بعدها عدة ساعات وصولاً إلى الأقصر مساءً.
الليلة الأخيرة على المركب التي تبدأ بالوصول إلى الأقصر تتضمن فرصة للتجول في السوق وشراء بعد المنتجات المحلية استعداداً ليوم وداع آخر حافل يبدأ قبل الفجر بالاستعداد للتوجه لركوب البالون الطائر عبر استقلال مركب صغير للعبور إلى البر الغربي ثم سيارة باتجاه مقر صعود رحلات البالون التي تبدأ مع شروق الشمس، وتستغرق نحو ساعة في الهواء مع مشاهدة مدينة الأقصر ومعابدها من أعلى، في مشهد بديع لا يتاح إلا في الأقصر.
عقب الانتهاء من رحلة البالون تبدأ جولة مكثفة بزيارات للمتاحف والمعابد بالأقصر من «معبد حتشبسوت»، إلى «وادي الملوك»، مروراً بالتوقف في متحف الأقصر، وانتهاءً بزيارة معبدَي «الكرنك» و«الأقصر» مع إمكانية السير في «طريق الكباش» الرابط بينهما بطول يمتد لنحو 3 كيلومترات، لتُختتم الرحلة بحزم الحقائب والمغادرة ليلاً من الأقصر باتجاه العودة سواء إلى القاهرة أو إلى مدن البحر الأحمر التي يفضل بعض السياح التوجه إليها لقضاء عطلة على الشاطئ.













