مؤثرون خليجيون وعرب يروجون للسياحة في بلد الأرز

من خلال فيديوهات جميلة مصوَّرة في لبنان

صخرة الروشة في بيروت (إنستغرام)
صخرة الروشة في بيروت (إنستغرام)
TT

مؤثرون خليجيون وعرب يروجون للسياحة في بلد الأرز

صخرة الروشة في بيروت (إنستغرام)
صخرة الروشة في بيروت (إنستغرام)

تفيض مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، بفيديوهات مصورة تروّج للسياحة في لبنان. أما أصحابها فهم مؤثرون وبلوغرز عرباً. فبعد أن تم السماح لهم بالسفر إلى لبنان من قبل حكوماتهم، عمدوا إلى تصوير مناطق لبنانية يزورونها. بينهم من جاء من الكويت وعمان والأردن، وآخرون جاءوا من مصر والعراق والإمارات العربية. وتحول هؤلاء إلى نجوم الـ«سوشيال ميديا» يتنافسون على تقديم المحتوى الأفضل للسياحة في لبنان. بينهم من زار مدينة جبيل وجلس في مقاهيها ومطاعمها. وغيرهم قصد مناطق جبلية كبلدة دير القمر يتحدثون عن مناظر طبيعية خلابة فيها. بينما رأى بعضهم في بيروت وتحديداً في مناطق الجميزة والصيفي والحمرا، بأنها تعكس الصورة الأفضل لتمضية أيام الإجازة في لبنان.

من فيديوهات العراقي سالم عقلة وتظهر صخرة الروشة (إنستغرام)

شهرة واسعة يحققها بعض هؤلاء المؤثرين بحيث تم استقبالهم في برامج تلفزيونية لبنانية. ومن بينهم العراقي سالم عقلة المعروف بـ«سالم حول العالم». استضافه الإعلامي زافين قيومجيان في برنامجه «سيرة وكملت» على شاشة «الجديد». وذلك بعد أن لفته بمحتوى يقدمه عن لبنان عنوانه «لا دكتور ولا مستشفيات الحل الوحيد لصحتك ومزاجك هو لبنان. إنه العلاج». يطلّ سالم بفيديوهات من مختلف المناطق اللبنانية. يصور منطقة سيدة لبنان (حريصا) وشاطئ جونية وغيرها. وصار في كل مرة يزور فيها بلداً أجنبياً يقارنه بلبنان، ويردد «لم تر عيني مثل جمال لبنان فهو العلاج الوحيد لكل الأمراض».

الإماراتي محمد النقبي وضع لائحة بأجمل مقاهي العاصمة بيروت (إنستغرام)

من ناحيته، فإن الإماراتي خالد الخالدي دوّن يومياته في لبنان خلال إجازة أمضاها في ربوعه لستة أيام. خالد الذي حلّ أيضاً في برنامج تلفزيوني لبناني ضيفاً، تحدث عن إعجابه بلبنان. ونشر فيديو يصوره جالساً في مطعم في منطقة جبلية، وعارضاً المازة اللبنانية على أنواعها من حمص بالطحينة والتبولة وقطع البندورة المشوية. ويختمه بالقول: «يا لهوي ولا أطيب من هيك طعام».

أما مواطنه المشهور باسم «فور فان» فهو أيضاً نشر محتوى سياحياً بامتياز عن لبنان، توجه فيه إلى كل من يسأل عن الحالة الأمنية، ليؤكد أن «لبنان ينعم بالأمان زي الورد». ويكمل الفيديو الذي صوَّره من منطقة الجميزة: «المطاعم والمقاهي تشهد ضغطاً كبيراً وأعدادها تزداد يوماً بعد يوم»، وبعدما عبَّر عن تقصيره في زيارة مناطق عدة كمدن صور وجونية وجبيل، أكّد بأنه سيعود إلى ربوع لبنان في موسم الشتاء. ونشر فيديو الوداع على خلفية أغنية فيروز «بحبك يا لبنان». ويتألف من مقتطفات تظهر طبيعة لبنان في بلدات عدة وبينها برمانا. وكذلك تناول فيه مقاطع أخرى لأطباق طعام مشهورة في لبنان، بينها حلويات «الكنافة بالجبن». وعنون هذا المنشور المصور بكلمات مقتضبة «وداعاً لبنان وإلى لقاء قريب».

شوارع بيروت بكاميرا أحد المؤثرين العرب (إنستغرام)

أما البلوغر العمانية أسما الشحي فتوقفت في البترون تحكي عن زيارتها لمدينة عريقة من لبنان. ونقلت مشاعرها وهي تستكشف مواقع تصوير مسلسل «بالدم». ومع مؤثرة لبنانية معروفة تدعى ليليان قصدتها في منزلها الجبلي نشرت وقائع يوم طويل أمضته معها، فتناولت الضيافة اللبنانية التي يشتهر بها أهل الجبل، فتذوقت الكرز الجبلي واللوز الأخضر والمربات على أنواعها، وأعجبت بشراب الورد وتعرّفت إلى البسكويت مع راحة الحلقوم من مدينة صيدا. وفي منشور آخر تحدثت مع متابعيها عن أفضل محل عصير «ليمونادة» في البترون (حلمي)، ونشرت فيديو آخر يصور كيفية تحضير وصنع المناقيش على الصاج. ولم تنسَ أن تمرر لقطات عن زيارتها لمواقع مشهورة في بيروت كصخرة الروشة.

بعض المؤثرين العرب حاولوا الترويج للهجة اللبنانية، فراحوا يرددون عبارات «كيفك منيح» أو «بونجور سافا» وغيرها.

بينما اهتم آخرون بمعالم أثرية ومواقع طبيعية في لبنان تشمل الأنهر والجسور والقلاع الأثرية. ونشرت البلوغر الكويتية نور فيديو لزيارتها إلى لبنان. مرت على بلدة دوما البترونية وتجولت في شوارعها القديمة، وذكرت بأن البلدة سمّيت أجمل قرية سياحية في العالم في عام 2023. فزارت أحد بيوت الضيافة، وشلالات «بالوع بلعا» التي تقع بجوارها، واعتبرت أنها أمضت أياماً جميلة في قرية أحجارها تاريخية ومبانيها تراثية.

لم تقتصر هذه الطفرة من الفيديوهات الترويجية للسياحة في لبنان على المؤثرين العرب، فشملت أيضاً زواراً عاديين، بينهم مجموعة رجال من الكويت تطلق على نفسها اسم «العمر ليس إلا عدداً» (Age is but a number)، ونشرت أكثر من فيديو ترويجي يتناول السياحة في بلدة حريصا ومدينة جبيل وشلالات «بالوع بلعا» وأزقة البترون وغيرها، وأرفقوها بمناظر التقطوها في بلدة كفردبيان حيث لا تزال الثلوج تكسو أرضها. وفي لقطات تصورهم يمارسون رياضة الـ«باراغليدينغ» فوق منطقة كازينو لبنان، راحوا يصرخون «حبيبي كوم تو ليبانون».

وأخذ على عاتقه المؤثر الإماراتي محمد النقبي بتعريف متابعيه على أهم المقاهي والمطاعم في بيروت، وإدراجها في لائحة طويلة تضمنت «باتشي كوفي» و«أسواق بيروت» و«زيتونة باي» ومطاعم «ليلى» و«أم شريف» و«سي لاونج». وشدّد على أن جميع هذه المحلات والأماكن التي زارها يمكن أن يقصدها الشخص من دون استخدام السيارة لقربها من بعضها.


مقالات ذات صلة

أبها والطائف في صدارة المصايف السعودية

سفر وسياحة الطائف عروس المصائف ومركزاً لصناعة الورد(هيئة السياحة)

أبها والطائف في صدارة المصايف السعودية

في الوقت الذي لامست فيه درجات الحرارة مستويات قياسية، مسجّلةً 49.3 درجة مئوية في محافظة الأحساء، كانت المرتفعات الجنوبية الغربية تعيش مشهداً مناخياً مختلفاً

أسماء الغابري (جدة)
سفر وسياحة بيوت تراثية في فالوغا (بلدية فالوغا)

فالوغا اللبنانية... وجهة سياحية لهواة السكينة والهدوء والطبيعة الخلابة

تستقطب بلدة فالوغا في قضاء بعبدا اللبنانيين، كما السياح العرب والأجانب. طبيعتها الخلابة وتلالها وهضابها ترسم مشهدية خضراء ساحرة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جانب من الحملة الترويجية (وزارة السياحة المصرية)

«السياحة» المصرية تطلق حملة لاجتذاب مليون مسافر عربي

تحت شعار «مصر... تنوّع لا يُضاهى»، أطلقت وزارة السياحة والآثار المصرية، حملة إلكترونية جديدة للترويج للمقصد السياحي المصري في السوق العربية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
الاقتصاد «مطار الملك فهد الدولي» في الدمام (واس)

السعودية تطلق رحلات مباشرة من الدمام إلى «مطار هيثرو» في لندن

أعلن «برنامج الربط الجوي» السعودي تدشين رحلات جوية جديدة تربط بين «مطار الملك فهد الدولي» بالدمام و«مطار هيثرو» في لندن، وذلك عبر «الخطوط الجوية السعودية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة سفينة أرويا السياحية (الموقع الرسمي)

بأمواج عربية... «أرويا كروز» تبحر بالسعودية نحو آفاق عالمية

بين أمواج البحر الأحمر الزرقاء وشواطئ المتوسط الحالمة، تبحر «أرويا كروز»، ليست حاملة على متنها آلاف الركاب فقط، بل رؤية طموحاً تسعى لإعادة تعريف السياحة البحرية

أسماء الغابري (جدة)

أبها والطائف في صدارة المصايف السعودية

الطائف عروس المصائف ومركزاً لصناعة الورد(هيئة السياحة)
الطائف عروس المصائف ومركزاً لصناعة الورد(هيئة السياحة)
TT

أبها والطائف في صدارة المصايف السعودية

الطائف عروس المصائف ومركزاً لصناعة الورد(هيئة السياحة)
الطائف عروس المصائف ومركزاً لصناعة الورد(هيئة السياحة)

في الوقت الذي لامست فيه درجات الحرارة مستويات قياسية شرق المملكة، مسجّلةً 49.3 درجة مئوية في محافظة الأحساء خلال ذروة الصيف، كانت المرتفعات الجنوبية الغربية تعيش مشهداً مناخياً مختلفاً تماماً، يُشبه نسمة بردٍ تهب من نافذة جبال السروات. ففي مدينة أبها، انخفضت درجة الحرارة الصغرى إلى نحو 18 مئوية، ليظهر الفارق الحراري الكبير الذي تجاوز 31 درجة مئوية بين منطقتين داخل حدود الوطن نفسه.

هذا التباين اللافت في درجات الحرارة لم يكن وليد المصادفة، بل نتيجة مباشرة لتنوع تضاريس المملكة، واختلاف الارتفاعات بين السهول المنخفضة والمناطق الجبلية. فالطائف، التي تمتد على ارتفاع يصل في بعض مناطقها إلى 2500 متر، تتميّز بجوّها العليل ومناخها اللطيف، في حين تعانق أبها السماء من علوّ يفوق 2300 متر، وتشتهر بضبابها البارد وطبيعتها الغنية التي تجمع بين الجبال والسهول. هذا التنوع البيئي جعل من المدينتين عنواناً لصيف مختلف، ووجهتين رئيسيتين على خريطة السياحة الداخلية.

أصبحت الوجهات الجبلية، مثل أبها والطائف، مصدرَ إلهام ثرياً لصانعي المحتوى السياحي، بما تقدمه من مناظر طبيعية خلابة وأجواء معتدلة تستحق التوثيق. وساهم هذا الزخم الرقمي في تعزيز حضورها على منصات التواصل، وتشجيع مزيد من الزوار على استكشافها.

أشجار الجاكرندا تزين طرق وحدائق أبها (أمارة عسير)

تقول لـ«الشرق الأوسط» صانعة المحتوى السياحي، نجلاء جان: «بينما كانت المدن تستقبل فصل الصيف بحرارة خانقة، كانت أنظار السعوديين والمقيمين تتجه إلى أبها والطائف، حيث تراوحت درجات الحرارة الصغرى بين 18 و23 مئوية. أجواء مشمسة، إلى غائمة جزئياً، مع احتمالات لأمطار خفيفة... رسمت لوحة صيفية فريدة لا تشبه المعتاد في المنطقة».

ومع «رؤية السعودية 2030»، لم تعد هذه المصايف مجرّد مدن يقصدها الناس للتمتع بالجو فقط، بل تحوّلت إلى وجهات متكاملة بعد تنفيذ حزمة من المشروعات السياحية الكبرى. ففي أبها، جرى تطوير شبكة الطرق الداخلية لتسهيل التنقل داخل المدينة وربطها بمحيطها، إلى جانب مشروع تطوير مطار أبها، الذي صُمم بطابع تراثي ليتماشى وهوية المنطقة، ويهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية للزوار. كما أُطلق مشروع وادي أبها الجديد، أحد أضخم المشروعات السياحية في الجنوب، على مساحة 2.5 مليون متر مربع، وبتصميم يركّز على الاستدامة، حيث تخصص 30 في المائة من مساحته للمناطق الخضراء، ويضم 5 مناطق سياحية مختلفة الطابع.

المرتفعات الجبلية وجهة سياحية غنية بالفعاليات الترفيهية والرياضية (هيئة السياحة)

وشملت المشروعات التطويرية أيضاً الطائف، لا سيما تطوير مطار الطائف الدولي، الذي سيستوعب 4 ملايين مسافر سنوياً بحلول عام 2030؛ مما يجعله بوابة رئيسية لحجاج ومعتمري الخارج؛ لقربه من مكة المكرمة، إلى جانب دوره في دعم السياحة الداخلية. كما أُطلقت «مدينة الطائف الجديدة» بمفاهيم حديثة للبنية التحتية والطاقة، وشبكة متكاملة من الطرق والمواصلات، بالإضافة إلى «مشروعات تطوير الشفا والهدا»، وتطوير «حدائق جبل إبراهيم»، مع توسعة الفنادق والمرافق السياحية.

ووفق نجلاء جان، «فلم تعد زيارة المصايف تقتصر على الجلوس في الحدائق والاستمتاع بالمناخ المعتدل، فاليوم تُقدّم أبها والطائف تجارب سياحية متكاملة، تستهدف العائلات والأفراد من مختلف الأعمار. ويمكن للزوار الاستمتاع بالمطاعم المتنوعة، وتجربة رحلات التليفريك، والمغامرات الجبلية، وزيارة المحميات والأسواق التقليدية، والمشاركة في ورشات تعليمية للأطفال».

مناخ معتدل وأمطار خفيفة تلطف صيف أبها (أمارة عسير)

وأشارت نجلاء جان إلى الفعاليات الموسمية والمهرجانات الصيفية المتعددة، مثل «مهرجان أبها الصيفي» و«مواسم الطائف»، التي تجمع بين الفن والثقافة والرياضة. أما المنطقة الجنوبية عموماً، فتتحول في الصيف إلى مسرح مفتوح للأنشطة والعروض التراثية، ضمن فعاليات، مثل «موسم الباحة» و«موسم عسير»، تقدم أنشطة في الهواء الطلق وتجارب لعشاق الطبيعة والمغامرة.

وفي مايو (أيار) 2025، أطلقت وزارة السياحة حملة «لون صيفك» ضمن برنامج «صيف السعودية»، لتشجيع السعوديين والمقيمين على زيارة الوجهات الجبلية، مثل أبها والطائف وعسير والباحة، مع هدف طموح بجذب أكثر من 41 مليون زائر، وتحقيق إنفاق يتجاوز 73 مليار ريال.

وقد أسهمت هذه الحملات في تغيير خيارات كثير من العائلات، التي باتت تفضّل قضاء إجازاتها داخل المملكة بدلاً من السفر إلى الخارج، خصوصاً مع تحسن جودة الخدمات، وسهولة الوصول، وتنوّع الأنشطة. ونتيجة لذلك، شهدت الفنادق والمنتجعات ارتفاعاً ملحوظاً في نسب الإشغال خلال الصيف، وتحوّلت المصايف الجبلية من خيار موسمي محدود إلى وجهات رئيسية تنافس نظيراتها على مستوى عالمي.