كيف توثق ذكريات رحلتك عن طريق حاسة الشم؟

عطر المغامرات... وعلاقة السفر بالرائحة الجميلة

من الأماكن السياحية المرتبطة بالرائحة في اليابان (غيتي)
من الأماكن السياحية المرتبطة بالرائحة في اليابان (غيتي)
TT

كيف توثق ذكريات رحلتك عن طريق حاسة الشم؟

من الأماكن السياحية المرتبطة بالرائحة في اليابان (غيتي)
من الأماكن السياحية المرتبطة بالرائحة في اليابان (غيتي)

علاقة السفر بالرائحة الجميلة عميقة ومليئة بالمشاعر والذكريات. الرائحة لديها قدرة مذهلة على استدعاء الذكريات والمشاعر المرتبطة بأماكن وأوقات معينة، وهذا ينطبق بشكل خاص على السفر.

عندما نسافر إلى أماكن جديدة، نشتم روائح مميزة مثل عبير الزهور في حديقة استوائية، أو رائحة القهوة الطازجة في مقهى صغير بأحد شوارع باريس، أو نسيم البحر على شواطئ جزر المالديف. هذه الروائح تصبح جزءاً لا يتجزأ من تجربتنا في تلك الأماكن، وتجعل الذكريات مرتبطةً بها.

الفنادق تختار الشموع بعطر خاص بها (الشرق الأوسط)

حتى بعد عودتنا، قد تصادفنا رائحة مشابهة، عطر معين أو رائحة طعام، فتأخذنا فوراً إلى تلك الرحلة، وكأننا عدنا للحظات إلى المكان الذي زرناه.

من جهة أخرى، البعض يختار عطراً معيناً عند السفر، ليصبح هذا العطر مرتبطاً تماماً بالمغامرة، وكل مرة يستخدمه المرء بعد ذلك يشعر وكأنه يعيد إحياء تلك التجربة، أو العكس، فيقوم بعض المسافرين بشراء عطر أو شمعة أو بخاخ خاص بالفندق أو المكان الذي جلسوا فيه وأمضوا فيه أجمل اللحظات للعودة بها إلى المنزل لتكون شاهدةً على ذكريات جميلة لا يريدون نسيانها.

عطور الفنادق والمنازل عالم كبير من العبق (الشرق الأوسط)

ظاهرة السفر المرتبط بالروائح ازدادت بعد جائحة «كورونا»، وازدادت مع ما يُعرَف بـ«السفر الانتقامي» وتعني هذه التسمية الرغبة في السفر أكثر تعويضاً لأيام العزلة ومنع السفر التي فُرضت على الناس حول العالم بسبب الوباء، فقامت شركات سياحية بتنظيم رحلات جديدة من نوعها وَلَّدت أنواعاً جديدة من المغامرات مثل «مغامرة الشم» ومزج السفر بالرائحة للتعمُّق في التاريخ والفن والثقافة.

وركبت الفنادق هذه الموجة الجديدة من خلال تقديم عروض العطور مع الإقامة، فقام على سبيل المثال فندق «بالمورال» في اسكوتلندا بتقديم باقة تُعرَف باسم «Scent Butler» للضيوف المقيمين في أحد أجنحته الفاخرة، وهي عبارة عن دورات تدريبية تعرّف النزل على الروائح والسحر والتقاليد الاسكوتلندية.

تعدّ غراس في جنوب فرنسا من أشهر الأماكن التي تُولَّد فيها العطور (غيتي)

وكانت اليابان متقدمة في هذه اللعبة منذ سنوات عدة، عندما حدَّدت وزارة البيئة 100 موقع عطري في جميع أنحاء البلاد؛ بدءاً من رائحة أشجار الزيزفون التي تصطف على جانبي الطريق المؤدي إلى «قلعة ماتسوموتو»، ووصولاً إلى رائحة ينابيع المياه الكبريتية الساخنة ومحلات الأعشاب البحرية والمكتبات المستعملة، وتُنظِّم الجهات السياحية المختصة رحلات إلى تلك المواقع لربط الرائحة بالسفر وتخليد الذكريات.

وتبنَّت هذه الفكرة أيضاً المكسيكية، آنا باتريشيا ليكونا، صاحبة شركة «أروماريا (Aromaria)» بمساعدة ابنيها خورخي ورودريغو نيكايدو. وكتبت آنا باتريشيا في عام 2010، روايةً عن صانعة عطور فقدت حاسة الشم. خلال هذا الوقت، انخرطت آنا باتريشيا بعمق في عالم العطور واكتشفت شغفاً جديداً لابتكار روائح فريدة. وبعد سنوات عدة من البحث والجهد، تمكَّنت من العمل جنباً إلى جنب مع أفضل صانعي العطور في العالم لإنشاء مجموعة غير مسبوقة. خلال رحلاتها المتكررة إلى أرقى ورش العطور في العالم في مدينة غراس بفرنسا، اكتشفت الإمكانات الهائلة التي توفرها عاصمة العطور في العالم لابتكار روائح فريدة من نوعها.

العطور تأتي بأشكال عدة من بينها العيدان المعطرة (الشرق الأوسط)

سعياً وراء هذا الشغف، ابتكرت عطر «أروماريا (Aromaria)»، الذي يربط الذكريات برائحة المكان، فركزت على العطور الخاصة بالمنازل والفنادق.

وقامت آنا باتريشيا بشراكة مع أحد رجال الأعمال السعوديين لتخلق شركةً كبيرةً تقدِّم خدمة العطور المركبة خصيصاً بحسب طلب الفندق أو صاحب المنزل، وتعاونت مع فنادق مثل «فورسيزونز» حول العالم، وافتتحت بوتيكات خاصة بالعلامة التجارية، وكان آخرها افتتاح فرع الشركة الجديد في شارع ريجنتس بلندن، الذي يبيع العطور على شكل بخاخ وشموع وأعواد بقياسات مختلفة، بعضها مخصص للاستعمال الداخلي، والبعض الآخر يوضع في الهواء الطلق.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» قالت آنا باتريشيا إن الطلب ازداد جداً من قبل الفنادق على خلق عطور خاصة بها، بالتالي كان من الضروري توفير تلك العطور للعملاء؛ لأن هناك فئةً كبيرةً من المسافرين الذين يرغبون في أخذ رائحة المكان المرتبط بذكرياتهم خلال رحلة ما إلى المنزل، فأصبح بإمكانهم شراء عبوة من عطر المنازل أو شمعة أو عود للاستعمال الداخلي أو الخارجي لأخذ قطعة من الذكريات الجميلة خلال السفر.

عالم الزهور والعطور في غراس بفرنسا (غيتي)

وتقوم «أروماريا» أيضاً بتقديم خدمة خاصة تُمكِّن العملاء من إجراء اختبار يختارون بعده الرائحة التي تدغدغ حواسهم، فتقوم العلامة بتصنيع عطور منازلهم الخاصة، في مدينة غراس الفرنسية، لتحمل سمات شخصياتهم، وهوياتهم الفريدة.

تملك الشركة حالياً بوتيكات في المكسيك والولايات المتحدة ولندن، وقريباً في الشرق الأوسط، وهي تقدم منتجات جاهزة، ومميزة جداً من حيث الرائحة مثل «الشاي الأبيض» و«الزنجبيل» و«الماتشا» وغيرها من الروائح العطرية الأخرى.

وشرح كل من خورخي ورودريغو أهمية العطر الخاص بالفندق، فقالا إن العبق الذي يشتمه النزل في الفنادق، والمنبثق من الشموع والبخاخ المتصل مباشرة بالمكيفات الهوائية والأعواد الداخلية والخارجية، يعكس هوية الفندق، ويكون الطلب عليه كبيراً جداً؛ لأن هذا العطر سيذكِّر المسافر بإقامته في ذلك الفندق، وستبقى تلك الذكرى محفورةً بذهنه في كل مرة يشتم هذا العطر في أي مكان آخر.

لماذا تختار الفنادق عطوراً خاصة بها؟

1- الانطباع الأول والترحيب:

عندما يدخل الضيف إلى الفندق، تكون الرائحة أول ما يلاحظه. اختيار رائحة فريدة ودافئة يخلق انطباعاً إيجابياً، ويعطي شعوراً بالراحة والفخامة.

2- الهوية والعلامة التجارية:

بعض الفنادق الراقية تصمم عطورها الخاصة بوصفها جزءاً من هويتها. الرائحة تصبح مرتبطةً بالفندق، وعندما يشمها الضيف في أي مكان آخر، يتذكَّر تلك التجربة المميزة التي عاشها هناك.

3- الاسترخاء وتحسين الحالة المزاجية:

بعض الروائح مثل اللافندر، والياسمين، أو الأخشاب العطرية تُستخدَم لخلق أجواء مهدئة تساعد الضيوف على الشعور بالراحة والانسجام، خصوصاً بعد رحلة طويلة.

4- التميز والترف:

العطر الفريد يضيف عنصراً من الفخامة والاهتمام بالتفاصيل، ما يجعل الفندق يبدو أكثر تميزاً عن غيره.

5- تأثير علم النفس الحسي:

الروائح تؤثر في المشاعر والذكريات. إذا شعر الضيف بالسعادة والراحة في أثناء إقامته، فستترسخ تلك المشاعر في ذاكرته من خلال الرائحة؛ مما يدفعه للعودة إلى الفندق في المستقبل.

6- الارتباط بالرفاهية والنظافة:

وجود رائحة منعشة وجميلة يعزز الشعور بالنظافة والعناية؛ ما يضيف مستوى إضافياً من الراحة النفسية.


مقالات ذات صلة

دول الخليج تتوسع سياحياً والأسواق الناشئة تصعد مع انطلاقة «سوق السفر العربي» بدبي

الاقتصاد جانب من المشاركة السعودية في «سوق السفر العربي» (الشرق الأوسط)

دول الخليج تتوسع سياحياً والأسواق الناشئة تصعد مع انطلاقة «سوق السفر العربي» بدبي

برزت الأسواق السياحية الناشئة كمقاصد جديدة في خريطة السياحة العالمية، مع النشاط الواسع الذي أظهرته خلال مشاركتها في معرض سوق السفر العربي مع بروز دول الخليج.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط) play-circle 00:54

مشاريع سياحية مشتركة بين الرياض ودبي... واستقطاب الزوار القادمين من السعودية

كشف المدير التنفيذي في «مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري» عن وجود مشاريع سياحية مشتركة مع المملكة والاستفادة القصوى من الزوار القادمين منها.

بندر المسلم (دبي)
الاقتصاد جانب من معرض «سوق السفر العربي 2025» (الشرق الأوسط)

السعودية تعرض وجهاتها الصيفية وفرصها الاستثمارية في «سوق السفر العربي» بدبي

تشارك الهيئة السعودية للسياحة في فعاليات «سوق السفر العربي 2025» الذي انطلقت أعماله بدبي، حيث تستعرض من خلال جناح «أرض السعودية» أبرز وجهاتها السياحية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد صورة جوية لجانب من جزيرة فرسان جنوب السعودية (واس)

بتكلفة تجاوزت 112 مليون دولار... السعودية تُنفذ 20 مشروعاً في جزر فرسان

أعلنت أمانة منطقة جازان في جنوب السعودية، الخميس، عن تنفيذ 20 مشروعاً تنموياً بمحافظة جزر فرسان، بتكلفة إجمالية تصل إلى 112.8 مليون دولار.

سفر وسياحة مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

يهتم متابعو أعمال الدراما بأماكن تصوير المشاهد، وعادة ما يطرح هذا السؤال على أبطال المسلسل عبر الـ«سوشيال ميديا»

فيفيان حداد (بيروت)

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
TT

أعمال الدراما تحول لبنان إلى قرية سياحية كبيرة

مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)
مشهد من مسلسل "للموت" التقط في اهدن (إنستغرام)

يهتم متابعو أعمال الدراما بأماكن تصوير المشاهد، وعادة ما يطرح هذا السؤال على أبطال المسلسل عبر الـ«سوشيال ميديا»، وأحياناً يشير إليها منتج العمل أو مخرجه في سياق إطلالاتهم الإعلامية.

وفي السنوات الأخيرة، وبسبب كثافة تصوير هذه الأعمال في لبنان، تحوّل إلى قرية سياحية كبيرة، من شماله إلى جنوبه.

وتطول لائحة الأعمال الدرامية التي اختارت شارعاً أو بلدة معينة للتصوير فيها. في السنوات القليلة الماضية حطّت كاميرا مخرجين عدة في جبال لبنان. فمسلسل «ثورة الفلاحين» اختار مخرجه فيليب أسمر «قصر سرحال» في جزين ليشهد على أحداثه. فيما ارتأى مخرج مسلسل «روبي» رامي حنا منطقة الأشرفية ليصور فيها مشاهد حي شعبي ألا وهو «كرم الزيتون».

قصر سرحال في جزين قبل وبعد مسلسل "ثورة الفلاحين" (إنستغرام)

من ناحيته، اختار المخرج جو بو عيد تصوير غالبية مشاهد مسلسل «صالون زهرة» في بيروت. وبالتحديد في شارع مار مخايل العريق. بينما دارت كاميرا مخرجة مسلسل «تغيير جو» مريم أبو عوف، في منطقة بدارو، البيروتية أيضاً.

وتنقلت كاميرا مخرجين آخرين في عدد من مناطق لبنان، بينها إهدن ودوما وغيرها. وكان أحدثها في البترون التي احتضنت تصوير مسلسل «بالدم». وتحول أحد أزقتها القديمة كما مرفأها عنواناً سياحياً. فراح يقصدها اللبنانيون ليستكشفوا بيوت أبطاله ومن بينهم روميو وجانيت.

إهدن ومسلسل «للموت»

تعدّ بلدة إهدن في شمال لبنان واحدة من أجمل المواقع التصويرية الطبيعية. وقد اختارها مخرج مسلسل «للموت» فيليب أسمر لتنفيذه فيها. تنقّل بين عدد من مواقعها الطبيعية في فصل الشتاء المغمورة بالثلج. وكذلك استأجرت الشركة المنتجة للعمل منازل فخمة لتحتضن أبطال عملها في مشاهد شيقة.

تقع بلدة إهدن في قضاء زغرتا شمال لبنان. وترتفع نحو 1500 متر عن سطح الأرض. وفي طقسها البارد دارت كاميرا أسمر لتصوّر أبطال العمل من ماغي بو غصن ودانييلا رحمة ومحمد الأحمد في درجات حرارة تحت الصفر. يومها تساءل المشاهد أين تم تصوير هذا العمل؟ سيما وأن المنطقة بدت رائعة بتضاريسها الطبيعية. فردّت ماغي بو غصن معلنة بأنها بلدة إهدن. وكتبت عبر حسابها على تطبيق «إكس»: «كثيرون تساءلوا عن موقع تصوير (للموت). فقد لفتتهم البيوت والمشاهد الخارجية التي تم التصوير فيها. وأجيبهم بكل فخر أن التصوير تم في لبنان وبالتحديد في بلدة إهدن. وكذلك في مناطق أخرى في الجنوب. فبلدنا جميل جدّاً، وما ينقصنا هو تقديره من قبل حكّامه».

وتشتهر إهدن بازدهار السياحة البيئية والدينية فيها. ومحمية حرج إهدن من أهم المحميات والمعالم البيئية في المنطقة. وتبلغ مساحتها 1000 هكتار وتمتاز بالتنوع البيولوجي، وكذلك بالتنوع الحيواني الذي يشمل الزواحف والطيور والبرمائيات.

"صالون زهرة" تم تصويره في شارع مار مخايل (إنستغرام)

شارع مار مخايل يحب الكاميرا

من أشهر الأماكن السياحية في العاصمة بيروت شارع مار مخايل. يتفرّع منه عدة أحياء وهو موازٍ لشارع الجميزة الشهير. يقصده زواره لتمضية أحلى السهرات، وكذلك لتناول أشهى الأكلات في مطاعم تتوزع فيه. اختار المخرج جو بو عيد واحداً من متفرعات مار مخايل، ليصور فيه مشاهد مسلسل «صالون زهرة». وتمّ تجهيز الشارع بشكل كامل ليتناسب مع أجواء المسلسل الجريء على مستوى الطرح والمعالجة. وجرى استحداث «صالون زهرة» لتصفيف شعر النساء والعناية بجمالهن. وترك بو عيد ديكورات الشارع كما هي كي يضفي الواقعية على العمل. وكانت الناس تتجمع في الشارع ليلاً للوقوف على أحداثه التي تصور مباشرة من هناك. وصار فيما بعد هذا المكان مقصوداً من قبل الصغار والكبار، يلتقطون الصور التذكارية إلى جانب الصالون. وإذا ما حالفهم الحظ ووجد أبطال العمل هناك، كانوا يتجمعون لأخذ صورة «سيلفي» مع أحد منهم.

مطعم جانيت من مسلسل "بالدم" في البترون بعد انتهاء التصوير (إنستغرام)

دوما احتضنت فيلم «هلّأ لوين»

اختارت مخرجة فيلم «هلّأ لوين» نادين لبكي عدة مناطق لبنانية كمواقع تصوير لفيلمها «هلأ لوين»، من بينها بلدة الطيبة قرب بعلبك كون جامع القرية يقف جنباً لجنب كنيستها. كذلك تم التصوير في كل من قرية مشمش ودوما. وشكّلت هذه الأخيرة محط أنظار اللبنانيين. وصاروا يقصدونها للتمتع بطبيعتها والتفرّج على أسواقها القديمة، حيث دارت كاميرا لبكي. وفي ممر جانبي من السوق أغلقته لبكي وملأته بالحجارة. استخدمت دكاناً قديماً وحوّلته إلى مخبز. وغنى فيه الممثلون تلك الأغنية المشهورة في الفيلم (حشيشة قلبي). وفي مقهى مجاور تم التصوير أيضاً، ليؤدي فيه أبطال الفيلم معظم مشاهدهم. وكان سبق لبكي إلى هناك الرحابنة عندما اختاروا البلدة نفسها لتصوير فيلم «سفر برلك» في عام 1965.

«ثورة الفلاحين» وقصر سرحال

في مسلسل «ثورة الفلاحين» لم يلاق مخرجه فيليب أسمر أفضل من «قصر سرحال» ليحتضن أحداث العمل التاريخية. هذا القصر الذي يعود إلى الطبيب الجنوبي المشهور الراحل فريد سرحال يقع في بلدة جزين. وكان يشكّل مقصداً للسيّاح العرب والأجانب في سنوات ماضية. فهو بمثابة متحف لما يتضمن من قطع أثرية ومشهدية معمارية خلّابة. وأمضى الطبيب المذكور نحو 30 عاماً وهو يبنيه وقد طغى عليه الفن الإسلامي، فازدانت قاعاته بالأشعار العربية والمنمنمات اليدوية. ومن أجل هذا المتحف زار الطبيب سرحال الشرق الإسلامي كله، واشترى الكثير من الأنتيكا والأثاث. ومن منطقة البسطة في بيروت اشترى الأراكيل والأثاث القديم، وزار أوروبا الشرقية والهند والشام وسوريا ومصر. وجلب منها «الأوبالين» والخشبيات من تركيا. أما السجاد العجمي والنحاسيات فحملها من طهران. واختار الحجر الأزرق من أفغانستان، والأحمر من الهند، كي يزود بيته بمشهدية معمارية تخرج عن المألوف.

واضطر أسمر أن يبدّل في حالة القصر المهجور منذ سنوات طويلة والفارغ من أثاثه فأعاده إلى الحياة على طريقته مستحدثاً فيه ديكورات تناسب المسلسل.