يوم في متحف الحرب الإمبراطوري بلندن... يعرفك على تشرشل كاريكاتيرياً

في عيون الرسامين كان «قاتل التنين» و«الوحش» و«عجوزاً مكتئباً»

متحف الحرب الإمبراطوري في لندن (متحف الحرب)
متحف الحرب الإمبراطوري في لندن (متحف الحرب)
TT

يوم في متحف الحرب الإمبراطوري بلندن... يعرفك على تشرشل كاريكاتيرياً

متحف الحرب الإمبراطوري في لندن (متحف الحرب)
متحف الحرب الإمبراطوري في لندن (متحف الحرب)

في إحدى الصور التي ظهرت في زمن الحرب العالمية، جرى رسم ونستون تشرشل في صورة قاتل تنانين، وفي صورة أخرى، رجل عصابات مسلح. وفي وقت لاحق، ظهر عجوزاً ومكتئباً، وقد تجاوز سن التقاعد.

في الواقع، تطرح الرسوم الكاريكاتيرية المشاركة في معرض جديد في متحف الحرب الإمبراطوري بلندن، صوراً كثيرة مختلفة لتشرشل، تعكس نظرة الآخرين إليه في بلدان مختلفة وفي أوقات متنوعة، من عام 1909 فصاعداً.

وعن ذلك، قالت أمينة المعرض، كيت كليمنتس: «لم يكن هناك قط رأي متفق عليه بخصوصه. وجاءت بعض الصور انتقادية للغاية وشديدة القلح»، بينما تصور أخرى «طبيعته العنيدة وتصوره باعتباره زعيماً بريطانياً».

وتشرشل في الرسوم الكاريكاتيرية: سخرية رجل دولة، سيوضح كيف كان رسامو الكاريكاتير الساخرون ينظرون إلى تشرشل ويصورونه أثناء حياته وعند مماته.

ويضم المعرض رسوماً كاريكاتيرية من مسيرة تشرشل الطويلة في نظر الجمهور، التي بدأت في تسعينات القرن التاسع عشر واستمرت لأكثر من 50 عاماً حتى وفاته في عام 1965.

وبالتالي، تعكس الأعمال إنجازات السير ونستون، بما في ذلك الفترة التي قضاها رئيساً للوزراء خلال الحرب العالمية الثانية والإعجاب عبر المحيط الأطلسي الذي حظي به خلال العقدين الأخيرين من حياته.

ويذكر أن المتحف الإمبراطوري الحربي الذي عُرضت فيه رسوم تشرشل تأسس سنة 1917 لتوثيق الحرب العالمية الأولى وتأثيرها على الإمبراطورية البريطانية، ولكنه توسّع فيما بعد ليغطي جميع الحروب التي خاضتها بريطانيا منذ الحرب العالمية الأولى وحتى تاريخنا هذا. يستضيف المتحف العديد من الصالات التي تعرض مختلف المعدات الحربية واللوحات والصور والكتب. والدخول للمتحف الإمبراطوري الحربي بالمجان لجميع الزوار.

كان للحربين العالميتين الأولى والثانية أثر بالغ على الثقافة والهوية الوطنية في المملكة المتحدة. وليس من المستغرب بعد ذلك أن يُقام متحف في العاصمة لندن لتسجيل ذلك إثر هاتين الحربين وأن يتحول إلى مستودع للقطع العسكرية الكبيرة التي استخدمت في الحربين وغيرهما من الصراعات الأخرى التي شهدها القرن العشرون.

يقع متحف الحرب الإمبراطورية على مسافة ميل من محطة ووترلو في جنوب لندن، وأول ما يقابل زائر المتحف في الخارج هناك مدفعان كبيران من عيار 15 بوصة لإحدى البوارج البريطانية من مخلفات الحرب العالمية الثانية. ويدعو حجمهما الهائل زائر المتحف إلى تقدير القوة الرهيبة لهذه السفن الحربية القديمة. وعند دخول القاعة الرئيسية ترى عرضاً مثيراً للمعدات العسكرية المختلفة في صورة الدبابات، والمدافع، والطائرات العسكرية، مثل الهياكل التي يحلم الصبيان بوجودها في غرف نومهم إذا صح التعبير.

ويرى الزائر في قاعات المتحف مختلف المعروضات التي تعكس الخبرات الشخصية لأولئك الذين شاركوا في العمليات الحربية منذ الحرب العالمية الأولى. كانت هذه هي الخسارة غير المسبوقة في الأرواح إبان الحرب العالمية الأولى، وولدت فكرة إنشاء متحف لتخليد ذكرى تضحيات قوات الأمة البريطانية في عام 1917، العام السابق على نهاية الحرب الكبرى الأولى. ولقد افتُتح المعرض للمرة الأولى في «كريستال بالاس» بجنوب العاصمة لندن في يونيو (حزيران) من عام 1920، ثم انتقل المتحف إلى موقع آخر في ساوث كينغستون بالقرب من المتاحف البريطانية الكبيرة في عام 1924. وكانت مساحة المتحف الثاني محدودة نوعاً ما ومن ثم كانت الحاجة إلى الانتقال إلى مكان جديد في عام 1936 في الموقع الحالي في جنوب لندن. وكان المفهوم المبدئي وراء المتحف يدور حول أن القطع والمعروضات ينبغي أن تكون كاملة، حيث إن كل من شارك في الحرب، مهما كان غامضاً، سوف يجد مثالاً أو توضيحاً للتضحية التي قام بها، وإن المتحف لا ينبغي أن يكون نصباً تذكارياً للمجد العسكري، إنما هو سجل مفتوح للتضحية والفداء.

وينقسم المتحف في الداخل إلى عدة معارض مصغرة تغطي الحروب على مدى القرن العشرين. ومن بين المعروضات المهمة في المتحف: مثال للصاروخ الألماني طراز (في - 1). ولقد أطلقت عدة آلاف من هذه الصواريخ منخفضة الارتفاع على العاصمة لندن في الفترة بين عامي 1944 و1945. وكانت تطير على ارتفاع منخفض ويمكن سماع الصوت المميز لمحركاتها مقدماً مما جعل المدنيين يلجأون إلى المخابئ للاحتماء منها.

ويبدأ المعرض بشرح أصول وأسباب نشوب الحرب العالمية الأولى، ثم تغطية كيفية شن الحرب سواء على البر أو البحر أو الجو. وهناك تركيز خاص على حروب الخنادق التي وقعت في فرنسا وبلجيكا؛ حيث خاضت الجيوش المتحاربة القتال ضد بعضها عبر الخنادق المحفورة في الأرض. وكانت ظروف الجنود عصيبة وقاتمة.

هناك «فروع خارجية» لمتحف الحرب الإمبراطورية في 4 مواقع أخرى تستحق الزيارة، وهي: غرف الحرب بمجلس الوزراء (وهي مجمع مشيد تحت الأرض)، وفي وايتهول، سفينة الملكة «بلفاست» (وهي آخر مثال حي على سفن الحرب العالمية الثانية الكبيرة)، ومتحف الحرب الإمبراطورية في مدينة مانشستر الشمالية.

*وفيما يلي بعض الأعمال الفنية التي تصف حالة رئيس الوزراء البريطاني.

* «أيها الوحش، أنت تجعلنا نعاني!»، أوسكار غارفينز، بلجيكا المحتلة، نحو 1939 - 1945

في أثناء الحرب، رسم غارفينز دعايات نازية. ويلقي هذا الملصق غير المؤرخ، الذي جرى إنتاجه لحساب بلجيكا المحتلة، باللوم على تشرشل في نقص الإمدادات الغذائية، التي تصل إلى شعوب أوروبا التي تحتل ألمانيا أراضيها.

شخصية ضخمة تهدد المصانع الاشتراكية (متحف الحرب)

*كيمون إيفان مارينغو، إيران، 1942

هذا الكارتون مستوحى من الشاهنامة، قصيدة ملحمية فارسية قديمة. يطرد البطل الفارسي كاوه، الطاغية المهزوم ضحاك، الذي جرى رسمه في صورة هتلر. أما تشرشل وستالين وروزفلت، فجرى تصويرهم باعتبارهم المحاربين على ظهور الخيل، الذين أنقذوا بلاد فارس من ضحاك.

صور تشرشل وستالين وروزفلت باعتبارهم المحاربين على ظهور الخيل (متحف الحرب)

*ليزلي إيلينغورث لصحيفة بانش، المملكة المتحدة، 3 فبراير (شباط) 1954

سبب هذا الكارتون صدمة لتشرشل وأثار جدلاً كبيراً. رسم إيلينغورث رئيس الوزراء في صورة رجل عجوز وكسول. وقد كتب صاحب الرسم مقالاً في «بانش» يقترح أنه ينبغي لتشرشل السعي للحصول على «تقاعد مشرف».

رئيس الوزراء في صورة رجل عجوز وكسول (متحف الحرب)

*المجر، ما بين 1951- 1955 تقريباً

يرسم هذا الكاريكاتير صورة تشرشل بوصفه شخصية ضخمة تهدد الأسر والمصانع الاشتراكية، بينما يحمل شعلة مشتعلة في يده اليمنى، ويبدو مستعداً لإضرام النيران، لكن يد الطبقة العاملة القوية تمنعه.

تشرشل شخصية ضخمة تهدد الأسر (متحف الحرب)

*هولندا، نحو عام 1945

في وقت كانت المدفعية تطلق نيرانها في مكان قريب، يرسم تشرشل صورة كاريكاتيرية لهتلر على قذيفة، بينما يحمل مونتغمري خريطة لنهر الراين - الذي كانت القوات المتحالفة تستعد لعبوره.

تشرشل وقائد الجيش الكبير برنارد مونتغمري في جبهة الراين (متحف الحرب)

*منشور دعائي ياباني، نحو عام 1944

يعد هذا الكارتون الدعائي الياباني مثالاً على المنشورات المعادية لبريطانيا، والمعروفة باسم «دنتانز». وألقت اليابان الآلاف منها على القوات الهندية. كانت هذه الرسوم الكاريكاتيرية تثبط عزيمة الهنود عن القتال من أجل بريطانيا.

الكارتون الدعائي الياباني المناهض لبريطانيا (متحف الحرب)

*كونرادو ماساجير، كوبا، عام 1944

يفوز زعيما الحلفاء روزفلت وتشرشل المبتسمان بلعبة الدومينو. وينظر إليهما حليفهما ستالين، الذي يدخن الغليون، نظرات تشجيع، بينما يبدو الاكتئاب بادياً على وجوه حكام المحور، هتلر وموسوليني والإمبراطور هيروهيتو.

الزعيمان المتحالفان روزفلت وتشرشل يفوزان بلعبة الدومينو (متحف الحرب)

*ويل دايسون لصحيفة «ديلي هيرالد»، المملكة المتحدة، دون تاريخ

يبدو تشرشل في صورة شرطي غاضب، يطارد بضراوة مشروع قانون الإصلاح الهندي، الذي اقترحه ستانلي بالدوين، والذي يتحرك ببطء شديد، مما يعكس التقدم البطيء لقانون حكومة الهند.

تشرشل شرطي غاضب يطارد مشروع قانون الإصلاح الهندي (متحف الحرب)

*رالف سوبولت لصحيفة «لو بوتي باريزيان»، فرنسا، 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1942

في نوفمبر 1942، غزت قوات الحلفاء شمال أفريقيا الفرنسية. يُظهِر رسام الكاريكاتير الفرنسي رالف سوبولت، الموالي لنظام الاحتلال النازي، زعماء الحلفاء يتصرفون مثل رجال العصابات في شمال أفريقيا.

يظهر قادة الحلفاء وهم يتصرفون مثل رجال العصابات (متحف الحرب)

*إرنست إتش شيبرد لصحيفة «بانش»، المملكة المتحدة، الأول من يناير (كانون الثاني) 1941

شارك شيبرد بهذه الرسمة في العدد الأول من «بانش» عام 1941. ويصور فيها تشرشل في هيئة القديس جورج بعد أن قتل تنيناً، في إشارة إلى التهديدات الألمانية ضد بريطانيا عام 1940.

رسم ونستون تشرشل في صورة قاتل تنانين (متحف الحرب)

*ليزلي إلينغورث لصحيفة «ديلي ميل»، المملكة المتحدة، 4 أكتوبر (تشرين الأول) 1940

وجرى تصوير مجلس حرب تشرشل على هيئة طاقم قاذفات بمعركة بريطانيا. ويعتبر هذا مثالاً للنموذج الذي ساد رسومات إلينغورث الكرتونية، التي سعت لرفع الروح المعنوية في زمن الحرب، وأظهرت تشرشل في صورة إيجابية.

رسم يصور حكومة تشرشل الحربية على أنها طاقم قاذفات (متحف الحرب)


مقالات ذات صلة

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وجه مرسوم على ورق هندي مصنوع من القطن (الشرق الأوسط)

«تاريخ الورق»... معرض مصري لسبر أغوار الذاكرة الإنسانية

لا يتعامل الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا مع الورق باعتباره وسيطاً فنياً فحسب، بل يقدّمه على أنه مركز تاريخي يمكن عبره إعادة النظر إلى رحلة الإنسان نفسه.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال الفنانين تناولت مظاهر الحياة في الأقصر (قومسير الملتقى)

«الأقصر للتصوير» يستلهم تراث «طيبة» وعمقها الحضاري

بأعمال فنية تستلهم التراث القديم والحضارة الموغلة في القدم لمدينة «طيبة» التاريخية، اختتم ملتقى الأقصر أعماله الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.