جنيف... أناقة بالخط العريض

فيها تتنفس التاريخ وتتغزل بالجغرافيا

نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)
نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)
TT

جنيف... أناقة بالخط العريض

نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)
نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)

هل تعلم بأن أكثر من 40 في المائة من سكان مدينة جنيف هم من غير السويسريين؟ والسبب هو أن هذه المدينة المميزة تضم العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر، كما أنها تتسم بالهدوء والنظافة مما يجعل منها ملاذاً مناسباً للسكن والاستجمام والزيارة والعلاج.

مبنى "أولتيما كي وليسون" في جنيف (الشرق الاوسط)

موقع جنيف الفريد على حدود فرنسا يحولها في فصل الشتاء إلى معبر لآلاف المتزلجين الذين يحطون رحالهم فيها لينطلقوا في رحلات نحو الجبال المحيطة بها. إنها مدينة مميزة بتاريخها العريق وعناوين الإقامة الراقية فيها، كل ما فيها يهمس في أذنك بكلمة «رقي» فهي تحتضن الجامعات والمعاهد المرموقة وتعد مركزاً مهماً للتعليم في أوروبا.

القسم القديم من مدينة جنيف (الشرق الاوسط)

أما عن طبيعتها فحدث ولا حرج، لأنها امتداد لروعة سويسرا المعروفة بجمال جبالها الوادعة وبحيراتها، ولكن يبقى لجنيف رونق مختلف؛ لأنها تمزج ما بين العراقة والحداثة في آن معاً، وأشهر ما فيها نافورتها المعروفة باسم «جيت دو» Jet D’Eau وهي من بين الأطول في العالم؛ حيث يصل ارتفاع المياه إلى 140 متراً، وتقع في وسط بحيرة لومان Leman وتعد رمزاً للمدينة.

المدينة جميلة جداً ولكنّ أياماً معدودة فيها كافية لاكتشاف معالمها.

ساحة الزهور الشهيرة في جنيف (الشرق الاوسط)

أجمل ما في جنيف القسم القديم منها Vieille Ville الذي يضم شوارع ضيقة مرصوفة بالحصى ومباني قديمة تعود إلى العصور الوسطى.

عندما تمشي بين ثناياها فسوف تجد نفسك تتنفس التاريخ وتتغزل بالجغرافيا، لا سيما عندما تلج إلى كاتدرائية القديس بطرس التي تعود إلى القرن الثاني عشر، وعندما تعرّج على ميدان «بورغ دي فور» الذي يعد أقدم ساحة في المدينة المليئة بالمقاهي والمطاعم، وتشدك رائحة الزهور إلى الحديقة الإنجليزية المطلة على بحيرة جنيف وتضم ساعة الزهور الشهيرة Horloge Fleurie التي ترمز لصناعة الساعات السويسرية.

وبعدها تصل إلى قصر الأمم المتحدة (Palais Des Nations) المقر الأوروبي للأمم المتحدة، الذي يعد واحداً من أهم المقرات الدبلوماسية في العالم. يمكن للزوار القيام بجولات داخله.

غرفة طعام خاصة للذين يفضلون الاقامة في فيلا بدلا من الفندق (الشرق الاوسط)

أما إذا كنت من محبي الحدائق فأنصحك بزيارة الحديقة النباتية Jardin Botanique التي تضم أنواعاً نادرة من النباتات من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى حديقة حيوانات صغيرة إذا كنت برفقة الصغار.

بما أن السياحة في جنيف تتمحور حول بحيرة «لومان» فمن الممكن أن تقوم برحلة بالقارب لتشاهد أجمل إطلالات على الجبال المحيطة، بما في ذلك جبال الألب وجبل مون بلان Mont Blanc.

المشي في جنيف هو حليفك وأفضل طريقة لاكتشاف شوارعها وزواياها، فتوجه إلى شارع دو رون Rue Du Rhone حيث تنتشر المحلات التجارية الفاخرة والعلامات التجارية العالمية، فهذا الشارع هو الأفضل لمحبي التسوق، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن أسعار السلع الفاخرة في جنيف أغلى منها في باقي المدن العالمية، ولكن في بعض الأحيان قد تجد قطعاً قد خصصت فقط للبيع فيها.

الرقي والاناقة في مدينة الهدوء جنيف (الشرق الاوسط)

ومن الزيارات المهمة في جنيف، زيارة متحف الفن والتاريخ، الأكبر في المدينة، الذي يحتوي على مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية والتحف الأثرية من عصور مختلفة، بما في ذلك لوحات ممهورة بريشة كبار الفنانين الأوروبيين.

الأنشطة التي يمكن القيام بها:

* التزلج على الجليد في الشتاء في المناطق الجبلية القريبة.

* الرحلات الجبلية والمشي لمسافات طويلة في الطبيعة المحيطة.

* تصنيع ساعة من تصميمك في محل «إينيتيوم» Initium في القسم القديم من المدينة، تقوم في هذا المحل باختيار كل عناصر تكوين ساعة يدك من التصميم الداخلي إلى لون السوار، تحت إشراف مختص بصناعة الساعات، وتستغرق عملية تصنيع الساعة نحو 3 ساعات، تحصل في نهايتها على شهادة تصنيع وساعة سويسرية لا مثيل لها. وفي الطابق العلوي من المحل تجد قسماً مخصصاً لتصنيع الحلي وتطويع الفضة لتحويلها إلى قطع خاصة من تصميمك، وتقوم بهذه التجربة تحت إشراف مختص في تصنيع المجوهرات.

* إذا كنت من محبي الشوكولاته فلا بد من تخصيص وقت لزيارة محلات «فاجارجيه» Favarger حيث تستطيع تحضير الشوكولاته بنفسك، فتختار المكونات التي تفضلها ونوع الشوكولاته المفضل لديك، كما تستطيع التبضع وشراء أفخم أنواع الشوكولاته السويسرية.

أين تقيم؟

جنيف مدينة عالمية راقية، وتضم العديد من الفنادق الفاخرة التي توفر خدمات مميزة وتجارب إقامة فريدة. سواء كنت تبحث عن الفخامة أو الخيارات الأكثر تواضعاً، فهناك أسماء كبرى ارتبطت باسم جنيف مثل فندق بوريفاج وماندرين أورينتال والريتز كارلتون دو لا بيه وفندق بريزيندت ويلسون... واختيار عنوان الإقامة يكون بحسب غرض الزيارة، فإذا كانت زيارتك سياحية فينصح باختيار فندق قريب من البحيرة أو المدينة القديمة، أما إذا كانت زيارتك بهدف العمل فينصح بالإقامة في وسط منطقة الأعمال والوسط المالي؛ لأنه قريب من المواصلات العامة ومحطة القطار.

"غراند فيلا" القريبة من وسط جنيف (الشرق الاوسط)

باختصار، جنيف تقدم مجموعة متنوعة من الفنادق التي تناسب جميع الأذواق، من الفخامة المطلقة إلى الخيارات الأكثر تواضعاً مع خدمة متميزة وموقع ممتاز.

أما إذا كنت تسافر برفقة أكثر من عائلة أو شخص، وتبحث عن مكان راق ويتمتع بخصوصية عالية جداً، يعد بعيداً وقريباً في الوقت نفسه من وسط المدينة، فلا بد من اختيار «غراند فيلا» التابعة لمجموعة أولتيما Grand Villa، وهذه المجموعة تعتمد أسلوباً جديداً للإقامة يعتمد على الأناقة والخصوصية مع تأمين كل متطلبات الزائر من خدمات شخصية ممتازة. ومن المعروف أيضاً عن جنيف أنها تستقطب الزائرين الباحثين عن العلاج، فقد يكون هذا النوع من الإقامة هو الأفضل لأنه فسيح وخاص جداً.

جنيف مدينة الرقي والاناقة (الشرق الاوسط)

تبعد الفيلا نحو 10 دقائق من مطار جنيف و20 دقيقة من وسط المدينة. باب من الزجاج المقوى داكن اللون يفصلك عن هذا المكان الذي يوفر خصوصية تامة، وهذا واضح من خلال عدم وضع اسم الفيلا على الباب. وخلف ذلك الباب الضخم يتموضع مبنى الفيلا المصمم بطريقة عصرية جداً، المدخل جميل ومشجر، يستقبلك فريق العمل بداخله فتشعر تلقائياً وكأنك في منزلك، هذا النوع من الإقامة يناسب الباحثين عن الهدوء والخدمة الشخصية والشعور كأنهم في المنزل، غرفة معيشة رائعة التصميم مع مجلس محفور في قعر صدر الصالة، ثريات ضخمة متدلية من الأسقف العالية، ونوافذ زجاجية تفصلك عن الباحات الخارجية وبركة السباحة المدفأة والجاكوزي والجلسات العديدة والمدافئ الأنيقة.

"غراند فيلا" في جنيف (الشرق الاوسط)

تتألف هذه الفيلا من 8 غرف نوم، فهي مناسبة للعائلات والأصدقاء، وتعتمد أولتيما أسلوباً مغايراً في تأجير هذه الفيلا وباقي أماكن الإقامة الخاصة بها، يحدد بأن يكون تأجير المكان لمدة لا تقل عن أسبوع، ولمجموعة واحدة، فلا تقبل الشركة بتأجير الغرف لأشخاص من عائلات مختلفة؛ وذلك لتأمين أكبر قدر من الخصوصية للعائلات التي تبحث عن كل شيء خلال الإقامة تحت سقف واحد.

شقة سياحية مفروشة للباحثين عن الاقامة في وسط جنيف (الشرق الاوسط)

الفيلا تقدم مستوى عالياً من الخصوصية، وهي مثالية للمسافرين الذين يبحثون عن تجربة فاخرة دون الوجود في فندق مزدحم. تبدأ نهارك فيها بفطور يحضره الطاهي الموجود في الفيلا مع فريقه طوال فترة إقامتك، كما أن الأطباق تحضر بحسب رغبتك، وتتوفر أيضاً خدمات الكونسييرج على مدار الساعة.

صالة ألعاب مع مرآب للسيارات (الشرق الاوسط)

تضم الفيلا أيضاً مرافق من الدرجة الأولى مثل حمامات سباحة خاصة، سبا داخلي، غرف ساونا، صالة لياقة بدنية، سينما. هذه المرافق مصممة لتوفر لك تجربة استرخاء شاملة دون الحاجة لمغادرة الفيلا. وأجمل ما في المكان إلى جانب كل ما ذكرناه من خدمات هو صالة الألعاب الواقعة في الطابق السفلي، ففي هذه الصالة تجد كل الألعاب المناسبة للصغار والكبار مع مرأب يتسع لعشر سيارات، بما في ذلك شاحن كهربائي للسيارات التي تعمل بالكهرباء.

وتعد الفيلا مثالية للاحتفال بمناسبات خاصة؛ مثل أعياد الميلاد وحفلات الزفاف. من الممكن حجزها مع فريق العمل التابع لأولتيما أو الاستغناء عنه من خلال استقدام فريق العمل الخاص بك من طاهٍ إلى خادم شخصي.

سبا وخدمات صحية عديدة (الشرق الاوسط)

عندما نتكلم عن غراند فيلا لا يمكن أن نغض الطرف عن الديكور واللمسات الفنية الرائعة الموزعة على الطبقات الثلاث، بدءاً بالبيانو الشفاف «أليك مونوبولي بيانو» وإكسسورات من دار هيرميس وبولغاري ولوي فيتون، فتشعر وكأنك في منزل أميركي حديث مع لمسات أوروبية راقية جداً.

توجد في جنيف عناوين راقية جدا للاقامة (الشرق الاوسط)

شقق مفروشة

وإذا كنت من الذين يفضلون الإقامة في وسط جنيف وتحديداً عند الضفة اليمنى من البحيرة، وتبحث عن الخصوصية ولا تفضل النزول في فندق، فقد يكون مناسباً مشروع «كي ويلسون» Quai Wilson المؤلف من 5 شقق سكنية في مبنى تاريخي في قلب المدينة.

من عناوين الاقامة الراقية والخاصة في جنيف (الشرق الاوسط)

من المنتظر أن يجهز المشروع في غضون نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إلا أن «الشرق الأوسط» حصلت على إذن لمعاينة الشقق قبل جاهزيتها، فالديكورات رائعة تمزج ما بين كلاسيكية مفردات المبنى مثل مدافئ الرخام القديمة، وحداثة المفروشات. تدخل المبنى فتجد المصعد الحديد القديم بانتظارك، ومنه تصل إلى 5 طبقات في كل منها شقة تتألف مما بين 3 و6 غرف نوم ومطابخ مجهزة بأحدث المعدات لتجعل الإقامة سلسة ومريحة.

"غراند فيلا" في جنيف (الشرق الاوسط)

وقد تكون الشقة الواقعة في الطابق الأخير من بين أجمل الأماكن التي يمكن أن تنزل فيها في جنيف، لأنها تضم شرفة واسعة مطلة على أجمل المناظر. في «كي ويلسون» تستطيع الحصول على جميع الخدمات التي تقدمها الفنادق ولكن في خصوصية تامة وبعيداً عن زحمة النزل. يمكن تأجير الشقق لمدة أسبوع (أقل فترة). ومن الممكن الحصول على فريق ضيافة كامل وخدمات سبا.

بركة سباحة خاصة (الشرق الاوسط)

أين تأكل؟

في جنيف، تنتشر العديد من المطاعم الشهيرة بتقديم الأطباق السويسرية التي تعتمد على الجبن واللحوم. إليك بعضها:

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (شاترستوك)

Les Armures يقدم هذا المطعم واحداً من أفضل أطباق الفوندو والراكليت. يُعد من أقدم وأشهر المطاعم في المدينة، يتميز بالأجواء التقليدية السويسرية داخل مبنى تاريخي. الحجز المسبق ضروري لأن الطلب عليه عالٍ جداً وزواره من الذواقة والمشاهير والسياسيين، أمثال هيلاري كلينتون.

Edelweiss يتميز بديكوراته المستوحاة من الثقافة السويسرية ويقدم عروضاً موسيقية حية تشمل الألحان الشعبية التقليدية.

مأكولات يحضرها أهم الطهاة في خصوصية تامة (الشرق الاوسط)

«Le Chalet De La Pecherie» يقدم أطباقا تقليدية بالإضافة إلى الأطباق الريفية السويسرية الأخرى. المكان يتميز بأجواء خشبية على الطراز الجبلي السويسري.

Café du Soleil يشتهر بأنه يقدم أفضل فوندو في المدينة، وخاصة فوندو الجبن التقليدي. المطعم له تاريخ طويل يتجاوز 400 عام ويُعد واحداً من أقدم مطاعم جنيف.


مقالات ذات صلة

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.